المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القول الرابع: أن وجه الإعجاز في أعداد الحروف (حساب الجمل) - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٥٠

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌ الحكمة لمشروعية الأذان:

- ‌ نقول عن التفسير:

- ‌ نقول عن شراح الحديث

- ‌ نقول عن بعض الفقهاء:

- ‌ خاتم النبوة

- ‌ حياة النبي صلى الله عليه وسلم في بيته

- ‌ أول من أسلم من الرجال

- ‌ هل وقع بين المسلمين والمشركين مبارزة في غزوة تبوك

- ‌ صحة حديث مضمونه: «من أرضى فاطمة فقد أرضاني ومن أسخطها فقد أسخطني»

- ‌ نذكر الصحابي وغيره، فنقول: عليه الصلاة والسلام

- ‌ معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا ضرر ولا ضرار

- ‌ معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان

- ‌ الفرق بين الواجب والمندوب والمستحب والسنة

- ‌ فتاوى سماحة الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌حكم حسينيات الرافضة

- ‌حكم تتبع آثار الأنبياءليصلى فيها أو ليبنى عليها مساجد

- ‌ ذبح الذبائح عند الآبارالتي يقصدها الناس للاستشفاء بها

- ‌دفن الموتى في المساجد إحدى وسائل الشرك

- ‌تنبيه حول الاحتفال بالمناسبات الإسلامية

- ‌جماعة التبليغ والصلاة في المساجد التي فيها قبور

- ‌نصيحة لمن اعتقد بوفاة المسيحوعدم نزوله في آخر الزمان

- ‌حكم سفر المرأة للعمرةفي حافلة النقل الجماعي بلا محرم

- ‌سفر المرأة مع المرأة بدون محرم

- ‌حكم السفر لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الحياة في القبر

- ‌علة الربا في النقدين:

- ‌الحلول الشرعية لاجتماع الصرف والحوالة:

- ‌وجوه التحدي والإعجاز في الأحرف المقطعة في أوائل السور

- ‌تمهيد:

- ‌أنواع فواتح السور:

- ‌النوع الأول: الاستفتاح بالثناء على الله تعالى:

- ‌النوع الثاني: الاستفتاح بالنداء:

- ‌النوع الثالث: الاستفتاح بالجمل الخبرية:

- ‌النوع الرابع: الاستفتاح بالقسم:

- ‌النوع الخامس: الاستفتاح بالشرط:

- ‌النوع السادس: الاستفتاح بالأمر:

- ‌النوع السابع: الاستفتاح بالاستفهام:

- ‌النوع الثامن: الاستفتاح بالدعاء:

- ‌النوع التاسع: الاستفتاح بالتعليل:

- ‌النوع العاشر: الاستفتاح بأحرف التهجي:

- ‌أقوال العلماء في الأحرف المقطعة:

- ‌ مجمل أقوال العلماء في وجوه الإعجاز والتحدي في الأحرف المقطعة:

- ‌القول الأول: أنها للتحدي والإعجاز:

- ‌ من أبرز القائلين بهذا الرأي:

- ‌من أدلة أصحاب هذا الرأي:

- ‌شبه المنكرين لهذا الرأي والجواب عليها:

- ‌القول بأنها للتحدي والإعجاز لا يعتبر تفسيرا:

- ‌القول الثاني: أن ورود هذه الأحرف بهذه الصفة من رجل أمي أمر معجز

- ‌القول الثالث: أن فيها إعجازا لغويا

- ‌القول الرابع: أن وجه الإعجاز في أعداد الحروف (حساب الجمل)

- ‌أنواع الطواف وأحكامه

- ‌التمهيد:

- ‌المطلب الأول: في تعريف الطواف

- ‌ثانيا: في الاصطلاح:

- ‌المطلب الثاني: دليل مشروعية الطواف:

- ‌ثانيا: الأدلة من السنة المطهرة:

- ‌ثالثا: الإجماع:

- ‌المطلب الثالث: حكم الطواف بغير بيت الله العتيق:

- ‌أنواع الطواف

- ‌المبحث الأول: في طواف القدوم

- ‌المطلب الأول: طواف المعتمر:

- ‌المطلب الثاني: طواف المفرد:

- ‌المسألة الثانية:هل يشرع طواف القدوم لمن لم يدخل مكة إلا بعد الوقوف بعرفة أم لا

- ‌المطلب الثالث: طواف القارن:

- ‌المسألة الأولى: حكم طواف القدوم للمفرد إذا دخل مكة قبل يوم عرفة

- ‌المبحث الثاني: طواف الإفاضة:

- ‌المطلب الثاني: وقت طواف الإفاضة:

- ‌مسألة: أول وقت الإفاضة:

- ‌مسألة: أول وقت رمي جمرة العقبة:

- ‌مسألة: آخر وقت طواف الإفاضة:

- ‌المطلب الثالث: ماذا يترتب على طواف الإفاضة

- ‌مسألة: ماذا يترتب على طواف الإفاضة من التحلل

- ‌فرع: ما الذي يحل بالتحلل الأصغر

- ‌المبحث الثالث: طواف الوداع::

- ‌المطلب الأول: حكم طواف الوداع، وعلى من يكون

- ‌المسألة الأولى: حكم طواف الوداع

- ‌فرع: من أراد الإقامة بمكة:

- ‌فرع: من كان منزله قريبا من مكة:

- ‌فرع: المرأة الحائض:

- ‌فرع: طواف الوداع لغير الحاج:

- ‌المطلب الثاني: وقت طواف الوداع، وما يلزم من خرج ولم يودع

- ‌المسألة الأولى: وقت طواف الوداع

- ‌الخاتمة

- ‌طلاق المكره والغضبان

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: تعريف الطلاق:

- ‌المطلب الأول: تعريف الطلاق لغة:

- ‌المطلب الثاني: تعريف الطلاق شرعا:

- ‌المبحث الثاني: أدلة مشروعية الطلاق:

- ‌المبحث الثالث: الحكمة من مشروعية الطلاق:

- ‌الفصل الأول: طلاق المكره:

- ‌تمهيد: تعريف الإكراه:

- ‌المبحث الأول: أنواع الإكراه وأحكامه وشروطه:

- ‌مسألة شروط الإكراه:

- ‌المبحث الثاني: طلاق المكره:

- ‌الفصل الثاني: طلاق الغضبان:

- ‌تمهيد: تعريف الغضب وحالاته:

- ‌ حكم طلاق الغضبان:

- ‌الخاتمة:

- ‌بيان حكم الشرع في الجاروديعلى ضوء المقابلة معه في مجلة المجلة

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌القول الرابع: أن وجه الإعجاز في أعداد الحروف (حساب الجمل)

هذه بعض المآخذ على هذا القول في وجه الإعجاز في الأحرف المقطعة، ونرى أنها مع ما نقلناه من ردود أخرى كافية لرده، والله أعلم.

ص: 183

‌القول الرابع: أن وجه الإعجاز في أعداد الحروف (حساب الجمل)

.

وبيان ذلك عند أصحاب هذا القول أن مجموع أعداد الحروف المقطعة في كل سورة ترمز إلى تاريخ وقوع حادثة غيبية كواقعة من الوقائع أو مدة هذه الأمة أو مدد أقوام أو آجالهم.

وهي طريقة حسابية أدخلها اليهود وتلقوها عن سحرة بابل ويستخدمها السحرة والمنجمون والكهان في طلاسمهم ورموزهم، كما استعملها عدد من الأدباء في تاريخ بعض الأحداث والوقائع نظما أو نثرا.

أما في التفسير فإن هذا القول ينسب إلى أبي العالية (1) وإلى

(1) المحرر الوجيز: ابن عطية، ج1 ص 39، وتفسير الرازي، ج 2 ص 6، والبيضاوي، ج1 ص 44.

ص: 183

الربيع بن أنس الذي روى عنه الطبري قوله: (وليس منها حرف إلا وهو في مدة قوم وآجالهم. . .)(1)، ولعل محمد بن السائب الكلبي هو المراد بقول الطبري:(وقال بعضهم هي حروف من حساب الجمل - كرهنا ذكر الذي حكي ذلك عنه - إذ كان الذي رواه ممن لا يعتمد على روايته ونقله)(2)، وليست هذه العبارة من الطبري بذم لهذا القول؛ إذ هو ممن يقول به. . . فقد قال:(والصواب في تأويل ذلك عندي أن كل حرف منه يحوي ما قاله الربيع. . . إلخ)(3)، وقال في موضع آخر:(. . . وهن من حروف حساب الجمل)(4)، يعنى الأحرف المقطعة، وقال السهيلي:(لعل عدد الحروف التي في أوائل السور مع حذف المكرر للإشارة إلى مدة بقاء هذه الأمة)(5).

واستدل القائلون بهذا الرأي بدليل عقلي ودليل نقلي:

أما الدليل العقلي فقالوا: لا نعرف للحروف المقطعة معنى يفهم سوى حساب الجمل، وسوى تهجي قول القائل: ألم، قالوا: وغير جائز أن يخاطب الله جل ثناؤه عباده إلا بما يفهمون ويعقلون عنه، فلما كان ذلك كذلك - وكان قوله: ألم لا

(1) تفسير الطبري: ج1 ص 208.

(2)

تفسير الطبري، ج1 ص 220.

(3)

تفسير الطبري، ج1 ص 222.

(4)

تفسير الطبري، ج1 ص 220.

(5)

الإتقان: السيوطي، ج 2 ص 14، وانظر الروض الأنف: السهيلي، ج4 ص419، 420.

ص: 184

يعقل لها وجه توجه إليه إلا أحد الوجهين اللذين ذكرنا، فبطل أحد وجهيه، وهو أن يكون مرادا بها تهجي ألم صح وثبت أنه مراد به الوجه الثاني وهو حساب الجمل، لأن قول القائل: ألم لا يجوز أن يليه من الكلام {ذَلِكَ الْكِتَابُ} (1) لاستحالة معنى الكلام وخروجه عن المعقول، إن ولي ألم (2) ذلك الكتاب.

وأما النقلي: فبما رواه محمد بن إسحاق في السيرة قال: (وكان ممن نزل فيه القرآن بخاصة من الأحبار وكفار يهود الذي كانوا يسألونه ويتعنتونه ليلبسوا الحق بالباطل - فيما ذكر لي عن عبد الله بن عباس وجابر بن عبد الله بن رئاب - أن أبا ياسر بن أخطب مر برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتلو فاتحة البقرة: {الم} (3){ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ} (4) فأتى أخاه حيي بن أخطب في رجال من يهود فقال: (تعلموا والله لقد سمعت محمدا يتلو فيما أنزل عليه {الم} (5){ذَلِكَ الْكِتَابُ} (6) فقالوا: أنت سمعته؟ فقال: نعم. فمشى حيي بن أخطب في أولئك النفر من يهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا له: يا محمد ألم يذكر لنا أنك تتلو فيما أنزل إليك: {الم} (7){ذَلِكَ الْكِتَابُ} (8) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بلى، قالوا: أجاءك بها جبريل من عند الله؟ فقال: نعم، قالوا: لقد بعث الله قبلك أنبياء، ما نعلمه بين لنبي منهم ما مدة ملكه، وما أكل (9) أمته غيرك،

(1) سورة البقرة الآية 2

(2)

جامع البيان: الطبري، ج1 ص 216.

(3)

سورة البقرة الآية 1

(4)

سورة البقرة الآية 2

(5)

سورة البقرة الآية 1

(6)

سورة البقرة الآية 2

(7)

سورة البقرة الآية 1

(8)

سورة البقرة الآية 2

(9)

الأكل، بالضم الرزق والطعام ويريد بأكل أمته طول مدتهم.

ص: 185

وقال حيي بن أخطب وأقبل على من معه فقال لهم: الألف واحدة واللام ثلاثون والميم أربعون، فهذه إحدى وسبعون سنة أفتدخلون في دين إنما مدة ملكه وأكل أمته إحدى وسبعون سنة!! ثم أقبل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد هل مع هذا غيره؟ قال: نعم، قال: ماذا؟ قال: ألمص قال: هذه والله أثقل وأطول، الألف واحدة واللام ثلاثون والميم أربعون والصاد ستون فهذه إحدى وستون ومائة سنة. هل مع هذا يا محمد غيره؟ قال: نعم: الر قال: هذه والله أثقل وأطول الألف واحدة واللام ثلاثون والراء مائتان فهذه إحدى وثلاثون ومائتان، وهل مع هذا غيره يا محمد؟ قال: نعم: ألمر قال هذه والله أثقل وأطول الألف واحدة واللام ثلاثون والميم أربعون والراء مائتان فهذه إحدى وسبعون ومئتا سنة، ثم قال: لقد لبس علينا أمرك يا محمد حتى ما ندري أقليلا أعطيت أم كثيرا ثم قاموا عنه، فقال أبو ياسر لأخيه حيي بن أخطب ولمن معه من الأحبار: ما يدريكم لعله قد جمع هذا كله لمحمد إحدى وسبعون وإحدى وستون ومائة وإحدى وثلاثون ومائتان وإحدى وسبعون ومائتان فذلك سبعمائة وأربع وثلاثون سنة فقالوا: لقد تشابه علينا أمره، فيزعمون أن هؤلاء الآيات نزلت فيهم {مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} (1)، (2).

(1) سورة آل عمران الآية 7

(2)

سيرة ابن هشام، ج 2 ص 194 - 195.

ص: 186

قال السهيلي: (وهذا القول من أحبار اليهود وما تأولوه من معاني هذه الحروف محتمل حتى الآن أن يكون من بعض ما دلت عليه هذه الحروف المقطعة فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكذبهم فيما قالوا من ذلك ولا صدقهم)(1).

وقد رد المنكرون لهذا القول على أدلتهم، فقالوا عن الدليل العقلي: إن قصر المراد من الفواتح على وجهين (التهجي، وحساب الجمل) غير مسلم، فالأقوال كثيرة وليس بعضها أولى من بعض، وإذا سلمنا جدلا بقصر المراد على هذين الوجهين فأنى لهم إبطال الأول منهما وقد قال به جمهرة من المفسرين، ثم أنى لهم تعين الثاني وليس له مستند من النقل ولا من العقل (2).

أما الدليل النقلي فقد رده المنكرون من ناحية السند ومن ناحية المتن.

أما السند: فقد قال ابن كثير: فهذا الحديث مداره على محمد بن السائب الكلبي، وهو ممن لا يحتج بما انفرد به (3)، وقال الشوكاني سنده ضعيف (4)، وقال الأستاذ أحمد شاكر:(فهذا إسناد ضعيف جهله ابن إسحاق فجاء به معلقا بصيغة التمريض. . .)(5) والعجيب أن ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى

(1) الروض الأنف: السهيلي، ج4 ص 418، 419.

(2)

مختصر البيان: د. حسن عبيدو، ص 44.

(3)

تفسير ابن كثير، ج1 ص 38.

(4)

فتح القدير: الشوكاني، ج1 ص 31.

(5)

تفسير الطبري: ج1 ص 218 الهامش.

ص: 187

قد استدل بهذا الحديث مع وصفه لمحمد بن السائب الكلبي بأنه ممن لا يجوز الاحتجاج بنقله (1) قال الأستاذ شاكر: (فكان عجبا منه - يعني الطبري - بعد هذا أن يحتج بهذه الروايات المتهافتة ويرضى هذا التأويل المستنكر بحساب الجمل)(2).

أما المتن: فقد قال البيضاوي: (والحديث لا دليل فيه لجواز أنه عليه السلام تبسم تعجبا من جهلهم)(3) وقال ابن كثير عن هذا الحديث: (. . . وهو مع ذلك أدل على بطلان هذا المسلك من التمسك به على صحته. . . وقال: (. . . ثم كان مقتضى هذا المسلك إن كان صحيحا أن يحسب ما لكل حرف من الحروف الأربعة عشر التي ذكرناها، وذلك يبلغ منه جملة كثيرة. وإن حسبت مع التكرر فأطم وأعظم والله أعلم)(4) وقال الشوكاني: (فانظر ما بلغت إليه أفهامهم - يعني اليهود - من هذا الأمر المختص بهم من عدد الحروف مع كونه ليس من لغة العرب في شيء، وتأمل أي موضع أحق بالبيان من رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الموضع، فإن هؤلاء الملاعين قد جعلوا ما فهموه عند سماع {الم} (5){ذَلِكَ الْكِتَابُ} (6) من ذلك العدد موجبا للتثبيط عن الإجابة له والدخول في شريعته، فلو كان لذلك معنى يعقل

(1) تفسير الطبري، ج1 ص 66.

(2)

تفسير الطبري، ج1 ص 220 الهامش.

(3)

أنوار التنزيل: البيضاوي، ج1 ص 44.

(4)

تفسير ابن كثير، ج1 ص 38.

(5)

سورة البقرة الآية 1

(6)

سورة البقرة الآية 2

ص: 188

ومدلول يفهم لدفع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ظنوه بادئ ذي بدء حتى لا يتأثر عنه ما جاءوا به من التشكيك على من معهم) (1).

وقال ابن عاشور: (وليس في جواب رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم بعدة حروف أخرى من هذه الحروف المتقطعة في أوائل السور تقرير لاعتبارها رموزا لأعداد مدة هذه الأمة، وإنما أراد إبطال ما فهموه بإبطال أن يكون مفيدا لزعمهم على نحو الطريقة المسماة بالنقض في الجدل، ومرجعها إلى المنع. والمانع لا مذهب له، وأما ضحكه صلى الله عليه وسلم فهو تعجب من جهلهم)(2).

ولم يكتف المنكرون برد الأدلة ونقضها فحسب، بل أنكروا هذا المذهب في تفسير الأحرف المقطعة أصلا واستدلوا بما رواه عبد الرزاق في مصنفه والبيهقي في سننه عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال:(إن قوما يحسبون أبا جاد وينظرون في النجوم ولا أرى لمن فعل ذلك من خلاق) وقال ابن كثير رحمه الله تعالى: (وأما من زعم أنها دالة على معرفة المدد، وأنه يستخرج من ذلك أوقات الحوادث والفتن والملاحم فقد ادعى ما ليس له،

(1) فتح القدير: الشوكاني، ج1 ص31.

(2)

التحرير والتنوير: ابن عاشور ج1 ص 194، 195.

ص: 189

وطار في غير مطاره) (1).

ونقل السيوطي عن ابن حجر قوله في حساب الجمل: (وهذا باطل لا يعتمد عليه، فقد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنه الزجر عن عد أبي جاد والإشارة إلى أن ذلك من جملة السحر، وليس ذلك ببعيد فإنه لا أصل له في الشريعة)(2) وقد ألف الإمام الصنعاني رحمه الله تعالى رسالة في أعداد الحروف رد فيها هذا القول وأبطل الاحتجاج بالحديث - على فرض صحته - من عدة وجوه.

ومن المعاصرين الذين أنكروا هذا المذهب في الأحرف المقطعة الأستاذ رشيد رضا الذي قال: (إن أضعف ما قيل في هذه الحروف وأسخفه أن المراد بها الإشارة بأعدادها في حساب الجمل إلى مدة هذه الأمة أو ما يشابه ذلك)(3) ولعلك بعد هذا تقول وما وجه الإعجاز في حساب الجمل عند القائلين به؟ والجواب أن وجه الإعجاز أن فيها كشفا لأمور غيبية.

فمن ذلك ما قاله الخويبي: وقد استخرج بعض الأئمة من قوله تعالى: {الم} (4){غُلِبَتِ الرُّومُ} (5) أن البيت المقدس يفتحه المسلمون في سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة ووقع كما قاله (6).

(1) تفسير ابن كثير، ج1 ص 38.

(2)

الإتقان: السيوطي ج2 ص14.

(3)

تفسير المنار: محمد رشيد رضا، ج1 ص 122.

(4)

سورة الروم الآية 1

(5)

سورة الروم الآية 2

(6)

الإتقان: السيوطي، ج2 ص14، وانظر البرهان الكاشف عن إعجاز القرآن: الزملكاني، ص60.

ص: 190

ومنها ما روي أن عليا رضي الله عنه كان يعلم ذلك واستخرج وقعة معاوية منه {حم} (1){عسق} (2).

ومن الخرافات التي بنيت على مذهبهم تحديد يوم القيامة عند بعض الدارسين المحدثين بأنه سيكون في عام 1710 هـ اعتمادا على حساب الجمل (3).

وغير ذلك، فإذا ثبت بطلان هذا القول من أصله فإن ما يبنى عليه لا أساس له ولا يصح تفسير القرآن الكريم بمثل هذه التكهنات والأوهام والخرافات، سيما وقد علمنا أن السحرة والكهان هم الذين يستخدمون مثل هذه الأحرف والأرقام والرموز والطلاسم في تنبؤاتهم التي نهينا عن تصديقها، وكذب المنجمون ولو صدقوا، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

(1) سورة الشورى الآية 1

(2)

سورة الشورى الآية 2

(3)

حروف المعجم: د. محمد أبو فراخ، ص52 ونسب هذا القول إلى د. رشاد خليفة.

ص: 191