الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ليلاً)) (1).
وسمعته في موضع آخر يقول: ((أما رواية مسلم فزجر فيها النبي صلى الله عليه وسلم عن قبر الرجل حتى يُصلَّى عليه، فتأخير الميت ليصلى عليه إذا كان تأخيرها أفضل لكثرة الجمع، والحاصل أن مجموع الأحاديث تفيد أن الأفضل تأخير الصلاة عليه إذا كان تأخيرها أكمل، أما إذا صُلِّي عليه في العشاء أو المغرب فلا كراهة. ومما يدل على هذا ما جاء في مسلم: ((ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن أو أن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول، وحين تتضيف الشمس للغروب حتى تغرب))، وهذا يدل على أنها إذا غابت زال النهي، وأن الصلاة عليه بعد الغروب والدفن بعده لا حرج فيه، وقد دفن النبي صلى الله عليه وسلم ليلاً، ودفن الصديق ليلاً، ودفن عمر ليلاً، ودفن عثمان ليلاً رضي الله عنهم (2).
وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: ((يجوز دفن الأموات ليلاً إذا قام الإنسان بالواجب: من التغسيل، والتكفين، والصلاة عليه؛ فإنه يجوز أن يدفن بالليل)) (3)(4).
الأمر الثامن: لا بأس بدفن الاثنين أو أكثر في قبر واحد عند الضرورة
والحاجة الشديدة؛ لحديث جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين
(1) سمعته أثناء تقريره على منتقى الأخبار، الأحاديث رقم 1914 - 1916.
(2)
سمعته أثناء تقريره على بلوغ المرام، الحديث رقم 615، وانظر: مجموع فتاوى ابن باز،
13/ 213 - 214.
(3)
مجموع رسائل ابن عثيمين، 17/ 180، وانظر: المغني لابن قدامة، 3/ 503 - 504.
(4)
وانظر: بحثاً مطولاً مفيداً في أحكام الجنائز للألباني، ص176 - 181، وانظر أيضاً: الشرح الكبير مع المقنع والإنصاف، 6/ 250 - 251.
الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد، ثم يقول:((أيهم أكثر أخذاً للقرآن)) فإذا أشير له إلى أحدهما قدمه في اللحد، وقال:((أنا شهيد على هؤلاء)) وأمر بدفنهم بدمائهم، ولم يصلِّ عليهم ولم يغسلهم)) (1).
وعن هشام بن عامر قال: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد، فقلنا: يا رسول الله! الحفر علينا لكل إنسان شديد؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((احفروا، وأعمقوا، وأحسنوا، وادفنوا الاثنين والثلاثة في قبر واحد))، قالوا: فمن نقدِّم يا رسول الله؟ قال: ((قدِّموا أكثرهم قرآناً)) قال: فكان أبي ثالث ثلاثة في قبر واحد)) (2).
وهذا عند الضرورة، وإذا دعت الحاجة الشديدة لذلك، ككثرة الموتى في القتل، أو الطاعون أو غير ذلك من أسباب الموت العام بكثرة، أما عند الاستطاعة والقدرة فيدفن كل إنسان في قبر لوحده (3).
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: ((المشروع أن يدفن كل إنسان في قبر وحده، كما جرت به سنة المسلمين قديماً وحديثاً، ولكن إذا دعت الحاجة أو الضرورة إلى جمع اثنين فأكثر في قبر واحد فلا بأس به
…
قال بعض
(1) البخاري، برقم 1343، 1345، 1346، 1347، وتقدم تخريجه.
(2)
النسائي، كتاب الجنائز، باب ما يستحب من إعماق القبر، برقم 2009، وباب ما يستحب من توسيع القبر، برقم 2010، وأبو داود، كتاب الجنائز، باب في تعميق القبر، برقم 3215، وابن ماجه، كتاب الجنائز، باب ما جاء في حفر القبر، برقم 1560، والترمذي، كتاب الجهاد، باب ما جاء في دفن الشهيد، برقم 1713، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 2/ 304، وغيره، وفي إرواء الغليل، برقم 743.
(3)
انظر: مجموع فتاوى ابن باز، 13/ 212.