الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رانَّةٌ)) (1)(2).
وعن أبي بردة قال: ((أوصى أبو موسى الأشعري حين حضره الموت فقال: لا تتَّبعوني بمجمرٍ، قالوا له: أسمعت فيه شيئاً؟ قال: نعم، من رسول الله صلى الله عليه وسلم)) (3).
وأوصى عمرو بن العاص في وصيته: ((فإذا أنا مت فلا تصحبني نائحة، ولا نار)) (4)(5).
وقال قيس بن عباد: ((كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يكرهون رفع الصوت عند الجنائز)) (6).
الأمر السابع: القيام للجنازة إذا مرت مشروع
؛ لحديث عبد الله بن عمر عن عامر بن ربيعة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا رأى أحدكم جنازة فإن لم يكن ماشياً معها فليقم حتى يخلِّفها أو تخلِّفَهُ أو توضع من قبل أن تُخلِّفه)).
(1) الرانَّةُ: الصائحة، والرنة: الصوت. يقال: رنت المرأة: إذا صاحت ورفعت صوتها.
(2)
ابن ماجه، كتاب الجنائز، باب في النهي عن النياحة، برقم 1583، وحسنه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه، 2/ 40، وأحكام الجنائز، ص91.
(3)
ابن ماجه، كتاب الجنائز، باب ما جاء في الجنازة لا تؤخر إذا حضرت ولا تتبع بنار، برقم 1487، وحسنه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه، 2/ 14، وفي أحكام الجنائز، ص18، وهو مطول في مسند أحمد، 4/ 397، والبيهقي، 3/ 395.
(4)
أحمد، 4/ 199 ولفظه:((ولا تتبعني مادحاً ولا ناراً)) وقال الألباني: أخرجه مسلم، 1/ 78، وأوصى أبو هريرة فقال: ((
…
ولا تتبعوني بمجمر
…
)) قال الألباني: أخرجه النسائي، وابن حبان في صحيحه (764)، والبيهقي، والطيالسي، رقم 2336، وأحمد، 2/ 292، و274، و550، بإسناد صحيح على شرط مسلم، أحكام الجنائز، ص93.
(5)
وذكر الألباني في ذلك آثاراً وأخباراً. انظر أحكام الجنائز، ص91 - 93.
(6)
البيهقي، 4/ 74، وغيره، ووثق رجال سنده الألباني في أحكام الجنائز، ص92.
وفي لفظ: ((إذا رأيتم الجنازة فقوموا حتى تُخلِّفكم (1) أو توضع)) (2).
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا رأيتم الجنازة فقوموا، فمن تبعها فلا يقعد حتى توضع)) (3).
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: مر بنا جنازة، فقام لها النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا: يا رسول الله، إنها جنازة يهودي؟ قال:((إذا رأيتم الجنازة فقوموا)) (4)، ولفظ مسلم:((إن الموتَ فزعٌ فإذا رأيتم الجنازة فقوموا)).
وعن سهل بن حنيف وقيس بن سعد بن أبي ليلى أنهما كانا قاعدين بالقادسية فمرُّوا عليهما بجنازة فقاما، فقيل لهما: إنها من أهل الأرض – أي من أهل الذمة – فقالا: إن النبي صلى الله عليه وسلم مرت به جنازة فقام، فقيل له: إنها جنازة يهودي، فقال:((أليست نفساً)) (5).
والصواب أن هذه الأحاديث تدل على مشروعية القيام للجنازة إذا مرت لمن كان قاعداً؛ لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك؛ ولفعله عليه الصلاة والسلام، أما حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ((قام ثم قعد))، وفي لفظ:
(1) تُخلِّفكم: أي تترككم وراءها. نيل الأوطار، 2/ 759.
(2)
متفق عليه: البخاري، كتاب الجنائز، باب القيام للجنازة، برقم 1307، وباب متى يقعد إذا قام للجنازة، برقم 1308، ومسلم، كتاب الجنائز، باب القيام للجنازة، برقم 958.
(3)
متفق عليه: البخاري، كتاب الجنائز، باب من تبع الجنازة فلا يقعد حتى توضع عن مناكب الرجال فإن قعد أمر بالقيام، برقم 1310،ومسلم، كتاب الجنائز، باب القيام للجنازة، برقم 959.
(4)
متفق عليه: البخاري، كتاب الجنائز، باب من قام لجنازة يهودي، برقم 1311، ومسلم، كتاب الجنائز، باب القيام للجنازة، برقم 961.
(5)
متفق عليه: البخاري، كتاب الجنائز، باب من قام لجنازة يهودي، برقم 1312، ومسلم، كتاب الجنائز، باب القيام للجنازة، برقم 961.
((رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فقمنا، وقعد فقعدنا –يعني في الجنازة–)) (1) فهذا يدل على أن الأمر بالقيام للجنازة للاستحباب، والقعود للجواز، قال الإمام النووي رحمه الله تعالى بعد أن ذكر خلاف العلماء:((فيكون الأمر للندب والقعود بياناً للجواز، ولا يصح دعوى النسخ في مثل هذا؛ لأن النسخ إنما يكون إذا تعذر الجمع بين الأحاديث ولم يتعذر والله أعلم)) (2)(3).
ورجح الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى ما ذهب إليه الإمام النووي في الجمع بين الأحاديث (4).
وسمعت شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز رحمه الله يقول: ((وهذا يدل على أن السنة القيام للجنازة ولو كانت كافرة؛ فإن للموت فزعاً، وهذا القيام سنة وليس بواجب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قام وقعد، فدل ذلك
(1) مسلم، كتاب الجنائز، باب نسخ القيام للجنازة، برقم 962.
(2)
شرح النووي على صحيح مسلم، 7/ 32.
(3)
وتمام كلام النووي: ((اختلف الناس في هذه المسألة فقال مالك وأبو حنيفة والشافعي: القيام منسوخ، وقال أحمد وإسحاق وابن حبيب، وابن الماجشون المالكيان: هو مخير، قال: واختلفوا في قيام من يشيعها عند القبر فقال جماعة من الصحابة والسلف لا يقعد حتى توضع، قالوا: والنسخ إنما هو في قيام من مرت به، وبهذا قال الأوزاعي وأحمد وإسحاق ومحمد بن الحسن، قال: واختلفوا في القيام على القبر حتى تدفن، فكرهه قوم وعمل به آخرون، روي عن عثمان، وعلي، وابن عمر، وغيرهم رضي الله عنهم هذا كلام القاضي. والمشهور في مذهبنا أن القيام ليس مستحباً وقالوا: هو منسوخ بحديث علي، واختار المتولي من أصحابنا أنه مستحب، وهذا هو المختار، فيكون الأمر به للندب، والقعود بياناً للجواز، ولا يصح دعوى النسخ في مثل هذا، لأن النسخ إنما يكون إذا تعذر الجمع بين الأحاديث ولم يتعذر، والله أعلم)). [شرح النووي، 7/ 31 - 32].
(4)
زاد المعاد، 1/ 521، قال:((وقيل: بل الأمران جائزان وفعله بيان للاستحباب وتركه بيان للجواز، وهذا أولى من ادعاء النسخ)).