الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المحتويات
الافتتاحية
خطبة عرفة 1428 هـ لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ 7
الفتاوى
من فتاوى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ .... 47
من فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز 59
من فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ 71
من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 79
البحوث
الكفر مفهومه وأنواعه والغلاة فيه للدكتورة سارة بنت فراج العقلاء 99
صفات المنافقين أثناء الحروب كما جاءت في القرآن الكريم للدكتورة مديحة بنت إبراهيم بن عبد الله السدحان 167
الأحكام المتعلقة بمؤخر الصداق للدكتورة نورة بنت عبد الله بن محمد المطلق 211
المتفق والمختلف من كنى الفقهاء لفضيلة الدكتور: عبد السلام بن محمد الشويعر 297
صفحة فارغة
الافتتاحية
لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ
الحمد الله له الخلق وله الأمر، يفضل من شاء، ويحكم ما يشاء، وهو العليم الحكيم، اصطفى من عباده رسلا وأنبياء، شرفهم بأكمل الأوصاف وعظيم الأخلاق، هم للفضل منار، وللنور حملة، خيرة الخلق، وصفوة البشر، أوذوا فصبروا، وزلزلوا فثبتوا، فلهم في أعناقنا شهادة، وفي قلوبنا محبة، بلغوا الرسالة، وأدوا الأمانة، ونصحوا الأمة وجاهدوا في الله حق جهاده.
والحمد لله الذي أرسل رسوله محمدا بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} (1) رفع الله قدره على الناس وجعل في هديه الهدى والنبراس، دعا إلى ثواب الله وبشر،
(1) سورة آل عمران الآية 164
وحذر من عقابه وأنذر، وأوضح سبيل الرشاد، وجاهد في الله حق الجهاد، حتى ظهر دين الله وعلت كلمته، وشملت رحمته، وتمت نعمته فصلوات ربي وسلامه عليه أبدا دائما إلى يوم الدين، أرسله الله بالحق بشيرا ونذيرا {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} (1).
أرسله الله شاهدا على أمته وداعيا إلى صراط ربه {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} (2){وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا} (3){إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ} (4).
أرسله الله على فترة من الرسل واندراس من الكتب: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ} (5).
بعثه الله في أمة أمية فزكاها وبالإسلام رفعها: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} (6).
أرسله الله فكان حريصا على هداية الناس حزينا على إعراضهم
(1) سورة البقرة الآية 119
(2)
سورة الأحزاب الآية 45
(3)
سورة الأحزاب الآية 46
(4)
سورة المزمل الآية 15
(5)
سورة المائدة الآية 19
(6)
سورة الجمعة الآية 2
ختم الله به الرسل والرسالات: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (2).
هو الرحمة وهو الهدى {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} (3)، {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} (4).
كلامه وحي، وفعله تشريع {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} (5){إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (6).
هو النور الذي يهدي به الله من شاء من عباده: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ} (7){يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (8).
(1) سورة التوبة الآية 128
(2)
سورة الأحزاب الآية 40
(3)
سورة الأنبياء الآية 107
(4)
سورة التوبة الآية 33
(5)
سورة النجم الآية 3
(6)
سورة النجم الآية 4
(7)
سورة المائدة الآية 15
(8)
سورة المائدة الآية 16
أرسله الله عز وجل بالهداية العامة الشاملة للثقلين هداية الدلالة والإرشاد والبيان: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (1).
هدى إلى أصول الدين وفروعه، هدى إلى العقيدة الصافية، والشريعة العادلة، والأخلاق الفاضلة.
هدى إلى أصول الإيمان: «الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره (2)» .
هدى إلى توحيد الرحمن فكان يقول لقومه: «قولوا لا إله إلا الله تفلحوا (3)» وقال لعمه في الاحتضار، يا عم:«قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله (4)» .
هدانا لأهمية التوحيد، فجعله أساس الدين «رأس الأمر الإسلام (5)» .
وجعله أول الأمر: «فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله (6)» وفي رواية: «إلى أن يوحدوا الله (7)» .
وجعله آخر الأمر «من كان آخر كلامه في الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة (8)» .
جعل التوحيد هو الفارق بين الحق والباطل والعاصم للدم
(1) سورة الشورى الآية 52
(2)
مسلم الإيمان (8)، الترمذي الإيمان (2610)، النسائي الإيمان وشرائعه (4990)، أبو داود السنة (4695)، ابن ماجه المقدمة (63)، أحمد (1/ 53).
(3)
أحمد (3/ 492).
(4)
البخاري المناقب (3671)، مسلم الإيمان (24)، النسائي الجنائز (2035)، أحمد (5/ 433).
(5)
الترمذي الإيمان (2616).
(6)
البخاري التوحيد (6937)، مسلم الإيمان (19)، الترمذي الزكاة (625)، النسائي الزكاة (2435)، أبو داود الزكاة (1584)، ابن ماجه الزكاة (1783)، أحمد (1/ 233)، الدارمي الزكاة (1614).
(7)
البخاري التوحيد (6937)، مسلم الإيمان (19)، الترمذي الزكاة (625)، النسائي الزكاة (2435)، أبو داود الزكاة (1584)، ابن ماجه الزكاة (1783)، أحمد (1/ 233)، الدارمي الزكاة (1614).
(8)
أبو داود الجنائز (3116)، أحمد (5/ 233).
وجعله السبب لدخول الجنة والنجاة من النار: «من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله دخل الجنة (2)» ، ويقول صلى الله عليه وسلم:«فإن الله قد حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله (3)» .
هدانا لمعرفة الشرك والحذر منه، يقول صلى الله عليه وسلم:«من مات وهو يشرك بالله شيئا دخل النار (4)» وفي الحديث القدسي يقول صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه جل وعلا: «أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه (5)» .
حذرنا من الذبح لغير الله لأنه شرك: «لعن الله من ذبح لغير الله (6)» ، وكان يقول «لا عقر في الإسلام (7)» قال عبد الرزاق:(كانوا يعقرون عند القبر بقرة أو شاة).
حذرنا من تعظيم القبور لأنها وسيلة للشرك: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (8)» يحذر ما صنعوا.
وكان صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (9)» .
وقبل موته صلى الله عليه وسلم بخمس ليال كان يقول: «ألا إن من كان قبلكم
(1) البخاري الجهاد والسير (2786)، مسلم الإيمان (21)، الترمذي الإيمان (2606)، النسائي تحريم الدم (3971)، أبو داود الجهاد (2640)، ابن ماجه الفتن (3928)، أحمد (1/ 11).
(2)
البخاري الأطعمة (5086)، مسلم المساجد ومواضع الصلاة (33).
(3)
البخاري الصلاة (415)، مسلم المساجد ومواضع الصلاة (33).
(4)
البخاري تفسير القرآن (4227)، مسلم الإيمان (92)، أحمد (1/ 425).
(5)
مسلم الزهد والرقائق (2985)، ابن ماجه الزهد (4202)، أحمد (2/ 301).
(6)
مسلم الأضاحي (1978)، النسائي الضحايا (4422)، أحمد (1/ 118).
(7)
أبو داود الجنائز (3222)، أحمد (3/ 197).
(8)
صحيح البخاري الجنائز (1390)، صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (531)، سنن النسائي المساجد (703)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 121)، سنن الدارمي الصلاة (1403).
(9)
مالك النداء للصلاة (416).
كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك (1)».
هدانا للإيمان بأسماء الله عز وجل وصفاته إجمالا وتفصيلا:
فمن الإجمال في الأسماء قوله صلى الله عليه وسلم: «إن لله تسعا وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة (2)» ومن التفصيل، قوله صلى الله عليه وسلم:«اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء (3)» .
ومن الإجمال والتفصيل في الصفات قوله صلى الله عليه وسلم: «اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وبك منك لا أحصي ثناء عليه أنت كما أثنيت على نفسك (4)» .
هدانا للإيمان بملائكة الرحمن، يقول صلى الله عليه وسلم:«خلقت الملائكة من نور وخلق الجان من مارج من نار وخلق آدم مما وصف لكم (5)» .
هدانا للإيمان بالرسل عليهم السلام: «آمنت بالله ورسله (6)» كما في حديث ابن حبان وفي حديث رسولي مسيلمة، وفي حديث وسوسة الشيطان وغيرها.
هدانا للإيمان باليوم الآخر: يقول صلى الله عليه وسلم: «إنك محشورون حفاة عراة غرلا وإن أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم (8)» .
(1) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (532).
(2)
البخاري الشروط (2585)، مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2677)، الترمذي الدعوات (3507)، ابن ماجه الدعاء (3861)، أحمد (2/ 267).
(3)
مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2713)، الترمذي الدعوات (3481)، أبو داود الأدب (5051)، ابن ماجه الدعاء (3831)، أحمد (2/ 536).
(4)
الترمذي الدعوات (3566)، النسائي قيام الليل وتطوع النهار (1747)، أبو داود الصلاة (1427)، ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1179).
(5)
مسلم الزهد والرقائق (2996)، أحمد (6/ 153).
(6)
أحمد (1/ 396)، الدارمي السير (2503).
(7)
البخاري تفسير القرآن (4349)، مسلم الجنة وصفة نعيمها وأهلها (2860)، الترمذي تفسير القرآن (3167)، النسائي الجنائز (2087)، أحمد (1/ 253)، الدارمي الرقاق (2802).
(8)
سورة الأنبياء الآية 104 (7){كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ}
«ما منكم أحد إلا سيكلمه الله (1)» .
هدانا لوجوب محبته صلى الله عليه وسلم واتباعه وطاعته: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين (2)» .
ويقول صلى الله عليه وسلم: «ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم (3)» .
هدانا للزوم السنة وحذرنا من البدعة: «فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة في النار (4)» .
هدانا لمعرفة حقيقة البدع، فقال صلى الله عليه وسلم:«من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (5)» وقال صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (6)» .
هدانا للإيمان بالقدر: «واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك، جفت الأقلام وطويت الصحف (7)» ، ويقول صلى الله عليه وسلم:«وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت لكان كذا وكذا ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل (8)» .
وقال صلى الله عليه وسلم: «كل شيء بقدر حتى العجز والكيس (9)» .
هدانا لحقيقة الإيمان وأنه قول وفعل واعتقاد، يقول صلى الله عليه وسلم:«الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان (10)» .
(1) البخاري التوحيد (7074)، مسلم الزكاة (1016)، أحمد (4/ 256).
(2)
البخاري الإيمان (15)، مسلم الإيمان (44)، النسائي الإيمان وشرائعه (5013)، ابن ماجه المقدمة (67)، أحمد (3/ 278)، الدارمي الرقاق (2741).
(3)
البخاري الاعتصام بالكتاب والسنة (6858)، مسلم الفضائل (1337)، النسائي مناسك الحج (2619)، ابن ماجه المقدمة (2)، أحمد (2/ 258).
(4)
أبو داود السنة (4607)، الدارمي المقدمة (95).
(5)
مسلم الأقضية (1718)، أحمد (6/ 256).
(6)
البخاري الصلح (2550)، مسلم الأقضية (1718)، أبو داود السنة (4606)، ابن ماجه المقدمة (14)، أحمد (6/ 270).
(7)
أبو داود السنة (4699)، ابن ماجه المقدمة (77)، أحمد (5/ 189).
(8)
مسلم القدر (2664)، ابن ماجه المقدمة (79)، أحمد (2/ 370).
(9)
مسلم القدر (2655)، أحمد (2/ 110)، مالك الجامع (1663).
(10)
البخاري الإيمان (9)، مسلم الإيمان (35)، الترمذي الإيمان (2614)، النسائي الإيمان وشرائعه (5005)، أبو داود السنة (4676)، ابن ماجه المقدمة (57)، أحمد (2/ 414).
هدانا لوجوب محبته صلى الله عليه وسلم واتباعه وطاعته: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين (1)» .
ويقول صلى الله عليه وسلم: «من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله (2)» .
ويقول صلى الله عليه وسلم: «ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم (3)» .
هدانا لمعرفة حق آل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم واحترامهم، يقول صلى الله عليه وسلم:«أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي (4)» .
هدانا للاجتماع والسمع والطاعة لولاة الأمر، وحذرنا من الفرقة، فقال صلى الله عليه وسلم:«آمركم بخمس: بالجماعة والسمع والطاعة والهجرة والجهاد في سبيل الله، فإنه من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه إلا أن يراجع (5)» .
وقال صلى الله عليه وسلم: «عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد ومن أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة (6)» .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث لا يغل عليهن قلب مؤمن إخلاص العمل لله ولزوم جماعة المسلمين والنصح لكل مسلم (7)» .
هدانا لأركان الإسلام: «الإسلام: أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان،
(1) البخاري الإيمان (15)، مسلم الإيمان (44)، النسائي الإيمان وشرائعه (5013)، ابن ماجه المقدمة (67)، أحمد (3/ 278)، الدارمي الرقاق (2741).
(2)
البخاري الأحكام (6718)، مسلم الإمارة (1835)، النسائي الاستعاذة (5510)، ابن ماجه الجهاد (2859)، أحمد (2/ 387).
(3)
البخاري الاعتصام بالكتاب والسنة (6858)، مسلم الفضائل (1337)، النسائي مناسك الحج (2619)، ابن ماجه المقدمة (2)، أحمد (2/ 258).
(4)
مسلم فضائل الصحابة (2408)، أحمد (4/ 367)، الدارمي فضائل القرآن (3316).
(5)
الترمذي الأمثال (2863)، أحمد (4/ 130).
(6)
الترمذي الفتن (2165)، أحمد (1/ 18).
(7)
ابن ماجه المقدمة (230)، أحمد (5/ 183)، الدارمي المقدمة (229).
وتحج بيت الله الحرام (1)».
هدانا لإقامة الصلاة، ومن إقامتها تكميل شروطها وواجباتها.
هدانا للطهارة قبلها، «مفتاح الصلاة الطهور (2)» «لا يقبل الله صلاة حائض حتى تتوضأ» .
هدانا لصفة الوضوء .. فقد توضأ صلى الله عليه وسلم وضوءه للصلاة ثم قال من توضأ نحو وضوئي هذا ثم قال: لا إله إلا الله
…
هدانا لأهمية أوقات الصلوات (جاء في حديث تعليم جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم لأوقات الصلاة، قال: «الوقت ما بين هذين (3)».
هدانا لعظم قدر الصلاة ووجوب المحافظة عليها: «العهد الذي بينا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (4)» .
ويقول صلى الله عليه وسلم في شأن الصلاة: «من حفظها وحافظ عليها كانت له نورا ونجاة وبرهانا يوم القيامة، ومن ضيعها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة يوم القيامة، وحشر مع قارون وفرعون وهامان وأبي بن خلف (5)» .
وكان آخر ما أوصى به صلى الله عليه وسلم أمته وهو يحتضر، قوله:«الصلاة، الصلاة، وما ملكت أيمانكم (6)» .
هدانا لأداء الزكاة، فقال لمعاذ رضي الله عنه لما بعثه إلى اليمن:«فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم صدقة في أموالهم، تؤخذ من أغنيائهم فترد إلى فقرائهم، وإياك وكرائم أموالهم .. (7)» .
(1) مسلم الإيمان (8)، الترمذي الإيمان (2610)، النسائي الإيمان وشرائعه (4990)، أبو داود السنة (4695)، ابن ماجه المقدمة (63)، أحمد (1/ 52).
(2)
الترمذي الطهارة (3)، ابن ماجه الطهارة وسننها (275)، أحمد (1/ 123)، الدارمي الطهارة (687).
(3)
النسائي الأذان (642)، مالك وقوت الصلاة (3).
(4)
الترمذي الإيمان (2621)، النسائي الصلاة (463)، ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1079)، أحمد (5/ 346).
(5)
أحمد (2/ 169)، الدارمي الرقاق (2721).
(6)
ابن ماجه ما جاء في الجنائز (1625)، أحمد (6/ 315).
(7)
البخاري الزكاة (1331)، مسلم الإيمان (19)، الترمذي الزكاة (625)، النسائي الزكاة (2435)، أبو داود الزكاة (1584)، ابن ماجه الزكاة (1783)، أحمد (1/ 233)، الدارمي الزكاة (1614).
حذرنا من البخل بها فقال صلى الله عليه وسلم: «ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار (1)» .
هدانا لصيام رمضان «من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه (2)» «إن الله قد افترض عليكم صيام رمضان وسننت لكم قيامه (3)» .
هدانا لفرضية حج بيت الله الحرام: «يا أيها الناس إن الله كتب عليكم الحج فحجوا، فقام رجل فقال أفي كل عام يا رسول الله: فقال لو قلت نعم لوجبت الحج مرة فما زاد فهو تطوع (4)» .
هدانا للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقال صلى الله عليه وسلم:«والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم (5)» حديث حسن.
هدانا لدرجات الإنكار فقال صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان (6)» .
هدانا لبر الوالدين وقدمه على الجهاد في سبيل الله، «سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أي العمل أحب إلى الله قال: الصلاة على وقتها، قيل ثم أي؟
(1) مسلم الزكاة (987)، أبو داود الزكاة (1658)، أحمد (2/ 384).
(2)
البخاري الإيمان (38)، مسلم صلاة المسافرين وقصرها (760)، الترمذي الصوم (683)، النسائي الصيام (2203)، أبو داود الصلاة (1372)، أحمد (2/ 241)، الدارمي الصوم (1776).
(3)
النسائي الصيام (2210)، ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1328).
(4)
صحيح البخاري الاعتصام بالكتاب والسنة (7288)، صحيح مسلم الحج (1337)، سنن الترمذي العلم (2679)، سنن النسائي مناسك الحج (2619)، سنن ابن ماجه المقدمة (2)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 508).
(5)
الترمذي الفتن (2169).
(6)
مسلم الإيمان (49)، الترمذي الفتن (2172)، النسائي الإيمان وشرائعه (5009)، أبو داود الصلاة (1140)، ابن ماجه الفتن (4013)، أحمد (3/ 10).
فقال: بر الوالدين، قيل ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله (1)».
وقال صلى الله عليه وسلم: «الوالد أوسط أبواب الجنة فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه (3)» .
حذرنا من عقوق الوالدين، وجعله من أكبر الكبائر، يقول صلى الله عليه وسلم: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثا، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين
…
(4)» الحديث.
هدانا إلى صلة الأرحام وإكرام الجيران «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره (5)» .
هدانا لإكرام الضيف «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه (6)» .
هدانا لأحسن الأقوال والأعمال والأخلاق وكان يقول صلى الله عليه وسلم: «البر حسن الخلق (7)» .
هدانا للصدق ونهانا عن الكذب: «إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا، وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار
(1) البخاري مواقيت الصلاة (504)، مسلم الإيمان (85)، الترمذي البر والصلة (1898)، النسائي المواقيت (610)، أحمد (1/ 439)، الدارمي الصلاة (1225).
(2)
البخاري الأدب (5626)، مسلم البر والصلة والآداب (2548)، أحمد (2/ 391).
(3)
الترمذي البر والصلة (1900)، ابن ماجه الطلاق (2089)، أحمد (6/ 448).
(4)
البخاري الشهادات (2511)، مسلم الإيمان (87)، الترمذي تفسير القرآن (3019)، أحمد (5/ 37).
(5)
البخاري الأدب (5672)، مسلم الإيمان (47)، الترمذي صفة القيامة والرقائق والورع (2500)، أبو داود الأدب (5154)، ابن ماجه الفتن (3971)، أحمد (2/ 433).
(6)
البخاري الأدب (5673)، مسلم اللقطة (48)، الترمذي البر والصلة (1967)، أبو داود الأطعمة (3748)، ابن ماجه الأدب (3672)، أحمد (6/ 385)، مالك الجامع (1728)، الدارمي الأطعمة (2036).
(7)
مسلم البر والصلة والآداب (2553)، الترمذي الزهد (2389)، أحمد (4/ 182)، الدارمي الرقاق (2789).
وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا (1)»، وكان يقول صلى الله عليه وسلم:«فإن الصدق طمأنينة والكذب ريبة (2)» .
هدانا للاستقامة على الحق، قال صلى الله عليه وسلم: لسفيان بن عبد الله: «قل آمنت بالله ثم استقم (3)» .
هدانا للنصيحة، قال صلى الله عليه وسلم:«الدين النصيحة ..... (4)» .
هدانا للتعاون والتكاتف يقول صلى الله عليه وسلم: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا (5)» .
هدانا للتراحم والتعاطف: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر (6)» .
هدانا للعدل وحذرنا من الظلم: «اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة (7)» ، «إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته (8)» ، «المقسطون يوم القيامة على منابر من نور عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين (9)» .
هدانا لأداء الحقوق والتخلص منها يقول صلى الله عليه وسلم: «لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء - لا قرن لها - من الشاة القرناء (10)» .
هدانا لرعاية حقوق الأخوة الإسلامية: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن
(1) البخاري الأدب (5743)، مسلم البر والصلة والآداب (2607)، الترمذي البر والصلة (1971)، أبو داود الأدب (4989)، ابن ماجه المقدمة (46)، أحمد (1/ 405)، الدارمي الرقاق (2715).
(2)
الترمذي صفة القيامة والرقائق والورع (2518)، أحمد (1/ 200).
(3)
مسلم الإيمان (38)، الترمذي الزهد (2410)، ابن ماجه الفتن (3972)، أحمد (3/ 413)، الدارمي الرقاق (2710).
(4)
مسلم الإيمان (55)، النسائي البيعة (4197)، أبو داود الأدب (4944)، أحمد (4/ 102).
(5)
البخاري الصلاة (467)، مسلم البر والصلة والآداب (2585)، الترمذي البر والصلة (1928)، النسائي الزكاة (2560)، أحمد (4/ 405).
(6)
البخاري الأدب (5665)، مسلم البر والصلة والآداب (2586)، أحمد (4/ 270).
(7)
مسلم البر والصلة والآداب (2578)، أحمد (3/ 323).
(8)
البخاري تفسير القرآن (4409)، مسلم البر والصلة والآداب (2583)، الترمذي تفسير القرآن (3110)، ابن ماجه الفتن (4018).
(9)
مسلم الإمارة (1827)، النسائي آداب القضاة (5379)، أحمد (2/ 160).
(10)
مسلم البر والصلة والآداب (2582)، الترمذي صفة القيامة والرقائق والورع (2420)، أحمد (2/ 235).
فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة (1)»، وكان يقول:«حق المسلم ست: إذا لقيته فسلم عليه وإذا دعاك فأجبه وإذا استنصحك فانصح له وإذا عطس فحمد الله فشمته، وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبعه (2)» .
هدانا للإصلاح بين الناس، وإعانة المحتاج، والكلمة الطيبة، في جملة من مكارم الأخلاق يقول صلى الله عليه وسلم:«كل سلامى من الناس عليه صدقة، كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين اثني صدقة، وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها، أو ترفع له عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وبكل خطوة تمشيها إلى المسجد صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدقة (3)» .
هدانا للتواضع، ونهانا عن الكبر، يقول صلى الله عليه وسلم:«إن الله أوحى إلي أن تواضعوا، حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغي أحد على أحد (4)» ، ويقول صلى الله عليه وسلم:«وما تواضع أحد لله إلا رفعه (5)» .
هدانا للبذل والإنفاق، يقول صلى الله عليه وسلم:«لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالا، فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله كلمة فهو يقضي بها ويعلمها (6)» وكان صلى الله عليه وسلم أجود الناس.
نهانا عن البخل والشح، فقال صلى الله عليه وسلم:«واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم (7)» .
(1) البخاري المظالم والغصب (2310)، مسلم البر والصلة والآداب (2580)، الترمذي الحدود (1426)، أبو داود الأدب (4893)، أحمد (2/ 68).
(2)
مسلم السلام (2162)، الترمذي الأدب (2737)، النسائي الجنائز (1938)، أحمد (2/ 412).
(3)
البخاري الجهاد والسير (2827)، مسلم الزكاة (1009)، أحمد (2/ 316).
(4)
أبو داود الأدب (4895)، ابن ماجه الزهد (4179).
(5)
مسلم البر والصلة والآداب (2588)، الترمذي البر والصلة (2029)، أحمد (2/ 386)، مالك الجامع (1885)، الدارمي الزكاة (1676).
(6)
البخاري العلم (73)، مسلم صلاة المسافرين وقصرها (816)، ابن ماجه الزهد (4208)، أحمد (1/ 432).
(7)
مسلم البر والصلة والآداب (2578)، أحمد (3/ 323).
هدانا للحلم والأناة، يقول صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس:«إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة (1)» .
هدانا للحياء، يقول صلى الله عليه وسلم:«الحياء من الإيمان (2)» ، ويقول:«الحياء لا يأتي إلا بخير (3)» .
هدانا لحفظ الأسرار وستر العورات، يقول صلى الله عليه وسلم:«ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة (4)» .
نهانا عن الغيبة، قالت عائشة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم حسبك من صفية كذا وكذا تعني أنها قصيرة، فقال صلى الله عليه وسلم:«لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته (5)» .
نهانا عن النميمة، يقول صلى الله عليه وسلم:«لا يدخل الجنة نمام (6)» .
نهانا عن قول الزور وشهادة الزور، يقول صلى الله عليه وسلم:«ألا أنبئكم بأكبر الكبائر، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئا فجلس، فقال: ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور، فما زال يرددها حتى قلنا ليته سكت (7)» متفق عليه.
نهانا عن خلق ذي الوجهين، يقول صلى الله عليه وسلم:«وتجدون شر الناس ذا الوجهين، الذي يأتي هؤلاء بوجه، وهؤلاء بوجه (8)» متفق عليه.
نهانا عن سب المسلمين يقول صلى الله عليه وسلم: «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر (9)» .
(1) الترمذي البر والصلة (2011).
(2)
البخاري الإيمان (24)، مسلم الإيمان (36)، الترمذي الإيمان (2615)، النسائي الإيمان وشرائعه (5033)، أبو داود الأدب (4795)، أحمد (2/ 147)، مالك الجامع (1679).
(3)
البخاري الأدب (5766)، مسلم الإيمان (37)، أبو داود الأدب (4796)، أحمد (4/ 427).
(4)
البخاري المظالم والغصب (2310)، مسلم البر والصلة والآداب (2580)، الترمذي الحدود (1426)، أبو داود الأدب (4893)، أحمد (2/ 91).
(5)
الترمذي صفة القيامة والرقائق والورع (2502)، أبو داود الأدب (4875)، أحمد (6/ 189).
(6)
مسلم الإيمان (105)، أحمد (5/ 391).
(7)
البخاري الشهادات (2511)، مسلم الإيمان (87)، الترمذي تفسير القرآن (3019)، أحمد (5/ 37).
(8)
البخاري المناقب (3304)، مسلم البر والصلة والآداب (2526)، أحمد (2/ 525)، مالك الجامع (1864).
(9)
البخاري الإيمان (48)، مسلم الإيمان (64)، الترمذي البر والصلة (1983)، النسائي تحريم الدم (4108)، ابن ماجه المقدمة (69)، أحمد (1/ 385).
نهانا عن التباغض والتدابر: «لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخوانا ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث (1)» .
نهانا عن سوء الظن فقال صلى الله عليه وسلم: «إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث (2)» .
نهانا عن الغش «ومن غشنا فليس منا (3)» .
نهانا عن الغدر والخيانة: لكل غادر لواء يوم القيامة، يقال هذه غدرة فلان.
نهانا عن الفحش والبذاءة، «ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء (4)» .
وبالجملة فقد دعا إلى كل خلق حسن ونهى عن سيء الأخلاق يقول «إن من خياركم أحاسنكم أخلاقا (5)» ، ويقول:«أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا (6)» ، ويقول:«إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة، أحاسنكم أخلاقا (7)» .
وكان يقول صلى الله عليه وسلم في دعائه: «اللهم اهدني لأحسن الأعمال وأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت وقني سيء الأعمال والأخلاق لا يقي سيئها إلا أنت (8)» .
هذا هو دين الإسلام .. وهذا هو نبي الإسلام محمد بن عبد الله القرشي صلى الله عليه وسلم .. وهذه بعض هداياته ..
(1) البخاري الأدب (5718)، مسلم البر والصلة والآداب (2559)، الترمذي البر والصلة (1935)، أبو داود الأدب (4910)، أحمد (3/ 225)، مالك الجامع (1683).
(2)
البخاري النكاح (4849)، مسلم البر والصلة والآداب (2563)، الترمذي البر والصلة (1988)، أحمد (2/ 465)، مالك الجامع (1684).
(3)
مسلم الإيمان (101)، أحمد (2/ 417).
(4)
الترمذي البر والصلة (1977)، أحمد (1/ 405).
(5)
البخاري الأدب (5688)، مسلم الفضائل (2321)، الترمذي البر والصلة (1975)، أحمد (2/ 193).
(6)
الترمذي الرضاع (1162)، أحمد (2/ 250)، الدارمي الرقاق (2792).
(7)
الترمذي البر والصلة (2018).
(8)
النسائي الافتتاح (896).
هذا هو محمد صلى الله عليه وسلم الذي أرسله الله إلى الناس كافة {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ} (1){تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} (2).
هذا هو محمد صلى الله عليه وسلم الذي شرفه الله عز وجل وخصه بأن عمم رسالته «وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس كافة (3)» .
هذا هو محمد صلى الله عليه وسلم الذي ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما.
هذا هو محمد صلى الله عليه وسلم الذي أخبر الله عز وجل برسالته {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ} (4).
هذا هو محمد صلى الله عليه وسلم دعوة إبراهيم عليه السلام {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ} (5).
هذا هو محمد صلى الله عليه وسلم الذي بشر عيسى أمته به {وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} (6).
هذا هو محمد صلى الله عليه وسلم الذي يعرفه أهل الكتاب حقا {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} (7).
(1) سورة سبأ الآية 28
(2)
سورة الفرقان الآية 1
(3)
البخاري الصلاة (427)، مسلم المساجد ومواضع الصلاة (521)، النسائي الغسل والتيمم (432)، أحمد (3/ 304)، الدارمي الصلاة (1389).
(4)
سورة الفتح الآية 29
(5)
سورة البقرة الآية 129
(6)
سورة الصف الآية 6
(7)
سورة البقرة الآية 146
هذا هو محمد صلى الله عليه وسلم الذي أخذ ميثاق النبيين على الإيمان به ونصرته إذا بعث {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ} (1).
هذا هو محمد صلى الله عليه وسلم الموصوف في التوراة والإنجيل بأكمل الصفات وأعظمها {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ} (2) ....
فما أعظم خسارة من أعرض عن هداياته، وما أفدح جرم من كذبه أو استهزأ به أو سخر منه أو من سنته فتبت أيديهم وتبوا كما تبت يدا أبي لهب وتب.
وما الشأن إلا كما قال الله عز وجل {فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} (3).
دين الإسلام .. دين اليسر .. دين الرفق .. دين اللين .. دين الكلمة الطيبة .. والدعوة الصادقة .. والنصيحة الخالصة ..
دين يوافق الفطرة، ولا يكلف الجسد إلا ما يطيق:{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (4).
(1) سورة آل عمران الآية 81
(2)
سورة الأعراف الآية 157
(3)
سورة الأنعام الآية 33
(4)
سورة البقرة الآية 286
هو يسر كما أراد الله {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (1).
رفع الله عنا الحرج بهذا الدين العظيم {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (2).
راعى ضعف الإنسان فخفف عنه التكاليف {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} (3).
يسر هذا الدين شامل للعقائد والعبادات والمعاملات.
فعقيدة المسلمين الصحيحة يسيرة الفهم بعيدة عن تعقيدات الفلاسفة والمتكلمين، وخرافات القبوريين.
سهلة التناول، هي أركان الإسلام وأصول الإيمان، وركنا الإحسان، جاء جبريل عليه السلام فجلس النبي صلى الله عليه وسلم جلسة واحدة سأله فيها عن ذلك كله فلما ذهب قال النبي صلى الله عليه وسلم:«هذا جبريل أتاكم ليعلمكم أمر دينكم (4)» .
والله عز وجل أجمل ذلك {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (5)
(1) سورة البقرة الآية 185
(2)
سورة الحج الآية 78
(3)
سورة النساء الآية 28
(4)
مسلم الإيمان (8)، الترمذي الإيمان (2610)، النسائي الإيمان وشرائعه (4990)، أبو داود السنة (4695)، ابن ماجه المقدمة (63)، أحمد (1/ 27).
(5)
سورة الذاريات الآية 56
{مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ} (1) فمتى تحقق التوحيد فقد أتى العبد بأعظم ما أراد الله عز وجل.
يسر في العبادات، ففي باب الطهارة الأصل أن تكون بالماء، فإن لم يوجد الماء أو شق استعماله عدل إلى التيمم بالتراب {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} (2).
وفي باب الصلاة أول ما فرضت خمسين صلاة ثم خففت إلى خمس بأجر خمسين صلاة.
والأصل أن يؤدي المسلم الصلاة قائما، فإن لم يستطع المسلم ذلك صلى قاعدا فإن لم يستطع فعلى جنبه «صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا
…
(3)».
إذا سافر المسلم شرع له قصر الصلاة وجمعها تخفيفا عليه {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ} (4).
وفي الزكاة تخفيف في المال الزكوي وفي القدر المخرج، فالمال الزكوي ما كان ناميا بحيث لا يؤثر الإخراج فيه، والقدر المخرج يسير وهو في الغالب ربع العشر.
(1) سورة الذاريات الآية 57
(2)
سورة النساء الآية 43
(3)
البخاري الجمعة (1066)، الترمذي الصلاة (371)، أبو داود الصلاة (952).
(4)
سورة النساء الآية 101
وفي الصيام أنواع من التخفيف منها: كونه شهرا في السنة {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ} (1)، ومنها أن من أكل أو شرب ناسيا فإنه يتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه، ومنها الرخصة للمريض والمسافر بالفطر والقضاء وقت الاستطاعة {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي} (2) ..... ، وفي الحج أنواع من التيسير فهو لا يجب في العمر إلا مرة واحدة، والوجوب مشروط بالاستطاعة، والفرض يسقط عن العاجز، والتوسعة في أعمال يوم النحر تقديما وتأخيرا.
أما المعاملات: فإن الأصل فيها الحل إلا ما جاء الشرع بتحريمه {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} (3) والمحرم من المعاملات والمطعومات والمشروبات أقل بكثير من المباح إذ الأصل الإباحة وفي هذا أعظم التيسير.
إن المتأمل في هذا الدين العظيم يجد أنه مبني على التيسير ورفع الحرج ألم يرفع الله عنا الإثم في الخطأ والنسيان والإكراه {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} (4).
ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه (5)» ؟
ألم يضع الله عنا الآصار والأغلال التي كانت على من قبلنا؟ {رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} (6)، قال الله: قد فعلت.
(1) سورة البقرة الآية 184
(2)
سورة البقرة الآية 185
(3)
سورة الجاثية الآية 13
(4)
سورة البقرة الآية 286
(5)
ابن ماجه الطلاق (2043).
(6)
سورة البقرة الآية 286
ألم يجعل الله تكليفنا على قدر طاقتنا؟ {رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا} (1)، قال: قد فعلت.
ألم يجعل الله لنا في ديننا رخصا إتيانها أحب إليه من تركها: «إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته (2)» ؟
عباد الله إن القاعدة الأساس في هذا الدين هي التيسير «إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة (3)» .
شريعة الإسلام جاءت بحفظ الضرورات الخمس .. جاءت بحفظ الدين .. جاءت بحفظ النفس .. جاءت بحفظ المال .. جاءت بحفظ العقل .. جاءت بحفظ العرض .. ضرورات خمس جاء بحفظها جميع الشرائع السابقة.
جاء الإسلام بأكمل تشريع، وأعدل نظام، حفظ حق الفرد المعتدى عليه، وحفظ حق المجتمع في العيش بسلام وأمان، بل جاء التشريع الإسلامي رحمة وعدلا في حق المعتدي.
ما بالنا نسمع بين الفينة والأخرى أصواتا ساء فهمها للإسلام وتشريعاته، وربما ساءت مقاصدها وانحرفت مآربها، نسمعهم يقولون: الحدود في الإسلام قاسية، وتارة يرمونها بالوحشية، وأخرى يطالبون بإلغائها تحت مظلة حقوق الإنسان، ومظلة الرحمة بالإنسان، وذرائع لا تخفى على اللبيب.
(1) سورة البقرة الآية 286
(2)
أحمد (2/ 108).
(3)
البخاري الإيمان (39)، النسائي الإيمان وشرائعه (5034).
فأين حق الإنسان المعتدى عليه، أين حق المجتمع في العيش بأمان.
أين هؤلاء القوم حين تسفك دماء الآلاف بل مئات الآلاف من المسلمين بلا جرم ولا خطيئة.
أين حقوق الإنسان، حين تهدر كرامة مجتمع كامل وتنقص هيبته.
أين حقوق الإنسان .. حين تقرر مصائر مناطق بل دول بل أقاليم عظيمة بأيدي أقوام لا يرتبطون بها لا برابطة الدين ولا اللغة ولا الجوار ولا أي رابطة، إنه الظلم والاستبداد، إنه الإقصاء بكل معانيه، إنها الوحشية، والقسوة في أوضح صورها ومظاهرها.
أين حقوق الإنسان .. حين يكون المسلم محطا لتجارب الأسلحة، واختبار القدرات العسكرية، وفرض السيطرة والإرهاب.
أين حقوق الإنسان .. حين تكون بلاد المسلمين مكانا لتطبيق النظريات السياسية، ودراسات المراكز البحثية.
ألا يخجل المنتسبون لتلك المنظمات أن يكونوا أداة لمزيد من الإهانة والإذلال للإنسان.
ألا يخجلون حين يكونون هم الوسيلة لسلب إرادة الإنسان وإرهابه، وجعله يعيش خوفا وجوعا وتشردا.
يا حكماء العالم .. إن العقوبات في الإسلام جاءت بأحكم وأعدل نظام عرفه الإنسان.
فالقتل في الإسلام لا يشرع إلا لأعظم الجرائم وهي ثلاث لا غير، فالذي يقتل نفسا عمدا وعدوانا فإن عقوبته القتل قصاصا، فإن عفا أهل القتيل عن القاتل سقطت عنه عقوبة القتل لأن الإسلام لا يتشوف لإراقة الدماء، وإنما هو دين حقن الدماء وحفظها.
والثيب الزاني عقوبته القتل رجما في الإسلام وفي غيره من الشرائع السابقة، وذلك لشناعة جرمه وقبيح فعله.
والجريمة الثالثة .. ترك الدين والارتداد عنه يقول صلى الله عليه وسلم: «من بدل دينه فاقتلوه (1)» ذلك لأنه دخل الإسلام طائعا مختارا {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} (2) فلا يكره، فإنه التزم بتشريعاته، ومن ذلك حد الردة، ولأن في التساهل في هذا الباب منفذا للزنادقة والمنافقين للتغرير بالجهلة والعوام بالتساهل في الدين دخولا وخروجا وهذا يسبب الوهن وخلخلة الصفوف وإضعاف الأمة.
ومن ذلك أيضا السعي في الإخلال بالنظام العام وإحداث الفرقة، ونزع يد الطاعة، فهذا شذوذ يقتل صاحبه في أقصى العقوبات، وإلا فيصلب أياما أو تقطع يده ورجله من خلاف؛ حماية لحق المجتمع في الاستقرار والأمن والرخاء.
وهذه الجرائم لا يقتل بها إلا عند اكتمال الشروط وانتفاء الموانع، ومتى عرضت شبهة فإن الحد يدرأ بها تغليبا لجانب الحفاظ على النفس وحقن الدماء.
(1) البخاري الجهاد والسير (2854)، الترمذي الحدود (1458)، النسائي تحريم الدم (4060)، أبو داود الحدود (4351)، ابن ماجه الحدود (2535)، أحمد (1/ 282).
(2)
سورة البقرة الآية 256
والسارق تقطع يده التي هي أداة هذه الجريمة {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (1) حتى يأمن الناس على أموالهم.
وشرب الخمر لما كان غالب الضرر فيه عائدا على صاحبه كانت عقوبته الجلد تأديبا لصاحب الجرم وتهذيبا له حتى يرجع عضوا صالحا في المجتمع.
ومن تعرض للمؤمنين والمؤمنات بالقذف والاتهام بالزنا وهم من ذلك براء فإنه يجلد ثمانين جلدة حفظا للأعراض من الانتهاك، وحماية للمجتمع من انتشار الفاحشة، لأن الشيء إذا كثرت ملابسته وانتشر قلت هيبته وسهل على الناس ملابسته.
والحدود في الإسلام مع كونها عقوبة لتأديب المجرم، وأخذ حق المعتدى عليه، وحفظ نظام المجتمع، هي كذلك تطهير للمجرم من ذنبه، فإذا أقيم عليه الحد فإنه برحمة الله وعفوه يكون مطهرا له من ذنبه الذي اقترفه، فيوافي ربه طاهرا من ذلك الذنب، وفي هذا أعظم الرحمة والإنعام.
وهذه العقوبات لا بد فيها من شروط، ولا بد فيها من إثبات إما بالإقرار الخالي من الموانع أو البينة مكتملة الشروط، ولا بد أن يحكم بذلك قاض شرعي، كل هذا لأجل الاحتياط والاحتراز.
فأين هذا ممن يقتلون الأبرياء ويفسدون في الأرض ثم يسنون أنظمة وقوانين، وينشئون هيئات ومنظمات ترعى المجرمين وتدافع
(1) سورة المائدة الآية 38
عنهم وتدعو إلى رحمتهم والشفقة عليهم {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ} (1).
إخوة الإسلام .. المال عصب الحياة .. بالمال تنهض الأمم .. وبالمال تعمر الأرض .. وبالمال يتقدم المجتمع .. المال ضرورة من ضرورات الحياة.
إخوة الإسلام .. لئن كان المال سابقا وسيلة لتبادل المنافع والسلع، وثمنا تقيم به الأشياء، وأجرة للعامل على عمله، لهو اليوم يشمل هذا كله وزيادة، لقد أصبح المال والاقتصاد علما مستقلا، يتسابق إليها الأفراد، بل والمجتمعات، والأخطر من هذا أن أصبح سلاحا تستذل به الأمم وتستبز، كم دولة سقطت في براثن الربا ولم تخرج منه.
كم دولة غيرت مواقفها وتزعزعت ثوابتها بحصار اقتصادي أو تلويح بالسلاح المالي.
أيها المسلمون .. أفيقوا فإن أرض الإسلام هي منبع الخيرات للعالم كله فأين نحن من استغلالها .. أين نحن من التعاون فيما بيننا لسوق إسلامية عالمية مشتركة .. بل أين نحن من منظومة اقتصادية عالمية بعيدة عن الربا، سائرة وفق ما يرضي الله.
هبوا لنهضة شاملة، قبل أن تكبلكم الديون الربوية، وتحاصركم الحروب الاقتصادية، من قبل أقوام لا يرقبون فيكم إلا ولا ذمة،
(1) سورة محمد الآية 14
ولا يرعون عهدا ولا ميثاقا، ولا يردعهم إلا القوة، فتوحدوا ففي الوحدة القوة.
إخوة الإسلام .. اسبروا واقعكم .. وانظروا ماذا حل بنا .. تفرق المسلمون .. ضعفت شوكتهم .. ذهبت ريحهم .. تسلط عليهم أعداؤهم .. من أين أتينا؟ وما هو سبب ضعفنا؟ وهل إلى علاج من سبيل؟
إن واقع المسلمين اليوم واقع مرير .. قبور وأضرحة ومشاهد .. هذا طائف بها .. وذاك ناذر لها .. وآخر يستغيث بأصحابها .. ورابع ينزل بهم حاجاته .. فأين التوحيد يا عباد الله .. أليس الدعاء خالص حق الله .. {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} (1).
ألم يقل الله عز وجل: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ} (2).
ألم يقل الله عز وجل: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (3).
ما بال أقوام جعلوا بينهم وبين الله عز وجل وسائط {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} (4).
يا قوم ارجعوا إلى أنفسكم، هؤلاء الذين تنزلون بهم حاجاتكم إنهم مهما علت بهم المنازل، وارتفعت بهم الدرجات عباد أمثالكم، يقول الله عز وجل:{إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (5).
يا قوم .. تفكروا ماذا يملك أولئك المدعوون من دون الله، هل
(1) سورة غافر الآية 60
(2)
سورة الأنفال الآية 9
(3)
سورة الفاتحة الآية 5
(4)
سورة يونس الآية 18
(5)
سورة الأعراف الآية 194
يستقلون بملك شيء من دون الله؟ كلا ليس لهم ذلك يقول الله عز وجل: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ} (1).
تدبروا أهم خالقون أم مخلوقون: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا} (2).
فالله
…
الله بإخلاص الدين لله وحده لا شريك فثم النصر .. وثم التمكين .. وثم الأمن .. وعدا من الله، ومن أصدق من الله قيلا، ومن أصدق من الله حديثا {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (3).
أيها الساسة في العالم الإسلامي .. إن الأمة اليوم تعيش أصعب ظروف مرت في تاريخها، إننا بحاجة ماسة بل وضرورة ملحة إلى التوحد والتمسك بدين الله عز وجل.
إن من أعظم الخيانات أن يقدم فرد أو أفراد مصالحهم الشخصية ومطامعهم الدنيوية على المصالح العظمى لأمة الإسلام، فتراهم يزيدون جراحا نزيفا وألما بتواطئهم مع الأعداء، وتقديمهم التنازلات، بل وتآمرهم ضد بلدانهم احتلالا أو تقسيما أو إضعافا وتبعية.
(1) سورة سبأ الآية 22
(2)
سورة الفرقان الآية 3
(3)
سورة النور الآية 55
فاتقوا الله .. واعلموا أنكم ملاقوه، واحذروا من مقته وغضبه وعقابه {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا} (1){إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} (2).
إخوة الإسلام .. ديننا دين اعتقاد مصحوب بعمل .. دين حياة القلوب .. وزكاء الجوارح .. دين الإسلام والإيمان.
فالإيمان قول وعمل واعتقاد، على ذلك دلت النصوص من نحو قول الله تعالى:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} (3) يعني صلاتكم، وأجمع على ذلك سلف الأمة وأهل الإيمان يتفاضلون بحسب ما عندهم من الإيمان، فالإيمان يزيد وينقص {لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ} (4).
إخوة الإسلام .. لقد ظهر في المسلمين من خالف مدلول النصوص، وخالف الإجماع، وأرجأ العمل عن مسمى الإيمان، بل هناك طوائف زعمت أن الإيمان هو تصديق القلب فقط، وإن لم يكن هناك نطق ولا عمل، بل وهناك من زاد في ضلاله وطغيانه فزعم أن الإيمان مجرد المعرفة، وعلى قولهم هذا فإن إبليس وفرعون مؤمنون لأنهم يعرفون الله عز وجل.
إخوة الإسلام .. إن الميزان في قبول الأقوال هو موافقة الشرع، فما وافق الكتاب والسنة قبلناه واعتقدناه، وما خالفها رددناه، والحق لا يقاس بكثرة القائلين به، ولا يعرف الحق بآراء الرجال، وإنما طريق العلم به، هو الشرع فما وافقه فهو الحق وما خالفه فإنه باطل،
(1) سورة النساء الآية 144
(2)
سورة النساء الآية 145
(3)
سورة البقرة الآية 143
(4)
سورة الفتح الآية 4
{وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} (1)، {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (2)، {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} (3).
أيها المسلمون .. إن بلاد المسلمين مهما تباعدت، فإنها وطن للمسلمين جميعا، فالمسلمون كالجسد الواحد إذا تألم أحدهم في أقصى الشرق سرى ألمه فينا حتى يصل أقصى الغرب.
بلاد الإسلام .. أمانة في أعناق المسلمين، يحمونها وينصرونها ويدافعون عن مصالحها.
فنحن نحب هذه البلاد الطاهرة بلاد الحرمين، لأن التوحيد فيها ظاهر، نحبها ونواليها لأنها وطن الإسلام الأول، نحبها ونواليها فمنها أشرقت أنوار الرسالة وعلى أرضها ولد النبي صلى الله عليه وسلم، ونشأ وبعث وفيها توفي ودفن صلى الله عليه وسلم.
ونحن في هذه البلاد الطاهرة المباركة .. المملكة العربية السعودية نعيش نعما عظيمة؛ الدين ظاهر، والأمن قائم والأرزاق من كل مكان واردة، نعم وافرة نحمد الله عليها.
إن حب أوطان المسلمين فطرة ودين يقول النبي صلى الله عليه وسلم لما أخرج من مكة: «والله إنك لأحب البقاع إلي ولولا أن قومك أخرجوني منك ما خرجت» .
نحبها ونواليها لأنها حوت أقدس بقاع الأرض وأطهرها
(1) سورة الأنعام الآية 19
(2)
سورة الحشر الآية 7
(3)
سورة النساء الآية 115
الحرمان الشريفان.
نحبها ونواليها لأن حكامها رعوا مصالح إخوانهم المسلمين في كل مكان.
نحبها ونواليها فالخير منها إلى كل مسلم واصل، والشر عنهم قاصر.
نحبها ونواليها دينا وقربة، نحبها ونواليها فطرة، نحبها ونواليها وفاء ومروءة.
فما اللوم على المحب الباذل وإنما اللوم على المبغض الناقم العاذل.
إخوة الإسلام .. ما بالنا نرى أقواما قد امتلأت قلوبهم حقدا وكمدا على هذه البلاد الطاهرة وعلى حكامها وأهلها.
حسدونا على نعمة الدين، حسدونا على نعمة الأمن، حسدونا على نعمة التوافق بين الراعي والرعية، حسدونا على نعمة الأرزاق الوافرة.
راحوا يحركون ضدنا المؤامرات، ويجندون لها شبابا أغرارا عادوا على بلادهم وأهليهم بالتكفير والقتل والتدمير.
أرهبوا المسلمين، وخوفوا الآمنين، طاعة لإبليس وجنده، وإلا فإن الله لا يرضى بالفساد ولا يحب المفسدين {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ} (1).
اللهم احفظ علينا أمننا وإيماننا وأصلح قادتنا واجعلنا وإياهم
(1) سورة البقرة الآية 204
متعاونين على البر والتقوى.
قادة المسلمين .. إن الله قد ولاكم أمر المسلمين فاتقوا الله فيهم .. احملوا الناس على التوحيد والسنة حكموا فيهم الشريعة، اعدلوا بين رعاياكم .. انهضوا ببلادكم .. والرفق الرفق بالرعية فإنهم مادة الإسلام والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:«اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به .. (1)» .
علماء المسلمين .. إن الله قد من عليكم بنور العلم وميراث النبوة وإن العلماء ورثة الأنبياء فانشروه وعلموه حتى تنجلي ظلمات الجهل والنفاق، والتلبيس، إنكم تحملون الدين حملتموه عن أسلافكم فأوصلوه إلى من بعدكم سالما من الشبه والبدع، بريئا من النقص والزيادة، صافيا على منهاج الكتاب والسنة {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ} (2).
بارك الله جهودكم .. وأعلى الله درجاتكم .. وجزاكم عن المسلمين خيرا على بذلكم.
دعاة الإسلام .. الجادة .. الجادة .. إياكم والاغترار بزخارف العصر أو الانسياق وراء مرجف أو مخذل، فإنما السبيل كتاب وسنة على منهج سلف الأمة {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (3).
أيها المفتون في الحج .. اتقوا الله في إخوانكم الحجاج .. فإن
(1) مسلم الإمارة (1828)، أحمد (6/ 93).
(2)
سورة آل عمران الآية 187
(3)
سورة يوسف الآية 108
غالبهم قد عانى الكثير حتى وصل هذه الديار، وربما لا يعود إليها حاجا بعد هذه المرة، فاحملوهم على الكتاب والسنة، جنبوهم التشديدات التي ما أنزل الله بها من سلطان، وإياكم والمناسك المنفتحة من رخص المذاهب البعيدة عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم وهديه.
يا أهل التربية والتعليم .. إنكم تحملون أمانة عظيمة قلوب أبنائنا وبناتنا وعقولهم بين أيديكم ارعوا الخير الذي فيه ونموه، اربطوهم بماضيهم المجيد، وسلحوهم بالعلم النافع ليستقبلوا غدا مشرقا سعيدا نافعا لهم ولأمتهم، رافعا لراية دينهم أعانكم الله وقواكم وبالخير وعلى الخير أمدكم وسددكم.
رجال الإعلام .. إن سلاحكم في هذا العصر أمضى الأسلحة .. فالله الله بدينكم نشرا وبيانا .. ذبا عن حياضه ودفاعا .. إياكم ومزالق الشبهات .. أو مراتع الشهوات .. لتكن قنواتنا قنوات هداية .. قنوات تجلي صورة الإسلام المشرقة، قنوات تنبئ عن ديانتنا وأخلاقنا.
أيها التجار .. ويا أصحاب رؤوس الأموال .. خذوا المال من حله، واصرفوه في محله، والرحمة الرحمة بإخوانكم فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول:«رحم الله امرأ سمحا إذا باع سمحا إذا اشترى .. (1)» يسروا عن المعسرين ولا تثقلوا كواهل إخوانكم بغلاء الأسعار، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.
شباب الإسلام .. كنتم في الصغر قرة وأنتم اليوم عدة وقوة.
(1) البخاري البيوع (1970)، ابن ماجه التجارات (2203).
أمتكم اليوم أحوج ما تكون إليكم، تسلحوا بالدين، تسلحوا بالعلم النافع والعمل الصالح وحدوا ربكم واعبدوه واشكروا له.
فتاة الإسلام .. كم عانت المرأة قبل الإسلام وبعده في بلاد الكفر والانحلال، اسمعي وأبصري واقرئي، أين وصلت حال المرأة عندهم من الهوان والابتذال، جسدها للمتعة وجمالها للإغراء بعيدا عن بيت الزوجية والحياة الأسرية إياك ودعوات المنافقين والكفار الحاقدين .. احفظي على نفسك الحجاب والعفة والدين والاستقامة، تسلمي وتغنمي وتطمئني.
وأخص المشاركين في الحج:
فرجال الأمن لهم منا الشكر والدعاء كم بذلوا ويبذلون يسهرون لراحتنا ويتعبون لتسهيل حجنا جزاهم الله عنا خير الجزاء.
ولجنة الحج العليا لهم منا الشكر فقد لمسنا نتائج جهودهم وذقنا ثمرات أعمالهم شكر الله سعيهم وبارك في جهودهم.
إخواني المطوفين وأرباب الحملات .. اتقوا ربكم في ضيوف الرحمن أكرموهم واخدموهم قدموا مرضاة الله على الدينار والدرهم، ولا يذهب بكم الطمع إلى استغلالهم وإيذائهم وإهانتهم.
حجاج بيت الله .. ها أنتم أولاء في البلد الحرام .. قدمتم أقدس البقاع وأطهرها .. سار فيها قبلكم أزكى البشر أنبياء الله ورسله .. هنا وقف إبراهيم والأنبياء، هنا وقف محمد صلى الله عليه وسلم ونحن هاهنا نقف.
حجاج بيت الله .. أنتم تشاهدون وتعيشون الآن أمنا مستتبا، وعيشا رغيدا .. ومشاعرا مهيأة، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله، ومن صنع إليكم معروفا فكافئوه.
فاشكروا لولاة هذه البلاد المباركة هذه العناية، وادعوا لهم بمزيد من التوفيق والسداد، ادعوا لهم بالتمكين والعز ادعوا لهم بخيري الدنيا والآخرة، هذا حقهم علينا فجزاهم الله عنا وعنكم وعن سائر المسلمين خير الجزاء.
حجاج بيت الله .. نحن الآن في عرفة ذلكم اليوم الذي هو أعظم الأيام وخير يوم طلعت فيه الشمس أكثروا من الدعاء والذكر أكثروا من قول لا إله إلا الله.
حجاج بيت الله .. عرفة كلها موقف والزموا حدودها ولا تخرجوا عنها حتى تغيب الشمس ثم ادفعوا إلى مزدلفة صلوا بها المغرب والعشاء جمعا ثم بيتوا بها وبعد صلاة الفجر وحين يسفر النهار ادفعوا إلى منى وارجموا جمرة العقبة ثم احلقوا أو قصروا والحلق أفضل ثم انحروا، وطوفوا طواف الإفاضة واسعوا بعده سعي الحج للمتمتع، أما القارن والمفرد فإن كانا سعيا بعد طواف القدوم أجزأهما عن سعي الحج.
وهذا هو التحلل الثاني، والأول يحصل بالرمي والحلق، ثم يبيت الحاج بمنى أيام التشريق ويرمي الجمار الثلاث الصغرى ثم
الوسطى ثم الكبرى كل يوم بعد الزوال مرتبا كل واحدة بسبع حصيات، ومن تعجل فإنه يرمي يوم الثاني عشر ويخرج من منى قبل غروب الشمس ومن تأخر إلى الثالث عشر رمى الجمرات، وآخر واجبات الحج طواف الوداع وهو ختام المناسك ولا يسقط إلا عن الحائض إذا كانت قد طافت للإفاضة.
حجاج بيت الله .. احرصوا على تكميل حجكم وإتمامه، بتخليصه من الرياء والسمعة، والبدع القولية والفعلية، والمعاصي بأنواعها، واعزموا على مواصلة أعمال الخير بعده فهذا هو بر الحج، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:«من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه (1)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة (2)» .
اللهم يا عالم الغيب والشهادة يا رحمن يا رحيم .. اللهم أنت الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر أنت الله الخالق البارئ المصور لك الأسماء الحسنى سبحانك لا إله إلا أنت العزيز الحكيم.
يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام، يا رب الأرباب ويا مجري السحاب ويا هازم الأحزاب، اللهم إنا نقف بين يديك طائعين خاشعين خاضعين، لعزتك وكبريائك وعظمتك وجبروتك ذليلين، ولرحمتك ولعفوك ولمغفرتك مفتقرين.
نسألك مسألة المحتاجين، وندعوك دعاء المضطرين يا من قلت
(1) البخاري الحج (1449)، مسلم الحج (1350)، الترمذي الحج (811)، النسائي مناسك الحج (2627)، ابن ماجه المناسك (2889)، أحمد (2/ 229)، الدارمي المناسك (1796).
(2)
البخاري الحج (1683)، مسلم الحج (1349)، الترمذي الحج (933)، النسائي مناسك الحج (2629)، ابن ماجه المناسك (2888)، أحمد (2/ 246)، مالك الحج (776).
وقولك الحق: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} (1) يا من قلت وقولك الصدق: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (2). يا قريب يا مجيب يا من قلت: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} (3) ....
اللهم إنا نسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تغفر ذنوبنا وتستر عيوبنا، اللهم ارحم ذل مقامنا بين يديك، ولا تجعل لنا حاجة إلا إليك، اللهم نسألك في هذا المقام العظيم، وهذا اليوم العظيم مغفرة تمحو بها ما سلف منا من الذنوب والآثام، وتوبة نصوحا تجب بها عنا ما فرط من الكبائر العظام يا كريم يا منان.
رحماك ربنا رحماك، رحماك ربنا رحماك، اللهم هؤلاء عبيدك بنو عبيدك بنو إمائك نواصيهم بيدك ماض فيهم حكمك عدل فيهم قضاؤك، جاؤوك طائعين مختارين ملبين نداء أبينا إبراهيم {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} (4) جاؤوا من كل فج عميق .. يرجون رحمتك ويخافون عذابك اللهم حقق رجاءنا واقبل دعاءنا وأقل عثراتنا وارفع درجاتنا وآمن خوفنا، لا إله إلا أنت.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، يا سميع يا قريب يا مجيب الدعوات.
اللهم اغفر لأمهاتنا اللهم اغفر لأمهاتنا اللهم اغفر لأمهاتنا
(1) سورة النمل الآية 62
(2)
سورة غافر الآية 60
(3)
سورة البقرة الآية 186
(4)
سورة الحج الآية 27
اللهم اغفر لآبائنا، ربنا ارحمهما كما ربيانا صغارا، اللهم من كان منهما حيا فزده هداية وتوفيقا واغفر اللهم لميتهم اللهم نور عليهم في قبورهم اللهم اجعلها روضة من رياض الجنة يا حي يا قيوم.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين .. اللهم أظهر الهدى ودين الحق الذي بعثت به عبدك ونبيك محمدا صلى الله عليه وسلم على الدين كله ولو كره المشركون، اللهم ارحم إخواننا المستضعفين في كل مكان اللهم كن لهم مولى ونصيرا وعونا وظهيرا اللهم أبدل ضعف المسلمين قوة، وذلهم عزة، وتفرقهم اجتماعا على الحق يا قوي يا عزيز يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم ول على المسلمين خيارهم وأبعد عنهم شرارهم، اللهم اجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا أرحم الراحمين.
اللهم وفق وسدد واهد وأعن عبدك خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، اللهم سدد لسانه واسلل سخيمة قلبه، ونور بصيرته، اللهم أمده بمدد من عندك وتابع إليه ألطافك ورادف عليه نعمك، واجعله على الحق معانا، وبالحق قائما وللحق ناصرا اللهم شد أزره بأخيه وولي عهده الأمير سلطان بن عبد العزيز واجعلهم هداة مهتدين وارفع بهم علم الدين يا رب العالمين.
اللهم إن عبدك الفقير إلى عفوك ورحمتك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود قد بذل جهده وسخر وقته وعمره لتأمين المسلمين
وراحتهم والدفاع عنهم ونشر الدين وإعلاء كلمته اللهم فأمطر عليه من شآبيب رحمتك وتابع إليه ألطافك، اللهم اغفر له جزاء ما أحيا من السنة واغفر له جزاء ما أمات من البدع، واغفر له جزاء ما أمن الحجيج واغفر جزاء ما سعى في إعلاء كلمة الدين يا رب العالمين.
اللهم واغفر لأبنائه الملوك الكرام سعود وفيصل وخالد وفهد غفر الله لهم ورحمهم وجزاهم عنا خير الجزاء.
لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.