الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث التاسع: المخالعة بمؤخر الصداق:
المرأة إذا كرهت زوجها لخلقه أو دينه أو كبره أو ضعفه أو نحو ذلك وخشيت أن لا تؤدي حق الله تعالى في طاعته جاز لها أن تفتدي نفسها منه بطلب المخالعة بعوض لقول الله تعالى {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} (1) الآية.
ولما رواه البخاري رحمه الله: «جاءت امرأة ثابت بن قيس بن شماس (2) إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله ما أنقم على ثابت في
(1) سورة البقرة الآية 229
(2)
أخرجه البخاري في صحيحه مع الفتح كتاب الطلاق، باب الخلع، وكيف الطلاق فيه؟ 9/ 307 برقم (5276).
دين ولا خلق إلا أني أخاف الكفر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فتردين عليه حديقته قالت نعم فردت عليه وأمره ففارقها».
قال ابن قدامة وبهذا قال جميع الفقهاء بالحجاز والشام قال ابن عبد البر: ولا نعلم أحدا خالفه إلا بكر بن عبد الله المزني فإنه لم يجزه وزعم أن آية الخلع منسوخة بقوله سبحانه {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ} (1) الآية (2).
(1) سورة النساء الآية 20
(2)
المغني 10/ 268، وانظر كذلك: المحرر 2/ 44 - 45 كشاف القناع 5/ 219 شرح فتح القدير 4/ 58.
ومن المعلوم أنه يشترط في الخلع أن يكون على عوض فلا خلع بلا عوض وهذا مذهب أبي حنيفة (1) ومالك والشافعي (2) ورواية عن أحمد قدمها ابن قدامة وقال: والعوض في الخلع كالعوض في النكاح والبيع (3).
وقال أيضا: كل ما جاز صداقا جاز عوضا في الخلع قليلا كان أو كثيرا (4).
وجاء في المنتقى شرح الموطأ: فأما الخلع بكل ما أصدقها أو أقل فجائز عند جميع الفقهاء (5).
وبناء على ما سبق تجوز المخالعة بمؤخر الصداق؛ لأنه عوض.
(1) حاشية رد المحتار 3/ 462 شرح فتح القدير 4/ 58.
(2)
المهذب 4/ 256 تكملة المجموع 16/ 343.
(3)
المغني 10/ 287.
(4)
الكافي 3/ 152.
(5)
المنتقى 4/ 62، وانظر كذلك الشرح الصغير للدردير 1/ 443.
ومما يؤيد ذلك: ما جاء في الدر المختار (1) قال: وإذا قال الزوج خالعتك، فقبلت المرأة، ولم يذكر مالا، طلقت لوجود الإيجاب والقبول، وبرئ عن المهر المؤجل لو كان عليه، وإلا يكن عليه من المؤجل شيء ردت عليه ما ساق من المهر المعجل، لما مر أنه معاوضة فتعتبر بقدر الإمكان.
وما جاء في نهاية المحتاج (2) قال: ولو خالعها قبل الدخول على غير الصداق استحقه وله نصف الصداق، وإن خالعها على جميع الصداق صح في نصيبها دون نصيبه، ويثبت له الخيار إن جهل التشطير
…
وإن خالعها على أن لا تبعة لها عليه في المهر صح، وجعلناه على ما يبقى لها منه.
وما جاء في الفروع قال: وإن خالعته في مرض موتها بزائد على إرثه، وقيل: وعلى مهرها فللورثة منعه.
وما جاء في كشاف القناع (3) قال: وإن خالعها قبل الدخول بمثل جميع الصداق في ذمتها، أو خالعها بصداقها كله صح الخلع لصدوره من أهله في محله، ويرجع عليها بنصفه
(1) 5/ 115.
(2)
6/ 363 - 364.
(3)
5/ 147.