الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من فتاوى
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
آداب الصلاة:
من الفتوى رقم 879
س2: أرجو إيضاح الأدلة التي تثبت أفضلية المشي إلى الصلاة، أو إلى واجبات دينية مثل أداء مناسك الحج، وذلك من الكتاب والسنة، كما أن هناك حديثا نبويا معناه أن كل خطوة لأداء فضيلة أو واجب ديني تعتبر عند الله حسنة أو صدقة، فهل ينطبق ذلك بالنسبة لأداء مناسك الحج؟
ج2: وردت نصوص عامة في فضيلة المشي على الخير والسعي إليه، ونصوص خاصة في المشي إلى أنواع الخير، من ذلك قوله تعالى:{إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ} (1)، فهذه الآية عامة في كتابة الخطى إلى الصلاة في المساجد وإلى ميدان القتال للجهاد في سبيل الله، وإلى
(1) سورة يس الآية 12
طلب العلم النافع وصلة الأرحام، كما أنها عامة فيما خلفه الإنسان بعده من أوقاف وكتب علم وأولاد صالحين، وأمثالها مما يبقي نفعه لغيره بعد موته.
ومن ذلك قوله تعالى في المجاهدين: {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} (1)، وقوله تعالى في السعي لصلاة الجمعة وما يتبعها من ذكر وسماع خطبة:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (2).
وروى البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك أن بني سلمة أرادوا أن يتحولوا عن منازلهم فينزلوا قريبا من النبي صلى الله عليه وسلم قال: فكره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعروا منازلهم فقال: «ألا تحتسبون آثاركم (3)» وقد بين
(1) سورة التوبة الآية 120
(2)
سورة الجمعة الآية 9
(3)
أخرجه أحمد 3 182، والبخاري 1/ 158 كتاب الأذان، باب احتساب الآثار، ومسلم 1/ 462 كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل كثرة الخطا إلى المساجد، وابن ماجه 1/ 258 كتاب المساجد والجماعات، باب الأبعد فالأبعد من المسجد أعظم أجرا.
مجاهد أن المراد بالآثار: الخطى إلى المساجد، وروى البخاري ومسلم من طريق أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له نزلا في الجنة كلما غدا أو راح (1)»
وروى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة أن رسول الله قال: «صلاة الرجل في الجماعة تضعف عن صلاته في بيته وفي سوقه خمسا وعشرين ضعفا، وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج لا يخرجه إلا الصلاة لم يحظ خطوة إلا رفع له بها درجة، وحط عنه بها خطيئة، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه: اللهم صل عليه، اللهم ارحمه، لا يزال أحدكم في صلاة ما انتظر الصلاة (2)» .
(1) أخرجه أحمد 2/ 509، والبخاري 1/ 159 كتاب الأذان، باب فضل من غدا إلى المسجد ومن راح، ومسلم 1/ 463 كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب المشي إلى الصلاة تمحى به الخطايا وترفع به الدرجات
(2)
رواه البخاري 1/ 157 كتاب الأذان، باب فضل صلاة الجماعة، ومسلم 1/ 450 كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف عنها، وأبو داود 1/ 53 كتاب الصلاة، باب ما جاء في فضل المشي إلى الصلاة، والنسائي 2/ 103 كتاب الإمامة، باب فضل الجماعة، وابن ماجه 1/ 258 كتاب المساجد والجماعات، باب فضل الصلاة في جماعة.
وروى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من سلك طريقا يلتمس به علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة (1)» وثبت في صحيح البخاري ومسلم في سياق أحاديث حجة الوداع، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة رضي الله عنها حينما اعتمرت من التنعيم بعد حجها:«أجرك على قدر نصبك أو نفقتك (2)» . فهذه النصوص تدل على أن فاعل الخير يثاب عليه وعلى وسائله، وعلى أن الثواب يتفاوت تبعا لتفاوت النفقة والمشقة مشيا على الأقدام أو ركوبا على وسائل المواصلات، كما يتفاوت تبعا لاعتبارات أخرى: كشرف البقعة والزمان، وتفاوت الإخلاص وحضور القلب وخشوعه، وبالجملة فالوسائل لها حكم الغايات، والمقدمات لها حكم المقاصد في جنس الخير والشر والإثم والأجر، لكن حجه راكبا وهكذا العمرة راكبا إذا كان آفاقيا أفضل من حجه أو عمرته ماشيا، لأن ذلك هو الموافق
(1) رواه مسلم 4/ 2074 كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن والذكر، والترمذي 5/ 47 كتاب العلم، باب ما جاء في فضل الفقه على العبادة، وابن ماجه، المقدمة، باب فضل العلماء والحث على طلب العلم.
(2)
أخرجه أحمد 6/ 43، والبخاري 2/ 201، ومسلم في الحج، باب بيان وجوه الإحرام 2/ 877.