الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب، عن أبيه كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((إنما نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة، حتى يرجعه الله تبارك وتعالى إلى جسده يوم يبعثه)) (1).
أما أرواح الشهداء فهي أعظم من ذلك، فقد ثبت في الصحيح أن: ((أرواحهم في جوف طير خضرٍ، لها قناديل معلّقة بالعرش، تسرح من الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى تلك القناديل
…
)) (2).
فينبغي للمسلم أن يعمل بهذه الأسباب الحسنة ويبتعد عن أسباب سوء الخاتمة. أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يحسن لنا جميعاً الخاتمة، وأن يوفقنا لِمَا يحبه ويرضاه.
12 - معرفة قصر الحياة الدنيا
، وأنها كيوم أو بعض يوم مهما عاش الإنسان فحياته قصيرة جداً، قال الله تعالى:{كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاّ وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (3).
وقال سبحانه: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} (4).
(1) أخرجه أحمد في المسند، 3/ 455، والنسائي في كتاب الجنائز، باب أرواح المؤمنين، 4/ 108، برقم 2073، وابن ماجه، كتاب الزهد، باب ذكر القبر والبلى، 2/ 1428، برقم 4271، وموطأ الإمام مالك، كتاب الجنائز، باب جامع الجنائز، 1/ 240، برقم 49. وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، 2/ 730، برقم 995، وفي صحيح سنن النسائي، 2/ 445.
(2)
صحيح مسلم، كتاب الإمارة، باب بيان أن أرواح الشهداء في الجنة وأنهم أحياء عند ربهم يرزقون، 3/ 1502، برقم 1887، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
(3)
سورة القصص، الآية:88.
(4)
سورة الرحمن، الآيتان: 26، 27.
وقال عز وجل: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُواْ إِلَاّ سَاعَةً مِّنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَاءِ الله وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ} (1)، وهذا يدل على سرعة انقضاء الدنيا، وأن الناس إذا حشروا كأنَّه ما مر عليهم نعيم ولا بؤس وهم يتعارفون بينهم كحالهم في الدنيا، ففي هذا اليوم يربح المتقون ويخسر الذين كذبوا بلقاء الله وما كانوا مهتدين إلى الصراط المستقيم والدين القويم (2).
وقال الله عز وجل: {أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُم مَّا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ} (3).
وقال عز وجل: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَن يُخْلِفَ الله وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ} (4).
وقال تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ} (6).
(1) سورة يونس، الآية:45.
(2)
تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان للعلامة السعدي، ص365.
(3)
سورة الشعراء، الآيات: 205 - 207.
(4)
سورة الحج، الآية:47.
(5)
سورة المؤمنون، الآيات: 112 - 115.
(6)
سورة الروم، الآية:55.
وقال عز وجل: {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاّ سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاّ الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ} (2).
وقال الله عز وجل في الساعة: {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلاّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا} (3).
وقال سبحانه وتعالى: {يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلَاّ قَلِيلاً} (4).
وقال عز وجل: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاّ خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ} (5).
وعن المستورد أخي بني فهر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما مَثَل الدنيا في الآخرة إلا مَثَل ما يجعل أحدكم إصبعه في اليمِّ فلينظرْ بمَ يرجع)) (6).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر)) (7).
(1) سورة طه، الآيات: 102 - 104.
(2)
سورة الأحقاف، الآية:35.
(3)
سورة النازعات، الآية:46.
(4)
سورة الإسراء، الآية:52.
(5)
سورة العنكبوت، الآية:14.
(6)
ابن ماجه، كتاب الزهد، باب مثل الدنيا، برقم 4108، والترمذي، كتاب الزهد، باب ما جاء في هوان الدنيا على الله، برقم 2323، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه، 3/ 347.
(7)
مسلم، كتاب الزهد، باب الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر، برقم 2956.
فينبغي للعبد المسلم أن يزهد في هذه الدنيا القصيرة ويتزود بالأعمال الصالحة، ويعلم أنه مهما طال عمره فهو قصير، ولكن يغتنمه فيما يرفع منزلته عند الله عز وجل، ويقيه من عذابه، فإن طال عمره وهو ملتزم بطاعة الله عز وجل فهو خير له، فعن عبد الله بن بُسر رضي الله عنه أن أعرابيّاً قال: يا رسول الله! من خير الناس؟ قال: ((مَن طال عمره وحسن عمله)) (1).
وعن أبي بكرة رضي الله عنه: أن رجلاً قال: يا رسول الله! أي الناس خير؟ قال: ((مَن طال عمره وحسن عمله)) قال: فأي الناس شر؟ قال: ((من طال عمره وساء عمله)) (2).
وأعمار أمة محمد صلى الله عليه وسلم قصيرة من الستين إلى السبعين لمن أطال الله عمره، وقليل من يجوز ذلك؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عمر أمتي من ستين سنة إلى سبعين سنة)). وفي لفظ: ((أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين، وأقلهم من يجوز ذلك)) (3).
وهذا العمر حجة على من لم يستعمله في طاعة الله عز وجل، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((أعذر الله إلى امرئ أخَّر أجله حتى بلّغه ستين سنة)) (4).
وسمعت شيخنا الإمام عبد العزيز ابن باز –رحمه الله– يقول: ((وهذا
(1) الترمذي، كتاب الزهد، باب ما جاء في طول العمر للمؤمن، برقم 2329، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي، 2/ 536.
(2)
الترمذي، كتاب الزهد، باب ما جاء في طول العمر للمؤمن، برقم 2330، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي، 2/ 536.
(3)
الترمذي، اللفظ الأول كتاب الزهد، باب ما جاء في فناء أعمار هذه الأمة ما بين الستين إلى السبعين، برقم 2331، واللفظ الثاني في كتاب الدعوات، باب في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 3550، وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي في هذا الموضع، 3/ 460.
(4)
البخاري، كتاب الرقاق، باب من بلغ ستين سنة فقد أعذر الله إليه في العمر، برقم 6419.