الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المناسك التي يجب فعلها، أو جبرها بالدم.
الرأي المختار:
الذي أختاره هو ما ذهب إليه الجمهور من أن الطواف سنة، وليس بواجب، فلا يلزم من تركه دم. لما يأتي:
1 -
أن الطواف المأمور به في الآية إنما هو طواف الإفاضة الواقع بعد الوقوف بعرفة، فلا يكون طواف القدوم داخلا في هذا الأمر.
2 -
لم يرد أنه صلى الله عليه وسلم أمر به أحدا من أصحابه، أو أمر من تركه بإراقة دم.
3 -
سقوط هذا الطواف عن الحائض، وعن الداخل إلى مكة بعد يوم عرفة، فلو كان واجبا لوجب قضاؤه وتداركه، أو جبره بدم. والله أعلم.
المسألة الثانية:
هل يشرع طواف القدوم لمن لم يدخل مكة إلا بعد الوقوف بعرفة أم لا
؟
اختلف العلماء في ذلك على قولين:
القول الأول: لا يشرع له طواف القدوم، لفوات وقته.
وإلى هذا القول ذهب جمهور العلماء، ومنهم أصحاب المذاهب الثلاثة ما عدا أحمد.
القول الثاني: يشرع طواف القدوم للمفرد بعد يوم عرفة، إذا لم يأت مكة قبل ذلك ولا طاف للقدوم. وإلى هذا ذهب أحمد.
الأدلة:
1 -
استدل أصحاب القول الأول بما يلي:
أ - بحديث عائشة رضي الله عنها وفيه: فطاف الذين أهلوا بالعمرة ثم حلوا، ثم طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى، وأما الذين جمعوا بين الحج والعمرة طافوا طوافا واحدا (1).
وجه الاستدلال منه:
أن الطواف المشار إليه بعد الرجوع من منى إنما هو طواف الإفاضة فإنها لم تذكر طوافا آخر، فلو كان هذا الذي ذكرته طواف القدوم، لكانت قد أخلت بذكر طواف الزيارة، الذي هو ركن الحج، ولا يتم الحج إلا به، وذكرت ما
(1) أخرجه البخاري في الحج، باب طواف القارن (77) 2/ 168.
يستغنى عنه (1).
ب - أن عائشة رضي الله عنها لما حاضت قرنت الحج والعمرة بأمره صلى الله عليه وسلم، ولم تكن طافت للقدوم، لم تطف للقدوم ولا أمرها به النبي صلى الله عليه وسلم.
ج - لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه الذين تمتعوا معه في حجة الوداع، ولا أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أحدا.
د - أن طواف القدوم، طواف لتحية البيت، فطوافه بعد يوم عرفة للإفاضة يغني عن طواف القدوم، كتحية المسجد تسقط بأداء الفريضة (2).
هـ - أن طواف القدوم لو لم يسقط بالطواف الواجب، لشرع في حق المعتمر طواف للقدوم مع طواف العمرة؛ لأنه أول قدومه إلى البيت، فهو به أولى من المتمتع الذي يعود
(1) انظر: المغني 5/ 315، وقال:(ما ذكرت إلا طوافا واحدا، فمن أين يستدل به على طوافين؟).
(2)
انظر: شرح فتح القدير 2/ 508، حاشية ابن عابدين 2/ 492، المجموع 8/ 12، المغني 5/ 315.
إلى البيت بعد رؤيته وطوافه به.
2 -
استدل الفريق الثاني بما يلي:
أ - بحديث عائشة رضي الله عنها المتقدم.
وجه استدلالهم منه:
أن عائشة رضي الله عنها أشارت إلى أن من جمع بين الحج والعمرة إنما طافوا طوافا واحدا، وأن الذين تمتعوا بالعمرة إلى الحج طافوا مرتين، ومعلوم أن الذين جمعوا بين الحج والعمرة - القارنين - قد طافوا لقدومهم أثناء دخولهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطاف المتمتعون كذلك لعمرتهم، فدل ذلك على أن الطواف الآخر المشار إليه للمتمتعين إنما هو طواف القدوم (1).
ب - أن طواف القدوم مشروع، فلم يكن طواف الزيارة مسقطا له، كتحية المسجد قبل التلبس بالفرض (2).
الرأي المختار:
الذي أختاره، هو ما ذهب إليه الجمهور: من سقوط طواف القدوم عن المفرد - ومثله القارن - إذا لم يدخلا مكة قبل يوم النحر، وأنه لا يسن لهما ولا للمتمتع الطواف للقدوم بعد
(1) انظر: المغني 5/ 315، كشاف القناع 2/ 586.
(2)
انظر: المغني 5/ 315، كشاف القناع 2/ 586.
طواف الإفاضة؛ لما يلي:
1 -
أن الطواف الذي أخبرت به عائشة، وفرقت به بين المتمتع والقارن، هو الطواف بين الصفا والمروة، لا الطواف بالبيت، فأخبرت عن القارنين أنهم اكتفوا بطواف واحد بينهما، لم يضيفوا إليه طوافا آخر يوم النحر، وأخبرت عن المتمتعين، أنهم طافوا بينهما طوافا آخر بعد الرجوع من منى للحج، وذلك الأول كان للعمرة. فيوافق هذا حديثها الآخر، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم:«يسعك طوافك بالبيت، وبين الصفا والمروة لحجك وعمرتك (2)» .
2 -
أنه لم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم أنه أمر أحدا من أصحابه الذين تمتعوا بالطواف مرة أخرى بعد طواف الإفاضة.
3 -
أنه لم ينقل عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم الذين تمتعوا معه صلى الله عليه وسلم: (أنهم طافوا طوافا آخر بعد طواف الإفاضة).
4 -
أنه لم ينقل عن عائشة رضي الله عنها أنها طافت للقدوم مع طواف الإفاضة، مع أنها رضي الله عنها لم تطف
(1) أخرجه مسلم في الحج، في باب تحلل المعتمر المتمتع 8/ 156
(2)
(1)