الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى المشركين ليقاتلهم، وقال أبي عبد الله: يا جابر بن عبد الله لا عليك أن تكون في نِظاري أهل المدينة حتى تعلم إلى ما يصير أمرنا فإني والله لولا أني أترك بناتٍ لي بعدي لأحببت أن تقتل بين يديَّ، قال: فبينما أنا في النظارين إذ جاءت عمتي بأبي وخالتي عادلتهما (1) على ناضح فدخلت بهما المدينة؛ لتدفنهما في مقابرنا إذ لحق رجل ينادي: ألا إن النبي صلى الله عليه وسلم يأمركم أن ترجعوا بالقتلى فتدفنوها في مصارعها حيث قتلت، فرجعنا بهما فدفناهما حيث قُتلا)) (2).
الأمر السابع: الدفن ليلاً فيه تفصيل
، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب يوماً فذكر رجلاً من أصحابه قُبض فكفِّن في كفنٍ غير طائل، وقُبِرَ ليلاً، فزجر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقبر الرجل بالليل حتى يُصلَّى عليه إلا أن يضطر الإنسان إلى ذلك، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:((إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه)) (3). وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: مات إنسان كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوده، فمات بالليل فدفنوه ليلاً، فلما أصبح أخبروه فقال:((ما منعكم أن تعلموني؟)) قالوا: كان الليل فكرهنا - وكانت ظلمة - أن نشقَّ عليك فأتى قبره فصلَّى عليه)) (4).
(1) عادلتهما: أي شددتهما على جنبي البعير كالعدلين: نهاية، 3/ 191.
(2)
أحمد في المسند، 3/ 397 - 398، قال العلامة الألباني: ((بسند صحيح، وبعضه عند أبي داود وغيره مختصراً
…
)) وتقدم تخريج المختصر في الآداب الواجبة والمستحبة لمن حضر وفاة المسلم، وأنه أخرجه: أبو داود، برقم 3165، والترمذي، برقم 1717، والنسائي، برقم 2005، وابن ماجه، برقم 1516، وغيرهم. وانظر الشرح الكبير، 6/ 239، والمغني لابن قدامة، 3/ 442.
(3)
مسلم، برقم 943، وتقدم في تكفين الميت في الأمر السادس.
(4)
متفق عليه: البخاري، كتاب الجنائز، باب الإذن بالجنازة، برقم 1247، وباب الصفوف على الجنازة، برقم 1319، وباب صفوف الصبيان مع الرجال، برقم 1321، وباب سنة الصلاة على الجنازة، رقم 1322،وباب صلاة الصبيان مع الناس على الجنائز، برقم 1326، وباب الدفن بالليل، برقم 1340، والطرف الأول رقم 857، ومسلم، كتاب الجنائز، باب الصلاة على القبر، برقم 956.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ما علمنا بدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سمعنا صوت المساحي من آخر الليل ليلة الأربعاء
…
)) (1) قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: ((وقد اختلف العلماء في الدفن في الليل، فكرهه الحسن البصري إلا لضرورة، وقال جماهير العلماء من السلف والخلف: لا يكره، واستدلوا بأن أبا بكر الصديق رضي الله عنه وجماعة من السلف دفنوا ليلاً من غير إنكار، وبحديث المرأة السوداء، والرجل الذي كان يقم المسجد فتوفي ليلاً فدفنوه ليلاً، وسألهم النبي صلى الله عليه وسلم عنه فقالوا: توفي ليلاً فدفناه في الليل فقال: ((ألا آذنتموني؟)) قالوا: كانت ظلمة. ولم ينكر عليهم، وأجابوا عن هذا الحديث (2) أن النهي كان لترك الصلاة ولم ينه عن مجرد الدفن بالليل، وإنما نهى لترك الصلاة أو لقلة المصلين، أو عن إساءة الكفن أو عن المجموع كما سبق
…
)) (3).
وسمعت شيخنا الإمام عبد العزيز ابن باز رحمه الله يقول على مجموع الأحاديث التي وردت: ((هذه الأحاديث تدل على جواز الدفن ليلاً، وأما ما جاء في النهي عن ذلك فهذا إذا كان فيه تقصير في الصلاة عليه؛ ولهذا جاء في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الدفن ليلاً حتى يُصلى عليه.
والخلاصة: أنه إذا كان هناك تقصير في حق الميت: من غسل، أو كفن، أو صلاة على الميت فلا يدفن ليلاً، أما إذا كملت حقوقه فلا بأس بدفنه
(1) أحمد، 6/ 274.
(2)
حديث جابر السابق عند مسلم.
(3)
شرح النووي، 7/ 14.