الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد رغبت في الإجابة على السؤال الأخير منها، وذلك بجمع أقوال العلماء رحمهم الله تعالى في بيان وجوه التحدي والإعجاز في الأحرف المقطعة، ومناقشتها، وبيان صحيحها من ضعيفها، إذ إن هذه الأقوال منها ما هو قريب معقول، ومنها ما هو بعيد متكلف، ومنها ما هو مردود ومرفوض.
وأسأل الله أن يكون عملي هذا وسائر أعمالي خالصة لوجهه إنه سميع مجيب، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تمهيد:
قال الله تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} (1)، وقال سبحانه:{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} (2)، وقال عز شأنه:{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} (3)، وقال تعالى:{أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ} (4) في هذه النصوص وغيرها دعوات إلى تدبر القرآن الكريم وآياته، وإذا علمنا أن لفظ آياته جمع مضاف إلى معرفة، وقد تقرر عند العلماء أن هذا يفيد العموم (5) فإن الدعوة إذا دعوة إلى تدبر كل
(1) سورة ص الآية 29
(2)
سورة النساء الآية 82
(3)
سورة محمد الآية 24
(4)
سورة المؤمنون الآية 68
(5)
انظر: (المحصول في علم أصول الفقه) للرازي، ج 1، ق2، ص 594.
آيات القرآن الكريم لا بعضها.
ولا يلزم من التدبر في الآيات أن يعرف المتدبر معناها، فإذا بذل وسعه وجهده، وأعمل فكره وذهنه فقد تدبر، فإن فهم المعنى فبها ونعمت، وإن اشتبه عليه المعنى ولم يظهر له المراد قال: آمنا به كل من عند ربنا، وهذا هو لشأن الراسخين في العلم.
ولا يعني التدبر ضرورة القول فيما يتدبره من آية أو آيات ما لم يكن قوله عن علم. فإذا لم يؤد به تدبره إلى رأي أو علم صحيح بدليل صحيح، فلا يصح له القول بغير علم قال تعالى:{وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} (1).
إذا تقرر هذا فإن العلماء رحمهم الله تعالى - تدبروا في حركات القرآن الكريم وكلماته، وجمله، وآياته، وسوره، وفواصله، وفواتحه، وخواتمه، ومناسباته، ومواضع عديدة منه، فوقفوا على بحور لا سواحل لها، وأخرجوا كنوزا من كنوزه، ودررا من درره، ولا يزال عطاؤه يفيض، وما زال العلماء منه ينهلون.
ومما تدبر فيه العلماء ودرسه الدارسون فواتح السور القرآنية، فبينوا أنواعها، وحصروا أقسامها، وبينوا معانيها، وكشفوا بعض أسرارها.
(1) سورة الإسراء الآية 36