الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قرآنا وفرقانا، والفرق بين صنع البشر وصنع الله من هذه الحروف والكلمات، هو الفرق ما بين الجسد الخامد والروح النابض. . . هو الفرق ما بين صورة الحياة وحقيقة الحياة) (1).
(1) في ظلال القرآن: سيد قطب، ج1 ص 38.
ويظهر بما ذكرت وغيره أن
من أبرز القائلين بهذا الرأي:
المبرد، والفراء، والخليل، وأبو علي الفارسي، وقطرب، والزجاج، وابن تيمية، وأبو الليث السمرقندي، والزمخشري، والرازي، والبيضاوي، والراغب، والحافظ المزي، وابن كثير، وابن عاشور، ورشيد رضا، ومحمود شلتوت، وسيد قطب، وغيرهم كثير.
وقد حرصت على أن أسوق عبارات القائلين بهذا الرأي لأمور، منها: بيان كثرتهم، ومدى قبولهم لهذا الرأي وحرصهم على تقريره وبسطه، وبذكر نص العبارة توثيقا لصحة نسبة الرأي إلى قائله.
من أدلة أصحاب هذا الرأي:
وللقائلين بهذا الرأي أدلة تسند رأيهم وتقويه، منها:
1 -
ما ذكره أكثر من أوردنا قوله وهو أنه قد تلا ذكر هذه الأحرف الحديث عن القرآن الكريم وبيان عظمته ومكانته كما قال ابن كثير: (قلت: ولهذا كل سورة افتتحت بالحروف فلا بد أن يذكر فيها الانتصار للقرآن وبيان إعجازه
وعظمته. . . (1) إلخ.
وقول ابن عاشور: (ويعضد هذا الوجه تعقيب هاته الحروف في غالب المواقع بذكر القرآن وتنزيله أو كتابيته. . . (2) وقول محمود شلتوت: (وقد جاء بعد هذه الحروف في الأعم الأغلب نبأ ذلك الشأن العظيم وهو كتاب الله الذي أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم. . . .)(3) إلخ.
2 -
وفي ورود هذه الأحرف المقطعة في أوائل السور المكية إلا في سورتي البقرة وآل عمران ما يشير إلى التحدي قال ابن عاشور: (ويؤيده أن معظم مواقع هذه الحروف في أوائل السور المكية عدا البقرة على قول من جعلوها كلها مدنية، وآل عمران، ولعل ذلك لأنهما نزلتا بقرب عهد الهجرة من مكة، وأن قصد التحدي في القرآن النازل بمكة قصد أولي)(4).
3 -
كما استدل رشيد رضا بـ (أن عدم إعرابها يرجح أن حكمة افتتاح بعض السور المخصوصة بها للتنبيه لما يأتي بعدها مباشرة من وصف القرآن والإشارة إلى إعجازه)(5).
وقد تثار على هذا القول بعض الأسئلة، كأن يقال إذا كانت هذه الأحرف المقطعة إنما ذكرت للإشارة إلى أن القرآن المعجز
(1) تفسير ابن كثير: ج1 ص 38.
(2)
التحرير والتنوير: ابن عاشور، ج1 ص 199.
(3)
تفسير القرآن الكريم: محمود شلتوت، ص 61، 63.
(4)
التحرير والتنوير: ابن عاشور، ج1 ص 199.
(5)
تفسير المنار: محمد رشيد رضا، ج1 ص 122.
مركب من هذه الأحرف التي تعرفون فأتوا إن استطعتم بمثله من هذه الأحرف، إذا كان الأمر كذلك فلماذا لم يذكر هذه الأحرف مجتمعة في موضع واحد بل فرقها على تسع وعشرين سورة، وقد أثار هذا السؤال الزمخشري - أحد القائلين بهذا الرأي - ثم أجاب عليه، فقال:" (فإن قلت) فهلا عددت بأجمعها في أول القرآن، وما لها جاءت مفرقة على السور؟ (قلت) لأن إعادة التنبيه على أن المتحدى به مؤلف منها لا غير وتجديده في غير موضع واحد أوصل إلى الغرض، وأقر له في الأسماع والقلوب من أن يفرد ذكره مرة، وكذلك مذهب كل تكرير جاء في القرآن فمطلوب منه تمكين المكرر في النفوس وتقريره "(1).
ثم أثار سؤالا آخر وأجاب عليه، فقال:" (فإن قلت) فهلا جاءت على وتيرة واحدة، ولم اختلفت أعداد حروفها فوردت (ص)، و (ق)، و (ن)، على حرف، و (طه)، و (طس)، و (يس)، و (حم)، على حرفين، و (ألم)، و (الر)، و (طسم)، على ثلاثة أحرف، و (ألمص)، و (ألمر)، على أربعة أحرف و {كهيعص} (2) و {حم} (3) {عسق} (4) على خمسة أحرف؟ (قلت) هذا على عادة افتنانهم في أساليب الكلام وتصرفهم فيه على طرق شتى ومذاهب متنوعة، وكما أن أبنية كلماتهم على حرف وحرفين إلى خمسة أحرف لم تتجاوز ذلك، سلك بهذه الفواتح ذلك المسلك "(5).
(1) الكشاف: الزمخشري، ج1 ص 18.
(2)
سورة مريم الآية 1
(3)
سورة الشورى الآية 1
(4)
سورة الشورى الآية 2
(5)
الكشاف: الزمخشري، ج1 ص 18.