الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القول الثاني: يفرض حالا. وهو قول الشافعية (1)، ووجه عند الحنابلة (2).
تعليلهم: لأنه بدل متلف فأشبه قيم المتلفات (3).
الراجح ووجه الترجيح:
يترجح - والله أعلم بالصواب - القول الأول، وهو: أن مهر المثل يفرض مؤجلا؛ لأننا إذا رجعنا في مقدار الصداق إلى صداق مثلها ونسائها فإننا نرجع إليه في الحلول والتأجيل؛ إذ لا فرق بين الحالين.
(1) نهاية المحتاج 6/ 350، 353.
(2)
المغني 10/ 152، الكافي 3/ 106، كشاف القناع 5/ 160.
(3)
تكملة المجموع 16/ 377 المغني 10/ 151.
المبحث الخامس: امتناع المرأة من تسليم نفسها حتى تقبض الصداق المؤجل:
إذا طالبت المرأة بالصداق (المعجل أو الحال) فإنه يجب على الزوج تسليمه أولا؛ لأن حق الزوج في المرأة متعين، وحق المرأة في الصداق لم يتعين بالعقد، وإنما يتعين بالقبض؛ فوجب على الزوج التسليم عند المطالبة؛ ليتعين كما في البيع (1).
وللمرأة قبل دخول الزوج بها أن تمنع الزوج عن الدخول حتى
(1) بدائع الصنائع 2/ 288 الحاوي الكبير 12/ 162.
يعطيها جميع المهر (المعجل أو الحال) ثم تسلم نفسها إليه، حتى وإن انتقلت إلى بيته، وذلك لما يلي:
أولا: " لأن بتسلمها مهرها كاملا يتعين حقها؛ فيكون تسليم بتسليم "(1).
ثانيا: " لأن المهر عوض عن بضعها كالثمن عوض عن المبيع، وللبائع حق حبس المبيع لاستيفاء الثمن، فكان للمرأة حق حبس نفسها لاستيفاء المهر "(2).
وإذا اتفق الزوجان على التأجيل، أو ذكر الزوج وقتا معلوما للمهر؛ ورضيت الزوجة؛ فهل يحق لها أن تمنع نفسها حتى تستلم المهر كاملا؟
لا تخلو هذه المسألة من أربع حالات:
الحالة الأولى: أن يشترط الزوج الدخول.
(1) بدائع الصنائع 2/ 288.
(2)
بدائع الصنائع 2/ 288، وانظر: منح الجليل 3/ 424.
إذا شرط الزوج الدخول قبل حلول الأجل ورضيت المرأة فليس لها الامتناع عن تسليم نفسها اتفاقا (1).
الحالة الثانية: أن لا يشترط الزوج ذلك ويكون المهر بعضه مؤجل وبعضه حال.
إذا كان بعض المهر معجلا وبعضه مؤجلا فليس للمرأة أن تمنع نفسها إذا قبضت المعجل، وهذا بالإجماع. لأن الدخول عند أداء المعجل مشروط عرفا فصار كالمشروط نصا (2)، ولأنه لو كان المهر كله مؤجلا لكان للزوج أن يدخل بها، فإذا كان البعض معجلا وأعطاها ذلك كان أولى (3).
الحالة الثالثة: أن لا يشترط الزوج ذلك ويكون المهر كله مؤجلا.
فإذا أجل الزوج المهر وحدد له وقتا، ولم يشترط الدخول، فقد اختلف الفقهاء في منع المرأة نفسها حتى تستلم المهر على قولين:
(1) رد المحتار على الدر المختار 4/ 292.
(2)
رد المحتار على الدر المختار 4/ 292.
(3)
رد المحتار على الدر المختار 4/ 292 بدائع الصنائع 2/ 289.
القول الأول: ليس للمرأة أن تمنع نفسها. وهذا قول أبي حنيفة، ومحمد (1)، ومالك (2)، والشافعي (3)، وإليه ذهب الحنابلة (4)، ورجحه ابن عثيمين (5).
أدلة هذا القول:
أولا: " أن المرأة بالتأجيل رضيت بإسقاط حق نفسها، فلا يسقط حق الزوج، كالبائع إذا أجل الثمن أنه يسقط حق حبس المبيع "(6).
ثانيا: أن رضاها بتأجيله رضى بتسليم نفسها قبل قبضه، كالثمن
(1) بدائع الصنائع 2/ 288.
(2)
التلقين 1/ 294 الشرح الصغير للدردير 1/ 411.
(3)
الحاوي الكبير 12/ 163 مغني المحتاج 4/ 371 نهاية المحتاج 6/ 338.
(4)
المغني 10/ 171 الكافي لابن قدامة 3/ 95.
(5)
الشرح الممتع 12/ 314 - 315.
(6)
بدائع الصنائع 2/ 289، وانظر: البناية شرح الهداية 4/ 720 الحاوي الكبير 12/ 163.
المؤجل في البيع لا يمنع من تسلم المبيع (1).
القول الثاني: للمرأة أن تمنع نفسها سواء كانت المدة طويلة أو قصيرة، وهذا قول أبي يوسف، وبعض الحنفية (2).
أدلة هذا القول:
أولا: أن ملك البضع لا يعرى عن ملك البدل (3).
ثانيا: " أن من حكم المهر أن يتقدم تسليمه على تسليم النفس بكل حال، ألا ترى أنه لو كان معينا أو غير معين وجب تقديمه، فلما قبل الزوج التأجيل كان رضا بتأخير حقه في القبض "(4).
يمكن أن يناقش هذا الدليل: بالقياس على البائع إذا أجل الثمن فلا يحق له حبس المبيع.
(1) المغني 10/ 171 الكافي لابن قدامة 3/ 95.
(2)
رد المحتار على الدر المختار 4/ 292.
(3)
البناية شرح الهداية 4/ 720.
(4)
بدائع الصنائع 2/ 288 - 289.
أجيب عنه:
بأن القياس على البائع إذا أجل الثمن قياس مع الفارق، لأن " البائع إذا أجل الثمن ليس له أن يحبس المبيع، ويبطل حقه في الحبس بتأجيل الثمن؛ لأنه ليس من حكم الثمن تقديم تسليمه على تسليم المبيع، ألا ترى أن الثمن إذا كان عينا يسلمان معا فلم يكن قبول المشتري التأجيل رضا منه بإسقاط حقه في القبض "(1).
ثالثا: أن في تأجيل المهر كاملا الدخول على الزوجة غير مشروط لا عرفا ولا نصا، فلم يكن له ذلك (2).
الراجح ووجه الترجيح:
يترجح - والله أعلم بالصواب - القول الأول وهو: أنه ليس للمرأة أن تمنع نفسها بعد رضاها بتأجيل المهر؛ لقوة أدلته، وللإجابة عما استدل به أصحاب القول الثاني.
الحالة الرابعة: إذا كان المهر مؤجلا أجلا معلوما وحل الأجل قبل تسليم نفسها، فهل لها أن تمنع نفسها؟ على قولين:
القول الأول: لها أن تمنع نفسها. وهذا على أصل أبي يوسف (3)، وقول عند الشافعية (4).
(1) بدائع الصنائع 2/ 289.
(2)
رد المحتار على الدر المختار 4/ 292.
(3)
بدائع الصنائع 2/ 289.
(4)
مغني المحتاج 4/ 371 نهاية المحتاج 6/ 338.
دليل هذا القول:
أن لها أن تمنع نفسها قبل حلول الأجل فبعده أولى (1).
القول الثاني: ليس لها منع نفسها. وهذا على أصل أبي حنيفة ومحمد (2)، والأصح عند الشافعية والمعتمد (3)، وإليه ذهب الحنابلة (4).
أدلة هذا القول:
أولا: أن التسليم قد وجب عليها واستقر قبل حلول الأجل فلم يكن لها أن تمنع منه (5).
ويجاب عنه: بأن الزوج لم يطالب بالتسليم إلا بعد أن صار المهر حالا، فلا فرق بينه وبين امتناعها في حال كون المهر حالا وامتنعت عن التسليم حتى تقبض المهر (6).
ثانيا: " لأن حق الحبس قد سقط بالتأجيل، والساقط لا يحتمل
(1) بدائع الصنائع 2/ 289، مغني المحتاج 4/ 371 نهاية المحتاج 6/ 338.
(2)
بدائع الصنائع 2/ 289.
(3)
الحاوي الكبير 12/ 164 مغني المحتاج 4/ 371 نهاية المحتاج 6/ 338.
(4)
المغني 10/ 171 الكافي لابن قدامة 3/ 95.
(5)
المغني 10/ 171 الكافي لابن قدامة 3/ 95 نهاية المحتاج 6/ 338.
(6)
الشرح الممتع 12/ 316.