الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
للبيع لا يكون بدون نية، فدل ذلك على اعتبارها (1)
ثالثا: ما رواه نافع عن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال: «ليس في العرض زكاة، إلا أن يراد به التجارة (2)»
رابعا: من التعليل، يقال: إن هذه الأعيان من الأراضي وغيرها كما تصلح للتجارة، تصلح للانتفاع بأعيانها، بل المقصود الأصلي منها ذلك، فلا بد من التعيين للتجارة وذلك بالنية (3)
وأيضا: فإن الزكاة لا تجب إلا في المال النامي، ومعنى النماء في الأراضي وغيرها من العروض لا يكون بدون نية التجارة (4)
(1) الممتع شرح المقنع 2/ 174.
(2)
أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة باب العروض إذا كانت للتجارة هل فيها من زكاة؟ 2/ 95 رقم (1562)، والطبراني في الكبير 7/ 253 رقم (7029)، والدارقطني في كتاب الزكاة. باب زكاة مال التجارة وسقوطها عن الخيل والرقيق 2/ 127، 128 رقم (2027) والبيهقي في السنن الكبرى كتاب الزكاة باب زكاة التجارة 4/ 146 رقم (7388)، وابن حزم في المحلى 5/ 234، وابن عبد البر في التمهيد 17/ 130، كلهم من طريق جعفر بن سعد عن خبيب بن سليمان عن أبيه، وفيه زيادة عند الدارقطني في أوله، ومدار الحديث على جعفر بن سعد بن سمرة بن جندب، وهذا إسناد ضعيف لما يلي: 1 - فيه جعفر بن سعد، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن حزم: مجهول، وقال عبد الحق - في الأحكام-: ليس ممن يعتمد عليه، وقال ابن عبد البر: ليس بالقوي، وقال ابن القطان: ما من هؤلاء من يعرف حاله - يعنى جعفرا، وشيخه وشيخ شيخه - قال الذهبي: وقد جهد المحدثون فيهم جهدهم، وهو إسناد يروى به جملة أحاديث قد ذكر البزار منها نحو المائة، ولذا قال ابن حجر في التقريب:(ليس بالقوي). ينظر الأحكام الوسطى 2/ 171، بيان الوهم لابن القطان 5/ 139، ميزان الاعتدال 1/ 407، تهذيب التهذيب 2/ 80، التقريب (941). 2 - خبيب بن سليمان ذكره ابن حبان في الثقات وقال ابن حزم: مجهول، وقال عبد الحق: ليس بقوي، قال ابن حجر: وقرأت بخط الذهبي: لا يعرف، ولذا قال ابن حجر في التقريب:(مجهول). ينظر تهذيب التهذيب 3/ 116، تقريب التهذيب (1700). 3 - سليمان بن سمرة بن جندب: قال عنه ابن القطان: مجهول، ولذا قال ابن حجر في التقريب:(مقبول). ينظر تهذيب التهذيب 4/ 173، تقريب التهذيب (2569). فهذا كلام أهل العلم بالرجال في رواة هذا الإسناد تفصيلا، وبخصوص هذا الإسناد بعينه فقد قال الحافظ الذهبي - كما في الميزان 1/ 408 - لما ساق جملة من الأحاديث التي رويت بهذا الإسناد:(وبكل حال هذا إسناد مظلم لا ينهض بحكم)، ولذا قال الحافظ ابن حجر في التلخيص 2/ 179:(في إسناده جهالة)، وقال في البلوغ (ص: 112): بإسناد لين، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: وفي إسناده ضعف 3/ 69، وقال الألباني في الإرواء 3/ 310:(ضعيف). وبهذا يتبين أن أكثر أهل العلم بالحديث لا يثبت هذا الحديث، أما قول النووي:(وفي إسناده جماعة لا أعرف حالهم ولكن لم يضعفه أبو داود، وقد قدمنا أن ما لم يضعفه فهو حسن عنده المجموع 6/ 40، وكذا قول الشنقيطي (وهذا الحديث سكت عليه أبو داود رحمه الله ومعلوم من عادته أنه لا يسكت إلا عن حديث صالح للاحتجاج عنده). أضواء البيان 2/ 137، فإنه اعتماد على إخراج أبي داود للحديث، وسكوته عنه والاعتماد على سكوت أبي داود غير مقبول عند جماعة من أهل العلم، لأنه ثبت أن أبا داود يسكت أحيانا عما في الصحيحين وعما هو شديد الضعف. قال الحافظ ابن حجر في النكت على كتاب ابن الصلاح 1/ 439 - 444 بعد أن ذكر أن أبا داود يخرج أحاديث جماعة من الضعفاء في الاحتجاج ويسكت عنها:(فلا ينبغي للناقد أن يقلده في السكوت على أحاديثهم، ويتابعه على الاحتجاج بهم بل طريقه أن ينظر هل لذلك الحديث متابع فيعتضد به، أو هو غريب فيتوقف فيه؟ إلى أن قال: فالصواب عدم الاعتماد على مجرد سكوته)، وأخرجه بهذا اللفظ الشافعي في الأم 2/ 50.
(3)
بدائع الصنائع 2/ 12.
(4)
المبسوط 2/ 199.
المسألة الثانية: معنى النية المعتبرة للتجارة في زكاة الأراضي
.
أعتقد أن هذه المسألة من أهم المسائل المطروحة في بحث زكاة الأراضي، كما أنها من أشكل المسائل، لأن كثيرا من الناس لا يدري ما معنى نية التجارة، ومتى تتحصل عنده نية التجارة؟ وهل هناك فرق بين نية التجارة ونية البيع؟ وهل يكفي فيها مجرد الإضمار أو العزم القلبي أو لا بد من عمل آخر، يبين هذا العزم؟ وما الحكم عند التردد في النية؟ وهل يمكن أن يستدل بقرائن الأحوال على تعيين النية؟
ولعلي أن أوضح هنا بعض هذه الإشكالات المتعلقة بنية مالك الأرض، وأثر ذلك في إيجاب الزكاة أو عدم إيجابها، وذلك من خلال النقاط الآتية:
أولا: متى تتحصل نية التجارة؟ وما الفرق بينها وبين نية البيع؟
من المسلم به أنه ليس كل من يريد بيع سلعة يريد التجارة بها، لأن مجرد البيع ليس بالضرورة أن يكون تجارة، فبيع السلع يكون لمقاصد أخرى كالتخلص من السلعة، أو عدم الرغبة فيها أحيانا، أو وجود ضائقة، أو نحو ذلك، ولذا فقد ذكر الفقهاء أن التجارة في البيع معناها: تقليب المال بقصد الأرباح
ويظهر من هذا أن نية التجارة في الأرض تغاير نية البيع، فقد ينوي الإنسان بيع الأرض وهو لا يريد المتاجرة فيها، وذلك كمن اشترى أرضا للسكنى أو الاستثمار، ولم يقصد عند الشراء بيعها للتجارة، ثم بدا له بيعها، لسبب أنه رغب عن الأرض، كأن يريد تغيير الموقع إلى موقع أنسب، فهذا في الحقيقة لم ينو التجارة، والذي يظهر أنه لا تجب على مثله زكاة، ولو مر حول أو أكثر على هذه النية.
ومثل هذا أيضا من ورث أرضا وأراد بيعها لقسمة ثمنها على