الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التقليد سلسا طبيعيا، كما كان عليه في القرون المفضلة، أما إذا غلب عليهم التعصب والمشاحنة والتحاسد والبغضاء، فإن التقليد يفقد وظيفته السامية، حيث جعله الإسلام طريقا للعامة لمعرفة الأحكام، لا وسيلة لتجزئة الإسلام.
وبعد أن اتفق جماهير العلماء على التقليد وجوازه برز فرع آخر وهو تقليد المعين الذي تبنى عليه مسألة التمذهب، وقد كثر الخلاف فيها وتشعب، وهي كما تعلم المقصود من هذا البحث، فلنشرع مستعينين بالله في عرض ما يتعلق بهذه المسألة.
مسألة التمذهب:
هذه المسألة هي لب البحث، بل هي المقصودة به، وأما ما مضى فهو عبارة عن مقدمات لتوضيح بعض جوانب المسالة وخلفية الخلاف فيها.
وقبل أن نبدأ في تفصيل هذه المسألة أنبه إلى أمرين:
الأول: أن الخلاف في هذه المسألة وإن كان من آثار الخلاف في مسألة التقليد فهو لا يبنى على الخلاف فيها انبناء مطلقا؛ لأن جمعا ممن قال بالتقليد منع التمذهب.
الثاني: أن معظم من منع التقليد إنما منعه على غير العامة، أما العامة فيجوز لهم التقليد إلا في قول بينا ضعفه، وأما التمذهب فيمنع
من قال بمنعه العامة وغيرهم من التمسك به، لأنه كما يقولون حصر للتقليد وتحديد له بغير دليل، كما سنعرف ذلك مفصلا في ثنايا المسألة إن شاء الله تعالى.
تعريف التمذهب واللامذهبية:
هاتان الكلمتان ترجعان إلى فعل ثلاثي هو: "ذهب" بمعنى مضى (1) وفي القاموس: (المذهب: المتوضأ والمعتقد الذي يذهب إليه والطريقة والأصل) اهـ (2) وقال صاحب المصباح: (ذهب مذهب فلان: قصد قصده وطريقته وذهب في الدين مذهبا رأى فيه رأيا). اهـ (3)
وقال الحطاب: (المذهب لغة: الطريق ومكان الذهاب، ثم صار عند الفقهاء حقيقة عرفية فيما ذهب إليه إمام من الأئمة من الأحكام الاجتهادية)(4) ومما مر يتبين أن معنى اللامذهبية هي عدم سلوك طريق أي إمام من الأئمة المجتهدين، والاستقلال بمعرفة الأحكام.
كما تبين أن معنى التمذهب: اتباع أحد هؤلاء الأئمة.
(1) معجم مقاييس اللغة لابن فارس، مادة "ذهب"
(2)
القاموس المحيط مادة "ذهب"
(3)
المصباح المنير مادة "ذهب"
(4)
القول السديد للشنقيطي (5)