الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرجل؟ فيقول: محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، جاءنا بالبينات من عند الله فصدقناه، فيقال له: هل رأيت الله؟ فيقول: ما ينبغي لأحد أن يرى الله، فيُفرج له فرجة قِبَل النار، فينظر إليها يحطم بعضها بعضاً، فيقال له: انظر إلى ما وقاك الله، ثم يُفرج له قبل الجنة فينظر إلى زهرتها وما فيها فيقال له: هذا مقعدك، ويقال له: على اليقين كنت، وعليه مت، وعليه تبعث إن شاء الله، ويُجلس الرجل السوء في قبره فزعاً مشعوفاً، فيقال له: فيم كنت؟ فيقول: لا أدري، فيقال له: ما هذا الرجل؟ فيقول: سمعت الناس يقولون قولاً فقلته، فيُفرج له فرجة قبل الجنة، فينظر إلى زهرتها وما فيها، فيقال له: انظر إلى ما صرف الله عنك، ثم يُفرج له فرجة قِبل النار، فينظر إليها يحطم بعضها بعضاً، فيقال له: هذا مقعدك، على الشك كنت، وعليه مت، وعليه تبعث إن شاء الله تعالى (1).
وفي حديث جابر عند ابن ماجه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا دخل الميت القبر مُثِّلت له الشمس عند غروبها، فيجلس يمسح عينيه ويقول: دعوني أصلي)) (2)، والمقصود الميت المسلم، كما تقدم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
9 – تذكُّر نعيم القبر وعذابه
؛ لأدلة قطعية كثيرة جدّاً، من القرآن الكريم (3) والأحاديث الشريفة التي بلغت حد التواتر (4) ومنها:
(1) ابن ماجه، كتاب الزهد، باب ذكر القبر والبلى، برقم 4344، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه، 3/ 388 - 389.
(2)
ابن ماجه، كتاب الزهد، باب ذكر القبر والبلى، برقم 4272، وحسنه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه، 3/ 390.
(3)
تأتي الآيات التي تدل على نعيم القبر وعذابه إن شاء الله.
(4)
انظر: الروح لابن القيم، 1/ 336 - 339، 1/ 165، وجامع الأصول من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، 11/ 164، من حديث رقم 8690 - 8704.
حديث أبي طلحة: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلاً من قريش فقذفوا في طويٍّ (1) من أطواء بدر خبيث مخبث، وكان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة (2) ثلاث ليالٍ، فلما كان ببدر اليوم الثالث أمر براحلته فشُدَّ عليها رحلها ثم مشى وتبعه أصحابه وقالوا: ما نرى ينطلق إلا لبعض حاجته، حتى قام على شَفةِ الركيِّ (3) فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم:((يا فلان ابن فلان، ويا فلان ابن فلان، أيَسرُّكم أنكم أطعتم الله ورسوله؟ فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقّاً، فهل وجدتم ما وعد ربكم حقّاً؟)) قال: فقال عمر: يا رسول الله ما تكلم من أجساد لا أرواح لها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفس محمد بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم)) قال قتادة: أحياهم الله حتى أسمعهم قوله: توبيخاً، وتصغيراً، ونقمةً، وحسرةً وندماً)) (4).
* واختلف العلماء – رحمهم الله تعالى – في سماع الأموات؛ لقوله تعالى: {إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ} (5). وقال تعالى في سورة الروم: {فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاء إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ} (6). وقوله تعالى: {وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ} (7).
(1) الطوي: البئر المطوية. النهاية في غريب الحديث لابن الأثير، 3/ 146.
(2)
العرصة: كل موضع واسع لا بناء فيه. النهاية لابن الأثير، 3/ 208.
(3)
الركي: البئر التي لم تطوَ. تفسير غريب ما في الصحيحين للحميدي، ص267.
(4)
متفق عليه: البخاري، كتاب المغازي، باب قتل أبي جهل، برقم 3976، ومسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه، وإثبات عذاب القبر والتعوذ منه، برقم 2875.
(5)
سورة النمل، الآية:80.
(6)
سورة الروم، الآية:52.
(7)
سورة فاطر، الآية:22.
ذكر الإمام الشنقيطي – رحمه الله – أنه لا يصح في تفسير ذلك من أقوال العلماء إلا تفسيران:
الأول: {فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} أي لا تسمع الكفار الذين أمات الله قلوبهم، إسماع هدى وانتفاع؛ لأن الله ختم على قلوبهم، فهم لا يسمعون الحق سماع اهتداء وانتفاع.
الثاني: أن المراد بالموتى الذين ماتوا بالفعل، ولكن المراد بالسماع المنفي خصوص السماع المعتاد الذي ينتفع صاحبه به، وأن هذا مَثَلٌ ضربه الله للكفار، والكفار يسمعون الصوت ولكن لا يسمعون سماع قبول واتباع.
ثم تكلم رحمه الله عن مسألة سماع الموتى في قبورهم وأطال رحمه الله، واختار أنهم يسمعون كلام مَنْ كلَّمهم، وقال: إنه الذي يقتضي الدليل رجحانه، وبيّن أنّ من استدل بقول عائشة رضي الله عنها فقد غلط، وبيّن أنّ سماع الموتى ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في أحاديث صحيحة لا مطعن فيها، ولم يذكر صلى الله عليه وسلم أن ذلك خاص بإنسان ولا بوقت، ولم يثبت في الكتاب ولا في السنة شيء يخالف ذلك، ثم ذكر رحمه الله: كلام النبي صلى الله عليه وسلم لأهل بدر، وسلامه على الأموات كالأحياء، فدل ذلك على أنهم يسمعون التسليم عليهم، وذكر ما ذكره الإمام ابن القيم في كتابه الروح من الآثار الكثيرة التي تدل على معرفة الموتى بزيارة الأحياء، وردّ الله عز وجل أرواح الموتى عليهم أثناء سلام أقربائهم عليهم حتى يردوا عليهم السلام، وقد انتصر لسماع الموتى ابن تيمية رحمه الله (1) وتلميذه ابن القيم في كتابه ((الروح)) وغيره.
(1) مجموع الفتاوى، 4/ 295 - 299، 24/ 304، 331، 362 - 379.
والإمام ابن كثير في تفسيره حيث قال: ((والصحيح عند العلماء رواية عبد الله بن عمر رضي الله عنهما؛ لما لها من الشواهد على صحتها من وجوه كثيرة من أشهر ذلك ما رواه ابن عبد البر مصححاً له عن ابن عباس مرفوعاً: ((ما من أحد يمرُّ بقبر أخيه المسلم كان يعرفه في الدنيا فيسلّم عليه إلا ردّ الله عليه روحه حتى يردَّ عليه السلام) ثم ذكر آثاراً كثيرة جدّاً عن الصحابة رضي الله عنهم،وعن التابعين رحمهم الله (1) والله ولي التوفيق (2).
وسمعت شيخنا ابن باز – رحمه الله – يقول: الأقوال في سماع الأموات ثلاثة:
القول الأول: يسمعون مطلقاً.
القول الثاني: لا يسمعون مطلقاً.
القول الثالث: التفصيل: يسمعون فيما جاءت به النصوص، ولا يسمعون في غير ذلك، وهذا القول هو الصواب، وأنهم يسمعون فيما جاءت به النصوص فقط، كسماع قرع النعال، وكقوله [صلى الله عليه وسلم لصناديد قريش] ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، ولكن لا يجيبون، وعند الزيارة والسلام عليهم، وهذا القول جيد)) (3).
وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله: أن أرواح الأحياء إذا قُبضت تجتمع إلى أرواح الموتى (4)، وأن الأرواح العليا تنزل إلى الأرواح
(1) أضواء البيان للشنقيطي، 6/ 416 - 439.
(2)
تفسير القرآن العظيم، لابن كثير، 3/ 422 - 423.
(3)
سمعته أثناء تقريره على صحيح البخاري، الحديث رقم 1370، 1371.
(4)
مجموع الفتاوى، 24/ 303.
الدنيا، والأدنى يصعد إلى الأعلى، وأن الروح تُعاد إلى اللّحد أحياناً، كرد الروح إذا سُلِّم على القبر حتى يرد السلام على من سلم عليه (1)، وقد تجتمع الأرواح مع تباعد المدافن، وقد تفترق مع اجتماع المدافن (2).
* والشهداء في حياة عظيمة، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لمَّا أُصيب إخوانكم بأُحُد جعل الله أرواحهم في جوف طير خضر، ترد أنهار الجنة، تأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش، فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم، ومقيلهم، قالوا: من يبلِّغ إخواننا عنا أنَّا أحياء في الجنة نُرزق، لئلاّ يزهدوا في الجهاد، ولا يتَّكلوا عند الحرب؟ فقال الله سبحانه: أنا أبلّغهم عنكم. قال: فأنزل الله: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ الله أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (3)} (4).
قال شيخ الإسلام رحمه الله: ((الصحيح الذي عليه الأئمة وجماهير أهل السنة: أن الحياة، والرزق، ودخول الأرواح الجنة ليس مختصّاً بالشهيد، كما دلّت على ذلك النصوص الثابتة، ويختصُّ الشهيد بالذكر؛ لكون الظانّ يظن أنه يموت فينكل عن الجهاد، فأخبر بذلك، ليزول المانع من الإقدام على الجهاد والشهادة)) (5).
(1) المرجع السابق، 24/ 304، 331، و 362 - 379.
(2)
مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية، 24/ 369.
(3)
سورة آل عمران، الآية:169.
(4)
أبو داود، كتاب الجهاد، باب في فضل الشهادة، برقم 2520، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 2/ 102.
(5)
مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، 24/ 332.
* وعذاب القبر ونعيمه حق لا شك فيه، وقد ظهر في هذا الحديث ما يدل على ذلك، فقد قال عمر رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم حينما خاطب صناديد قريش بعد إلقائهم في قليب بدر: يا رسول الله ما تكُلِّم من أجساد لا أرواح لها))؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم)). قال قتادة: ((أحياهم الله حتى أسمعهم قوله: توبيخاً، وتصغيراً ونقمة، وحسرة، وندماً))، وهذا يؤكد أهمية بيان عذاب القبر؛ ولهذا خاطب النبي صلى الله عليه وسلم صناديد قريش يُوبِّخُهم؛ لإعراضهم وعنادهم التام في الدنيا عن دين الإسلام، بل وقفوا في طريقه وقاتلوا أهله؛ ولأهمية التحذير من عذاب القبر ذكر الله عز وجل عذاب آل فرعون في البرزخ فقال عز وجل:{وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ * النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} (1).
وقال عز وجل في عذاب الكفار في الدنيا والبرزخ: {فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ * يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلا هُمْ يُنصَرُونَ * وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} (2).
وقد ذكر البراء بن عازب، وابن عباس، وعلي رضي الله عنهم أنّ قوله عز وجل:{وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} هو عذاب القبر، وقيل: هو الجوع في الدنيا والمصائب التي تصيبهم في الدنيا، ورجح الإمام الطبري –رحمه الله أن ذلك يشمل الأمرين، وأن للذين ظلموا أنفسهم بكفرهم به عذاباً دون يومهم الذي فيه يصعقون، وذلك
(1) سورة غافر، الآيتان: 45، 46.
(2)
سورة الطور، الآيات: 45 - 47.
يوم القيامة، فعذاب القبر دون يوم القيامة؛ لأنه في البرزخ، والجوع، والمصائب التي تصيبهم في أنفسهم وأموالهم وأولادهم دون يوم القيامة، ولم يخُصص نوعاً من ذلك أنه لهم دون يوم القيامة دون نوعٍ بل عمَّ (1).
* وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم للناس عذاب القبر في أحاديث كثيرة، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:((إنَّ أحدكم إذا مات، عُرض عليه مقعده بالغداة والعشي إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار، يقال: هذا مقعدك حتى يبعثك الله عليه يوم القيامة)) (2).
* وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: بينما النبي صلى الله عليه وسلم في حائط لبني النجار على بغلة له ونحن معه، إذ حادت به (3) فكادت تلقيه، وإذا أقْبُر ستة أو خمسة أو أربعة، فقال:((من يعرف أصحاب هذه الأقبر))؟ قال رجل: أنا، قال:((فمتى مات هؤلاء))؟ قال: ماتوا في الإشراك، فقال:((إن هذه الأمة تُبتلى في قبورها، فلولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه))، ثم أقبل علينا بوجهه فقال:((تعوَّذوا بالله من عذاب القبر)) قالوا: نعوذ بالله من عذاب القبر، قال:((تعوَّذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن)) قالوا: نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن،
(1) انظر: تفسير الطبري: [جامع البيان عن تفسير آي القرآن] 2/ 488، وتفسير القرطبي [الجامع لأحكام القرآن]، 17/ 79، والروح لابن القيم، 1/ 336، 339، وذكر رحمه الله الآيات في عذاب القبر في هذا الموضع.
(2)
متفق عليه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: البخاري، كتاب الجنائز، باب الميت يعرض عليه مقعده بالغداة والعشي، 2/ 126 برقم 1679، ومسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب عرض مقعد الميت من الجنة أو من النار عليه وإثبات عذاب القبر والتعوذ منه، 4/ 2199، برقم 2866.
(3)
حادت به: أي مالت عن الطريق ونفرت، انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 18/ 209.
قال: ((تعوَّذوا بالله من فتنة الدجال)) قالوا: نعوذ بالله من فتنة الدجال)) (1).
* وعن أبي أيوب رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما غربت الشمس فسمع صوتاً فقال: ((يهودُ تُعذَّبُ في قبورها)) (2).
* وعن أنس رضي الله عنه قال: قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: ((إن العبد إذا وُضِعَ في قبره وتولى عنه أصحابه، إنه ليسمع قرع نعالهم، أتاه ملكان فيُقعدانِهِ فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل؟)) محمد صلى الله عليه وسلم ((فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله، فيقال له: انظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله به مقعداً من الجنة، فيراهما جميعاً))، [قال قتادة:((وذُكر لنا أنه يفسح له في قبره)) ثم رجع إلى حديث أنس قال] ((وأما المنافق والكافر فيقال له: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول: لا أدري كنت أقول ما يقول الناس، فيقال: لا دريت ولا تليت، ويُضرب بمطارق من حديد ضربة، فيصيح صيحة يسمعها من يليه غير الثقلين)) (3).
* وعن البراء بن عازب رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا أُقعد المؤمن في قبره أُتي ثم شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فذلك قوله:
(1) مسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه، وإثبات عذاب القبر والتعوذ منه، 4/ 2199، برقم 2867.
(2)
متفق عليه: البخاري، كتاب الجنائز، باب التعوذ من عذاب القبر، 2/ 125، برقم 1375، ومسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه، وإثبات عذاب القبر والتعوذ منه، 4/ 2200، برقم 2869.
(3)
متفق عليه: البخاري، كتاب الجنائز، باب ما جاء في عذاب القبر، 2/ 125، برقم 1374، ومسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه، وإثبات عذاب القبر والتعوذ منه، 4/ 2200، برقم 2870، وما بين المعقوفين لفظ البخاري دون مسلم.
{يُثَبِّتُ الله الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} (1).
* وفتنة القبر كانت تُحْدِثُ عند الصحابة خشوعاً لله وإقبالاً عظيماً إلى طاعته حينما يُذَكِّرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت:((قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيباً فذكر فتنة القبر التي يُفتتن بها المرء، فلما ذكر ذلك ضجَّ المسلمون ضجّةً)) (2).
* والقبر له ضغطة لا ينجو منها أحد، لكن هذه الضغطة ضغطة سخط وغضب على المجرمين، وضغطة فرح وسرور للمؤمنين (3).
فعن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((هذا الذي تَحرّك له العرش، وفُتحت له أبواب السماء، وشهده سبعون ألفاً من الملائكة، لقد ضُمَّ ضمةً ثم فُرج عنه)) (4) يعني سعدَ بن معاذ رضي الله عنه فينبغي للمسلم أن يسأل الله العافية؛ فإن للقبر ضغطة، فلو نجا أو سلم أحد منها لنجا سعد بن معاذ.
* ومما يزيد الأمر وضوحاً في عذاب القبر قوله صلى الله عليه وسلم: ((أسرعوا بالجنازة، فإن تكُ صالحة فخيرٌ تقدمونها إليه، وإن تك غير ذلك فشر تضعونه عن رقابكم)) (5).
(1) متفق عليه: البخاري، كتاب الجنائز، باب ما جاء في عذاب القبر، 2/ 124، برقم 1369، واللفظ له، ومسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه، وإثبات عذاب القبر والتعوذ منه، 4/ 2201، برقم 2871، والآية من سورة إبراهيم، الآية:27.
(2)
البخاري، كتاب الجنائز، باب ما جاء في عذاب القبر، 2/ 124، برقم 1373.
(3)
انظر: حاشية الإمام السندي على سنن النسائي، 4/ 100.
(4)
أخرجه النسائي، كتاب الجنائز، باب ضمة القبر وضغطته،4/ 100، برقم 2055، وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي،2/ 441،وفي سلسلة الأحاديث الصحيحة،4/ 268،برقم 1695.
(5)
متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: البخاري، كتاب الجنائز، باب السرعة بالجنازة، 2/ 108، برقم 1315، ومسلم، كتاب الجنائز، باب الإسراع بالجنازة، 2/ 651، برقم 944.
* وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا وُضعت الجنازة واحتملها الرجال على أعناقهم، فإن كانت صالحة قالت: قدموني، وإن كانت غير صالحة قالت يا ويلها أين تذهبون بها؟ يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان، ولو سمعه لَصَعِق)) (1).
* ولهول عذاب القبر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته بالاستعاذة منه دُبُرَ كل صلاة، فقال صلى الله عليه وسلم:((إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع، يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جنهم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسح الدجال)) (2).
* وكان هو صلى الله عليه وسلم يدعو في صلاته فيقول: ((اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات، اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم)) فقال له قائل: ما أكثر ما تستعيذ من المغرم يا رسول الله؟ فقال: ((إن الرجل إذا غَرِمَ حدّث فكذب ووعد فأخلف)) (3).
(1) البخاري، كتاب الجنائز، باب حمل الرجال الجنازة دون النساء، 2/ 108، برقم 1314، وباب قول الميت على الجنازة: قدموني، 2/ 108، برقم 1316.
(2)
متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: البخاري، كتاب الجنائز، باب التعوذ من عذاب القبر،
2/ 125، برقم 1377، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يستعاذ منه في الصلاة، 1/ 412، برقم 588، واللفظ لمسلم.
(3)
متفق عليه، من حديث عائشة رضي الله عنها: كتاب الأذان، باب الدعاء قبل السلام،
1/ 227، برقم 832، ومسلم، كتاب المساجد، ومواضع الصلاة، باب ما يستعاذ منه في الصلاة، 1/ 412، برقم 588.
* ولاشك أن القبور لها ظلمة إلا من نوَّر الله قبره بالإيمان والعمل الصالح، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن امرأة سوداء كانت تقمّ المسجد، أو شابّاً، ففقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأل عنها أو عنه فقالوا: مات، قال:((أفلا آذنتموني)) فكأنهم صغَّروا أمرها أو أمره فقال: ((دلّوني على قبره)) فدلّوه فصلى عليها ثم قال: ((إن هذه القبور مملوءة ظلمةً على أهلها، وإن الله عز وجل ينوِّرها لهم بصلاتي عليهم)) (1).
* ومن أعظم الأحاديث في عذاب القبر حديث البراء بن عازب رضي الله عنه وفيه أن العبد المؤمن يفسح له في قبره مد بصره، وأن العبد الفاجر يضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه (2).
* وعن هانئ مولى عثمان قال: كان عثمان إذا وقف على قبر بكى حتى يبلّ لحيته، فقيل له تُذْكَرُ الجنة والنار فلا تبكي وتبكي من هذا؟ فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن القبر أول منازل الآخرة، فإن نجا منه فما بعده أيسر منه، وإن لم ينجُ منه فما بعده أشدُّ منه)) وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما رأيت منظراً قطّ إلا والقبر أفظع منه)) (3).
(1) متفق عليه: البخاري، كتاب الجنائز، باب الصلاة على القبر بعدما يدفن، 2/ 113، برقم 1337، ومسلم واللفظ له، كتاب الجنائز، باب الصلاة على القبر، 2/ 659، برقم 956.
(2)
حديث البراء حديث طويل عظيم، أخرجه أحمد، 4/ 287، 288، 295، 296، والحاكم وصححه، وأقره الذهبي 1/ 73 - 40، وغيرهما، وصححه ابن القيم في تهذيب السنن، 4/ 337، وقال الألباني في أحكام الجنائز، ص159 على تصحيح الحاكم وإقرار الذهبي له:((وهو كما قالا)).
(3)
الترمذي، وحسنه، في كتاب الزهد، باب: حدثنا هناد، 4/ 553، برقم 2308، وابن ماجه، كتاب الزهد، باب ذكر القبر والبلى، 2/ 426، برقم 4367، وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي، 2/ 267 وصحيح سنن ابن ماجه، 2/ 421.
* ومما يزيد المسلم يقيناً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن أرواح المؤمنين في البرزخ: ((إنما نسمة المؤمن طائر يُعلق في شجر الجنة: حتى يرجعه الله تبارك وتعالى إلى جسده يوم يبعثه)) (1).
* وأرواح الشهداء أعظم من ذلك: فإن ((أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش، تسرح من الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى تلك القناديل)) (2).
* ولاشك أن أحكام الدنيا على الأبدان والأرواح تبع لها، وأحكام البرزخ على الأرواح والأبدان تبع لها، فإذا كان يوم القيامة كان الحكم والنعيم أو العذاب على الأرواح والأجساد جميعاً (3).
* وعذاب القبر هو عذاب البرزخ، فكل من مات وهو مستحق للعذاب ناله نصيبه منه، قُبِرَ أو لم يقبر، أو أكلته السباع، أو أُحرق حتى صار رماداً أُو نسف في الهواء؛ فإنه يصل إلى روحه وبدنه من النعيم أو العذاب ما يصل إلى القبور (4).
* وأحاديث عذاب القبر ونعيمه وسؤال الملكين تبلغ حد التواتر؛ فقد بلغت الأحاديث في ذلك سبعين حديثاً (5).
(1) أحمد في المسند، 3/ 455، والنسائي، 4/ 108، برقم 2073، وغيرهما.
(2)
مسلم، برقم 1887.
(3)
انظر: الروح لابن القيم، 1/ 263، 311.
(4)
انظر: المرجع السابق، 1/ 299، وشرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز، ص452.
(5)
انظر: الروح لابن القيم، 1/ 165، وجامع الأصول من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، 11/ 164، من حديث رقم 8690 - 8704.
* ومما يجير من عذاب القبر معرفة الأسباب التي يُعذّب بها أصحاب القبور والابتعاد عنها، والأسباب المنجية من عذاب القبر والعمل بها.
* أما أسباب عذاب القبر فمنها: الجهل بالله، وإضاعة أوامره، وارتكاب معاصيه، والنميمة، وترك الاستبراء من البول، والكذب الذي يبلغ الآفاق، وترك العمل بالقرآن والنوم عنه بالليل، والزنا، وأكل الربا، والتثاقل عن الصلاة المفروضة، وترك الزكاة المفروضة، وأكل لحوم الناس بالغيبة والوقوع في أعراضهم، وعذاب الميت بما نيح عليه، وغير ذلك من أسباب عذاب القبر التي ينبغي للمسلم أن يحذر منها.
* وأما أسباب النجاة من عذاب القبر فكثيرة، منها: تجنب الأسباب التي تسبب عذاب القبر، ومن أنفع أسباب النجاة أن يجلس المسلم عندما يريد النوم فيحاسب نفسه فيما خسره وربحه في يومه، ثم يجدد له توبة نصوحاً فينام على تلك التوبة.
* ومن أسباب النجاة من عذاب القبر: الموت مرابطاً في سبيل الله تعالى، والشهادة في سبيل الله تعالى، وغير ذلك من الأسباب النافعة (1).
فينبغي للمسلم أن يذكر دائماً: عذاب القبر ونعيمه، اللهم عافني وسلمني وأعذني من عذاب القبر، ووالديَّ وذريتي، وأهلي، ومشايخي، وجميع المؤمنين.
* ومما يوضح أسباب عذاب القبر ما ثبت في الأحاديث الصحيحة، ومنها حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعنى مما يكثر
(1) انظر: الروح لابن القيم، 1/ 340، و345.
أن يقول لأصحابه: ((هل رأى أحد منكم من رؤيا؟)) قال فيقص علينا ما شاء الله أن يقص، وإنه قال لنا ذات غداة: ((إنه أتاني الليلة آتيان وإنهما ابتعثاني وإنهما قالا لي: انطلق، وإني انطلقت معهما [وفي رواية: فأخذا بيدي فأخرجاني إلى الأرض المقدسة] [وفي رواية: أرض مقدسة] وإنا أتينا على رجل مضطجع، وإذا آخر قائم عليه بصخرة، وإذا هو يهوي بالصخرة لرأسه فيثلغ رأسه فيتدهده الحجر هاهنا، فيتبع الحجر فيأخذه فلا يرجع إليه حتى يصح رأسه كما كان، ثم يعود عليه فيفعل به مثل ما فعل به المرة الأولى. قال: قلت لهما: سبحانه الله، ما هذان؟ قال: قالا لي: انطلق انطلق، فانطلقنا فأتينا على رجل مستلق لقفاه، وإذا آخر قائم عليه بكلُّوبٍ من حديد، وإذا هو يأتي أحد شقي وجهه فيشرشر شدقه إلى قفاه، ومنخره إلى قفاه، وعينه إلى قفاه، قال: وربما قال أبو رجاء فيشق. قال: ثم يتحول إلى الجانب الآخر فيفعل به مثل ما فعل بالجانب الأول، فما يفرغ من ذلك الجانب حتى يصح ذلك الجانب كما كان، ثم يعود عليه فيفعل مثل ما فعل المرة الأولى. قال: قلت سبحان الله ما هذان؟ قال: قالا لي: انطلق انطلق، فانطلقنا فأتينا على مثل التنور، قال: وأحسب أنه كان يقول: فإذا فيه لغط وأصوات، [وفي رواية: أعلاه ضيِّق وأسفله واسع يتوقد تحته ناراً] قال: فاطَّلعنا فيه فإذا فيه رجال ونساء عراة، وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم، فإذا أتاهم ذلك اللَّهب ضَوْضَوا قال: قلت لهما: ما هؤلاء؟ قال: قالا لي: انطلق انطلق. قال: فانطلقنا فأتينا على نهر حسبت أنه كان يقول أحمر مثل الدم، [وفي رواية: فانطلقنا فأتينا على نهر من دم] وإذا في النهر رجل سابح يسبح، وإذا على شط النهر رجل قد جمع
عنده حجارة كثيرة، وإذا ذلك السابح يسبح ما يسبح، ثم يأتي ذلك الذي قد جمع عنده الحجارة فيفغر له فاه فيلقمه حجراً فينطلق يسبح ثم يرجع إليه، كلما رجع إليه فغر له فاه فألقمه حجراً. قال: قلت لهما: ما هذان؟ قال: قالا لي: انطلق انطلق. قال: فانطلقنا فأتينا على رجل كريه المرآة كأكره ما أنت راء رجلاً مرآة، وإذا عنده نار يحشها ويسعى حولها، قال قلت لهما: ما هذا؟ قال: قالا لي: انطلق انطلق. فانطلقنا فأتينا على روضة معتمة فيها من كل لون الربيع، وإذا بين ظهري الروضة رجل طويل لا أكاد أرى رأسه طولاً في السماء، وإذا حول الرجل من أكثر ولدان رأيتهم قطُّ. قال: قلت لهما: ما هذا، وما هؤلاء؟ قال: قالا لي: انطلق انطلق. فانطلقنا فانتهينا إلى روضة عظيمة لم أر روضة قطُّ أعظمَ منها ولا أحسن. قال: قالا لي: ارقَ، فارتقيت فيها قال: فارتقينا فيها فانتهينا إلى مدينة مبنية بلبن ذهب ولبن فضة، فأتينا باب المدينة فاستفتحنا ففُتح لنا، فدخلناها فتلقانا فيها رجال شطر من خلقهم كأحسن ما أنت راء وشطر كأقبح ما أنت راء، قال: قالا لهم: اذهبوا فقعوا في ذلك النهر، قال: وإذا نهر معترض يجري كأن ماءه المحض من البياض فذهبوا فوقعوا فيه، ثم رجعوا إلينا قد ذهب ذلك السوء عنهم فصاروا في أحسن صورة. قال: قالا لي: هذه جنة عدن، وهذاك منزلك. قال: فسما بصري صُعُداً فإذا قصر مثل الربابة البيضاء. قال: قالا لي: هذاك منزلك، قال: قلت لهما: بارك الله فيكما، ذراني فأدخله، قالا: أما الآن فلا، وأنت داخله [وفي رواية: فانطلقنا حتى أتينا على روضة خضراء فيها شجرة عظيمة وفي أصلها شيخ وصبيان فصعدا بي في الشجرة وأدخلاني داراً لم أرَ قطُّ أحسن
منها، فيها رجال شيوخ، وشباب، ونساء وصبيان ثم أخرجاني منها فصعدا بي الشجرة فأدخلاني داراً هي أحسن وأفضل فيها شيوخ وشبان] قال: قلت لهما: فإني قد رأيت منذ الليلة عجباً، فما هذا الذي رأيت؟ قال: قالا لي: أما إنا سنخبرك:
* أما الرجل الأول الذي أتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر فإنه الرجل يأخذ بالقرآن فيرفضه وينام عن الصلاة المكتوبة [وفي رواية: يفعل به إلى يوم القيامة].
* وأما الرجل الذي أتيت عليه يشرشر شدقه إلى قفاه ومنخره إلى قفاه وعينه إلى قفاه فإنه الرجل يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق [وفي رواية: يصنع به ما رأيت إلى يوم القيامة].
* وأما الرجال والنساء العراة الذين في مثل بناء التنور فهم الزناة والزواني.
* وأما الرجل الذي أتيت عليه يسبح في النهر ويُلقم الحجر فإنه آكل الربا.
* وأما الرجل الكريه المرآة الذي عند النار يحشها ويسعى حولها فإنه مالك خازن جهنم.
* وأما الرجل الطويل الذي في الروضة فإنه إبراهيم صلى الله عليه وسلم وأما الولدان الذين حوله فكل مولود مات على الفطرة. قال: فقال بعض المسلمين: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأولاد المشركين؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأولاد المشركين [وفي رواية: والدار الأولى التي دخلت دار عامة المؤمنين وأما هذه الدار فدار الشهداء، وأنا جبريل، وهذا ميكائيل، فارفع رأسك فرفعت رأسي فإذا فوقي مثل السحاب، قالا: ذاك منزلك، قلت: دعاني أدخل منزلي،
قالا: إنه بقي لك عمر لم تستكمله، فلو استكملت أتيت منزلك].
* وأما القوم الذين كانوا شطر منهم حسناً وشطر قبيحاًًً فإنه قوم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً تجاوز الله عنهم)) (1).
* ومن ذلك حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم بحائط من حيطان المدينة أو مكة فسمع صوت إنسانين يُعذَّبان في قبورهما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((يُعذَّبان وما يُعذَّبان في كبير)) ثم قال: ((بلى، كان أحدهما لا يستتر من بوله، وكان الآخر يمشي بالنميمة)) ثم دعا بجريدة فكسرها كسرتين فوضع على كل قبر منهما كسرة، فقيل له: يا رسول الله لم فعلت هذا؟ قال صلى الله عليه وسلم: ((لعله أن يخفف عنها ما لم تيبسا)) وفي لفظ لمسلم: ((وكان الآخر لا يستنزه عن البول، أو من البول)) (2).
* وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أكثر عذاب القبر من البول)) (3)، وجاء من حديث أنس رضي الله عنه بلفظ: ((تنزَّهوا من البول فإن عامة
(1) البخاري، كتاب الأذان، باب يستقبل الإمام الناس إذا سلم، برقم 845، وأطرافه في البخاري، برقم 1143، و1386، وما بين المعقوفات من هذا الطرف، إلا الزيادة الثانية فمن الطرف رقم 2085، وأكثر ألفاظ الحديث من الطرف رقم 7047.
(2)
متفق عليه: البخاري، كتاب الوضوء، باب: من الكبائر أن لا يستتر من بوله، برقم 216، وكتاب الجنائز، باب الجريدة على القبر، برقم 1361، وباب عذاب القبر من الغيبة والبول، برقم 1378، وكتاب الأدب، باب الغيبة وقول الله تعالى:{وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا} [الحجرات: 12]. برقم 6052، وباب النميمة من الكبائر، برقم 6055، ومسلم، كتاب الطهارة، باب الدليل على نجاسة البول ووجوب الاستبراء منه، برقم 292.
(3)
ابن ماجه، كتاب الطهارة، باب التشديد في البول، برقم 348، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه، 1/ 125.