الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السابع: الإبراء من مؤخر الصداق، والمصالحة على الحط منه:
للمرأة أن تبرئ الزوج من المؤخر، وتصالحه على الحط منه، وهذا ما عليه جمهور الفقهاء من الحنفية (1)، والشافعية (2)، والحنابلة (3)، وذلك لقول الله تعالى:{وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ} (4) الآية، فرفع الله تعالى الحرج فيما تراضى به الزوجان بعد الفريضة وهو التسمية، وذلك هو الزيادة في المهر والحط منه، وأحق ما تصرف إليه الآية الزيادة؛ لأنه ذكر لفظة التراضي وأنه يكون بين اثنين، ورضا المرأة كان في الحط، ولأن الزيادة تلحق العقد ويصير كأن العقد ورد على الأصل والزيادة جميعا (5). كما أن المهر ملك لها وتملك التصرف فيه، فتملك الإبراء والحط منه، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " ويجوز للمرأة أن تتنازل عن مؤخر الصداق إن كانت رشيدة، أما إن أكرهها، أو هددها بالطلاق إن لم تفعل فلا
(1) البناية شرح الهداية 4/ 661 بدائع الصنائع 2/ 290.
(2)
المهذب 4/ 209 تكملة المجموع 16/ 362 مغني المحتاج 4/ 397 نهاية المحتاج 6/ 363.
(3)
المغني 10/ 307 الشرح الكبير 6/ 327، 335 الفروع 8/ 429 كشاف القناع 5/ 145، 146.
(4)
سورة النساء الآية 24
(5)
بدائع الصنائع 2/ 290.
يسقط؛ لأنه لا يجوز إكراهها على إسقاطه " (1).
فاشترط الفقهاء لصحة إبراء المرأة زوجها من مهرها عدة شروط:
الأول: أن تكون الزوجة بالغة عاقلة رشيدة، غير محجور عليها لسفه أو غفلة.
فإن كانت غير أهل للتبرع فلا يجوز الإنقاص من المهر مطلقا، سواء منها أو من وليها (2).
الثاني: ألا يرد الزوج النقصان؛ لأن النقص إبراء وهو منة.
الثالث: ألا تكون الزوجة مكرهة.
الرابع: أن يكون المهر مما يثبت في الذمة كالنقدين، فإن كان عينا من الأعيان لم يصح حطه؛ لأن الحط في الأعيان لا يصح، بمعنى أنه لا يفيد التمليك، وإنما يصير وديعة عند الزوج.
جاء في الشرح الكبير: " فإن كان الصداق دينا فأبرأت الزوج منه بعد مضي الحول، ففيه روايتان، إحداهما: عليه الزكاة؛ لأنها
(1) مجموع فتاوى، ورسائل الشيخ بن عثيمين فتاوى الفقه الزكاة 18/ 30 سؤال رقم (19).
(2)
الأم 5/ 63.
تصرفت فيه أشبه ما لو قبضته، والثانية: زكاته على الزوج
…
" (1).
وجاء أيضا: " وظاهر كلام أحمد (أي في الديون) أنه لا فرق بين الحال والمؤجل؛ لأن البراءة تصح من المؤجل، ولولا أنه مملوك لم تصح منه البراءة
…
" (2).
وأما إبراء ولى المرأة للزوج من المهر، أو مصالحته على الحط منه فلا يصح، قال ابن قدامة في المغني:" إذا قال الأب طلق ابنتي وأنت بريء من صداقها وطلقها وقع الطلاق رجعيا، ولم يبرأ من شيء، ولم يرجع على الأب، ولم يضمن له؛ لأنه أبرأه مما ليس له الإبراء منه، فأشبه الأجنبي "(3).
(1) الشرح الكبير لابن قدامة 6/ 335.
(2)
الشرح الكبير لابن قدامة 6/ 327.
(3)
المغني 10/ 307.