الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تبرأ الذمة ونحن إذا قلنا بهذا القول نحث المدينين على الوفاء كما ذكر ذلك الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى (1).
(1) الشرح الممتع 6/ 39.
المطلب الثاني: هل تجب الزكاة في مؤخر الصداق:
وحيث إن مؤخر الصداق دين للمرأة في ذمة زوجها، فهل تجب زكاته عليها كل سنة أو لا تجب إلا بعد تسلمه؟ خلاف بين الفقهاء في وجوب الزكاة على الدائن على ثلاثة أقوال:
القول الأول: لا زكاة عليها ما لم تقبضه ويحول عليه الحول، روي هذا عن عثمان وابن عمر رضي الله عنهما (1) وهو قول قتادة، وإسحاق، وأبي ثور، وأهل العراق (2) ومذهب الحنفية، (3) وقول الشافعي في القديم (4) ورواية عن أحمد واختارها شيخ الإسلام (5).
(1) المبدع 2/ 269.
(2)
المبدع 2/ 269.
(3)
المبسوط 2/ 195، بدائع الصنائع 2/ 10.
(4)
المجموع 6/ 20 - 22، السنن الكبرى للبيهقي 4/ 150.
(5)
مجموع فتاوى شيخ الإسلام 25/ 48، الإنصاف 6/ 328، المبدع 2/ 269.
أدلة هذا القول:
استدلوا بأدلة عقلية منها:
أولا: أنه بدل عما ليس بمال، فلم تجب الزكاة فيه قبل قبضه، كدين الكتابة (1).
ثانيا: أنه مال ممنوع منه غير قادر على الانتفاع به، أشبه الدين على المكاتب (2).
ثالثا: أنه مال غير نام وهو خارج عن يده وتصرفه، أشبه دين الكتابة (3).
رابعا: أن الزكاة وجبت في مقابلة الانتفاع بالنماء حقيقة أو مظنة وهو مفقود هنا (4).
القول الثاني: تزكيه إذا قبضته لعام واحد وهو قول عمر بن عبد العزيز، والحسن، والأوزاعي (5) وهو مذهب مالك (6) وقول عند الحنابلة (7).
(1) الشرح الكبير 6/ 334.
(2)
الشرح الكبير 6/ 325.
(3)
المبدع 2/ 269.
(4)
المبدع 2/ 269.
(5)
الشرح الكبير لابن قدامة 6/ 326.
(6)
المنتقى 2/ 114، مواهب الجليل 3/ 185، 186، منح الجليل 2/ 61، أسهل المدارك 1/ 376.
(7)
الشرح الكبير 6/ 326، مجموع فتاوى شيخ الإسلام 25/ 47.
دليل هذا القول:
"لأن كان في ابتداء الحول في يده ثم حصل بعد ذلك في يده، فوجب أن لا تسقط الزكاة عن حول واحد "(1).
نوقش هذا الدليل:
بأن قولهم أنه حصل في يده في كل الحول فإن هذا لا يؤثر؛ لأن المانع إذا وجد في بعض الحول منع كنقص النصاب، ولا فرق بين كون الغريم يجحده في الظاهر دون الباطن أو فيهما (2) فضلا عن أن المرأة في المهر المؤخر لم تستلمه أصلا لا في أول الحول ولا وسطه.
القول الثالث: تزكيه إذا قبضته لما مضى، وهذا قول الثوري، وأبي عبيد (3) وهو قول الشافعي في الجديد (4) وهو الأصح (5)
(1) الشرح الكبير 6/ 326.
(2)
الشرح الكبير 6/ 326.
(3)
المقنع 6/ 325، الشرح الكبير 6/ 325، المحرر 1/ 219، الإنصاف 6/ 326، المبدع 2/ 268.
(4)
المجموع 6/ 20 - 21، السنن الكبرى للبيهقي 4/ 150.
(5)
المجموع 6/ 20 - 21.
ورواية عن أحمد (1) وهو الصحيح من المذهب واختاره الأكثر (2).
أدلة هذا القول:
استدلوا بأدلة عقلية منها:
أولا: ما روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال في الدين الظنون: إن كان صادقا فليزكه إذا قبضه لما مضى وعن ابن عباس نحوه.
ثانيا: أنه مال يجوز التصرف فيه فتصح الحوالة به والإبراء أشبه الدين على المليء (3).
ثالثا: أن ملكه فيه تام أشبه ما لو نسي عند من أودعه (4).
رابعا: لعموم الأدلة الموجبة للزكاة وكسائر أمواله (5).
(1) المقنع 6/ 325 الشرح الكبير 6/ 325 المحرر 1/ 219 الإنصاف 6/ 326 المبدع 2/ 268.
(2)
الإنصاف 6/ 326 المبدع 2/ 268.
(3)
الشرح الكبير 6/ 326 المبدع 2/ 268.
(4)
الشرح الكبير 6/ 326.
(5)
المبدع 2/ 268.
نوقشت هذه الأدلة: بقول شيخ الإسلام رحمه الله: وأضعف الأقوال من يوجبها للسنين الماضية حتى مع العجز عن قبضه فإن هذا القول باطل فإما أن يجب لهم ما يأخذونه مع أنه لم يحصل له شيء فهذا ممتنع في الشريعة ثم إذا طال الزمان كانت الزكاة أكثر من المال ثم إذا نقص النصاب وقيل إن الزكاة تجب في عين النصاب لم يعلم الواجب إلا بحساب طويل يمتنع إتيان الشريعة به
…
(1) ولأننا لو أوجبنا عليه الزكاة في كل عام وهو بيد غيره ونماؤه له لأدى ذلك إلى أن تستهلكه الزكاة (2).
الراجح ووجه الترجيح:
يترجح - والله أعلم بالصواب - القول الأول وهو أن الزكاة لا تجب إلا بعد قبض الصداق ومرور حول على قبضه وإنما ترجح هذا القول لقوة أدلته ولمناقشة أدلة الأقوال الأخرى كما أنه مقتضى العدل لأن الغرم بالغنم.
(1) مجموع فتاوى شيخ الإسلام 25/ 48.
(2)
المنتقى شرح الموطأ 2/ 114.