الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رسولَه صلى الله عليه وسلم فيها وهو أحب الخلق إليه، فقد مات صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي في ثلاثين صاعاً من شعير (1)، ومما يزيد ذلك وضوحاً وبياناً حديث سهل بن سعد رضي الله عنه يرفعه:((لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء)) (2)، فينبغي للمسلم أن لا ينافس في الدنيا، ولا يحزن عليها، وإذا رأى الناس يتنافسون في الدنيا، فعليه تحذيرهم، وعليه مع ذلك أن ينافسهم في الآخرة. والله المستعان.
11 – طلب حسن الخاتمة بالقول والعمل:
لا شك أن طلب حسن الخاتمة يكون بالدعاء، وبعمل جميع الأسباب المؤدية إلى حسن الختام؛ لأن من رغب في شيء وحرص عليه جَدَّ في طلبه بالدعاء والضراعة إلى الله عز وجل واجتهد في بذل الأسباب؛ قال الله عز وجل:{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ الله لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (3).
وقد ثبت في الحديث: أن الأعمال بالخواتيم؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((وإنما الأعمال بخواتيمها)) (4).
ومما يعين المسلم على طلب حسن الخاتمة معرفته بعض ما ثبت عن النبي
(1) انظر: البخاري، كتاب البيوع، باب شراء الطعام إلى أجل، 3/ 46، برقم 2200، ومسلم، كتاب المساقاة، باب الرهن وجوازه في الحضر والسفر، 3/ 2226، برقم 1603.
(2)
الترمذي، 4/ 560، برقم 2320، وابن ماجه، 4/ 1376،برقم 4110،ويأتي تخريجه في فضائل الصبر والاحتساب على المصائب، الأمر الثامن عشر: العلم بأن الدنيا فانية وزائلة، رقم 13.
(3)
سورة العنكبوت، الآية:69.
(4)
متفق عليه: البخاري، كتاب الجهاد، باب لا يقول فلان شهيد، برقم2898، والطرف رقم4202، 6493، و6607، ومسلم، كتاب الإيمان، باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه، برقم 112.
- صلى الله عليه وسلم في حسن الخاتمة وسوئها ومن ذلك: حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق: ((إن أحدكم يُجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله إليه ملكاً بأربع كلمات: فيكتب عمله، وأجله، ورزقه، وشقي أم سعيد، ثم ينفخ فيه الروح، فإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخل الجنة، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخل النار)) (1).
وقد يعمل الرجل الزمن الطويل بالطاعات ويبتعد عن المعاصي والسيئات ثم قبل موته يرتكب الجرائم والموبقات ويترك الواجبات، فيهجم عليه الموت فجأة فيختم له بخاتمة السوء، وبالعكس؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم:((إن الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل الجنة، ثم يختم له عمله بعمل أهل النار، وإن الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل النار، ثم يُختم له عمله بعمل أهل الجنة)) (2).
قال الحافظ ابن رجب – رحمه الله – على حديث الباب: ((وقوله: ((فيما يبدو للناس)) إشارة إلى أن باطن الأمر يكون بخلاف ذلك وأن خاتمة السوء تكون بسبب دسيسة باطنة للعبد لا يطلع عليها الناس، من جهة عمل سيئ
(1) متفق عليه: البخاري، كتاب بدء الخلق، باب ذكر الملائكة، 4/ 94، برقم 3208، واللفظ له، برقم 3332، ومسلم، كتاب القدر، باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه، وكتابة رزقه وأجله وعمله وشقاوته وسعادته، 4/ 2036، برقم 2643.
(2)
أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب القدر، باب كيفية الخلق الآدمي في بطن أمه وكتابة رزقه، وأجله، وعمله، وشقاوته، وسعادته، 4/ 2042، برقم 2651، عن أبي هريرة رضي الله عنه.