الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرمي حتى تطلع الشمس خاص بالصبيان؛ لأنه لا عذر لهم في تقديم الرمي، أما من قدمه من النساء، فرمين قبل طلوع الشمس للعذر، والخوف عليهن من مزاحمة الناس وحطمهم، وهذا الذي دلت عليه السنة، جواز الرمي قبل طلوع الشمس. . . إلخ.
ثالثا: أن حديث أسماء رضي الله عنها يدل على أنها رمت الجمرة قبل طلوع الفجر؛ لأنها بعد فراغها من الرمي رجعت إلى منزلها فصلت به الصبح. وهذا أيضا ما دل عليه صنيع أم سلمة رضي الله عنها وهو نص صريح أنها رمت قبل الفجر، وقد تبين أن من أعله كالإمام أحمد فلجوانب لا تؤثر على الشاهد منه، ولهذا احتج به أحمد، وصححه النووي، وابن حجر.
الرأي المختار: هو ما ذهب إليه أصحاب القول الأول: من أن أول وقت رمي جمرة العقبة يبدأ من منتصف ليلة النحر؛ وذلك لأن في هذا القول جمعا للأدلة، وإعمالا لها، وهو أولى من الترجيح. (والله أعلم).
مسألة: آخر وقت طواف الإفاضة:
سبقت الإشارة إلى أن السنة أن يطوف طواف الإفاضة ضحى يوم النحر، ويكره تأخير الطواف عن يوم النحر، قال النووي:(ويكره تأخير الطواف عن يوم النحر، وتأخيره عن أيام التشريق أشد كراهة، وخروجه من مكة بلا طواف أشد كراهة)(1). . فهل لطواف الإفاضة وقت ينتهي إليه، فلا يصح فعله، كالوقوف بعرفة
(1) المجموع، 8/ 220
ينتهي بطلوع فجر يوم النحر أو غيره من مناسك الحج كالمبيت بمزدلفة، وبمنى، ورمي الجمار، أم أنه لا يتقيد بزمن، بل يستمر ما دام الإنسان حيا، ولو مضى على ذلك زمن طويل؟ وهل يترتب على هذا التأخير شيء؟ وما الذي يترتب على هذا التأخير؟
اختلف العلماء في ذلك على أربعة أقوال:
القول الأول: أن تأخير الطواف لا يوجب دما، إلا أنه يبقى محرما، إذ لم يتحلل التحلل الأكبر. وإلى هذا ذهب الشافعي، وأحمد، وعطاء، وعمرو بن دينار، وابن عيينة، وأبو ثور، وأبو يوسف ومحمد صاحبا أبي حنيفة، ورواية عن مالك، وابن المنذر، وحكاه عن جمهور العلماء.
القول الثاني: أن تأخير الطواف إلى انتهاء أيام النحر، موجب للدم. وإلى هذا ذهب أبو حنيفة.
القول الثالث: أن تأخير الطواف إلى انتهاء شهر ذي الحجة، موجب للدم. وإلى هذا ذهب مالك، وهي الرواية المشهورة.
القول الرابع: أن تأخير الطواف إلى انتهاء شهر ذي الحجة، مبطل للحج. وإلى هذا ذهب ابن حزم الظاهري الأدلة:
1 -
استدل أصحاب القول الأول بما يلي:
أ - أن الأصل عدم وجوب الدم بالتأخير، حتى يرد الشرع به، ولا دليل على ذلك.
ب - أن الطواف ليس كبقية المناسك المؤقتة التي تفوت بفوات
وقتها، فمتى أتى به صح، فلم يلزم دم بتأخيره (1).
2 -
واستدل أصحاب القول الثاني بما يلي:
- أن الطواف نسك في الحج فكان مؤقتا بأيام النحر وجوبا، فإذا أخره عن وقته كان تاركا للواجب، وترك الواجب في الحج يوجب الجبر بالدم (2) 3 - واستدل أصحاب القول الثالث بما يلي:
- أن تأخير الطواف إلى المحرم، فعل للركن في غير أشهر الحج، وتأخير الركن عن وقته موجب للدم (3) 4 - واستدل أصحاب القول الرابع بما يلي:
- بقوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} (4).
وجه الاستدلال منها:
أن أشهر الحج ثلاثة وهي: شوال، وذو القعدة، وذو الحجة. فإذا انتهى شهر ذي الحجة قبل طوافه فقد بطل حجه، لانتهاء وقته قبل تمامه.
(1) انظر: المغني 5/ 313، المجموع 8/ 224.
(2)
انظر: المبسوط 4/ 42، بدائع الصنائع 2/ 132.
(3)
انظر الشرح الصغير 2/ 370.
(4)
سورة البقرة الآية 197