المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌معالم رئيسة في مسألة التمذهب: - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٨٦

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌الفتاوى

- ‌ نصاب العنب الذي لا يزبب بالكيلو)

- ‌ الخضروات لا زكاة فيها)

- ‌ والبندورة والفواكه كذلك)

- ‌ ولو صبرت)

- ‌ إذا لم تبلغ الحنطة نصابا فهل يضم إليها الشعير والذرة)

- ‌ العمال في هذه العصور يضمون الشعير إلى البر)

- ‌ إذا حصد زرعه وباعه علفا)

- ‌ الثمار التي تأتي على فترات متقطعة)

- ‌ الربعي والصيفي)

- ‌ ولا على ما يأخذه بحصاده)

- ‌ مقدار زكاة الحبوب بالصاع)

- ‌ ما يسقى بالنباعات، والارتوازات)

- ‌ الزكاة على زراع الأرض)

- ‌إذا شرط المستأجر على المؤجر أنه ليس عليه زكاة فلا يسقطها)

- ‌ إذا كانا شريكين فهل يخرجانها قبل القسمة أو بعدها)

- ‌ إذا احترقت الثمرة في الجرين بغير تعد)

- ‌ إذا أصابتها جائحة بعد الخرص وكان موسرا)

- ‌من فتاوى سماحة الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌الواجب البدار بإخراج الزكاة وسؤال الثقات عن مستحقيها

- ‌حكم تأخير إخراج الزكاة

- ‌حكم تأخير زكاة العروض في حق من لم يملك النقود

- ‌حكم تارك الزكاة جحودا أو بخلا أو تهاونا

- ‌نصح وتذكير لمن لم يخرج الزكاة على الوجه المشروع

- ‌من فتاوى سماحة الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ

- ‌ هل العاملون بالكمائن والخفارات السرية يعدون كالمرابطين في سبيل الله

- ‌ صلاة الجماعة على العاملين في الدوريات والحراسات والكمائن

- ‌يمنحون بعض منسوبيهم رخصا إدارية وإجازات غير منصوص عليها في النظام بقصد مساعدتهم

- ‌ موظف في إجازة رسمية تنتهي إجازته مع بداية شهر ذي الحجة ولم يكن لديه مناوبات أو مهام عمل خلال فترة الحج ويرغب في أداء الحج

- ‌ احتلم ولم يكن قريبا منه ماء، وحان وقت الصلاة

- ‌ دخول المسجد المفروش أو المصلى بالبسطار العسكري

- ‌ تأخير جندي الحراسة للصلاة عن وقتها

- ‌ هل تسقط صلاة الجمعة عن المناوبين

- ‌ أخذ انتدابا إلى عمل ولم يذهب؟ وإن ذهب ولم يكمل مدة انتدابه المقررة

- ‌ صلاة التراويح بالمراكز الحدودية

- ‌ صلاة الجمعة في المراكز الحدودية

- ‌ القصر والجمع لمن كانت له مسافة في مجال عمله تساوي مسافة القصر

- ‌ تعذر استعمال الماء

- ‌ السفر الذي يشرع فيه الترخيص

- ‌ المصلي إذا أراد مشاركة الجماعة في صلاتهم على ظهر الزورق

- ‌ التهاون في أوقات الدوام الرسمي

- ‌من فتاوىاللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

- ‌آداب الصلاة:

- ‌الرجل الذي يأتي بعد الأذان فإنه رجل سوء

- ‌ المسارعة إلى الصف الأول

- ‌البحوث

- ‌المقدمة الثانية: في التقليد:

- ‌مسألة التمذهب:

- ‌نشأة التقليد والتمذهب وتطورهما

- ‌واقعنا الذي نعيشه

- ‌أدلة القائلين بمنع التمذهب والإجابة عنها:

- ‌أدلة القول بوجوب التمذهب والإجابة عنها:

- ‌أدلة القائلين بجواز التمذهب:

- ‌معالم رئيسة في مسألة التمذهب:

- ‌مسائل تكميلية

- ‌زكاة الأراضي وقضاياها المعاصرة

- ‌المبحث الثاني: الأرض المعدة للاستثمار

- ‌المطلب الأول: زكاة عين الأرض المعدة للاستثمار

- ‌المطلب الثاني: زكاة الأرض المستثمرة بالبناء ثم البيع

- ‌المبحث الثالث: الأرض المعدة للبيع:

- ‌المطلب الأول: شرط النية في الأرض المعدة للبيع

- ‌المسألة الأولى: دليل اعتبار نية التجارة في الأراضي

- ‌المسألة الثانية: معنى النية المعتبرة للتجارة في زكاة الأراضي

- ‌ثانيا: إبهام النية أو التردد فيها، وهل يمكن أن يستدل بقرائن الأحوال على تعيين النية

- ‌رابعا: شراء الأرض لحفظ المال، ونية التجارة في المستقبل، والانتظار إلى وقت ارتفاع الأسعار

- ‌خامسا: نية إضمار بيع الأرض والتجارة فيها

- ‌المسألة الثالثة: تغيير النية، ومدى تأثيره على حكم الزكاة

- ‌الفرع الأول: تغيير نية التجارة في الأرض إلى الانتفاع بها

- ‌الفرع الثاني: تغيير نية الانتفاع بالأرض إلى التجارة بها

- ‌الفرع الثالث: تغيير نية التجارة إلى الانتفاع، ثم الرجوع إلى التجارة

- ‌المسألة الرابعة: التحايل لإسقاط الزكاة مع نية التجارة

- ‌المطلب الثاني: اشتراط العمل في الأرض المعدة للبيع:

- ‌المبحث الرابع: أحوال سقوط الزكاة عن الأرض التجارية:

- ‌المطلب الأول: سقوط الزكاة في حال كساد الأرض التجارية

- ‌المطلب الثاني: سقوط الزكاة في حال تعثر المساهمات العقارية:

- ‌الخاتمة:

- ‌ضوابط قيم السلوك مع الله عند ابن قيم الجوزية

- ‌المقدمة:

- ‌خطة البحث:

- ‌ التمهيد:

- ‌منهج البحث:

- ‌التمهيد

- ‌أولا: ترجمة موجزة لابن قيم الجوزية

- ‌ثانيا: التعريف بمصطلحات البحث الأساسية:

- ‌ القيم:

- ‌ السلوك:

- ‌المبحث الأول: الإيمان بالله تعالى:

- ‌المبحث الثاني: العبودية الخالصة لله تعالى:

- ‌المبحث الثالث: الالتزام بالكتاب والسنة والتحاكم إليهما:

- ‌المبحث الرابع: متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم والاقتداء به

- ‌المبحث الخامس: تعلم العلم الشرعي

- ‌المبحث السادس: الالتزام بأداء التكاليف الشرعية:

- ‌المبحث السابع: اجتناب الذنوب والمعاصي:

- ‌الخاتمة

- ‌فضيلة الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود

- ‌مولده ونشأته:

- ‌طلبه العلم:

- ‌ثقافته واطلاعه:

- ‌توليه القضاء في قطر:

- ‌إخلاصه وجرأته في الحق:

- ‌نماذج من شجاعته:

- ‌برنامجه لشهر رمضان:

- ‌مؤلفاته:

- ‌بعض ما قاله عارفوه:

- ‌من مآثره:

- ‌وفاته:

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌معالم رئيسة في مسألة التمذهب:

هذا الباب، فلم التشنيع والإنكار (1)

4 -

أنه لا يجب تقليد الأفضل وإن كان هو الأولى، وقد سارت الأمة على هذا، فكانت الفتوى زمن الصحابة والتابعين للفاضل والمفضول (2) فليكن تقليد المذاهب على الأقل من هذا الباب، ثم أخيرا فهو القول الوسط الذي يتمشى مع سماحة الإسلام ويسره، فلا إفراط ولا تفريط، ويوافق فطر الناس كما ذكرنا، فإن قلب العامي متى وثق بشخص واطمأن له لم يقتنع بسواه، فهو لا يعرف الراجح من المرجوح، فلا يمكن أن يقتنع بفتوى غير مفتيه إلا بعد لأي، وحيث إن الشرع قد أباح العمل بكل اجتهاد سار في مساره الصحيح، فلم نحجر واسعا. والله أعلم.

(1) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (20/ 207)

(2)

قواعد الأحكام للعز بن عبد السلام (2/ 135)

ص: 177

‌معالم رئيسة في مسألة التمذهب:

عرفنا أن الرأي الوسط في مسألة التمذهب هو القول بجواز التمذهب وعدم الإنكار على من ترك التمذهب، وبقي بعض الأمور التي ينبغي أن ينتبه لها كل مسلم عموما، ومن أراد التمذهب بأحد

ص: 177

مذاهب الأئمة خصوصا، فمن هذه الأمور ما يأتي:

1 -

أن المقلد يجب عليه أن يوقن بأن متابعته لعالم ما أو لمذهب ما إنما هي لكون هذا العالم أو هذا المذهب هو طريقه إلى معرفه حكم الله تعالى، يقول الشاطبي:(ومعلوم أنه لا يقتدي به إلا من حيث هو عالم بالعلم الحاكم، لا من جهة كونه فلانا، وهذه الجملة لا يسع فيها خلاف عقلا ولا شرعا). اهـ (1)

2 -

ألا يصر المقلد على تقليد من تبين له خطؤه، بل على المقلد إذا بان له خطأ متبوعه أن يقلع من ساعته ويتبع الصواب الذي ظهر له، فإن أصر على متابعته والتعصب له فقد خالف أمر الشارع وخالف أمر متبوعه؛ لأن كل عالم يصرح أو يعرض بترك قوله إذا بان للمتبع خطؤه كما نقلناه عن الشاطبي. (2)

يقول القرافي رحمه الله: (يجوز تقليد المذاهب والانتقال إليها في كل ما لا ينقض فيه حكم الحاكم وهو أربعة: ما خالف الإجماع،

(1) الاعتصام للشاطبي (2/ 343).

(2)

الاعتصام (2/ 345)، والإنصاف (101، 102)

ص: 178

أو القواعد أو النص أو القياس الجلي) (1)

فإذا رأى متبع المذهب رأيا في مذهبه مخالفا لدليل شرعي، أو قاعدة شرعية، أو قياس صحيح أو إجماع الأمة، وجب عليه تركه لما ترجح عنده.

3 -

أنه لا يلزم الشخص أن يتقيد بمذهب ما، لا يتجاوز ما فيه، وإنما التزامه بمذهب ما، مما يسوغ له ويجوز (2) وعلى هذا يجوز أن يستمر في تقليده ويجوز أن ينتقل إلى غيره إذا كان قصده من الانتقال أمرا دينيا قال القرافي في التنقيح: (قال الزناتي: يجوز تقليد المذاهب في النوازل والانتقال من مذهب إلى مذهب بثلاثة شروط:

أ- أن لا يجمع بينهما على وجه يخالف الإجماع، كمن تزوج بغير صداق ولا ولي ولا شهود، فإن كل عالم يقول ببطلان النكاح في هذه الصورة المجموعة.

ب- أن يعتقد فيمن يقلده الفضل بوصول أخباره إليه، ولا يقلده رميا في عماية.

(1) شرح تنقيح الفصول (432)

(2)

مجموع الفتاوى (20/ 209)

ص: 179

ج. أن لا يتتبع رخص المذاهب). اهـ (1)

ومعنى هذا أن يكون قائده في التمذهب وفي الانتقال البحث عن حكم الله ونشدان الحق وطلب الخير، لا أغراض النفس وشهواتها.

4 -

يجب على مريد اتباع أحد من مذاهب الأئمة رحمهم الله أن يعرف للأئمة غير إمامه وللفقهاء غير فقهاء مذهبه حقهم وفضلهم، فلا ينال منهم، ولا يتعرض لهم بسوء، بل عليه أن يرى الجميع أئمة فضلاء، وأن كلا منهم سالك في الطريق المكلف به، وألا يتعصب لمتبوعه على غيره، فإن هذا يؤدي إلى تحكيم الرجال في الحق والإعراض عن أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم. (2)

وعليه أن يعلم أن هذا الخلاف القائم بين العلماء لا ينبغي أن يكون سببا للخصومة والقطيعة، وقدوتنا في هذا الموقف الأئمة الأربعة ومن بعدهم من علماء الإسلام.

فهذا الشافعي يصلي قريبا من مقبرة أبي حنيفة فلا يقنت تأدبا معه ويقول: (ربما انحدرنا إلى مذهب أهل العراق).

والإمام أحمد رحمه الله يرى الوضوء من الرعاف والحجامة،

(1) شرح تنقيح الفصول (432)

(2)

الاعتصام (2/ 348)

ص: 180

فقيل له: فإن كان الإمام قد خرج منه الدم ولم يتوضأ هل تصلي خلفه؟ قال: (كيف لا أصلي خلف مالك وسعيد بن المسيب؟)(1) وأخبار السلف في هذا كثيرة، فالأئمة رحمهم الله لا يرون أنهم خير من مخالفيهم، أو أن مخالفيهم على غير هدى، بل كل يعرف لصاحبه حقه ويعمل بما أداه إليه اجتهاده، ويعلم أن هذا الاختلاف كما قال ابن العربي:(اختلاف العلماء رحمة للخلق، وفسحة في الحق، وطريق مهيع إلى الرفق)(2) اهـ، أو كما قال قبله عمر بن عبد العزيز:(ما أحب أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يختلفوا؛ لأنه لو كان قولا واحدا لكان الناس في ضيق، فلو أخذ رجل بقول أحدهم كان في سعة)(3)

5 -

أن على العلماء وطلبة العلم من أرباب المذاهب الابتعاد عن المناظرات والمجادلات في كل مسألة لا يطمع فيها أحد الطرفين أن يرجع صاحبه إلى الحق إذا ظهر له، وليس فيها فائدة ترجع إلى استجلاب مودة ولا إلى توطئة القلوب لوعي الحق، بل هي كما نقل الإمام ابن تيمية

(1) رفع النقاب عن تنقيح الشهاب (1097)

(2)

أحكام القرآن لابن العربي (3/ 322)

(3)

جامع بيان العلم وفضله (2/ 80)

ص: 181

على الضد من ذلك كله، فإن مثل هذا مما قد تكلم فيه العلماء، وأظهروا من عوره ما أظهروا، ولا يتمارى في أنه محدث متجدد. (1)

وعلى هذا فينبغي لكل من اطلع على قول ضعيف في مذهبه أو مذهب غيره ألا يعمل به في خاصة نفسه، وأن يخبر من رآه يعمل به بشيء من اللطف واتباع الحسنى من غير تعرض للمذهب أو المذاهب بتخطئة أو تسفيه، ويجعل بين عينيه أنه بعمله هذا ينتصر للحق لا ينتصر لنفسه، وعليه أن يعلم القاعدة الشرعية، وهي أن المنكر إذا خشي منكره من ترتب منكر أكبر على إنكاره، وجب عليه الكف عن الإنكار، فكيف بقول له عاضد من اجتهاد أئمة الإسلام ولعلهم رأوا ما لم نر، فإن الحكم يتغير بتغير الزمان والمكان ونحوها كما هو معلوم.

وليعلم أيضا أن البعد عن إثارة الضغائن والأحقاد من أهداف الإسلام، فلذا يجب كما قلنا ترك الأفضل والعمل بالمفضول إذا خشي ترتب مفسدة أو ذهاب مصلحة عند العمل بالأفضل، وهذه قاعدة لا إشكال فيها عند أئمة الإسلام، وأصلها قوله تعالى:

(1) المسودة (541)

ص: 182

{وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} (1).

6 -

ليعلم الملتزم بالمذهب وغيره من المسلمين أنه قد حدثت عبر العصور الإسلامية فتن ومحن وتعصبات بين المذاهب الإسلامية كانت سببا لفساد كبير، وعلى المسلم إزاء هذه الأحداث أن يعلم أنها ليست من خلق الإسلام ثم إنها من فعل العامة وبعض طلاب العلم المبتدئين ونحوهم، وكلها ليس دافعها دينيا بحتا، بل أكثرها ردود فعل لمواقف شخصية وأغراض خاصة، أو هي من صنع الولاة والحكام لغرض ما، وعلى المسلم أن يعتبرها من الهفوات والعثرات التي يجب سترها كسائر العيوب، وأن لا تشاع وتذكر على أنها من عيوب التمذهب، وقد بينا فيما سبق بعض أسبابها وخلفياتها التي كانت سببا لفساد كبير.

هذه بعض المعالم التي أحببت التنبيه إليها في نهاية الكلام على مسألة التمذهب، ليلقي المسلم سمعه ونظره إليها، ويمرن عقله وقلبه وجوارحه على العمل بها والله المستعان.

(1) سورة الأنعام الآية 108

ص: 183