الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا ما قاله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه لما قتل أهل النهروان وصار الناس يقولون له: الحمد لله يا أمير المؤمنين الذي قطع دابرهم، فقال علي: كلا والله، إنهم لفي أصلاب الرجال وأرحام النساء، فإذا خرجوا من بين الشرايين فقل ما يلقون أحدا إلا أبوا أن يظهروا عليه (1).
(1) البداية والنهاية ابن كثير 7/ 300.
المبحث الثاني: النصوص الواردة في التنفير منهم:
جاءت نصوص كثيرة تحذر من الخوارج، وتذم مذهبهم، وذلك في السنة النبوية، وكذلك في أقوال الأئمة.
قال الإمام أحمد: صح الحديث في الخوارج من عشرة أوجه.
وقال ابن تيمية: وقد رواها مسلم في صحيحه، وروى البخاري منها ثلاثة أوجه: حديث علي وأبي سعيد الخدري، وسهيل بن حنيف،
وفي السنن والمسانيد طرق أخرى متعددة (1).
وذكر الحافظ ابن كثير أكثر من ثلاثين حديثا وردت في الصحاح والسنن والمسانيد (2).
فمنها الحديث الصحيح في الرجل الذي أنكر قسمة النبي صلى الله عليه وسلم، واستأذن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في ضرب عنقه فلم يأذن له وقال:«دعه، فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاته، وصيامه مع صيامه، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ينظر في قذذه فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى نعله فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى رصافه فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر في نضيه فلم يوجد فيه شيء (4)» .
قال أبو سعيد: أشهد سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم، وأشهد أن عليا
(1) مجموع الفتاوى ابن تيمية: 28/ 512.
(2)
البداية والنهاية ابن كثير: 7/ 301.
(3)
البخاري استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم (6534)، أحمد (3/ 56).
(4)
(3)، قد سبق الفرث والدم. آيتهم رجل إحدى يديه - أو قال ثدييه - مثل ثدي المرأة، أو قال: مثل البضعة تدردر، يخرجون على حين فرقة من الناس
قتلهم وأنا معه، جيء بالرجل على النعت الذي نعته النبي صلى الله عليه وسلم.
وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتال الخوارج، وبين أن في قتلهم أجرا لمن قتلهم، ففي الصحيحين عن علي رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «سيخرج قوم في آخر الزمان، أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة (1)» .
فأكرم الله عليا بقتلهم وقاتل معه الصحابة " فصار سيف علي بن أبي طالب في الخوارج سيف حق إلى أن تقوم الساعة "(2).
قال الإمام البخاري: وكان ابن عمر يراهم شرار خلق الله، وقال: انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين.
وكان علي رضي الله عنه يقول: هل أنبئكم بالأخسرين أعمالا {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا} (3){الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} (4).
(1) أخرجه البخاري (6930)، ومسلم (1066)، وأحمد: 1/ 113.
(2)
الشريعة، الآجري، ص:22.
(3)
سورة الكهف الآية 103
(4)
سورة الكهف الآية 104
منهم أهل النهروان ورب الكعبة (1).
وجاء عن أبي أمامة أنه لما أتي برؤوس الأزارقة فنصبت ورآهم دمعت عيناه وقال: كلاب النار، كلاب النار، كلاب النار، ثلاث مرات، هؤلاء شر قتلى قتلوا تحت أديم السماء، وخير قتلى تحت أديم السماء الذين قتلهم هؤلاء، فسئل: وما شأنك دمعت عيناك؟ قال: رحمة لهم لأنهم كانوا من أهل الإسلام، هؤلاء الذين تفرقوا واتخذوا دينهم شيعا (2).
والنصوص الواردة في ذم الخوارج أكثر من النصوص الواردة في ذم غيرهم من الفرق، مع أن غيرهم من الفرق قد يكون أشد ابتداعا منهم، ولكن بدعتهم واضحة، أما هؤلاء فالفتنة بهم أعظم لأن لهم إيمانا وحالا ظاهرة من الصلاح توجب موالاتهم، ودخلوا في تلك البدعة التي تفسد الدين، فلذا جاء النص في التحذير منهم، وعلى هذا فلا بد من التحذير ممن تلبس ببدعتهم، وإن اقتضى ذلك
(1) السيرة النبوية، ابن حبان ص 546.
(2)
السنة، عبد الله بن أحمد: 2/ 643، 644.