المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثاني: اشتراط العمل في الأرض المعدة للبيع: - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٨٦

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌الفتاوى

- ‌ نصاب العنب الذي لا يزبب بالكيلو)

- ‌ الخضروات لا زكاة فيها)

- ‌ والبندورة والفواكه كذلك)

- ‌ ولو صبرت)

- ‌ إذا لم تبلغ الحنطة نصابا فهل يضم إليها الشعير والذرة)

- ‌ العمال في هذه العصور يضمون الشعير إلى البر)

- ‌ إذا حصد زرعه وباعه علفا)

- ‌ الثمار التي تأتي على فترات متقطعة)

- ‌ الربعي والصيفي)

- ‌ ولا على ما يأخذه بحصاده)

- ‌ مقدار زكاة الحبوب بالصاع)

- ‌ ما يسقى بالنباعات، والارتوازات)

- ‌ الزكاة على زراع الأرض)

- ‌إذا شرط المستأجر على المؤجر أنه ليس عليه زكاة فلا يسقطها)

- ‌ إذا كانا شريكين فهل يخرجانها قبل القسمة أو بعدها)

- ‌ إذا احترقت الثمرة في الجرين بغير تعد)

- ‌ إذا أصابتها جائحة بعد الخرص وكان موسرا)

- ‌من فتاوى سماحة الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌الواجب البدار بإخراج الزكاة وسؤال الثقات عن مستحقيها

- ‌حكم تأخير إخراج الزكاة

- ‌حكم تأخير زكاة العروض في حق من لم يملك النقود

- ‌حكم تارك الزكاة جحودا أو بخلا أو تهاونا

- ‌نصح وتذكير لمن لم يخرج الزكاة على الوجه المشروع

- ‌من فتاوى سماحة الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ

- ‌ هل العاملون بالكمائن والخفارات السرية يعدون كالمرابطين في سبيل الله

- ‌ صلاة الجماعة على العاملين في الدوريات والحراسات والكمائن

- ‌يمنحون بعض منسوبيهم رخصا إدارية وإجازات غير منصوص عليها في النظام بقصد مساعدتهم

- ‌ موظف في إجازة رسمية تنتهي إجازته مع بداية شهر ذي الحجة ولم يكن لديه مناوبات أو مهام عمل خلال فترة الحج ويرغب في أداء الحج

- ‌ احتلم ولم يكن قريبا منه ماء، وحان وقت الصلاة

- ‌ دخول المسجد المفروش أو المصلى بالبسطار العسكري

- ‌ تأخير جندي الحراسة للصلاة عن وقتها

- ‌ هل تسقط صلاة الجمعة عن المناوبين

- ‌ أخذ انتدابا إلى عمل ولم يذهب؟ وإن ذهب ولم يكمل مدة انتدابه المقررة

- ‌ صلاة التراويح بالمراكز الحدودية

- ‌ صلاة الجمعة في المراكز الحدودية

- ‌ القصر والجمع لمن كانت له مسافة في مجال عمله تساوي مسافة القصر

- ‌ تعذر استعمال الماء

- ‌ السفر الذي يشرع فيه الترخيص

- ‌ المصلي إذا أراد مشاركة الجماعة في صلاتهم على ظهر الزورق

- ‌ التهاون في أوقات الدوام الرسمي

- ‌من فتاوىاللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

- ‌آداب الصلاة:

- ‌الرجل الذي يأتي بعد الأذان فإنه رجل سوء

- ‌ المسارعة إلى الصف الأول

- ‌البحوث

- ‌المقدمة الثانية: في التقليد:

- ‌مسألة التمذهب:

- ‌نشأة التقليد والتمذهب وتطورهما

- ‌واقعنا الذي نعيشه

- ‌أدلة القائلين بمنع التمذهب والإجابة عنها:

- ‌أدلة القول بوجوب التمذهب والإجابة عنها:

- ‌أدلة القائلين بجواز التمذهب:

- ‌معالم رئيسة في مسألة التمذهب:

- ‌مسائل تكميلية

- ‌زكاة الأراضي وقضاياها المعاصرة

- ‌المبحث الثاني: الأرض المعدة للاستثمار

- ‌المطلب الأول: زكاة عين الأرض المعدة للاستثمار

- ‌المطلب الثاني: زكاة الأرض المستثمرة بالبناء ثم البيع

- ‌المبحث الثالث: الأرض المعدة للبيع:

- ‌المطلب الأول: شرط النية في الأرض المعدة للبيع

- ‌المسألة الأولى: دليل اعتبار نية التجارة في الأراضي

- ‌المسألة الثانية: معنى النية المعتبرة للتجارة في زكاة الأراضي

- ‌ثانيا: إبهام النية أو التردد فيها، وهل يمكن أن يستدل بقرائن الأحوال على تعيين النية

- ‌رابعا: شراء الأرض لحفظ المال، ونية التجارة في المستقبل، والانتظار إلى وقت ارتفاع الأسعار

- ‌خامسا: نية إضمار بيع الأرض والتجارة فيها

- ‌المسألة الثالثة: تغيير النية، ومدى تأثيره على حكم الزكاة

- ‌الفرع الأول: تغيير نية التجارة في الأرض إلى الانتفاع بها

- ‌الفرع الثاني: تغيير نية الانتفاع بالأرض إلى التجارة بها

- ‌الفرع الثالث: تغيير نية التجارة إلى الانتفاع، ثم الرجوع إلى التجارة

- ‌المسألة الرابعة: التحايل لإسقاط الزكاة مع نية التجارة

- ‌المطلب الثاني: اشتراط العمل في الأرض المعدة للبيع:

- ‌المبحث الرابع: أحوال سقوط الزكاة عن الأرض التجارية:

- ‌المطلب الأول: سقوط الزكاة في حال كساد الأرض التجارية

- ‌المطلب الثاني: سقوط الزكاة في حال تعثر المساهمات العقارية:

- ‌الخاتمة:

- ‌ضوابط قيم السلوك مع الله عند ابن قيم الجوزية

- ‌المقدمة:

- ‌خطة البحث:

- ‌ التمهيد:

- ‌منهج البحث:

- ‌التمهيد

- ‌أولا: ترجمة موجزة لابن قيم الجوزية

- ‌ثانيا: التعريف بمصطلحات البحث الأساسية:

- ‌ القيم:

- ‌ السلوك:

- ‌المبحث الأول: الإيمان بالله تعالى:

- ‌المبحث الثاني: العبودية الخالصة لله تعالى:

- ‌المبحث الثالث: الالتزام بالكتاب والسنة والتحاكم إليهما:

- ‌المبحث الرابع: متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم والاقتداء به

- ‌المبحث الخامس: تعلم العلم الشرعي

- ‌المبحث السادس: الالتزام بأداء التكاليف الشرعية:

- ‌المبحث السابع: اجتناب الذنوب والمعاصي:

- ‌الخاتمة

- ‌فضيلة الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود

- ‌مولده ونشأته:

- ‌طلبه العلم:

- ‌ثقافته واطلاعه:

- ‌توليه القضاء في قطر:

- ‌إخلاصه وجرأته في الحق:

- ‌نماذج من شجاعته:

- ‌برنامجه لشهر رمضان:

- ‌مؤلفاته:

- ‌بعض ما قاله عارفوه:

- ‌من مآثره:

- ‌وفاته:

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌المطلب الثاني: اشتراط العمل في الأرض المعدة للبيع:

‌المطلب الثاني: اشتراط العمل في الأرض المعدة للبيع:

يذكر كثير من الفقهاء أن الشرط الثاني من شروط وجوب الزكاة في عروض التجارة بعد النية، هو: العمل، والمراد بالعمل المؤثر في زكاة العروض يختلف تفسيره في نظر الفقهاء القائلين بهذا القول، فمنهم من قال: إن العمل هو: أن يمتلك الإنسان العرض بفعله كالشراء، أو نحوه من المعاوضات المالية فقط، وبعضهم قال: العمل هو: أن يمتلك الإنسان العرض بفعله بمعاوضة مالية كالشراء، أو غير مالية كالمعاوضة في عقد النكاح والخلع، وبعضهم قال: العمل المؤثر هو: أن يمتلك الإنسان العرض بفعله ولو بغير معاوضة مالية كالهبة

وعلى كل فالمراد باشتراط هذا الشرط هو: إخراج ما دخل ملك الإنسان بغير فعله، كالميراث، فإنه لا تجب في الموروث من العروض زكاة ولو نوى بها التجارة، ومثله ما دخل ملكه بمجرد قبوله، كالهبة والوصية عند بعضهم، أو دخل ملكه بمعاوضة ليس المقصود منها المال، كعوض النكاح والخلع عند آخرين.

ومن هنا يلاحظ اختلاف الفقهاء القائلين باشتراط هذا الشرط في تفسيره.

ص: 227

ولا أرى أن الحاجة تدعو إلى تفصيل هذا الاختلاف - لأن ذلك يطول، ويبعد عن مقصود البحث - لذا سأكتفي بمناقشة هذا الشرط من أصله، وذلك ببيان سبب اشتراط هذا الشرط، وأدلته، ثم بيان وجهة النظر الأخرى في اشتراط هذا الشرط، والراجح في هذه المسألة.

فأما سبب اشتراط هذا الشرط: فهو أن كثيرا من الفقهاء يرون أن النية غير كافية لجعل العرض تجاريا، بل لا بد من عمل يوضح هذه النية ويبينها، ولا يكون هذا العمل إلا بامتلاك العين عن طريق الاختيار للملك - سواء كان بمعاوضة أو غير معاوضة - مع مصاحبة نية التجارة.

فأما ما يدخل الملك من غير اختيار، كالإرث، فإنه لا تؤثر فيه النية حتى لو كان الموروث من العرض تجاريا، فإنه لا تجب فيه زكاة حتى يبيعه ويشتريه بنية التجارة، ومثل ذلك عند الأكثرين ما لو دخل العرض ملكه باختيار منه - بعقد معاوضة كالشراء أو بغير معاوضة كالهبة - لكنه دخل ملكه من غير مصاحبة لنية التجارة، وذلك كمن اشترى أرضا ولم ينو أنها للتجارة، فلا تكون للتجارة بحال، حتى لو نوى فيما بعد بيعها تجارة، وذلك لأنه لا بد من كون النية مصاحبة للشراء.

ص: 228

وإذا تبين ذلك فإن هذا القول بجملته هو قول أكثر فقهاء المذاهب كما سبق، فقد نص عليه فقهاء الحنفية (1) والمالكية (2) والشافعية (3) والحنابلة (4)

وقد استدل أصحاب هذا التوجه بعدة أدلة، أهمها في الجملة ما يلي:

أولا: استدلوا بحديث: «إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم يتكلموا أو يعملوا به (5)»

قالوا: فهذا الحديث يدل على أن مجرد النية لا عبرة به في الأحكام، فلا تكفي مجرد نية التجارة ليكون العرض للتجارة (6)

ومعنى ذلك أن الزكاة إنما وجبت في العرض لأجل التجارة، والتجارة تصرف وفعل، والحكم إذا علق بفعل لم يثبت بمجرد النية، حتى يقترن به الفعل (7)

(1) المبسوط 2/ 199، بدائع الصنائع 2/ 12، 13.

(2)

المعونة 1/ 372، التاج والإكليل 3/ 182.

(3)

المجموع 6/ 6، مغني المحتاج 2/ 107.

(4)

المغني 4/ 250، الإنصاف 3/ 154.

(5)

أخرجه البخاري في باب إذا حنث ناسيا في الأيمان. . . إلخ 6/ 2454، ومسلم في باب تجاوز الله عن حديث النفس والخواطر بالقلب إذا لم تستقر 1/ 116.

(6)

بدائع الصنائع 2/ 11.

(7)

الحاوي الكبير 3/ 296.

ص: 229

ويمكن أن يجاب عن هذا: بأن الحديث دليل على عدم مؤاخذة الإنسان بخواطر نفسه ووساوسه التي لا يتبعها عمل أو كلام، وليس فيه عدم اعتبار للنية أو إلغاء لها، بل الثابت - كما سيأتي - اعتبار النية في كل الأحكام، ومن ذلك اعتبارها في زكاة العروض، لكن النية تحتاج إلى بيان، والبيان يكون بالفعل، أو القول الذي هو فعل، والتجارة فعل وتصرف فإذا نواها المالك للسلعة، بحيث كان يعرض هذه السلعة في الأسواق، أو ينتظر وقت غلائها ليبيعها، فهذه هي حقيقة التجارة بلا شك، وإن كان فعل التجارة ليس فيها ظاهرا

ثانيا: استدلوا بعدة أقيسة منها:

1 -

قالوا: إن العروض إذا كانت للاقتناء، فنوى بها التجارة فقد نوى التجارة ولم يفعلها، فلم يبطل حكمها، فتبقى للاقتناء ولا تصير للتجارة، كما لو كان مقيما فنوى السفر ولم يسافر، لا يصير مسافرا ويبقى مقيما، والمعنى أنه نوى السفر ولم يخرج فبقي على الإقامة، كذلك هذا، والمعنى فيه أن السفر والتجارة عمل، فما لم يوجد العمل لا يحكم به (1)

(1) المبسوط 2/ 199، الفروق للكرابيسي 1/ 74، 75، مغني المحتاج 2/ 107، المغني 4/ 251.

ص: 230

ويمكن أن يجاب عن هذا القياس: بأنه قياس لا يستقيم، حيث إن بين المقيس والمقيس عليه فروقا كثيرة؛ فإن الحكم بالسفر تترتب عليه كثير من الأحكام التي يتطلبها السفر وما فيه من مشقة ومكابدة وعمل، بينما التجارة قد تكون بمجرد تبيين النية وذلك بعرض هذه السلعة من الأرض أو غيرها للبيع، فاشتراط العمل مع نية التجارة يختلف عن اشتراط السفر لنية السفر.

ثم إن نية التجارة شرط لوجوب الزكاة في العروض، أما نية السفر فليست شرطا لحقيقة السفر، بل الشرط وجود السفر ولو لم ينوه.

2 -

قالوا: ولأنه ما لم يكن للزكاة من أصله لم يصر للزكاة بمجرد النية، فالنية لا تنقل عن الأصل، كالمعلوفة إذا نوى إسامتها (1)

ويمكن أن يجاب عن هذا القياس: بالفرق أيضا، فإن النية في إسامة المعلوفة ما لم يكن هناك إسامة لا تغير من واقع المعلوفة شيئا، لكن نية التجارة في العرض تغير العرض من القنية والانتفاع إلى الرغبة في البيع والاستثمار، ولكل عمل ما يناسبه، فمجرد نية التجارة مع العرض للسلعة والرغبة في بيعها يثبت حكم التجارة، وتجعل العرض تجاريا بدلا من كونه مستهلكا أو منتفعا به.

(1) المهذب 6/ 6، المغني 4/ 257، الفروع 2/ 506.

ص: 231

ثم إن نية التجارة شرط لوجوب الزكاة في العروض، أما نية السوم فليست شرطا لزكاة البهائم، بل الشرط وجود حقيقة السوم (1)

القول الثاني في المسألة: أن العرض - من الأراضي وغيرها - يصير للتجارة بمجرد النية؛ فعلى هذا لا يعتبر أن يملكه بفعله واختياره، كالموروث، ولا أن يكون في مقابلة عوض، كالهبة والمنحة، بل متى نوى بالعرض التجارة صار للتجارة، وبهذا القول قال جماعة من الفقهاء، فهو رأي الكرابيسي وغيره من الشافعية (2) وهو مذهب إسحاق بن راهويه (3) وهو رواية عن الإمام أحمد، قال بعض أصحابه: هذا على أصح الروايتين، واختاره جمع من فقهاء الحنابلة كما اختاره جماعة من العلماء المعاصرين كالشيخ ابن باز (4)

(1) المبدع 2/ 379.

(2)

الحاوي الكبير 3/ 296، المهذب والمجموع 6/ 7، أسنى المطالب 1/ 382.

(3)

التمهيد 17/ 130، الحاوي الكبير 3/ 296، المهذب والمجموع 6/ 7.

(4)

مجموع فتاوى ومقالات متنوعة 14/ 171.

ص: 232

وابن عثيمين (1) ود/ بكر أبو زيد (2) وغيرهم.

واستدل أصحاب هذا القول بما يلي:

أولا: استدلوا بحديث سمرة المتقدم: «كان يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذي يعد للبيع (3)»

والإعداد للبيع تكفي فيه مجرد النية، ولا يحتاج لشيء آخر، فيدخل هذا الحكم في عموم الحديث (4)

ويمكن أن يجاب عن هذا: بأن الحديث ضعيف الإسناد جدا، فلا تقوم به حجة.

ثانيا: استدلوا بحديث «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى (5)» فإن عموم هذا الحديث يدل على أن من نوى التجارة في العروض التي يملكها كانت لها من غير شرط العمل أو التصرف فيها (6)

ثالثا: القياس على ما إذا كان عنده متاع للتجارة ثم نوى به القنية صار للقنية بمجرد النية، فإذا كانت نية القنية بمجردها كافية، فكذلك

(1) الشرح الممتع 6/ 91، فتاوى أركان الإسلام ص433.

(2)

فتوى جامعة في زكاة العقار ص11.

(3)

أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة باب العروض إذا كانت للتجارة هل فيها من زكاة؟ 2/ 95 رقم (1562)، والطبراني في الكبير 7/ 253 رقم (7029)، والدارقطني في كتاب الزكاة. باب زكاة مال التجارة وسقوطها عن الخيل والرقيق 2/ 127، 128 رقم (2027) والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الزكاة باب زكاة التجارة 4/ 146 رقم (7388)، وابن حزم في المحلى 5/ 234، وابن عبد البر في التمهيد 17/ 130، كلهم من طريق جعفر بن سعد عن خبيب بن سليمان عن أبيه، وفيه زيادة عند الدارقطني في أوله، ومدار الحديث على جعفر بن سعد بن سمرة بن جندب، وهذا إسناد ضعيف لما يلي: 1 - فيه جعفر بن سعد، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن حزم: مجهول، وقال عبد الحق - في الأحكام-: ليس ممن يعتمد عليه، وقال ابن عبد البر: ليس بالقوي، وقال ابن القطان: ما من هؤلاء من يعرف حاله - يعنى جعفرا، وشيخه وشيخ شيخه - قال الذهبي: وقد جهد المحدثون فيهم جهدهم، وهو إسناد يروى به جملة أحاديث قد ذكر البزار منها نحو المائة، ولذا قال ابن حجر في التقريب:(ليس بالقوي). ينظر الأحكام الوسطى 2/ 171، بيان الوهم لابن القطان 5/ 139، ميزان الاعتدال 1/ 407، تهذيب التهذيب 2/ 80، التقريب (941). 2 - خبيب بن سليمان ذكره ابن حبان في الثقات وقال ابن حزم: مجهول، وقال عبد الحق: ليس بقوي، قال ابن حجر: وقرأت بخط الذهبي: لا يعرف، ولذا قال ابن حجر في التقريب:(مجهول). ينظر تهذيب التهذيب 3/ 116، تقريب التهذيب (1700). 3 - سليمان بن سمرة بن جندب: قال عنه ابن القطان: مجهول، ولذا قال ابن حجر في التقريب:(مقبول). ينظر تهذيب التهذيب 4/ 173، تقريب التهذيب (2569). فهذا كلام أهل العلم بالرجال في رواة هذا الإسناد تفصيلا، وبخصوص هذا الإسناد بعينه فقد قال الحافظ الذهبي - كما في الميزان 1/ 408 - لما ساق جملة من الأحاديث التي رويت بهذا الإسناد:(وبكل حال هذا إسناد مظلم لا ينهض بحكم)، ولذا قال الحافظ ابن حجر في التلخيص 2/ 179:(في إسناده جهالة)، وقال في البلوغ (ص: 112): بإسناد لين، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: وفي إسناده ضعف 3/ 69، وقال الألباني في الإرواء 3/ 310:(ضعيف). وبهذا يتبين أن أكثر أهل العلم بالحديث لا يثبت هذا الحديث، أما قول النووي:(وفي إسناده جماعة لا أعرف حالهم ولكن لم يضعفه أبو داود، وقد قدمنا أن ما لم يضعفه فهو حسن عنده المجموع 6/ 40، وكذا قول الشنقيطي (وهذا الحديث سكت عليه أبو داود رحمه الله ومعلوم من عادته أنه لا يسكت إلا عن حديث صالح للاحتجاج عنده). أضواء البيان 2/ 137، فإنه اعتماد على إخراج أبي داود للحديث، وسكوته عنه والاعتماد على سكوت أبي داود غير مقبول عند جماعة من أهل العلم، لأنه ثبت أن أبا داود يسكت أحيانا عما في الصحيحين وعما هو شديد الضعف. قال الحافظ ابن حجر في النكت على كتاب ابن الصلاح 1/ 439 - 444 بعد أن ذكر أن أبا داود يخرج أحاديث جماعة من الضعفاء في الاحتجاج ويسكت عنها:(فلا ينبغي للناقد أن يقلده في السكوت على أحاديثهم، ويتابعه على الاحتجاج بهم بل طريقه أن ينظر هل لذلك الحديث متابع فيعتضد به، أو هو غريب فيتوقف فيه؟ إلى أن قال: فالصواب عدم الاعتماد على مجرد سكوته)

(4)

المغني 4/ 257، الفروع 2/ 506.

(5)

صحيح البخاري بدء الوحي (1)، صحيح مسلم الإمارة (1907)، سنن الترمذي فضائل الجهاد (1647)، سنن النسائي الطهارة (75)، سنن أبي داود الطلاق (2201)، سنن ابن ماجه الزهد (4227)، مسند أحمد (1/ 25).

(6)

الشرح الممتع 6/ 90، 91.

ص: 233

نية التجارة، بل أولى؛ لأن الإيجاب يغلب على الإسقاط احتياطا (1)

لكن أجيب عن هذا: بالفرق بين ما إذا نوى القنية بمال التجارة أو نوى التجارة بمال القنية؛ لأن القنية هي الإمساك بنية القنية، وقد وجد الإمساك والنية، والتجارة هي التصرف بنية التجارة، وقد وجدت النية ولم يوجد التصرف، فلم يصر للتجارة (2)

وقد يناقش هذا الجواب: بأن هذا منازعة في محل الخلاف، فإن الخلاف في نية التجارة: هل تحتاج معها إلى شيء آخر، فغاية ما في هذا الجواب إثبات الدعوى بمجرد الدعوى.

رابعا: قالوا: ولأن ذلك أحظ للمساكين، فاعتبر كالتقويم (3)

خامسا: ولأنه نوى به التجارة، فوجبت فيه الزكاة، كما لو نوى حال البيع (4)

الراجح من هذين القولين:

بعد النظر في هذين القولين وما استدل به لكل منهما يترجح - والعلم عند الله - القول الثاني وهو: أن العرض - من الأراضي وغيرها - يصير للتجارة بمجرد النية، وأنه لا يشترط في وجوب زكاتها تملكها

(1) المهذب والمجموع 6/ 6، المغني 4/ 257.

(2)

المهذب والمجموع 6/ 6.

(3)

المغني 4/ 257.

(4)

المغني 4/ 257.

ص: 234

بطريق المعاوضة أو غيرها، بل كيفما دخلت ملكه بطريق شرعي وجعلها للتجارة، أخذت حكم عروض التجارة ووجبت فيها الزكاة، وإنما ترجح هذا القول لقوة أدلته الأثرية والنظرية، ولأن غاية ما ذكره أصحاب القول الأول تعليلات وقياسات لا تعارض بها الأدلة، وقد وردت عليها المناقشة القوية، والله تعالى أعلم.

من ثمرة الخلاف في هذه المسألة:

1 -

أن من ورث أرضا أو أراضي، ونوى جعلها رأس مال للتجارة وقصد فيها طلب الربح، فإنها تجب فيها الزكاة على الراجح، من حين نواها للتجارة.

2 -

أن من ملك أرضا بطريق الهبة أو المنحة - كما يحصل الآن في منح الدولة الأراضي للمواطنين - فنوى مالكها جعلها للتجارة، فإن الزكاة تجب فيها على الراجح، من حين وجود تلك النية.

3 -

أن من اشترى أرضا لقصد الانتفاع بها، ثم نوى جعلها مال تجارة، وذلك بأن يبيعها لقصد الربح، فإنه تجب عليه فيها الزكاة - من حين نواها للتجارة - على الراجح

ص: 235