الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
، والأحاديث والآثار في هذا كثيرة جدا (1).
أما الإجماع: فقد أجمع العلماء على جوازه وهو واقع منذ الصدر الأول في الإسلام إلى هذا الزمان لا ينكره أحد.
والمعقول يؤيد جوازه كما سيأتي في الحكمة من مشروعيته.
(1) انظر نيل الأوطار (6/ 247)، وجمع الفوائد (1/ 671).
المبحث الثالث: الحكمة من مشروعية الطلاق:
شرع الله الزواج ليكون دائما مؤبدا؛ إذ به تتحقق المنافع والمصالح المرادة منه، ولا بد لتحقيق أهداف النكاح العظيمة من وجود المودة والتفاهم بين الزوجين، فإذا حصل ما يقطع هذه المودة ويفسد هذا التفاهم مما هو واقع وكثير، لأسباب مشاهدة، كأن تفسد أخلاق أحد الزوجين فيندفع في تيار الفسق والفجور
ويعجز المصلحون عن رده إلى سواء الصراط، أو يحدث بين الزوجين تنافر في الطباع وتخالف في العادات أو يلقى في نفس أحدهما كراهية الآخر والسأم منه، والتبرم من أفعاله، وقد يكون الزوج عقيما أو قد يصيبه مرض معد خطير، أو قد يغيب غيبة لا يعلم فيها حاله، ولا حياته من موته، وقد يصاب بضيق ذات اليد فلا يستطيع الإنفاق على زوجته وليست بخليه فتنكح غيره.
وهذه الأمثلة وليست من الخيال في شيء تفسد على البيت نظامه، وتعكر عليه صفوه، فينحرف الزوجان في البحث عن لذة بديلة أو سكن غير ما يجدانه في نكاحهما، وينحرف الأولاد حيث لا كافل لهم ولا راعي لشئونهم، ولا قائم بحقوقهم، وينشأ الأطفال نشأة يملؤها التشاؤم، ويغلب عليها الحزن والانطواء في مجتمع أسري كهذا.
لهذه الأمور وغيرها كثير؛ أباح الله الطلاق ليكون علاجا لهذا الوضع الرديء، والحال المفجع، والخطب الأليم، الذي أصاب الأسرة التي هي اللبنة الأولى لبناء المجتمع.
ولأن الإسلام دين رب العالمين الذي هو أعلم بمصالح العباد من أنفسهم، ولأنه الدين الصالح لكل زمان ومكان، فقد حرص على وقاية المجتمعات من كل داهية تفتك به وكل فجيعة تلم به، وكل نكبة تصيبه، فقد شرع الطلاق ليتخلص به الزوجان من حياة مقلقة، وصلة موجعة، وارتباط مؤلم، ومن ثم ينقب كل منهما عمن هو خير من سابقه، وأجدر بالارتباط به، قال تعالى: