الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زوج أربعة أشهر وعشراً)) (1).
وهذا يبين أن الإحداد على الزوج واجب وعزيمة، وعلى غير الزوج جائز ورخصة؛ لكن لا يجوز للمرأة أن تزيد على ثلاثة أيام على غير الزوج، وظاهر الأحاديث جواز إحداد المرأة على كل ميت ثلاثة أيام فأقل - غير الزوج، قال الإمام ابن القيم رحمه الله:((فإن الإحداد على الزوج واجب وعلى غيره جائز))، وقال:((فالإحداد على الزوج عزيمة وعلى غيره رخصة)) (2).
وقال العيني رحمه الله: ((قال ابن بطال: أجمع العلماء على أن من مات أبوها أو ابنها، وكانت ذات زوج وطالبها زوجها في الثلاثة أيام التي أبيح لها الإحداد فيها أنه يُقضى له عليها بالجماع فيها)) (3).
الأمر الثالث: مدة الإحداد نوعان:
النوع الأول: مدة الإحداد على الزوج قسمان:
القسم الأول: عدة المرأة الحائل وهي غير الحامل، أربعة أشهر وعشراً؛ لقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا
(1) مسلم، برقم 1491، وتقدم تخريجه، وقد ثبت ذلك في أحاديث كثيرة، منها: حديث عائشة هذا، وحديث أم حبيبة، وزينب بنت جحش، وأم سلمة، وزينب بنت أبي سلمة رضي الله عنهن، متفق على صحته: البخاري، رقم 5334 - 5337، ومسلم، برقم 1486، وحديث حفصة بنت عمر عند مسلم، برقم 1490، وحديث أم عطية متفق عليه كما تقدم: البخاري، برقم 5341، ومسلم، برقم 938.
(2)
زاد المعاد، 5/ 696.
(3)
عمدة القاري، 8/ 64.
فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَالله بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (1)؛ولقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً)) (2).
والحائل إما أن تكون مدخولاً بها أو غير مدخول بها وكلا الصنفين عدته من الوفاة أربعة أشهر وعشرة أيام؛ لعموم الآية، فظاهر الآية والحديث يشملهما فلا فرق بينهما، قال الإمام ابن القيم رحمه الله:((وأما عدة الوفاة فتجب بالموت سواء دخل بها أو لم يدخل اتفاقاً كما دل عليه عموم القرآن والسنة)) (3)؛ لحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في عدة غير المدخول بها عند وفاة الزوج، أنه سئل عن رجل تزوج امرأة ولم يفرض لها صداقاً ولم يدخل بها حتى مات، فقال ابن مسعود:((لها مثل صداق نسائها لا وكس ولا شطط، وعليها العدة، ولها الميراث))، فقام معقل بن سنان رضي الله عنه فقال:((قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بروع بنت واشق امرأة منا: مثل الذي قضيت))، ففرح بها ابن مسعود رضي الله عنه)) (4).
قال ابن المنذر رحمه الله: ((وأجمعوا أن عدة الحرة المسلمة التي ليست بحامل من وفاة زوجها أربعة أشهر وعشراً، مدخولاً بها أو غير
(1) سورة البقرة، الآية:234.
(2)
متفق عليه: البخاري، 5334، ومسلم، 1486، وتقدم تخريجه عن عدة صحابيات.
(3)
زاد المعاد، 5/ 664.
(4)
أخرجه أبو داود، كتاب النكاح، باب فيمن تزوج ولم يسم صداقاً حتى مات، برقم 2114 - 2116، والترمذي، كتاب النكاح، باب الرجل يتزوج المرأة فيموت عنها قبل أن يفرض لها، برقم 1145، والنسائي كتاب النكاح، باب إباحة التزوج بغير صداق، برقم 3352، وابن ماجه، كتاب النكاح، باب الرجل يتزوج ولا يفرض لها فيموت على ذلك، برقم 1891، والحاكم، 2/ 180، وصححه ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في إرواء الغليل، 6/ 369.
مدخول، صغيرة لم تبلغ أو كبيرة قد بلغت)) (1).
القسم الثاني: عدة المرأة الحامل: أجلها أن تضع حملها، ولو بعد الوفاة بوقت يسير، قال ابن المنذر رحمه الله:((وأجمعوا أنها لو كانت حاملاً لا تعلم بوفاة زوجها أو طلاقه فوضعت حملها أن عدتها منقضية)) (2)، وقال الإمام ابن قدامة رحمه الله:((وأجمعوا أيضاً على أن المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملاً أجلها وضع حملها، إلا ابن عباس، وروي عن علي من وجه منقطع أنها تعتد بأقصى الأجلين، وقاله أبو السنابل بن بعكك في حياة النبي صلى الله عليه وسلم فردَّ عليه النبي صلى الله عليه وسلم قوله، وقد روي أن ابن عباس رجع إلى قول الجماعة لما بلغه حديث سبيعة)) (3).
قال الله تعالى: {وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ الله يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} (4). فدلت الآية على أن كل حامل أجلها وضع الحمل؛ ولما روت سبيعة بنت الحارث الأسلمية رضي الله عنها أنها كانت تحت سعد بن خولة وتوفي عنها في حجة الوداع وهي حامل، فلم تنشب أن وضعت حملها بعد وفاته، فلما تعلَّت من نفاسها تجملت للخطاب فدخل عليها أبو السنابل بن بعككٍ فقال لها: ما لي أراك متجملة؟ لعلك ترجين النكاح؟ إنك والله ما أنت بناكح حتى تمرَّ عليك أربعة أشهر وعشر، قالت: سبيعة: فلما قال لي ذلك جمعت عليًّ ثيابي حين أمسيت
(1) الإجماع، لابن منذر، ص121.
(2)
المرجع السابق، ص122.
(3)
المغني، 11/ 227.
(4)
سورة الطلاق، الآية:4.