الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيها)) (1).
الأمر الثاني: زيارة الرجال للقبور بدون سفر
؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تُشدُّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا، ومسجد الحرام، ومسجد الأقصى)) (2).
فدخل في هذا النهي شدّ الرحال لزيارة القبور والمشاهد، وهو الذي فهمه الصحابة رضي الله عنهم من قول النبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا عندما ذهب أبو هريرة رضي الله عنه إلى الطور، فلقيه بصرة بن أبي بصرة الغفاري، فقال: من أين جئت؟ قال: من الطور. فقال: لو أدركتك قبل أن تخرج إليه ما خرجت إليه، سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا تعمل المطي إلا إلى ثلاثة مساجد
…
)) (3).
ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ((وقد اتفق الأئمة على أنه لو نذر أن يسافر إلى قبره صلى الله عليه وسلم أو غيره من الأنبياء والصالحين لم يكن عليه أن يوفي بنذره، بل ينهى عن ذلك)) (4).
الأمر الثالث: الزيارة للقبور للرجال دون النساء
؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ((لعن زوَّارات القبور)) (5).
(1) سمعته أثناء تقريره على بلوغ المرام، الحديث رقم 607.
(2)
متفق عليه: البخاري، برقم 1189، ومسلم، برقم 1397، وتقدم تخريجه.
(3)
النسائي، كتاب الجمعة، باب الساعة التي يستجاب فيها الدعاء يوم الجمعة، 3/ 114، ومالك في الموطأ، كتاب الجمعة، باب الساعة التي في يوم الجمعة، 1/ 109، وأحمد في المسند، 6/ 7، 397، وانظر: فتح المجيد، ص289، وصحيح سنن النسائي، 1/ 309.
(4)
انظر: فتاوى ابن تيمية، 1/ 234.
(5)
الترمذي، برقم 1056، وابن ماجه، برقم 1576، وتقدم تخريجه في آداب الجلوس والمشي في المقابر، وأن الألباني حسنه.
وعن حسان بن ثابت رضي الله عنه قال: ((لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوَّارات القبور)) (1).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوَّارات القبور)) (2).
وسمعت شيخنا الإمام ابن باز رحمه الله يقول: ((وهذه الأحاديث الثلاثة (3) تدل على عدم زيارة النساء للقبور، وأما حديث عائشة رضي الله عنهما أنها قالت: يا رسول الله: ما أقول عند زيارة القبور، فقال: ((قولي السلام عليكم
…
)) الحديث، فهذا والله أعلم كان قبل نهي النساء؛ لأنه صلى الله عليه وسلم نهى عن زيارة القبور ثم أذن مطلقاً: أي للرجال والنساء، ثم جاء نهي النساء عن زيارة القبور)) (4).
وذكر العلامة ابن عثيمين رحمه الله أن زيارة عائشة رضي الله عنها لقبر أخيها (5) اجتهاد منها رضي الله عنها، وأن قول النبي صلى الله عليه وسلم لا يعارض بقول أحد كائناً من كان، وأن قول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: ((قولي السلام عليكم
(1) ابن ماجه، كتاب الجنائز، باب ما جاء في النهي عن زيارة النساء القبور، برقم 1574، وحسنه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه، 2/ 38.
(2)
ابن ماجه، كتاب الجنائز، باب ما جاء في النهي عن زيارة النساء للقبور، برقم 1575، وحسنه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه، 2/ 38.
(3)
الأحاديث الثلاثة أي حديث رقم 609، 610، 611 من بلوغ المرام.
(4)
سمعته أثناء تقريره على بلوغ المرام، الحديث رقم 609، وقد رجح رحمه الله في مجموع الفتاوى له ما سمعته منه هنا، 13/ 331.
(5)
أخرجه الترمذي، كتاب الجنائز، باب 60، برقم 1055، وابن أبي شيبة، 3/ 343، والحاكم،
1/ 376، والبيهقي، 4/ 78.
دار قوم مؤمنين)) (1)، يدل على أن المرأة إذا مرت بدون قصد على المقبرة فلا حرج أن تسلم على أهل القبور وتدعو لهم؛ فإنه يفرق بين خروجها من أجل الزيارة، ومرورها من غير قصد للزيارة، وأما لفظ:((لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوَّارات القبور)) بصيغة المبالغة، ولفظ:((لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرات القبور))، فإن كان لفظ:((زوَّارات)) للنسبة فلا إشكال، وإن كان للمبالغة، فإن لفظ زائرات فيه زيادة علم فيؤخذ به؛ لأن ((زائرات)) يصدق بزيارة واحدة، و ((زوَّارات)) في الكثير للمبالغة، ومعلوم أن الوعيد إذا جاء معلقاً بزيارة واحدة ومعلقاً بزيارات متعددة، فإن مع المعلق بزيارة واحدة زيادة علم؛ لأنه يلحق الوعيد على من زار مرة واحدة على لفظ ((زائرات)) دون لفظ:((زوَّارات))، ولو أخذنا بلفظ ((زوَّارات)) ألغينا دلالة ((زائرات))، وقد تكلم شيخ الإسلام رحمه الله على هذه المسألة كلاماً جيداًً (2)(3).
قال شيخنا الإمام ابن باز رحمه الله: ((الصحيح أن زيارة النساء للقبور لا تجوز))، ثم قال: ((فالصواب أن الزيارة من النساء للقبور محرمة لا مكروهة فقط
…
)) (4)، أما حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه للمرأة التي وجدها تبكي على صبي لها فقال لها:((اتقي الله واصبري)) (5) حينما وجدها عند القبر فرجح شيخنا ابن باز رحمه الله أن هذا لعله كان في
(1) أخرجه مسلم، كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم 974.
(2)
الشرح الممتع لابن عثيمين، 5/ 477 - 479 بتصرف.
(3)
انظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، 24/ 344.
(4)
مجموع فتاوى ابن باز، 13/ 324، و326.
(5)
البخاري، برقم 1252، ومسلم، برقم 926، وتقدم تخريجه في شروط الصبر.