الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
للجهل بنفسه ومصالحها وكمالها وما تزكو وتفلح به، فالعلم به سعادة العبد، والجهل به أصل شقاوته" (1)
ومن فوائد العلم الشرعي للسالك في نظر ابن القيم - بالإضافة إلى ما تقدم -:
1 -
أنه يهذبه ويهيئه لسلوك طريق العبودية لله عز وجل (2)
2 -
ويهديه إلى الغاية المقصودة له من سيره، فكم من سالك لا يعرف الغاية من سيره (3)
ويصحح همته، فأعلى الهمم همة اتصلت بالحق سبحانه، وهي همة الرسل وأتباعهم (4)
(1) المصدر السابق، ص89.
(2)
انظر: مدارج السالكين، ج3/ص108 - 109.
(3)
انظر: المصدر السابق، ج3/ص110 - 111.
(4)
انظر: المصدر السابق، ج3/ص111.
المبحث السادس: الالتزام بأداء التكاليف الشرعية:
يجب على العبد السالك أداء ما افترضه الله عليه من عبادات شرعية كالصلاة والصيام والزكاة والحج
…
، ويرى ابن القيم أنه لا يجوز للسالك ترك فرائض أو جهاد أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر مهما بلغ من درجة القرب من الله، بل يرى أنه ينبغي عليه أن يكون
أكثر عبادة والتزاما بأوامر الله ونواهيه كلما ترقى في درجات القرب من الله. حيث يقول رحمه الله: "كلما تمكن العبد في منازل العبودية كانت عبوديته أعظم، والواجب عليه منها أكبر وأكثر من الواجب على من دونه. ولهذا كان الواجب على رسول الله صلى الله عليه وسلم بل على جميع الرسل - أعظم من الواجب على أممهم، والواجب على أولي العزم أعظم من الواجب على من دونهم، والواجب على أولي العلم أعظم من الواجب على من دونهم، وكل أحد بحسب مرتبته"(1)
ويقول أيضا: "إن العبد كلما كان إلى الله أقرب كان جهاده في الله أعظم، قال تعالى:{وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} (2). وتأمل أحوال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فإنهم كانوا كلما ترقوا من القرب في مقام؛ عظم جهادهم واجتهادهم. لا كما ظنه بعض الملاحدة المنتسبين إلى الطريق، حيث قال:(القرب الحقيقي ينقل العبد من الأحوال الظاهرة إلى الأعمال الباطنة، ويريح الجسد والجوارح من كد العمل).
(1) مدارج السالكين، ج1/ص87 - 88.
(2)
سورة الحج الآية 78
وهؤلاء أعظم كفرا وإلحادا، حيث عطلوا العبودية وظنوا أنهم استغنوا عنها بما حصل لهم من الخيالات الباطلة، التي هي من أماني النفس وخدع الشيطان
…
وقد صرح أهل الاستقامة وأئمة الطريق بكفر هؤلاء، فأخرجوهم من الإسلام، وقالوا: لو وصل العبد من القرب إلى أعلى مقام يناله العبد لما سقط عنه من التكليف مثقال ذرة، أي: ما دام قادرا عليه
…
قال سري السقطي (من ادعى باطن حقيقة ينقضها ظاهر حكم فهو غالط). وقال سيد الطائفة الجنيد بن محمد: (علمنا هذا متشبك بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال إبراهيم بن محمد النصرابادي (أصل هذا المذهب ملازمة الكتاب والسنة وترك الأهواء والبدع، والتمسك بالأئمة والاقتداء بالسلف، وترك ما أحدثه الآخرون، والمقام على ما سلك الأولون). وسئل إسماعيل بن نجيد: ما الذي لا بد للعبد منه؟ فقال: (ملازمة العبودية على السنة ودوام المراقبة)
…
وقال الجنيد