الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا حرج (1).
الأمر الرابع: يُكفَّن المحرم في ثوبيه الذي مات فيهما
ولا يُغطَّى رأسه، ولا وجهه، ولا يُطيَّب؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما في الذي وقصته راحلته:((اغسلوه بماء وسدر وكفِّنوه في ثوبيه، ولا تحنِّطوه، ولا تخمِّروا رأسه فإنه يُبعث يوم القيامة ملبياً)). وفي لفظ لمسلم: ((ولا تخمِّروا رأسه ولا وجهه
…
)) (2).
الأمر الخامس: يكفن الشهيد في ثيابه التي قتل فيها
، ويستحب تكفينه بثوب واحد أو أكثر فوق ثيابه، أما تكفينه في ثيابه التي مات فيها؛ فلحديث عبد الله بن ثعلبة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم أحد:((زمِّلوهم في ثيابهم)) قال: وجعل يدفن في القبر الرهط، قال: وقال: ((قدِّموا أكثرهم قرآناً)). ولفظ النسائي: ((زمِّلوهم بدمائهم، فإنه ليس كَلْمٌ يُكْلَمُ إلا يأتي يوم القيامة يَدْمَى: لونه لون الدم، وريحه ريح المسك)) (3)؛ ولحديث جابر رضي الله عنه: ((وأمر بدفنهم في دمائهم، ولم يغسلوا ولم يصلَّ
(1) انظر الشرح الممتع لابن عثيمين، 5/ 383.
(2)
متفق عليه: البخاري، برقم 1265، ومسلم، برقم 1206، وتقدم تخريجه.
(3)
أحمد بلفظه، 5/ 431، والنسائي، كتاب الجنائز، باب مواراة الشهيد في دمه، برقم 2001، ورقم 3148، وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي، 2/ 58، وأحكام الجنائز، ص80.
عليهم)) (1).
وأما استحباب تكفينه بثوب واحد أو أكثر فوق ثيابه التي قتل فيها؛ فلحديث شداد بن الهاد رضي الله عنه (2)، ولحديث الزبير بن العوام رضي الله عنه (3).
(1) البخاري، برقم 1343، وتقدم تخريجه في شهيد المعركة لا يغسل.
(2)
عن شداد بن الهاد رضي الله عنه قال: ((إن رجلاً من الأعراب، جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فآمن به واتَّبعه، ثم قال: أُهاجر معك، فأوصى به النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه، فلما كانت غزة [خيبر] غنم النبي صلى الله عليه وسلم[فيها] شيئاً، فقسم، وقَسَمَ له، فأعطى أصحابه ما قسم له، وكان يرعى ظهرهم، فلما جاءهم دفعوه إليه، فقال: ما هذا؟ قالوا: قسم لك النبي صلى الله عليه وسلم، فأخذه فجاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما هذا؟ قال: ((قسمته لك))، قال: ما على هذا تبعتك، ولكن اتَّبعتك على أن أُرمى إلى هاهنا – وأشار إلى حلقه – بسهم فأموت فأدخل الجنة، فقال:((إن تصدُقِ الله يَصْدُقكَ))، فلبثوا قليلاً ثم نهضوا في قتال العدو، فأُتي به النبي صلى الله عليه وسلم يُحمَل، قد أصابه سهم حيث أشار، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((أهو هو؟)) قالوا: نعم، قال:((صَدَقَ الله فصدقه))، ثم كفنه النبي صلى الله عليه وسلم في جُبّة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قدمه فصلى عليه، فكان فيما ظهر من صلاته:((اللهمَّ هذا عبدُك، خَرجَ مهاجراً في سبيلك، فقُتل شهيداً، أنا شهيدٌ على ذلك)).
أخرجه عبد الرزاق (9597)، والنسائي (1/ 277)، والطحاوي في ((شرح المعاني)) (1/ 291)، والحاكم (3/ 595 - 596)، والبيهقي في ((السنن)) (4/ 15 - 16)، و ((الدلائل)) (4/ 22).
قال الألباني: ((وإسناده صحيح، رجاله كلهم على شرط مسلم ما عدا شداد بن الهاد لم يُخرّج له شيئاً، ولا ضير؛ فإنه صحابي معروف، وأما قول الشوكاني في ((نيل الأوطار)) (3/ 37) تبعاً للنووي في ((المجموع)) (5/ 565): إنه تابعي فوهم واضح فلا يغتر به)).
(3)
عن الزبير بن العوام رضي الله عنه قال: ((لما كان يوم أحد أقبلت امرأة تسعى، حتى إذا كادت أن تشرف على القتلى، قال: فكره النبي صلى الله عليه وسلم أن تراهم، فقال: المرأةَ المرأةَ! قال: فتوسمت أنها أمي صفية، فخرجت أسعى إليها، فأدركتها قبل أن تنتهي إلى القتلى، قال: فَلَدَمَتْ [أي ضربت ودفعت] في صدري، وكانت امرأة جلدة، قالت: إليك لا أرض لك، فقلت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عزم عليك، فوقَفَتْ، وأخرجت ثوبين معها، فقالت: هذان ثوبان جئت بهما لأخي حمزة، فقد بلغني مقتله، فكفنه فيهما، قال: فجئنا بالثوبين لنكفن فيهما حمزة، فإذا إلى جنبه رجل من الأنصار قتيل، قد فُعل به كما فعل بحمزة، فوجدنا غضاضة وحياء أن نكفن حمزة في ثوبين، والأنصاري لا كفن له. فقلنا: لحمزة ثوب، وللأنصاري ثوب، فقدرناهما فكان أحدهما أكبر من الآخر، فأقرعنا بينهما، فكفنا كل واحد منهما في الثوب الذي صار له)).
أخرجه أحمد، (1418) – [قاله العلامة الألباني]، ((والسياق له بسند حسن – والبيهقي
(3/ 401) وسنده صحيح)).