الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأمر السادس: حكم تغسيل الميت: فرض كفاية
إذا فعله من فيه كفاية سقط الإثم عن الباقين، وإن تركوه كلهم أثموا كلهم؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما في الذي وقصته راحلته أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيه:((اغسلوه بماءٍ وسدر)) (1)، والأمر يقتضي الوجوب، ومن المعلوم أنه لا يريد من كل واحد من المسلمين أن يغسل هذا الميت إنما يوجه الخطاب للعموم، فإذا قام به بعضهم كفى (2)؛ ولحديث أمِّ عطية رضي الله عنها وفيه أمر النبي صلى الله عليه وسلم للنساء اللاتي يغسلن ابنته ((اغسلنها ثلاثاً أو خمساً، أو سبعاً أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك)) (3).
الأمر السابع: لا يغسل الذكر إلا الرجال أو الزوجة والأمة
، ولا يغسل الأنثى إلا النساء أو الزوج؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت:((رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من البقيع فوجدني وأنا أجد صُداعاً في رأسي، وأنا أقول: وارأساه! فقال: ((بل أنا يا عائشة وارأساه!)) ثم قال: ((ما ضرَّك لو مُتِّ قبلي فقمتُ عليك فغسَّلتك، وكفَّنتك، وصليتُ عليك، ودفنتك)) (4).
وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: ((لو كنت استقبلت من أمري ما
(1) متفق عليه: البخاري، كتاب الجنائز، باب الكفن في ثوبين، برقم 1265، ومسلم، كتاب الحج، باب ما يفعل بالمحرم إذا مات، برقم 1206.
(2)
انظر: الشرح الممتع لابن عثيمين، 5/ 336، والروض المربع، 2/ 28.
(3)
متفق عليه: البخاري، كتاب الجنائز، باب يجعل الكافور في الأخيرة، برقم 1259، ومسلم، كتاب الجنائز، باب في غسل الميت، برقم 939.
(4)
ابن ماجه، كتاب الجنائز، باب ما جاء في غسل الرجل امرأته وغسل المرأة زوجها، برقم 1465، وأحمد، 6/ 228،وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه،2/ 11،وأحكام الجنائز، ص67.
استدبرت ما غسَّل النبي صلى الله عليه وسلم غيرُ نسائه)) (1).
قال الإمام الشوكاني رحمه الله: ((فيه دليل على أن المرأة يغسلها زوجها إذا ماتت وهي تغسله قياساً، وبغسل أسماء لأبي بكر لما تقدم، وعلي لفاطمة كما أخرجه الشافعي، والدارقطني، وأبو نعيم والبيهقي بإسناد حسن (2)،ولم يقع من سائر الصحابة إنكار على عليّ وأسماء فكان إجماعاً)) (3).
وقال الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز–رحمه الله: ((تغسيل المرأة زوجها أمر لا بأس به إذا كانت خبيرة بذلك، وقد غسل علي رضي الله عنه زوجته فاطمة، وغسلت أسماء بنت عميس زوجها أبا بكر الصديق رضي الله عنه)) (4).
وقال: ((أما غير الزوجة كالأم والبنت فلا يجوز للرجل تغسيلهما ولا غيرهما من محارمه النساء، ويلحق بالزوجة المملوكة التي يباح له وطؤها فلا بأس بغسلها إذا ماتت؛ لأنها كالزوجة، وهكذا البنت الصغيرة التي دون السبع، لا حرج على الرجل في تغسيلها سواء كان محرماً أو أجنبيّاً عنها؛ لأنها لا عورة لها، وهكذا المرأة لها تغسيل الصبي الذي دون
(1) ابن ماجه بلفظه، كتاب الجنائز، باب ما جاء في غسل الرجل امرأته، وغسل المرأة زوجها، برقم 1464، وأبو داود، كتاب الجنائز، باب في ستر الميت عند غسله، برقم 3141، وأحمد، 6/ 267، وحسنه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه، 2/ 11، وصحيح سنن أبي داود، 2/ 285، وفي أحكام الجنائز، ص67.
(2)
قال العلامة الألباني رحمه الله في إرواء الغليل، برقم 701: ((حديث غسل علي فاطمة رضي الله عنها حسن. أخرجه الحاكم، 3/ 163 - 164، وعنه البيهقي، 3/ 396 - 397.
(3)
نيل الأوطار، 2/ 687.
(4)
مجموع فتاوى ابن باز، 13/ 107 - 108، وانظر الشرح الكبير مع المقنع والإنصاف، 6/ 41 - 50.