الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العاصي)) وقال عن حديث جابر: ((قاتل نفسه أتى جريمة عظيمة فلا يصلي عليه الإمام أو كبار البلد والجماعة ويصلي عليه غيرهم)) (1).
الأمر السابع: يُصلى على من قُتل حدّاً
؛ لحديث جابر رضي الله عنه أن رجلاً من أسلم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاعترف بالزنا، فأعرض عنه حتى شهد على نفسه أربع مرات، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:((أبك جنون؟)) قال: لا. قال: ((أحصنت؟)) قال: نعم، فأمر به فرجم بالمصلى، فلما أذلفته الحجارة فرَّ، فأُدرِك فَرُجِم حتى مات، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم خيراً وصلّى عليه)) (2).
وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه صلى على الغامدية (3)، وصلى على الجهنية (4).
وسمعت شيخنا الإمام ابن باز رحمه الله يقول عن هذا الحديث: ((يدل على أنه يُصلَّى على من أُقيم عليه الحد؛ لأن الحد قد طهره، ورواية من قال لم يصلِّ على ما عز أثبت منها من أثبت الصلاة عليه، فالصواب أنه صلى على ماعز)) (5).
الأمر الثامن: الصلاة على الغائب بالنية
، فيستقبل القبلة ويصلى عليه إن لم يصلَّ عليه أو كان له شأن في الإسلام، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشي؛ لحديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشي، فكنت في الصف الثاني أو الثالث، وفي لفظ قال النبي صلى الله عليه وسلم:((قد توفي اليوم رجل صالح من الحبش فهلمَّ فصلُّوا عليه)). قال: فصففنا فصلى النبي صلى الله عليه وسلم
(1) سمعته أثناء تقريره على منتقى الأخبار، الحديث رقم 1816، ورقم 1817.
(2)
البخاري، كتاب الحدود، باب الرجم بالمصلى، برقم 6820، وهو عند مسلم من حديث ابن بريدة، برقم 1695.
(3)
مسلم، كتاب الحدود، باب من اعترف على نفسه بالزنا، برقم 1695.
(4)
مسلم، كتاب الحدود، باب من اعترف على نفسه بالزنا، برقم 1696.
(5)
سمعته أثناء تقريره على منتقى الأخبار، الحديث رقم 1818، 1819.
ونحن صفوف. وفي لفظ: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على أصحمة النجاشي فكبّر عليه أربعاً)). وفي لفظ: ((قوموا فصلوا على أخيكم أصحمة)) (1).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى النجاشيَّ في اليوم الذي مات فيه، خرج إلى المصلى فصف بهم، وكبر أربعاً. وفي لفظ:((نعى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم النجاشي صاحب الحبشة في اليوم الذي مات فيه فقال: ((استغفروا لأخيكم)). وفي لفظ: ((وكبر عليه أربع تكبيرات)) (2).
وعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أخاكم قد مات فقوموا فصلوا عليه)) يعني النجاشي (3). وفي لفظ للترمذي: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أخاكم النجاشي قد مات، فقوموا فصلوا عليه)). قال: فقمنا فصففنا كما يصفُّ على الميت، وصلينا عليه كما يُصلَّى على الميت)) (4)، والأقرب والله تعالى أعلم: أنه يُصلَّى على الميت الغائب (5) في حالتين:
(1) متفق عليه: البخاري، كتاب الجنائز، باب من صف صفين أو ثلاثة على الجنازة خلف الإمام، برقم 1317، وباب التكبير على الجنازة أربعاً، برقم 1334، وكتاب مناقب الأنصار، باب موت النجاشي، برقم 3877، ورقم 3878، ورقم 3879، ومسلم، كتاب الجنائز، باب في التكبير على الجنائز، برقم 952.
(2)
متفق عليه: البخاري، برقم 1245، ورقم 1318، ورقم 1327، ورقم 1328، ورقم 1333، ومسلم، برقم 951، وتقدم تخريجه في النعي الجائز.
(3)
مسلم، كتاب الجنائز، باب في التكبير على الجنازة، برقم 953.
(4)
الترمذي، كتاب الجنائز، باب ما جاء في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي، برقم 1039، وابن ماجه، كتاب الجنائز، باب ما جاء في الصلاة على النجاشي، برقم 1535، وأحمد، 2/ 281، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي، 1/ 530.
(5)
اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في الصلاة على الغائب، فعند الجمهور من السلف والشافعي، وأحمد، وابن حزم، مشروعية الصلاة على الميت الغائب عن البلد، حتى قال ابن حزم: لم يأت عن أحد من الصحابة منعه؛ ولهذا قال الشافعي: الصلاة على الميت دعاء له، وهو إذا كان ملففاً يصلى عليه، فكيف لا يدعى له وهو غائب أو في القبر بذلك الوجه الذي يدعى له به وهو ملفف.
وقال الحنفية والمالكية: لا يشرع ذلك؛ وإنما هو خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم.
وعن بعض أهل العلم إنما يجوز ذلك في اليوم الذي يموت فيه الميت أو ما قرب منه لا ما إذا طالت المدة حكاة ابن عبد البر.
وقال ابن حبان: إنما يجوز ذلك لمن كان في جهة القبلة.
وقيل: لا يصلى على الغائب إلا إذا وقع موته بأرض ليس بها من يصلي عليه.
وقيل هذه الصلاة خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي، ولكن الأصل عدم الخصوصية [فتح الباري لابن حجر، 3/ 188]. وانظر الشرح الكبير مع المقنع والإنصاف، 6/ 182 - 183، والمغني لابن قدامة، 3/ 446، وزاد المعاد لابن القيم، 1/ 519.