الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رابعا: شراء الأرض لحفظ المال، ونية التجارة في المستقبل، والانتظار إلى وقت ارتفاع الأسعار
.
قد يشتري الإنسان الأرض وفي نيته أنه سيبيع متى ما تحصل له فيها ربح مناسب، لكن ليس هذه السنة ولا السنة المقبلة، بل ربما يشتري وهو يعلم أنه لن يبيع إلا بعد سنوات قد تصل إلى الخمس أو أكثر، وهذا يحصل عند بعض الناس يشتري من المخططات البعيدة عن البلد، في حال رخص الأرض، وينتظر إلى وقت قرب الناس ورغبتهم فيها بعد زمن حتى يرتفع سعرها، وهذا في الغالب، وربما يكون القصد من الشراء ادخارها للزمن، وحفظ المال.
فهل هذه النية المستقبلة في بيع الأرض موجبة لزكاتها، أو لا بد من كون نية البيع والتجارة في الوقت الحاضر؟
هذه المسألة - فيما أحسب - محل اتفاق بين أهل العلم ممن قال بوجوب زكاة العروض، فهم لا يختلفون في وجوب الزكاة على من احتكر السلعة التجارية عنده سنوات بل يجب عليه أن يزكي قيمة هذه الأراضي كل حول عند الجمهور، خلافا لفقهاء المالكية الذين لا يوجبون الزكاة على المحتكر كل حول، بل تجب عندهم
الزكاة مرة واحدة عند بيع الأرض (1)
وعلى هذا فلا تأثير لتأجيل نية البيع، ما دامت الأرض مرصدة للتجارة، والمقصود منها نماء المال.
لكن لا بد هنا من التنبيه على أن الإنسان قد يؤجل نية بيع الأرض التي يمتلكها، لا لقصد التجارة، وذلك كمن يدخل العرض ملكه بالإرث أو الهبة والمنحة، ولا ينوي التجارة بها الآن، بل ينوي أنه سيبيع هذه الأرض في المستقبل؛ لأن سعر الأرض الآن لا يناسب بيعها، فهذا لا زكاة عليه فيها؛ لأن هذه الأرض لم تعد للبيع والتجارة، والعبرة بما أعد للبيع بقصد التجارة، كما جاء في الآثار المتقدمة، وكما سبق في بيان معنى نية التجارة ومتى تحصل (2)
ومن هنا يتضح الفرق بين من اشترى الأرض يريد التجارة بها في المستقبل، ومن دخلت الأرض في ملكه ولم ينو التجارة فيها ولا بيعها الآن، فالأول تجب عليه زكاة الأرض؛ لنيته التجارة من حين الشراء، والثاني لا تجب عليه؛ لعدم وجود النية عنده.
ولعل هذه المسألة مما يفيد فيها قول جمهور الفقهاء حين اشترطوا لوجوب زكاة عروض التجارة: أن يملك العروض بفعله
(1) ستأتي هذه المسألة ومناقشة هذا القول ص245، وانظر: التفريع 1/ 280، المعونة 1/ 360.
(2)
راجع ص 208، 209.