الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السنة أن يكون على المنارة أو عند باب المسجد ليكون إعلاما لمن لم يحضر. وحرصوا على إبقاء الأذان قبل خروج الإمام، وقد زالت الحاجة إليه، لأن المدينة لم يكن بها إلا المسجد النبوي، وكان الناس كلهم يجمعون فيه، وكثروا عن أن يسمعوا الأذان عند باب المسجد، فزاد عثمان الأذان الأول؛ ليعلم من بالسوق ومن حوله حضور الصلاة. أما الآن وقد كثرت المساجد، وبنيت فيها المنارات، وصار الناس يعرفون وقت الصلاة بأذان المؤذن على المنارة: فإنا نرى أن يكتفى بهذا الأذان، وأن يكون عند خروج الإمام؛ اتباعا للسنة، أو يؤمر المؤذنون عند خروج الإمام أن يؤذنوا على أبواب المساجد (1).
(1) سن الترمذي، ج2 ص (392، 393) دار الكتب العلمية.
4 -
نقول عن بعض الفقهاء:
أ - قال مؤلف بدائع الصنائع رحمه الله:
الجمعة فيها أذان وإقامة؛ لأنها مكتوبة تؤذن بجماعة مستحبة، ولأن فرض الوقت هو الظهر عند بعض أصحابنا، والجمعة قائمة مقامه. وعند بعضهم الفرض هو الجمعة ابتداء، وهي آكد من الظهر، حتى وجب ترك الظهر لأجلها، ثم إنهما وجبا لإقامة الظهر، فالجمعة أحق. ثم الأذان المعتبر يوم الجمعة هو ما يؤتى به إذا صعد الإمام المنبر، وتجب الإجابة والاستماع له دون الذي يؤتى به على المنارة. وهذا قول عامة العلماء.
وكان الحسن بن زياد يقول: المعتبر هو الأذان على المنارة؛ لأن الإعلام يقع به. والصحيح قول العامة لما روي عن السائب بن يزيد أنه قال: «كان الأذان يوم الجمعة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى عهد أبي بكر وعمر رضي الله عنهما أذانا واحدا، حين يجلس الإمام على المنبر، فلما كانت خلافة عثمان رضي الله عنه وكثر الناس أمر عثمان رضي الله عنه بالأذان الثاني على الزوراء (1)» ، وهي المنارة، وقيل: اسم موضع بالمدينة.
ب - قال ابن الهمام رحمه الله:
وإذا أذن المؤذن الأذان الأول ترك الناس البيع والشراء، وتوجهوا إلى الجمعة؛ لقوله تعالى:{فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} (2) وإذا صعد الإمام المنبر جلس وأذن المؤذنون بين يدي المنبر، بذلك جرى التوارث.
ولم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا هذا الأذان؛ ولهذا قيل: هو المعتبر في وجوب السعي وحرمة البيع. والأصح أن المعتبر هو الأول، وإذا كان بعد الزوال لحصول الإعلام به. والله أعلم.
ج - وقال صاحب شرح العناية على الهداية:
وإذا أذن المؤذنون، ذكر المؤذنين بلفظ الجمع إخراجا للكلام مخرج العادة، فإن المتوارث في أذان الجمعة اجتماع
(1) صحيح البخاري الجمعة (916)، سنن الترمذي الجمعة (516)، سنن النسائي الجمعة (1392)، سنن أبو داود الصلاة (1087)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 449).
(2)
سورة الجمعة الآية 9
المؤذنين، لتبلغ أصواتهم إلى أطراف المصر الجامع، والأذان الأول هو الذي حدث في زمن عثمان رضي الله عنه على الزوراء. وكان الحسن بن زياد يقول: المعتبر هو الأذان على المنارة؛ لأنه لو انتظر الأذان عند المنبر تفوته أداء السنة وسماع الخطبة، وربما تفوته الجمعة إذا كان بيته بعيدا من الجامع. وكان الطحاوي يقول: المعتبر هو الأذان عند المنبر بعد خروج الإمام، فإنه هو الأصل الذي كان للجمعة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك في عهد أبي بكر وعمر، وهو اختيار شيخ الإسلام؛ والأصح أن المعتبر في وجوب السعي وكراهة البيع هو الأذان الأول إذا كان بعد الزوال؛ لحصول الإعلام به، مع ما ذكرنا في قول الحسن آنفا، وهو اختيار شمس الأئمة السرخسي.
5 -
أ - قال أبو عمر بن عبد البر رحمه الله:
ووقت الجمعة وقت الظهر، ولا تجوز قبل الزوال. والأذان الواجب لها إذا جلس الإمام على المنبر، فإن أذن مؤذن في صومعة، وأذن غيره بين يدي الإمام فلا بأس؛ لأنه قد عمل به قديما في المدينة. والأذان الثاني أوكد من الأول، وعنده يحرم البيع، وقد قيل: لا يجوز البيع من وقت جلوس الإمام على المنبر حتى تصلى الجمعة.
وروى ابن نافع عن مالك، قال: لا بأس بالبيع والشراء بعد التأذين الأول من يوم الجمعة؛ لأنه إنما كان تأذينان فزيد
الثالث، وإنما يكره البيع والشراء بعد التأذين الذي بعد قعود الإمام.
وقال ابن القاسم مثله، وزاد: فأما التأذين الأول فلا أرى به بأسا إلا أن يترك احتياطا. قال ابن القاسم: سألت مالكا غير مرة، فقال: إنما هو التأذين الذي هو بعد قعود الإمام، وهو في سائر النهار قبل وبعد جائز.
ب - وقال ابن رشد رحمه الله:
وأما الأذان فإن جمهور الفقهاء اتفقوا على أن وقته هو إذا جلس الإمام على المنبر، واختلفوا هل يؤذن بين يدي الإمام مؤذن واحد فقط أو أكثر من واحد؟ فذهب بعضهم إلى أنه إنما يؤذن بين يدي الإمام مؤذن واحد فقط، وهو الذي يحرم به البيع والشراء. وقال آخرون: بل يؤذن اثنان فقط. وقال قوم: بل إنما يؤذن ثلاثة. والسبب في اختلافهم اختلاف الآثار في ذلك. وذلك أنه روى البخاري عن السائب بن يزيد أنه قال: «كان النداء يوم الجمعة إذا جلس الإمام على المنبر، على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر وعمر، فلما كان زمان عثمان وكثر الناس زاد النداء الثالث على الزوراء (1)» . وروى أيضا عن السائب بن يزيد أنه قال: «لم يكن يوم الجمعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا مؤذن واحد (2)» . وروى أيضا عن سعيد بن المسيب أنه قال: «كان الأذان يوم الجمعة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر أذانا واحدا حين يخرج
(1) صحيح البخاري الجمعة (912)، سنن الترمذي الجمعة (516)، سنن النسائي الجمعة (1392)، سنن أبو داود الصلاة (1087)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 449).
(2)
صحيح البخاري الجمعة (916)، سنن الترمذي الجمعة (516)، سنن النسائي الجمعة (1392)، سنن أبو داود الصلاة (1087)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1135)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 450).
الإمام، فلما كان زمان عثمان وكثر الناس زاد الأذان الأول؛ ليتهيأ الناس للجمعة».
وروى ابن حبيب أن المؤذنين كانوا يوم الجمعة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة. فذهب قوم إلى ظاهر ما رواه البخاري وقالوا: يؤذن يوم الجمعة مؤذنان. وذهب آخرون إلى أن المؤذن واحد فقالوا: إن معنى قوله: فلما كان زمان عثمان وكثر الناس زاد النداء الثالث - أن النداء الثاني هو الإقامة. وأخذ آخرون بما رواه ابن حبيب. وأحاديث ابن حبيب عند أهل الحديث ضعيفة، ولا سيما فيما انفرد به.
6 -
أ - قال النووي رحمه الله:
(فرع) اختلف أصحابنا في الأذان للجمعة فقال المحاملي في المجموع: قال الشافعي رحمه الله: أحب أن يكون للجمعة أذان واحد عند المنبر، ويستحب أن يكون المؤذن واحدا؛ لأنه لم يكن يؤذن يوم الجمعة للنبي صلى الله عليه وسلم إلا بلال. هذا كلام المحاملي. وقال البندنيجي: قال الشافعي: أحب أن يكون مؤذن الجمعة واحدا بين يدي الإمام إذا كان على المنبر، لا جماعة مؤذنين، وصرح أيضا القاضي أبو الطيب وآخرون بأنه يؤذن للجمعة مؤذن واحد. وقال الشافعي رحمه الله في البويطي: النداء يوم الجمعة هو الذي يكون والإمام على المنبر، يكون المؤذنون يستفتحون الأذان فوق المنارة جملة، حين يجلس الإمام على المنبر؛ ليسمع الناس فيأتون إلى المسجد، فإذا فرغوا
خطب الإمام بهم، ومنع الناس البيع والشراء تلك الساعة. هذا نصه بحروفه. وفي صحيح البخاري في باب رجم الحبلى من الزنا: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جلس عمر رضي الله عنه على المنبر يوم الجمعة، فلما سكت المؤذنون قام فأثنى على الله تعالى وذكر الحديث (1).
ب - وقال محمد الشربيني الخطيب في شرحه على مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (ج1 ص 289)، وفي البخاري:«كان الأذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر حين يجلس الإمام على المنبر، فلما كثر الناس في عهد عثمان، أمرهم بأذان آخر على الزوراء (2)» واستقر الأمر على هذا.
7 -
أ - قال ابن قدامة رحمه الله (3):
(مسألة) قال: (وأخذ المؤذنون في الأذان، وهذا الأذان الذي يمنع البيع، ويلزم السعي، إلا لمن منزله في بعد، فعليه أن يسعى في الوقت الذي يكون فيه مدركا للجمعة).
أما مشروعية الأذان عقيب صعود الإمام فلا خلاف فيه، فقد كان يؤذن للنبي صلى الله عليه وسلم. قال السائب بن يزيد: «كان النداء إذا صعد الإمام على المنبر على عهد رسول الله صلى
(1) المجموع، ج 3 ص (124).
(2)
صحيح البخاري الجمعة (916)، سنن الترمذي الجمعة (516)، سنن النسائي الجمعة (1392)، سنن أبو داود الصلاة (1087)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1135)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 450).
(3)
المغني، ج2 ص (297، 298).
الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر، فلما كان عثمان كثر الناس فزاد النداء الثالث على الزوراء (1)» رواه البخاري.
وأما قوله: (هذا الأذان الذي يمنع البيع ويلزم السعي) فلأن الله تعالى أمر بالسعي ونهى عن البيع بعد النداء بقوله سبحانه: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} (2)، والنداء الذي كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو النداء عقيب جلوس الإمام على المنبر؛ فتعلق الحكم به دون غيره، ولا فرق بين أن يكون ذلك قبل الزوال أو بعده، وحكى القاضيرواية عن أحمد أن البيع يحرم بزوال الشمس وإن لم يجلس الإمام على المنبر، ولا يصح هذا؛ لأن الله تعالى علقه على النداء لا على الوقت، ولأن المقصود بهذا إدراك الجمعة، وهو يحصل بما ذكرنا دون ما ذكره، ولو كان تحريم البيع معلقا بالوقت لما اختص بالزوال، فإن ما قبله وقت أيضا، فأما من كان منزله بعيدا لا يدرك الجمعة بالسعي وقت النداء فعليه السعي في الوقت الذي يكون به مدركا للجمعة؛ لأن الجمعة واجبة، والسعي قبل النداء من ضرورة إدراكها، وما لا يتم الواجب إلا به واجب، كاستقاء الماء من البئر للوضوء إذا لم يقدر على غيره، وإمساك جزء من الليل مع النهار في الصوم ونحوهما.
ب - قال شيخ الإسلام أحمد بن تيمية رحمه الله: (والصواب: أن يقال: ليس قبل الجمعة سنة راتبة مقدرة، ولو
(1) صحيح البخاري الجمعة (912)، سنن الترمذي الجمعة (516)، سنن النسائي الجمعة (1392)، سنن أبو داود الصلاة (1087)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 449).
(2)
سورة الجمعة الآية 9
كان الأذانان على عهده. فإنه قد ثبت عنه في الصحيح أنه قال: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة، ثم قال في الثالثة: لمن شاء (1)» كراهية أن يتخذها الناس سنة. فهذا الحديث الصحيح يدل على أن الصلاة مشروعة قبل العصر، وقبل العشاء الآخرة، وقبل المغرب، وأن ذلك ليس بسنة راتبة، وكذلك قد ثبت أن أصحابه كانوا يصلون بين أذاني المغرب، وهو يراهم فلا ينهاهم، ولا يأمرهم، ولا يفعل هو ذلك. فدل على أن ذلك فعل جائز.
وقد احتج بعض الناس على الصلاة قبل الجمعة بقوله.
«بين كل أذانين صلاة (2)» . وعارضه غيره فقال: الأذان الذي على المنائر لم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن عثمان أمر به لما كثر الناس على عهده، ولم يكن يبلغهم الأذان حين خروجه وقعوده على المنبر. ويتوجه أن يقال: هذا الأذان لما سنه عثمان، واتفق المسلمون عليه، صار أذانا شرعيا، وحينئذ فتكون الصلاة بينه وبين الأذان الثاني جائزة حسنة، وليست سنة راتبة؛ كالصلاة قبل صلاة المغرب، وحينئذ فمن فعل ذلك لم ينكر عليه، ومن ترك ذلك لم ينكر عليه، وهذا أعدل الأقوال، وكلام الإمام أحمد يدل عليه.
وحينئذ فقد يكون تركها أفضل إذا كان الجهال يظنون أن هذه سنة راتبة، أو أنها واجبة، فتترك حتى يعرف الناس أنها ليست سنة راتبة، ولا واجبة، لا سيما إذا داوم الناس عليها فينبغي تركها أحيانا حتى لا تشبه الفرض، كما استحب أكثر
(1) صحيح البخاري الأذان (627)، صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (838)، سنن الترمذي الصلاة (185)، سنن النسائي الأذان (681)، سنن أبو داود الصلاة (1283)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1162)، مسند أحمد بن حنبل (5/ 56)، سنن الدارمي الصلاة (1440).
(2)
صحيح البخاري الأذان (627)، صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (838)، سنن الترمذي الصلاة (185)، سنن النسائي الأذان (681)، سنن أبو داود الصلاة (1283)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1162)، مسند أحمد بن حنبل (5/ 56)، سنن الدارمي الصلاة (1440).
العلماء أن لا يداوم على قراءة السجدة يوم الجمعة، مع أنه قد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم فعلها، فإذا كان يكره المداومة على ذلك ف ترك المداومة على ما لم يسنه النبي صلى الله عليه وسلم أولى، وإن صلاها الرجل بين الأذانين أحيانا لأنها تطوع مطلق، أو صلاة بين الأذانين، كما يصلي قبل العصر والعشاء، لا لأنها سنة راتبة فهذا جائز، وإن كان الرجل مع قوم يصلونها، فإن كان مطاعا إذا تركها - وبين لهم السنة - لم ينكروا عليه، بل عرفوا السنة فتركها حسن، وإن لم يكن مطاعا ورأى أن في صلاتها تأليفا لقلوبهم إلى ما هو أنفع، أو دفعا للخصام والشر؛ لعدم التمكن من بيان الحق لهم، وقبولهم له، ونحو ذلك، فهذا أيضا حسن.
فالعمل الواحد يكون فعله مستحبا تارة، وتركه تارة، باعتبار ما يترجح من مصلحة فعله وتركه، بحسب الأدلة الشرعية، والمسلم قد يترك المستحب إذا كان في فعله فساد راجح على مصلحته، كما ترك النبي صلى الله عليه وسلم بناء البيت على قواعد إبراهيم، وقال لعائشة:«لولا أن قومك حديثو عهد بالجاهلية لنقضت الكعبة، ولألصقتها بالأرض ولجعلت لها بابين، بابا يدخل الناس منه، وبابا يخرجون منه (1)» . والحديث في الصحيحين. فترك النبي صلى الله عليه وسلم هذا الأمر الذي كان عنده أفضل الأمرين للمعارض الراجح، وهو حدثان عهد قريش بالإسلام؛ لما في ذلك من التنفير لهم، فكانت المفسدة راجحة على المصلحة.
(1) صحيح مسلم الحج (1333)، سنن الترمذي الحج (875)، سنن النسائي مناسك الحج (2903)، سنن ابن ماجه المناسك (2955)، سنن الدارمي المناسك (1869).
ولذلك استحب الأئمة أحمد وغيره أن يدع الإمام ما هو عنده أفضل، إذا كان فيه تأليف المأمومين، مثل أن يكون عنده فصل الوتر أفضل، بأن يسلم في الشفع، ثم يصلي ركعة الوتر، وهو يؤم قوما لا يرون إلا وصل الوتر، فإذا لم يمكنه أن يتقدم إلى الأفضل كانت المصلحة الحاصلة بموافقته لهم بوصل الوتر أرجح من مصلحة فصله مع كراهتهم للصلاة خلفه، وكذلك لو كان ممن يرى المخافتة بالبسملة أفضل، أو الجهر بها، وكان المأمومون على خلاف رأيه (1).
هذا ما تيسر جمعه، وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على رسوله محمد وآله وصحبه.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو
…
نائب الرئيس
…
الرئيس
عبد الله بن حسن بن قعود
…
عبد الرزاق عفيفي
…
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
(1) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، ج 24 ص (193 - 195).
صفحة فارغة
الفتاوى
إعداد
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
في هذه الزاوية تجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على ما يرد إليها من أسئلة واستفسارات تهم المسلمين في شئونهم الدينية والاجتماعية
صفحة فارغة
فتوى رقم (19402)
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد:
فإن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء استعرضت ما ورد إليها من تساؤلات، وما ينشر في وسائل الإعلام من آراء ومقالات بشأن الدعوة إلى (وحدة الأديان): دين الإسلام، ودين اليهود، ودين النصارى، وما تفرع عن ذلك من دعوة إلى بناء مسجد وكنيسة ومعبد في محيط واحد، في رحاب الجامعات والمطارات والساحات العامة، ودعوة إلى طباعة القرآن الكريم والتوراة والإنجيل في غلاف واحد إلى غير ذلك من آثار هذه الدعوة، وما يعقد لها من مؤتمرات وندوات وجمعيات في الشرق والغرب، وبعد التأمل والدراسة فإن اللجنة تقرر ما يلي:
أولا: أن من أصول الاعتقاد في الإسلام، المعلومة من الدين بالضرورة، والتي أجمع عليها المسلمون، أنه لا يوجد على وجه الأرض دين حق سوى دين الإسلام، وأنه خاتمة الأديان، وناسخ لجميع ما قبله من الأديان والملل والشرائع، فلم يبق على وجه الأرض دين يتعبد الله به
سوى الإسلام قال الله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (1). والإسلام بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم هو ما جاء به دون ما سواه من الأديان.
ثانيا: ومن أصول الاعتقاد في الإسلام أن كتاب الله تعالى: (القرآن الكريم) هو آخر كتب الله نزولا وعهدا برب العالمين، وأنه ناسخ لكل كتاب أنزل من قبل من التوراة والزبور والإنجيل وغيرها، ومهيمن عليها، فلم يبق كتاب منزل يتعبد الله به سوى:(القرآن الكريم) قال الله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ} (2).
ثالثا: يجب الإيمان بأن (التوارة والإنجيل) قد نسخا بالقرآن الكريم، وأنه قد لحقهما التحريف والتبديل بالزيادة والنقصان كما جاء بيان ذلك في آيات من كتاب الله الكريم منها قول الله تعالى:{فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ} (3).
(1) سورة آل عمران الآية 85
(2)
سورة المائدة الآية 48
(3)
سورة المائدة الآية 13
وقوله جل وعلا: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ} (1). وقوله سبحانه: {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (2).
ولهذا فما كان منها صحيحا فهو منسوخ بالإسلام، وما سوى ذلك فهو محرف أو مبدل. وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه غضب حين رأى مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه صحيفة فيها شيء من التوراة، وقال عليه الصلاة والسلام: أفي شك أنت يا ابن الخطاب؟! ألم آت بها بيضاء نقية؟ لو كان أخي موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي (3)» رواه أحمد والدارمي وغيرهما.
رابعا: ومن أصول الاعتقاد في الإسلام أن نبينا ورسولنا محمدا صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء والمرسلين كما قال الله تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (4). فلم يبق رسول يجب اتباعه سوى
(1) سورة البقرة الآية 79
(2)
سورة آل عمران الآية 78
(3)
مسند أحمد بن حنبل (3/ 387)، سنن الدارمي المقدمة (435).
(4)
سورة الأحزاب الآية 40
محمد صلى الله عليه وسلم، ولو كان أحد من أنبياء الله ورسله حيا لما وسعه إلا اتباعه صلى الله عليه وسلم وأنه لا يسع أتباعهم إلا ذلك - كما قال الله تعالى:{وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ} (1). ونبي الله عيسى عليه الصلاة والسلام إذا نزل في آخر الزمان يكون تابعا لمحمد صلى الله عليه وسلم وحاكما بشريعته. وقال الله تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ} (2).
كما أن من أصول الاعتقاد في الإسلام أن بعثة محمد صلى الله عليه وسلم عامة للناس أجمعين، قال الله تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} (3). وقال سبحانه: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} (4) وغيرها من الآيات.
(1) سورة آل عمران الآية 81
(2)
سورة الأعراف الآية 157
(3)
سورة سبأ الآية 28
(4)
سورة الأعراف الآية 158
خامسا: ومن أصول الإسلام أنه يجب اعتقاد كفر كل من لم يدخل في الإسلام من اليهود والنصارى وغيرهم وتسميته كافرا، وأنه عدو لله ورسوله والمؤمنين، وأنه من أهل النار كما قال تعالى:{لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ} (1). وقال جل وعلا: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ} (2). وغيرها من الآيات.
وثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة، يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أهل النار (3)» .
ولهذا: فمن لم يكفر اليهود والنصارى فهو كافر، طردا لقاعدة الشريعة:(من لم يكفر الكافر فهو كافر).
سادسا: وأمام هذه الأصول الاعتقادية والحقائق الشرعية، فإن الدعوة إلى:(وحدة الأديان) والتقارب بينها وصهرها في قالب واحد دعوة خبيثة ماكرة، والغرض منها خلط الحق بالباطل، وهدم الإسلام وتقويض دعائمه، وجر
(1) سورة البينة الآية 1
(2)
سورة البينة الآية 6
(3)
صحيح مسلم الإيمان (153)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 350).
أهله إلى ردة شاملة، ومصداق ذلك في قول الله سبحانه:{وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} (1). وقوله جل وعلا: {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً} (2).
سابعا: وإن من آثار هذه الدعوة الآثمة إلغاء الفوارق بين الإسلام والكفر، والحق والباطل، والمعروف والمنكر، وكسر حاجز النفرة بين المسلمين والكافرين، فلا ولاء ولا براء، ولا جهاد ولا قتال لإعلاء كلمة الله في أرض الله، والله جل وتقدس يقول:{قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} (3). ويقول جل وعلا: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} (4).
ثامنا: أن الدعوة إلى (وحدة الأديان) إن صدرت من مسلم فهي تعتبر ردة صريحة عن دين الإسلام، لأنها تصطدم مع أصول الاعتقاد فترضى بالكفر بالله عز وجل، وتبطل صدق القرآن ونسخه لجميع ما قبله من الكتب، وتبطل نسخ
(1) سورة البقرة الآية 217
(2)
سورة النساء الآية 89
(3)
سورة التوبة الآية 29
(4)
سورة التوبة الآية 36
الإسلام لجميع ما قبله من الشرائع والأديان، وبناء على ذلك فهي فكرة مرفوضة شرعا، محرمة قطعا بجميع أدلة التشريع في الإسلام من قرآن وسنة وإجماع.
تاسعا: وتأسيسا على ما تقدم:
1 -
فإنه لا يجوز لمسلم يؤمن بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا، الدعوة إلى هذه الفكرة الآثمة، والتشجيع عليها، وتسليكها بين المسلمين، فضلا عن الاستجابة لها، والدخول في مؤتمراتها وندواتها، والانتماء إلى محافلها.
2 -
لا يجوز لمسلم طباعة التوراة والإنجيل منفردين، فكيف مع القرآن الكريم في غلاف واحد!! فمن فعله أو دعا إليه فهو في ضلال بعيد، لما في ذلك من الجمع بين الحق (القرآن الكريم) والمحرف أو الحق المنسوخ (التوراة والإنجيل).
3 -
كما لا يجوز لمسلم الاستجابة لدعوة: (بناء مسجد وكنيسة ومعبد) في مجمع واحد، لما في ذلك من الاعتراف بدين يعبد الله به غير دين الإسلام، وإنكار ظهوره على الدين كله، ودعوة مادية إلى أن الأديان ثلاثة؛ لأهل الأرض التدين بأي منها، وأنها على قدم التساوي، وأن الإسلام غير ناسخ لما قبله من الأديان،
ولا شك أن إقرار ذلك أو اعتقاده أو الرضا به كفر وضلال؛ لأنه مخالفة صريحة للقرآن الكريم والسنة المطهرة وإجماع المسلمين واعتراف بأن تحريفات اليهود والنصارى من عند الله - تعالى الله عن ذلك - كما أنه لا يجوز تسمية الكنائس (بيوت الله) وأن أهلها يعبدون الله فيها عبادة صحيحة مقبولة عند الله، لأنها عبادة على غير دين الإسلام، والله تعالى يقول:{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (1). بل هي: بيوت يكفر فيها بالله. نعوذ بالله من الكفر وأهله.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في مجموع الفتاوى (22/ 162)(ليست - أي: البيع والكنائس - بيوت الله، وإنما بيوت الله المساجد، بل هي بيوت يكفر فيها بالله، وإن كان قد يذكر فيها، فالبيوت بمنزلة أهلها وأهلها كفار، فهي بيوت عبادة الكفار).
عاشرا: ومما يجب أن يعلم أن دعوة الكفار بعامة وأهل الكتاب بخاصة إلى الإسلام واجبة على المسلمين بالنصوص الصريحة من الكتاب والسنة، ولكن ذلك لا يكون إلا بطريق البيان والمجادلة بالتي هي أحسن، وعدم التنازل عن شيء من شرائع الإسلام، وذلك للوصول إلى
(1) سورة آل عمران الآية 85
قناعتهم بالإسلام ودخولهم فيه، أو إقامة الحجة عليهم {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ} (1) قال الله تعالى:{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} (2)، أما مجادلتهم واللقاء معهم ومحاورتهم لأجل النزول عند رغباتهم، وتحقيق أهدافهم، ونقض عرى الإسلام ومعاقد الإيمان فهذا باطل يأباه الله ورسوله والمؤمنون والله المستعان على ما يصفون. قال تعالى:{وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ} (3).
وإن اللجنة إذ تقرر ذلك وتبينه للناس فإنها توصي المسلمين بعامة وأهل العلم بخاصة بتقوى الله تعالى ومراقبته، وحماية الإسلام، وصيانة عقيدة المسلمين من الضلال ودعاته، والكفر وأهله، وتحذرهم من هذه الدعوة الكفرية الضالة:(وحدة الأديان)، ومن الوقوع في حبائلها، ونعيذ بالله كل مسلم أن يكون سببا في جلب هذه الضلالة إلى بلاد المسلمين وترويجها بينهم. نسأل الله سبحانه بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يعيذنا جميعا من مضلات الفتن، وأن يجعلنا هداة مهتدين، حماة
(1) سورة الأنفال الآية 42
(2)
سورة آل عمران الآية 64
(3)
سورة المائدة الآية 49
للإسلام على هدى ونور من ربنا حتى نلقاه وهو راض عنا.
وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو
…
عضو
…
نائب الرئيس
…
الرئيس
عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ
…
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
…
بكر بن عبد الله أبو زيد
…
صالح بن فوزان الفوزان
من الفتوى رقم 15634
السؤال الثامن: قبل أن يموت رسول الله صلى الله عليه وسلم ماذا قال لأصحابه من نصائح؟
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه، وبعد:
ج: ثبت عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال في آخر حياته في الخطبة يوم عرفة في حجة الوداع: «إني تارك فيكم ما لن تضلوا إن تمسكتم به: كتاب الله (1)» ، وفي رواية أخرى ذكرها الحاكم في صحيحه:«كتاب الله وسنتي» ، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أيضا أنه أوصى أمته بالصلاة والإحسان إلى المماليك، وأوصى أيضا بإخراج المشركين واليهود والنصارى من جزيرة العرب، وقال صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس:«إن الله قد اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا ولو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك (2)» خرجه مسلم في صحيحه عن جندب بن عبد الله رضي الله عنه.
وننصحك بمراجعة البداية للحافظ ابن كثير رحمه الله في
(1) سنن الترمذي المناقب (3788).
(2)
صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (532).