المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مناقصات العقود الإداريةعقود التوريد ومقاولات الأشغال العامةإعدادالدكتور رفيق يونس المصري - مجلة مجمع الفقه الإسلامي - جـ ٩

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌العدد التاسع

- ‌بحث فيالذهب في بعض خصائصه وأحكامهإعداد الشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع

- ‌تجارة الذهبفي أهم صورها وأحكامهاإعدادد. صالح بن زابن المرزوقي

- ‌السلموتطبيقاته المعاصرةإعدادد. الصديق محمد الأمين الضرير

- ‌السلموتطبيقاته المعاصرةإعدادد. محمد عطا السيد سيد أحمد

- ‌السلم وتطبيقاته المعاصرةإعدادالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌السلموتطبيقاته المعاصرةإعداد الشيخ حسن الجواهري

- ‌السلموتطبيقاته المعاصرةإعداد نزيه كمال حماد

- ‌الودائع المصرفيةحسابات المصارفإعدادد. سامي حسن حمود

- ‌الودائع المصرفيةحسابات المصارفإعدادد. حسين كامل فهمي

- ‌الحسابات والودائع المصرفيةإعدادد. محمد علي القري

- ‌الودائع المصرفيةحسابات المصارفإعدادد. حمد عبيد الكبيسي

- ‌الودائع المصرفية(تكييفها الفقهي وأحكامها)إعدادالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌أحكام الودائع المصرفيةتأليفالقاضي محمد تقي العثماني

- ‌الحسابات الجاريةوأثرها في تنشيط الحركة الاقتصاديةإعدادد. مسعود بن مسعد الثبيتي

- ‌الاستثمار في الأسهموالوحدات والصناديق الاستثماريةإعدادالدكتور منذر قحف

- ‌ موضوع الاستثمار في الأسهم

- ‌الاستثمار في الأسهمإعدادد. علي محيي الدين القره داغي

- ‌الاستثمار في الأسهم والوحدات الاستثماريةإعدادالدكتور عبد الستار أبو غدة

- ‌مناقصات العقود الإداريةعقود التوريد ومقاولات الأشغال العامةإعدادالدكتور رفيق يونس المصري

- ‌المناقصات(عقد الاحتياط ودفع التهمة)إعدادالشيخ حسن الجواهري

- ‌انخفاض قيمة العملة الورقية بسبب التضخمالنقدي وأثره بالنسبة للديون السابقةوفي أي حد يعتبر الانخفاض ملحقاً بالكسادإعدادالدكتور مصطفى أحمد الزرقا

- ‌التضخم والكسادفي ميزان الفقه الإسلاميإعدادالدكتور علي أحمد السالوس

- ‌حكم ربط الحقوق والالتزاماتبمستوى الأسعارإعدادالشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع

- ‌أثر التضخم والكسادفي الحقوق والالتزامات الآجلةوموقف الفقه الإسلامي منهإعدادالدكتور علي محيي الدين القره داغي

- ‌مفهوم كساد النقود الورقيةوأثره في تعيين الحقوق والالتزامات الآجلةحدود التضخمالتي يمكن أن تعتبر معه النقود الورقية نقودًا كاسدةإعدادالدكتور ناجي بن محمد شفيق عجم

- ‌كساد النقود الورقية وانقطاعها وغلاؤها ورخصهاوأثر ذلك في تعيين الحقوق والالتزاماتإعدادالدكتور محمد علي القري بن عيد

- ‌كساد النقود وانقطاعهابين الفقه والاقتصادإعدادالدكتور منذر قحف

- ‌سد الذرائعإعدادالدكتور إبراهيم فاضل الدبو

- ‌سد الذرائعإعدادالشيخ خليل محي الدين الميس

- ‌سد الذرائعإعدادأ. د وهبة مصطفى الزحيلي

- ‌سد الذرائعإعدادالشيخ محمد الشيباني بن محمد بن أحمد

- ‌سد الذرائععند الأصوليين والفقهاءإعدادالأستاذ الدكتور خليفة بابكر الحسن

- ‌سد الذرائعإعدادالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌سد الذرائعإعدادالشيخ مجاهد الإسلام القاسمي

- ‌سد الذرائعإعدادالدكتور علي داود جفال

- ‌سد الذرائعإعدادالشيخ مصطفى كمال التارزي

- ‌مقارنة بين الذرائع والحيلومدى الوفاق والخلاف بينهماإعدادحمداتي شبيهنا ماء العينين

- ‌سد الذرائعإعدادالشيخ الدكتور الطيب سلامة

- ‌سد الذرائعإعدادالدكتور أحمد محمد المقري

- ‌مبدأ التحكيمفي الفقه الإسلاميإعدادالمستشار محمد بدر يوسف المنياوي

- ‌التحكيم في الفقه الإسلاميإعدادالدكتور محمد جبر الألفي

- ‌التحكيم في الفقه الإسلاميإعدادالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌التحكيم في الفقه الإسلاميمبدؤه وفلسفتهإعدادالدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري

- ‌التحكيمإعدادالأستاذ الدكتور عبد العزيز الخياط

- ‌التحكيم في الفقه الإسلاميإعداد الأستاذ محمود شمام

- ‌نقص المناعة المكتسبة(الإيدز)أحكامه وعلاقة المريض الأسرية والاجتماعيةإعدادالدكتور سعود بن مسعد الثبيتي

- ‌الأسرة ومرض الإيدزإعدادالدكتور جاسم علي سالم

- ‌إجراءات الوقاية الزوجية في الفقه الإسلاميمن مرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز)إعدادالشيخ أحمد موسى الموسى

- ‌ملخصلأعمال الندوة الفقهية السابعة

- ‌الإيدز ومشاكله الاجتماعية والفقهيةوثيقة مقدمة منالدكتور محمد علي البار

الفصل: ‌مناقصات العقود الإداريةعقود التوريد ومقاولات الأشغال العامةإعدادالدكتور رفيق يونس المصري

‌مناقصات العقود الإدارية

عقود التوريد ومقاولات الأشغال العامة

إعداد

الدكتور رفيق يونس المصري

مركز أبحاث الاقتصاد الإسلامي

جامعة الملك عبد العزيز بجدة

المقدمة

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد،

1-

فإذا نظرنا إلى عنوان هذا الموضوع كما حدده المجمع الموقر: " المناقصات "، وكذلك إلى عناصره السبعة (1) ، فقد يبدو أن المراد هو البحث في المناقصة، لا في التوريد والمقاولة. وما ذكر التوريد والمقاولة في العناصر إلا من باب بيان علاقة المناقصة بهما، لا لأجل بحثهما المفصل.

يؤيد هذا الاتجاه أن أغلب العناصر المحددة من قبل المجمع ذات صلة بالمناقصة نفسها، لا بالمقاولة والتوريد، اللهم إلا عنصراً واحداً هو العنصر الثالث: الدخول في المناقصة لمن لا يمتلك السلعة

إلخ.

2-

غير أنه مما يعكر على هذا الاتجاه أمران:

الأمر الأول: أن المناقصة لا تراد لذاتها، إنما تراد لتوريد أو مقاولة، فلا يمكن إعطاؤه حكماً شرعيًّا بمعزل عن التوريد والمقاولة.

الأمر الثاني: لو كان المطلوب النظر في المناقصة وحدها، دون نظر مواز في التوريد والمقاولة، لكان من الأحسن أن يقدم النظر في التوريد والمقاولة على النظر في المناقصة، ولكن هذا لا يكاد يتضح للباحث إلا بعد الفراغ من طور المعالجة الذهنية للموضوع.

3-

لهذه الأسباب رأيت النظر في المناقصة والتوريد والمقاولة والتوريد والمقاولة معاً، رغبة في التوصل إلى أحكام متوازنة ومنسجمة، لا تحتمل التجزئة.

4-

وأحب أن أضيف أن معالجتي للموضوع ستنطلق من منطلق أن الجهة القائمة بالمناقصات جهة إدارية عامة (الدولة) تريد من وراء المناقصة إبرام عقود إدارية، تتصف ببعض الأوصاف التي قد تجعل حكمها في الفقه والقانون مختلفاً عن حكم العقود الخاصة.

(1) أوصى المجمع الموقر بأن ينشر في مجلة المجمع العناصر المحددة من قبله لكل موضوع، قبل نشر البحوث المتعلقة بهذا الموضوع. فقد كنت أود أن أضع هذه العناصر في مقدمتي هذه، إلا أنني لو فعلت ذلك أنا وغيري لأدى هذا إلى التكرار.

ص: 813

المنهج

1-

بعض الباحثين يسلكون مسلك اللين في بحوثهم الشرعية، فيجيزون كل ما هو جائز (= ماض، نافذ) في البلاد (أو بلادهم) . وإذا كانوا يرون هذا أسلم لهم عند الناس، وعند الدولة، فإنه ليس أسلم لهم عند الله، وليس هذا من الدين ولا من العلم بسبيل.

2-

وبعض الباحثين مفتونون بالقوانين الوضعية الحديثة، يباهون بمعرفتها، ويحتجون بها، وكأنها قرآن أو سنة أو نص إمام فقيه.

3-

وبعض الباحثين والمفتين يخلصون في بحثهم أو فتواهم إلى أن هذا جائز شرعاً، بشرط ألا يخالف الشريعة الإسلامية، وكأنهم يقولون: جائز بشرط أن يكون جائزاً، فهم يفتون بترك الفتوى للمستفتي، مع أن المطلوب منهم أن يقولوا: هذا جائز، وهذا غير جائز، وإلا لماذا كان البحث؟ وفيم العناء؟ ربما يكون مرادهم: جائز منه ما علمناه، وما لم نعلم يجب ألا يكون فيه مخالفات، يعني: يقولونها من باب الحيطة في الأمور التي قد تغيب، ولكن الصياغة مهمة، دفعاً للشك والالتباس.

4-

ليس المطلوب أن ننظر في القوانين واللوائح فكرة فكرة، وكلمة كلمة، إنما المطلوب أن ننظر (كتابة) فيما يستحق النظر الشرعي، لحرام أو شبهة، وما بقي فمتروك على أصل الإباحة في المعاملات المالية. وتفصيل الحرام قد يوهم بأن الحرام كثير، والحقيقة أن الحلال أوسع من الحرام بكثير، وهو الأصل.

أرجو أن يوفقني الله في هذا البحث إلى تجنب هذه المسالك الأربعة وأمثالها.

المصطلحات

في هذه الورقة ستمر معنا بعض المصطلحات، مثل: المناقص والمتناقص، والممارسة، والعطاء، والمقاولة، والإذعان.

سنناقش هذه المصطلحات باختصار، كلًّا في موضعه من هذه الورقة، على أساس أن المصطلح من عادة الباحث المسلم أن يعتني به، وينظر فيه من أين كان مأخذه في اللغة؟ فهذا في العلم مهم؛ لأن المصطلح وعاء إذا كان ملائماً فإنه يستوعب بانسجام أفكاره ومفرداته، وإذا كان غير ملائم فإن ما يدخل فيه يتفلت في الذهن، ولا يترابط، وتكون الإحاطة به مجهدة.

ص: 814

المخطط

سأقسم البحث إلى قسمين:

1-

القسم الأول للمناقصة فنيًّا.

2-

القسم الثاني للمناقصة فقهيًّا.

تسبقهما مقدمة، وتعقبهما خاتمة.

القسم الأول

المناقصة فنيًّا

1 -

تعريف المناقصة والغرض منها

1-

المناقصة طريقة نظامية (خاضعة لنظام محدد) ، لشراء سلعة أو خدمة، تلتزم فيها الإدارة (الجهة الإدارية) بدعوة المناقصين لتقديم عطاءاتهم (= عروضهم) ، (1) وفق شروط ومواصفات محددة، لأجل الوصول إلى أرخص عطاء، بافتراض تساوي العطاءات في سائر المواصفات والشروط. (2)

فالمناقصة هي طريقة في الشراء (عندما يتعلق الأمر بسلعة) أو الإجارة أو الاستصناع (عندما يتعلق الأمر بمقاولة) . أي إن المناقصة إما مناقصة توريد أو مناقصة مقاولة. وسيأتي مزيد من التفصيل حول التوريد والمقاولة.

2-

ويعرفها الباحثون الفنيون بأنها تهدف إلى الحصول على أفضل عطاء من الناحيتين المالية والفنية. (3)

وإني أرى أن الصواب أفضل عطاء من الناحية المالية؛ لأن الفرض أن الذين تمت المفاضلة بين عطاءاتهم هم متساوون من الناحية الفنية: مطابقة الشروط والمواصفات، أي من حيث تحقيق الغرض الفني. وتعريفهم هذا قد يسمح بالتحايل والتلاعب، بإرساء المناقصة على غير صاحب العطاء الأرخص، بدعوى أفضليته في المواصفات الفنية.

3-

فالمناقصة تختلف عن الشراء المباشر: مساومة أو أمانة. فهي شراء غير مباشر، بمعنى أن هناك إجراءات تسبقه وتمهد له. ويلجأ إليها عندما تتجاوز القيمة المتوقعة للعقد مبلغاً محدداً.

4-

إذا كانت السلع مسعرة، لا يختلف سعرها بين بائع وآخر، فإنه لا جدوى ولا محل للمناقصة، إلا إذا كان من الممكن تنازل بعض المرودين عن جزء من أرباحهم.

5-

في المناقصة طرفان: الطرف الأول هو الجهة الإدارية صاحبة المناقصة، الطرف الآخر هم الموردون أو المقاولون المشتركون في المناقصة، ويسمون المناقصين أو المتناقصين، (4) وسنعتمد في هذه الورقة التسمية الأولى.

(1) العرض أو العطاء ترجمة للمصطلح الفرنسي Soumission. ويستخدم هذان اللفظان بمعنى واحد، وهو ما يقدمه المشترك في المناقصة من سعر للسلعة أو العلم المطلوب. والعطاء هنا مشتق من السعر المعطى (= المقدم) . وعبارة "العطاء" عبارة فقهية قديمة، استخدمها الفقهاء في باب السمسرة والمزايدة، انظر مسائل السمسرة للأبياني ص 75، والمعيار المعرب 8/355. يرجى من الذين صنفوا حديثاً معاجم في المصطلحات الفقهية أن يدخلوا هذا المصطلح في معاجمهم.

(2)

قارن أسس الشراء الحكومي ص 56-57

(3)

أسس الشراء الحكومي ص 57؛ والأسس العامة للعقود الإدارية ص 780.

(4)

مثل قولنا: منافسين أو متنافسين. يقال: نافس فلاناً أو تنافس مع فلان. ومثل قولنا أيضاً: مزايدين أو متزايدين. يقال: زايد بعضهم بعضاً، وتزايدوا في الثمن، أو تزايدوا على السلعة.

ص: 815

2 -

الوصف العام للمناقصة (إجراءات المناقصة) :

1-

في الحالات التي تحتاج فيها جهة إدارية ما إلى أصناف (= سلع) للتوريد أو أعمال للتنفيذ، ويتوجب عليها بموجب أنظمتها أو تؤمنها بطريق المناقصة، كأن يكون العدد المتوقع للمناقصين كبيراً، (1) والمبالغ كبيرة تتجاوز حدًّا معيناً (2) فإن الجهة الإدارية بادئ ذي بدء تقدر القيمة التقريبية للتوريد أو للمشروع، وتتأكد من وجود الاعتماد اللازم في الموازنة، ثم تشكل لجنة لوضع المواصفات والشروط، (3) مثل شرط التسليم في محل البائع LOCO، أو في ميناء الشحن، على ظهر المركب F.O.B، أو في ميناء الوصول C.I.F، أو في مستودعات الجهة الإدارية صاحبة المناقصة FRANCO

إلخ، فهذه الشروط لها أثر في الثمن وتحديد الجهة (البائع، المشتري) التي تتحمل المصاريف المختلفة: الشحن، التفريغ، التأمين، الرسوم الجمركية

إلخ.

2-

بعد وضع المواصفات والشروط تجري الدعوة إلى المناقصة عن طريق الإعلان في الجريدة الرسمية، مرتين بينهما أسبوع مثلاً، وفي صحيفتين محليتين وأجنبيتين (عند اللزوم) ، وذلك لضمان وصول الرسالة الإعلانية إلى عدد غير محدود من المتعهدين أو المقاولين. أما إذا كان عدد من تتوفر فيهم الشروط محدوداً جدًّا (احتكار لا منافسة) فإن المنافسة (= المناقصة) لا تجدي.

ويحدد في الإعلان الصنف أو العمل المطلوب، وقيمة دفتر الشروط، وآخر موعد لتقديم العروض، كما يحدد موعد لفض العروض، يكون عادة في اليوم التالي لآخر يوم من أيام قبول العروض.

وقد يتسامح بتأخير وصول عرض، باليد أو بالبريد، إذا ثبت أن تأخير الوصول عائد لتأخر الطائرة عن موعدها. وهذا التسامح يكون بقرار من الوزير (أو مدير الإدارة) المختص، وبشرط أن يصل العرض ولجنة فتح المظاريف لا تزال مجتمعة.

ويبين في دفتر الشروط الشروط والمواصفات، ومقدار الضمان الابتدائي والانتهائي، والغرامات

إلخ.

3-

بعد حصول الموردين أو المقاولين على دفتر الشروط، يدرس هؤلاء الشروط، فإذا وجدوا في أنفسهم القدرة والرغبة (4) تقدموا بعروضهم إلى الجهة الإدارية، ضمن المواعيد المحددة.

(1) قد لا يكون للسلعة إلا منتج أو وكيل وحيد، كالسيارات وقطع تبديلها.

(2)

حتى تكون المناقصة ذات جدوى اقتصادية. ولا يجوز التحايل على المبالغ بتجزئة الشراء إلى عدة مرات، تلافيًا للمناقصة.

(3)

هذه الشروط قد تكون عامة منصوصة في لائحة (نظام) المناقصات، أو خاصة تعدها الجهة الإدارية، حسب طبيعة الأصناف والأعمال المطروحة في المناقصة.

(4)

قد يكون لهؤلاء الموردين أو المقاولين تصنيف رسمي، فلا يسمح بالاشتراك في المناقصة إلا للمصنفين المسجلين. وقد يكون لهذا التصنيف مراتب متفاوتة.

ص: 816

وتقدم هذه العروض في مظاريف مختومة (بالشمع الأحمر) وموقعة. ولا يجوز فتحها إلا في الموعد المحدد لذلك. وترسل بالبريد المسجل، أو تقدم مناولة باليد مقابل إيصال. وتكتب فيها الأسعار على نماذج مخصوصة معدة لهذا الغرض، رقماً وكتابة، بالمداد (= الحبر) ، دون كشط ولا محو. ويجب بيان منشأ البضاعة، فالعرض يهمل إذا كانت البضاعة من دول المقاطعة، أو من المنشآت المحظور التعامل معها.

ويجب تقديم الضمان الابتدائي مع العرض. وتوضع العروض الواردة في صندوق العطاءات الذي له فتحة مناسبة تسمح بدخول العرض ولا تسمح بخروجه منها، وللصندوق قفلان، مفتاح القفل الأول مع مسؤول أمين، ومفتاح القفل الآخر مع مسؤول آخر أمين.

ولا يجوز للمناقصين بعد تقديم عروضهم تعديل أسعارها بالزيادة أو بالنقصان، لما في هذا من إخلال بمبدأ المساواة بين المناقصين ومبدأ السرية في المناقصات.

ويبقى العرض سارياً، لا يجوز لصاحبه الرجوع فيه حتى تاريخ البت، وذلك تحت طائلة مصادرة مبلغ الضمان الابتدائي.

4-

تشكل لجنة لفتح المظاريف (فض العروض) ، تقوم بعد التأكد من سلامة أختام المظاريف، بفتح المظاريف في موعد محدد، بحضور المناقصين، أو مندوبيهم، ويعلن اسم كل صاحب عرض، وسعره، على الحضور، ويسجل ذلك كله في سجل خاص.

وتوقع اللجنة المذكورة على العينات الداخلة في مظاريف العروض، وإذا كانت طبيعة العينة لا تسمح بالتوقيع عليها جرى التوقيع على بطاقة تلصق على العينة بطريقة لا يسهل معها نزعها.

5-

تشكل لجنة لفحص العروض، (1) وعند الفحص تتأكد اللجنة من توافر الشروط الشكلية في العروض، ومن مطابقة العروض للشروط والمواصفات. ولا تحيل لجنة الفحص إلى لجنة البت إلا العروض التي توافرت فيها الشروط، مثل تقديم الضمان الابتدائي، وصورة عن شهادة السجل التجاري، وبطاقة الاشتراك في الغرفة التجارية أو الصناعية، وشهادة تسديد الزكاة أو الضريبة، وشهادة تصنيف المقاولين أو الموردين.

ويهمل كل عرض مقدم على أساس تخفيض نسبة مئوية، أو مبلغ معين، من أقل العروض. فلو فعل كل المناقصين ذلك لما عرفنا أقل العروض، ويجب أن يتساوى المناقصون في طريقة تقديم العرض.

(1) في المناقصات ذات المبالغ القليلة يكتفى عادة بلجنة واحدة لفتح المظاريف وفحص العروض معاً.

ص: 817

6-

تشكل لجنة للبت في العروض، التي تحال إليها من لجنة الفحص. وتقوم لجنة البت بالمفاضلة بين العروض، واختيار العرض الأقل سعراً. وتعد محضراً تبين فيه توصيتها (1) بقبول هذا العرض، وأسباب هذه التوصية.

وإذا كانت العروض المقدمة عروضاً خارجية ومحلية، وجب حساب الأسعار على أساس موحد، وهو تسليم المواد إلى مستودعات الجهة الإدارية، خالصة من جميع المصاريف والرسوم FRANCO، مع مراعاة أسعار صرف العملات الأجنبية.

وإذا لاحظت اللجنة ارتفاع العرض الأقل عن سعر السوق ارتفاعاً ظاهراً، أو اقترانه بتحفظات، (2) فإنه يجوز للجنة البت المفاوضة (3) مع صاحب هذا العرض لتخفيض سعره أو سحب تحفظاته، فإذا امتنع جاز أن تتفاوض مع من يليه، أو تعلم جميع المناقصين بذلك، وتطلب إليهم تخفيض عروضهم.

وكذلك إذا تساوت الأثمان بين عرضين وأكثر، ولم تكن لأحدها ميزات على غيره، أجريت بين أصحاب هذه العروض المتساوية مفاوضة علنية، لاختيار الأفضل، أو قسم العقد عليهم، حسب المصلحة الإدارية.

7-

بعد اعتماد توصية لجنة البت واتخاذ قرار الترسية (الإرساء) من السلطة المختصة (وزير، وكيل وزارة، مدير إدارة) ، يتم إخطار المناقص الذي قبل عرضه، خلال أسبوع مثلاً من تاريخ الاعتماد، ويطلب حضوره لتوقيع العقد، وتقديم الضمان النهائي. فإذا رفض التوريد أو المقاولة نفذ العقد على حسابه، وحمل بفرق السعر وسائر المصروفات.

8-

قد تلغى المناقصة، بقرار معلل (مسبب) ، بعد الإعلان عنها، وقبل البت فيها، أو بعد البت فيها، بناء على رأي لجنة البت. ويكون الإلغاء في الحالات التالية:

1-

إذا تقدم عرض واحد، أو لم يبق إلا عرض واحد، بعد استبعاد العروض غير المقبولة شكلاً.

2-

إذا كانت قيمة العرض الأفضل تزيد كثيراً على القيمة السوقية. وقد يكون هذا مظنة لوجود رشوة أو تواطؤ بين المناقصين. (4)

(1) فهي إذن توصية لا قرار، وهي وإن سميت لجنة بت، إلا أن هذا البت هنا غير نهائي.

(2)

التحفظات تعني الشروط الخاصة التي يشترطها صاحب العرض، وتعتبر تعديلاً لشروط المناقصة (تحفظاً عليها) .

(3)

ربما كان لفظ "المراوضة" أو "المساومة" أفضل. واللفظ المذكور أعلاه هو اللفظ الشائع.

(4)

تجدر الإشارة هنا إلى أن الصرف (= الإنفاق) العام خاضع لرقابتين: رقابة سابقة (رقابة الممثل المالي، ممثل وزارة المالية) ، ورقابة لاحقة (رقابة ديوان المراقبة العامة) .

ص: 818

3-

إذا اقترنت العروض كلها أو جلها بتحفظات، ولم يمكن الوصول إلى نتيجة بالتفاوض.

إذا ألغيت المناقصة بسبب من الجهة الإدارية وجب عليها رد ثمن دفتر الشروط والأوراق، في مقابل إعادة هذه الأوراق والدفتر إلى الجهة الإدارية. ويرد الثمن إلى الجميع إذا حصل الإلغاء قبل ميعاد فتح المظاريف. ويرد إلى الذين تقدموا إلى المناقصة فقط إذا حصل الإلغاء بعد الميعاد المذكور.

أما إذا ألغيت المناقصة بسبب من المناقصين، مثل عدم مطابقة عروضهم للمواصفات والشروط، فلا يرد الثمن لأحد.

9-

إذا ثبت غش المورد أو المقاول، بعد التعاقد معه، أو تلاعبه، أو دفعه رشوة، أو الشروع فيها، فإنه يعرض نفسه لإلغاء عقده، وتنفيذ العقد على حسابه، ومصادرة ضمانه، وشطب اسمه من سجل الموردين أو المتعهدين، وإدراجه في القائمة السوداء، وإحالته إلى المحاكمة.

1 -

3- مبدأ المساواة في المناقصة

من أهم المبادئ التي تقوم عليها المناقصة مبدأ المساواة (= تكافؤ الفرص) بين المناقصين. ومن مظاهر هذه المساواة:

1-

الإعلان عن المناقصة حتى يصل خبرها إلى أكبر عدد ممكن من الموردين أو المتعهدين. ويجب أن يكون الإعلان في صحف واسعة الانتشار، وأن يتم الإعلان أكثر من مرة.

2-

تجنب ذكر مواصفات أو شروط تنطبق على بلد أو مورد أو مقاول بعينه.

3-

إعطاء مهلة كافية لتقديم العروض.

4-

عدم إجراء أي تعديل في الشروط أو في المواصفات لصالح أحد المناقصين أو بعضهم.

5-

أن تكون معايير قبول واستبعاد العروض واحدة، وكذلك معايير فحص العروض، والبت فيها.

6-

عدم العدول عن التعاقد مع صاحب العرض الأقل، إلا بقرار معلل واضح.

7-

أن تكون المعاملة واحدة بالنسبة للجميع، لا محاباة فيها لأحد ولا تمييز، من حيث التساوي في المعلومات والفرص واحترام المواعيد وإجراءات التسليم والصرف والضمان والغرامة وسحب العمل

إلخ.

نصت المادة الأولى من نظام تأمين مشتريات الحكومة في المملكة العربية السعودية على ما يلي:

أ- لجميع الأفراد والمؤسسات الراغبين في التعامل مع الحكومة، ممن تتوافر فيهم الشروط التي تؤهلهم لهذا التعامل، فرص متساوية، ويعاملون على قدم المساواة.

ب- توفر للمتنافسين معلومات كاملة وموحدة عن العمل المطلوب، ويمكنون من الحصول على هذه المعلومات في وقت واحد، ويحدد ميعاد واحد لتقديم العروض. (1)

(1) نظام تأمين مشتريات الحكومة ص 12 و13.

ص: 819

وجاء في المادة الرابعة من النظام المذكور أن "على الجهات الإدارية أن تفسح المجال في تعاملها لأكبر عدد ممكن من المؤهلين العاملين في النشاط الذي يجري التعامل فيه، بحيث لا يقتصر تعاملها على أشخاص أو مؤسسات معينة"(1)

8-

في حال التساوي بين عطاءين (أو أكثر) يلجأ إلى التفاوض، فإن بقي التساوي قائماً بعد التفاوض قسمت الكمية بينهما إذا كانت القسمة ممكنة وغير ضارة بالمصلحة، وإلا اختير أحدهما بالقرعة.

9-

وجود رقابة فعالة لمنع أي تجاوز أو محاباة أو رشوة، أو تسريب للمعلومات، أو إفشاء للسرية، لصالح أحدهم أو بعضهم.

10-

أن تكون اللجان وجهات الرقابة مكونة من أشخاص من ذوي الخبرة والسمعة الحسنة؛ لأن أي خلل في الخبرة أو في الأمانة يمكن أن يؤدي إلى التحايل أو التلاعب أو الرشوة أو الشفاعة (الوساطة) السيئة.

11-

على الدولة أن تتخذ كل ما يمكن من الإجراءات والتدابير لتحقيق المصلحة العامة من جهة، وللمساواة بين المصالح الخاصة من جهة أخرى.

ولكن كل هذه الإجراءات والتدابير لا تجدي شيئاً إذا ما كان هناك تعسف أو سوء استعمال للسلطة الحكومية. فمثل هذا يؤدي إلى عدم تحقيق المصلحة العامة، بل إلى الضرر العام (إنفاق عام لتغطية تكاليف المناقصة دون تحقيق الهدف المطلوب) ، أو إلى إشاعة الظلم والفساد.

1 -

4- مبدأ قيمة الزمن في المفاضلة بين العروض:

أحد تطبيقات مبدأ المساواة عند المفاضلة بين العروض تؤخذ قيمة الزمن بعين الاعتبار. (2) فإذا كانت بعض العروض تقدم تسهيلات ائتمانية، وبعض العروض لا تقدم هذه التسهيلات، أو تشترط دفعات مقدمة، كان لا بد من تقويم هذه الدفعات (المؤجلة أو المقدمة) على أساس زمني واحد، أي حساب قيمتها الحالية بتاريخ موحد.

وليس هذا من الربا الحرام؛ لأنه يتعلق بدراسات الجدوى (المفاضلة بين المشروعات أو بين العروض) ، ولا يتعلق بالقروض الربوية، وقد بينا هذا في موضع آخر. (3)

1 -

5- المناقصة والمنافسة:

1-

الاقتصاد الإسلامي يقوم على مبدأ المنافسة الحرة. قال ابن خلدون (808 هـ) : "إن الرعايا متكافئون في اليسار متقاربون، ومزاحمة (= منافسة) بعضهم بعضاً تنتهي إلى غاية موجودهم، أو تقرب"(4)

إن هذا التكافؤ أو التقارب ركن من أركان المنافسة. فالمنافسة لا توجد إلا إذا كان عدد البائعين والمشترين كبيراً، وكانت قواهم متكافئة أو متقاربة. (5)

(1) نفسه ص 50.

(2)

قارن لائحة المناقصات، ضمن "الأسس العامة للعقود الإدارية" ص 814 و816.

(3)

انظر لي بيع التقسيط ص 67، والجامع في أصول الربا ص 75 و325 و336.

(4)

مقدمة ابن خلدون 2/734.

(5)

أصول الاقتصاد الإسلامي ص 58.

ص: 820

2-

قد يطلق لفظ المنافسة على معنى مخصوص هو المناقصة أو المزايدة، كما في النظام السعودي. (1) فالمناقصة (والمزايدة) عبارة عن منافسة بين المشتركين فيها. ولا بد أن يكون عدد هؤلاء المشتركين كافياً، وأن يكونوا مستقلين كل منهم عن الآخر (= غير متواطئين) ، ومتساوين في الفرص والمعلومات. فالمناقصة صورة مخصوصة من صور المنافسة.

1 -

6- أنواع المناقصات:

أولاً- المناقصة العامة والمناقصة المحدودة

1-

المناقصة العامة:

المناقصة العامة هي الأصل، والمحدودة استثناء. فالقاعدة العامة في تنفيذ المقاولات والتوريدات الحكومية هي أن تتم عن طريق مناقصة عامة، تفسح مجال الاشتراك لعدد غير محدود من المناقصين. وتتبع فيها إجراءات النشر الرسمية بالإعلان في الصحيفة الرسمية والصحف المحلية أو الخارجية.

ويلجأ إلى هذا النوع من المناقصة عندما يتوقع أن يكون عدد المناقصين كبيراً.

2-

المناقصة المحدودة (الخاصة) :

ويلجأ إليها استثناء، لتحقيق مصلحة مالية عامة تتمثل في الاقتصاد في تكاليف المناقصة العامة. ويجب أن يكون لها تبرير واضح، وإلا اعتبرت مخلة بمبادئ تكافؤ الفرص والعدالة والمساواة بين الراغبين في التعامل مع الدولة.

وفي هذه المناقصة لا يلجأ إلى الإعلان في الصحف، إنما يلجأ فيها إلى توجيه خطابات (= كتب) رسمية لمن تتوفر فيهم الأهلية للاشتراك في المناقصة. ويتوقع أن يكون عددهم قليلاً، بالنظر إلى الإمكانات الفنية والمالية المطلوبة. وغالباً ما يختارون من المنتجين المباشرين، لا من الوسطاء، حتى تكون أسعارهم أرخص، وربما يطلب ترشيحهم من مؤسسة عامة مختصة، أو من مؤسسة أخرى، ومن هيئة دولية.

وبالنظر للإمكانات الضخمة المطلوبة، قد تلجأ الإدارة إلى تجزئة العروض، بقصد التيسير على الموردين أو المقاولين، لا سيما إذا كانوا محليين، وكانت الكميات المطلوبة كبيرة، بحيث تتجاوز إمكانات المنشأة الواحدة. فربما كانت لوائح المناقصة وأنظمتها تنص على إعطاء أولوية للشراء من المنشآت الوطنية، أو المشتركة، أو الإسلامية، أو العربية، لا سيما إذا كانت منتجاتها محققة للغرض المطلوب.

ثانياً- المناقصة الداخلية والمناقصة الخارجية

1-

المناقصة الداخلية: وهي التي يقتصر الاشتراك فيها على الموردين والمقاولين في داخل البلد، ويكتفى فيها بالإعلان الداخلي.

2-

المناقصة الخارجية: وهي التي يشترك فيها أيضاً موردون ومقاولون من خارج البلد، ويعلن عنها بداخل البلد وخارجه.

ثالثاً- المناقصة العلنية والمناقصة السرية

(1) نظام تأمين مشتريات الحكومة ص 13 و 27.

ص: 821

1-

المناقصة العلنية (= الممارسة) . (1)

في حالات خاصة قد يحضر المناقصون إلى الإدارة صاحبة المناقصة لتقديم أسعارهم بصورة علنية، ويتناقصون في السعر إلى أن ترسو العملية (التوريد، المقاولة) على صاحب السعر الأقل. ومن مميزات هذه الطريقة أن أسعار المناقصين فيها مكشوفة، ويتناقصون فيها على بينة، حيث يكون سعر كل منهم معلوماً للآخر.

فالمناقصة العلنية تشبه المزايدة العلنية (= المزاد العلني) التي تتم بالنداء (= الصياح) . (2)

2-

المناقصة السرية

الأصل في المناقصة أن تكون سرية، بحيث تتم بطريق تقديم المناقصين عروضهم وأسعارهم المكتوبة، ضمن مظاريف مختومة بالشمع الأحمر وموقعة. وتوضع هذه المظاريف في صندوق العطاءات المزود بقفلين وفتحة ملائمة لإدخال المظاريف دون إمكان استعادتها منها، كما مر وصفه.

1 -

7 ما الغاية من سرية المناقصة؟

1-

المعلوم أن المزايدة المأثورة في الإسلام (سنة وفقهاً) مزايدة علنية. وكذلك المزايدة الشائعة قديماً.

2-

والمناقصة قد تكون علنية. لكن المناقصة العامة والسائدة حديثاً هي المناقصة السرية التي تقدم عروضها في مظاريف مختومة بالشمع الأحمر، لا يجوز لأحد آخر الاطلاع عليها قبل موعد فتح المظاريف.

3-

ومن الواضح أن العلانية في المزايدة والمناقصة تحقق الغرض منهما، وهو التنافس بين المشتركين فيهما للوصول إلى أفضل عرض.

4-

فما الغاية إذن من سرية المناقصات الحديثة؟ لم أجد أحداً من الكتاب أجاب عن هذا السؤال، بل لم أجد من طرحه.

5-

قد يجاب عن هذا السؤال بأن المناقصات الحديثة مناقصات فنية معقدة تحتاج العروض فيها إلى دراسة.

6-

لكن هذا الجواب غير كافٍ؛ لأن من الممكن أن يناقص المناقص دون أن ينزل عن حد أدنى معين، مبني على دراسة مسبقة.

7-

قد يكون الجواب أن المناقصة الحديثة تنطوي على كميات كبيرة من السلع أو الخدمات، وقد يخشى لسبب أو آخر في العلانية أو يندفع البعض للنزول إلى أسعار غير معقولة، فيتعثر التوريد أو التنفيذ. أما إذا كان السعر مدروساً وعادلاً وبعيداً عن حرارة المنافسة العلنية فإنه يضمن لصاحبه حدًّا من الربح، ويعينه على تنفيذ التزاماته.

(1) سموها ممارسة، ولم أفهم وجهاً لهذه التسمية. انظر الأسس العامة للعقود الإدارية ص 63، والعقود الإدارية ص 149. والممارسة ترجمة للعبارة الفرنسية Marcie de gre a gre. ويبدو لي أن الترجمة غير موفقة، والأفضل منها فيما أعتقد: مراوضة، مساومة، ومماكسة، سيما إذا كانت الممارسة عبارة عن مساومة لا مزايدة ولا مناقصة (كما ذكر المعجم الوسيط 2/869) . أما إذا كانت الممارسة عبارة عن مناقصة محدودة، ولكنها علنية، فالأفضل أن تكون ترجمتها:"مناقصة علنية"، تمييزاً لها عن المناقصة السرية (العامة، والمحدودة) . وإذا كان هذا هو معنى الممارسة فإن العبارة الفرنسية تبدو غير مناسبة؛ لأن معناها: صفقة بالتراضي (مراوضة) . إن على المؤلفين في المناقصات والعقود الإدارية أن يبذلوا مزيداً من العناية باختيار وتحقيق وتمحيص مثل هذه المصطلحات.

(2)

الوسيط للسنهوري 7/42.

ص: 822

لكن قد يعكر على هذا الجواب أمران:

1-

وجود مبدأ التفاوض في نظام المناقصات، عند التساوي بين العروض، وإن كان التفاوض يتم بين عدد محدود: اثنين مثلاً.

2-

إمكان استبعاد العرض الأقل إذا وجد أن سعره منخفض إلى حد غير معقول.

1 -

8- هل المناقصة عقد؟ أين الإيجاب والقبول في المناقصة؟

1-

ربما يقال: إن المناقصة عبارة عن طريقة أو إجراءات تمهد لعقد: توريد أو مقاولة.

2-

أو يقال: إنها عقد، فيه طرفان: الطرف الأول الجهة الإدارية صاحبة المناقصة تلتزم بالتعاقد مع المناقص الأقل سعراً، والطرف الآخر المناقصون كل منهم يلتزم بالتعاقد مع الجهة الإدارية إذا كان سعره هو الأقل.

فالمناقصة إذن عقد يؤدي إلى عقد آخر: توريد، أو مقاولة.

3-

لكن يمكن النظر إلى المناقصة على أنها عقد واحد مركب (منظومة عقود) ، أي تدخل فيه عدة عقود، مثل عقد بيع دفتر الشروط، وعقد الضمان الابتدائي، والانتهائي،

إلخ.

وبما أن المناقصة تؤول إلى إبرام عقد توريد مواد، أو عقد مقاولة للقيام بخدمات أو أشغال، فيمكن القول بأن هناك مناقصة توريد أو مناقصة مقاولة. ويعتبر العقد عندئذ عقداً واحداً، الإيجاب فيه لا يصدر من الجهة الإدارية عند طرح التوريد أو المقاولة في مناقصة، بل يصدر من المورد، أو من المقاول، عندما يشترط في المناقصة. وهذا الإيجاب ملزم له. (1) لا يرجع عنه حتى رسوِّ المناقصة على غيره. وإذا كانت المناقصة علنية فكل عرض لاحق (يقدمه المناقص) ينسخ عرضه السابق. (2) والقبول فيه يصدر من الجهة الإدارية صاحبة المناقصة عندما تبرم العقد مع المورد أو المقاول الأقل سعراً، بعد رسوّ المناقصة عليه. (3) فهما إيجاب وقبول تسبقهما وتتوسط بينهما إجراءات تمهد للإيجاب أو للقبول.

(1) مصادر الحق 2/62. وهذا الإلزام على سبيل الاستثناء؛ لأن الأصل في العقود أن الموجب يستطيع الرجوع عن إيجابه قبل صدور القبول من الطرف الآخر.

(2)

مصادر الحق 2/62. وهذا الإلزام على سبيل الاستثناء؛ لأن الأصل في العقود أن الموجب يستطيع الرجوع عن إيجابه قبل صدور القبول من الطرف الآخر.

(3)

مصادر الحق 2/62. وهذا الإلزام على سبيل الاستثناء؛ لأن الأصل في العقود أن الموجب يستطيع الرجوع عن إيجابه قبل صدور القبول من الطرف الآخر.

ص: 823

1 -

9- عقد المقاولة:

1-

المقاولة لغة: المفاوضة والمجادلة. وفي الاصطلاح الحديث: عقد بين طرفين، يصنع فيه أحدهما (وهو المقاول) شيئاً لآخر، أو يقدم له عملاً، في مقابل مبلغ معلوم. (1)

2-

ويدخل عقد المقاولة في العقود الإدارية إذا توافرت فيه خصائص هذه العقود، بأن يكون أحد طرفيه جهة إدارية عامة، وغير ذلك مما سنبينه في مبحث لاحق.

3-

وعقد المقاولة إذا كان موضوعه أداء عمل فهو في معنى عقد الإجارة (إجارة الأشخاص: الإجارة المشتركة) المعروف في الفقه الإسلامي.

وإذا كان موضوعه صنع شيء، وكانت المادة مقدمة من المستصنع فهو إجارة أيضاً. أما إذا كانت المادة مقدمة من الصانع فهو استصناع بالمصطلح الحنفي. وهو عقد مركب من بيع وإجارة.

4-

غير أن رجال القانون يميزون بين عقد المقاولة وعقد الإجارة (الخاصة) ، وهذا التمييز صحيح، ولكنهم لم يميزوا بينه وبين عقد الإجارة المشتركة، كما هو الحال عند التعاقد مع أرباب المهن الحرة (النجار، الحداد، الصباغ

إلخ) .

5-

إن عقد المقاولة إما أنه إذن إجارة، أو أنه يجمع بين بيع وإجارة أشخاص، كالعقد مع مؤسسة المياه (ثمن ماء + أجرة توصيل الماء) . وقد يجمع بين إجارة أشخاص وإجارة أشياء، كالعقد مع ملعب أو مسرح (أجرة اللاعب أو الممثل + أجرة المقعد) . (2)

6-

والواقع أن عقد المقاولة (الإجارة المشتركة) وعقد العمل (الإجارة الخاصة) كانا مندمجين معاً في عقد الإجارة في التشريع الوضعي القديم، فكان هذا العقد يضم إجارة الأشياء وإجارة الأشخاص (الإجارة الخاصة) وإجارة أرباب الصنائع (الإجارة المشتركة) . (3)

ويعود الفصل بين هذه العقود في التشريع الجديد لأسباب تتعلق بالتنظيم أكثر مما تتعلق بجوهر الأحكام.

(1) في القانون اللبناني يسمون عقد المقاولة عقد إجارة الصناعة، ترجمة للفظ الفرنسي: Louage d’industrie.

(2)

قارن الوسيط 7/7-13.

(3)

الوسيط 7/32.

ص: 824

1 -

10- عقد مقاولة الأشغال العامة:

1-

هو عقد بين جهة إدارية عامة (كوزارة الأشغال العامة) ومنشأة خاصة (أو عامة) ، تقوم ببناء عقارات أو ترميمها أو صيانتها، في مدة محددة، لقاء مقابل محدد، يدفع على نجوم (= أقساط) .

2-

وعقد الأشغال العامة هو عقد من عقود المقاولة، ولكن أحد طرفيه جهة إدارية عامة، فهو عقد إداري.

3-

في حال رسو المناقصة على مقاول، لا يجوز لهذا المقاول أن يعهد بالمقاولة إلى آخر (مقاول من الباطن) ، إلا بإذن خطي من الجهة الإدارية، تحت طائلة المسؤولية التضامنية بين المقاولين.

4-

على المقاول إذا تسلم من الجهة الإدارية موقع العمل أن يحافظ على النظام والنظافة وإماطة الأذى (أخشاب، مسامير

إلخ) ، وأن يحافظ أيضاً على أملاك الدولة، وعلى تعليمات الجهات الإدارية المختلفة (الشرطة، التنظيم، الصحة، مكاتب العمل، التأمينات الاجتماعية، مصلحة الآثار

) ، والتأكد من صلاحية التربة لقيام الإنشاءات المطلوبة عليها، ومراجعة الرسومات والتصميمات الهندسية والفنية، وإخطار الإدارة بأي خطأ فني يؤثر على سلامة المنشآت ومتانتها.

5-

كل المواد والقطع والأدوات والآلات التي يستحضرها المقاول إلى موقع العمل، لأجل تنفيذ المقاولة، وكذلك المنشآت الوقتية التي يقيمها، يجب أن تظل في موقع العمل، لا يتصرف بشيء منها إلا بموافقة الجهة الإدارية. ويتحمل المقاول مسؤولية ضياعها أو تلفها أو سرقتها.

6-

في حال سحب العمل من المقاول، لمخالفة من المخالفات التي تستوجب هذا السحب، يكون للجهة الإدارية حق حجز أو بيع كل هذه الأشياء أو بعضها، لإتمام العمل على حسابه ومسؤوليته. ويتحمل المقاول أي خسارة يمكن أن تنشأ عن هذا البيع. وإذا كانت هناك أشياء لم تعد صالحة للاستعمال، أو كانت زائدة على الحاجة، كلف المقاول بنقلها على حسابه من موقع العمل. وتحتفظ الجهة الإدارية بحق المطالبة بالتعويض عن كل الأضرار التي تلحق بها نتيجة سحب العمل من المقاول، لتأخره أو توقفه أو انسحابه أو إخلاله بالشروط والمواصفات.

ص: 825

7-

وتصرف للمقاول دفعات على الحساب (1) تبعاً لتقدم العمل. ولا يجوز صرف مبالغ دورية (شهرية مثلاً) بغض النظر عن حالة العمل. ويجب عدم التهاون بحقوق المتعاقد؛ لأن ذلك يخل بمبادئ العدالة، ويؤدي إلى تعثر التنفيذ. فعلى الجهة الإدارية أن تكون حريصة على حقوقه قدر حرصها على حقوقها. ويحق للمتعاقد المطالبة بالتعويض عن أي ضرر يمكن أن يلحق به بسبب الإدارة، وترجع هذه الإدارة على موظفيها بالمحاسبة والمسؤولية.

ولا يتم الصرف للمقاول إلا إذا كان العمل مرضياً، وعلى أن لا يتجاوز المدفوع قيمة ما تم من عمل. وتمتنع الإدارة عن صرف الأقساط إذا تبين لها أن تقدم العمل أو وضع بعض أجزائه أو سلوك المقاول أو وكلائه غير مرضٍ. وتحتفظ الإدارة بقسط أخير لا يصرف للمقاول إلا بعد تمام العمل.

8-

على المقاول بمجرد انتهاء العمل إخلاء موقع العمل، وإزالة جميع المواد والأتربة والمخلفات، وإخطار الجهة الإدارية كتابة، لتحديد موعد المعاينة، وتحرير محضر الاستلام النهائي، ورد الضمان إليه.

1-

11- عقد التوريد:

1-

هو عقد بين جهة إدارية عامة (2) ومنشأة خاصة (أو عامة) ، على توريد أصناف (= سلع، مواد) محددة الأوصاف، في تواريخ معينة، لقاء ثمن معين، يدفع على نجوم (= أقساط) .

2-

فعقد التوريد هو عقد بيع يتأجل ففيه البدلان (المبيع، والثمن) . وهو أشبه شيء في الفقه بعقد الاستصناع المعروف عند الحنفية، إذ أجازوا فيه عدم تعجيل الثمن، خلافاً للسلم.

ولكنه يشبه السلم أيضاً من حيث إن الآجال فيه معلومة: آجال التسليم، وآجال الدفع.

وسنعود إلى هذا الموضوع في القسم الثاني من هذه الورقة.

3-

التوريد قد يتم بطريق الشراء العادي (المباشر) ، أو بطريق المناقصة فالمناقصة قد تجري من أجل عقد توريد.

4-

وتتولى لجنة الفحص فحص الأصناف الموردة، وتعتبر الأصناف المرفوضة على مسؤولية المورد، من حيث الفقدان، أو السرقة أو الحريق، ولعل هذا من باب التعزيز (= العقوبة) ، وإلا فإن المسؤولية في الأصل تقع على الجهة الإدارية لحين تسليم هذه الأصناف في الموعد المحدد (خلال أسبوع مثلاً من تاريخ الإخطار أو الإشعار) .

(1) الدفعة على الحساب تأخذ حكم القرض، يسدد فيما بعد بالمقاصة من الحقوق المالية للمقاول، عندما تتم المحاسبة النهائية، وتثبت له هذه الحقوق وتستقر.

(2)

يمكن أن تكون الجهة خاصة، ولكن قصرنا الكلام في هذه الورقة على العقود الإدارية.

ص: 826

5-

إذا طلب المورد إعادة تحليل الأصناف المرفوضة أعيد التحليل (أو الفحص) على نفقته، إلا إذا جاءت نتيجته في صالحه، فعندئذ تقع النفقة على الإدارة.

6-

تصرف للمورد دفعات على الحساب، لا تتجاوز كل دفعة قيمة الجزء المورد، وذلك بعد تسلم هذا الجزء من الجهة الإدارية أصولاً، بموجب مذكرة، استلام أو إدخال في المستودعات، وشهادة فحص أو تحليل تثبت صالحة المواد المسلمة.

1 -

12- العقود الإدارية:

1-

تعقد الإدارة العامة (الدولة) نوعين من العقود:

1-

عقوداً عادية كعقود الأفراد بعضهم مع بعض، وتخضع للقانون الخاص؛

2-

وعقوداً إدارية تعطي الإدارة امتيازات خاصة، وتخضع للقانون العام الإداري. (1)

وعلى هذا نميز بين عقود الإدارة والعقود الإدارية، فعقود الإدارة تتضمن عقوداً غير إدارية.

2-

والعقد الإداري هو العقد الذي تكون الإدارة العامة طرفاً فيه، ويتصل بمرفق عام، ويخضع للقانون العام (الإداري) ، وتفصل منازعاته في القضاء الإداري.

1 -

13- بعض خصوصيات العقود الإدارية:

1-

قلنا: إن العقود الإدارية هي التي تكون الإدارة (العامة) طرفاً فيها. وفي هذه العقود تقوم الإدارة بوضع شروط التعاقد مقدماً دون أن تعطي للمتعاقد فرصة مناقشتها، فهي أشبه بعقود الانضمام أو الإذعان (2) Contrats d’adhesion، بالنسبة للمتعاقد مع الإدارة.

2-

تعطي هذه العقود امتيازات للإدارة، (3) غير مألوفة في غيرها من العقود، وظاهرها الخروج على مبدأ المساواة في المنافسة. من هذه الامتيازات:

1-

الإدارة تلزم المناقص بإيجابه حتى تاريخ البت في المناقصة، والمعهود في العقود العادية عدم التزام المتعاقد بإيجاب، بل يمكنه الرجوع عنه قبل صدور القبول.

(1) القانون الخاص هو قانون المصالح الخاصة، ويقوم على مبدأ المساواة والتكافؤ بين طرفي العقد. والقانون العام هو قانون المصالح العامة، ويقوم على مبدأ السلطة والقهر وفرض إرادة الدولة على الأفراد، دون تعسف. فهو يعمل إذن:"على التوفيق بين ممارسة امتيازات السلطة بقصد تحقيق المصلحة العامة من ناحية، وبين حماية وضمان الحقوق والحريات التي يتمتع بها الأفراد من ناحية أخرى"، القانون الإداري ص 10. والقانون الإداري هو أحد فروع القانون العام.

(2)

لفظ "الانضمام" أفضل من لفظ "إذعان" الشائع (أدخله السنهوري، الوسيط 1/229) ؛ لأن الأول أوسع وأنسب. فالإذعان حالة خاصة من الانضمام، لا تنطبق إلا في حال الاحتكار المترافق بسعر جائر (شروط تعسفية) . أما إذا كانت هناك منافسة بين المنشآت، أو كان هناك احتكار مع سعر عادل، فلا يكون هناك إذعان، بل انضمام فشركات التأمين وشركات النقل قد تكون كثيرة متنافسة، وكلها تضع شروطها بدون أن يشترط المتعاقد معها في وضع هذه الشروط ومناقشتها.

(3)

انظر أنظمة الإدارة العامة ص 374.

ص: 827

2-

تملك الإدارة سلطة عدم التعاقد: إلغاء المناقصة، بينما لو رجع المناقص عن عرضه لتعرض للعقوبة (مصادرة الضمان الابتدائي) ، ولو رجع عن عقده لتعرض لعقوبات أخرى (مصادرة الضمان النهائي، تنفيذ العقد على حسابه، مطالبته بتعويض الضرر) .

3-

تملك الإدارة سلطة التعاقد مع غير صاحب العرض الأقل.

4-

تملك الإدارة سلطة تعديل العقد بالزيادة أو بالنقصان (في حدود معقولة، لا تتجاوز 20? مثلاً) .

5) تملك الإدارة سلطة توقيع العقوبات (= الجزاءات) : سحب العمل، الغرامات، دون الرجوع إلى القضاء، (1) بينما لا يملك المتعاقد توقيع أي عقوبة على الإدارة إلا بعد الرجوع إلى القضاء.

3-

ويبرر رجال القانون الإداري هذه الامتيازات الممنوحة للدولة بما يلي:

1-

بأن العقد يتصل بمرفق عام.

2-

ويجب حسن سير المرفق العام، باطراد وانتظام (2) ومسايرة للتطور.

وهذا معناه تغليب الصالح العام على الصالح الخاص، ومن ثم إعطاء أحد الطرفين (الإدارة) سلطات ليست للطرف الآخر.

4-

والواقع أن للعقود الإدارية حساسية خاصة، لا تتصل بالصالح العام فحسب، بل بالأمن العام والسلام الاجتماعي أيضاً. ذلك لأن اضطراب سير المرافق العامة من شأنه أن يؤدي إلى الاستياء العام والاضطرابات الاجتماعية. ومن الأسباب المؤدية إلى اضطراب سير المرافق العامة (الماء، الكهرباء، الصحة، التعليم،

إلخ) انتشار اللامبالاة أو التخريب، بسبب فقدان الثقة بين الحاكم والمحكوم، أو بسبب شيوع الرشوة والفساد في القطاعين العام والخاص، وتحلل القيادة السياسية، وتدخلها في الأعمال الإدارية والاقتصادية للدولة بصورة احتكارية أو إقطاعية (اقتسام مناطق النفوذ، واقتسام المغانم والمنافع، وفرض مكوس أو مبالغ باهظة على التراخيص المطلوبة للأنشطة المختلفة) ، (3) مما يؤدي إلى القضاء على المنافسة الشريفة وحرية المبادرة.

5-

وبمقابل ذلك، من المستحسن عدم التوسع في امتيازات الجهة الإدارية حيال المتعاقدين معها، خشية تنفيرهم من التعاقد معها، أو خشية ألا يتقدم للتعامل معها إلا الواثقون من نفوذ مقابل لهم، يستطيعون به مواجهة امتيازات الدولة.

(1) لكن هذا يخضع إلى رقابة لاحقة للقضاء الإداري.

(2)

الاطراد يعني عدم الانقطاع، والانتظام يعني انتظام المواعيد. الوسيط 7/272 – 310.

(3)

حتى صار لهذه التراخيص سوق تباع فيها هذه التراخيص وتشترى.

ص: 828

القسم الثاني

المناقصة فقهيًّا

2 -

1- البيع: مساومة، ومزايدة، وأمانة:

1-

يقسم فقهاؤنا البيع، من حيث طريقة تحديد الثمن، إلى ثلاثة أقسام:

1-

بيع مساومة: بين بائع وشارٍ، الأول يزيد في الثمن، والآخر ينقص، إلى أن يتفقا.

2-

بيع مزايدة: بين بائع وعدة شارين يتزايدون في الثمن إلى أن يتفق البائع مع أزيدهم ثمناً.

3-

بيع أمانة: وهو بدوره ثلاثة أقسام: مرابحة، تولية، وضيعة (= حطيطة، نقيصة) : بين بائع وشارٍ يأتمن البائع على ثمن السلعة، ثم يزيده ربحاً محدداً (مرابحة) ، أو لا يزيده شيئاً ولا ينقصه (تولية) ، أو ينقصه مبلغاً معلوماً (وضيعة) . (1)

2-

والمناقصة عكس المزايدة، و"هي أن يعرض المشتري شراء سلعة موصوفة بأوصاف معينة، فيتنافس الباعة في عرض البيع بثمن أقل، ويرسو البيع على من رضي بأقل سعر". (2)

قالوا: "ولم نطلع على ذكر له (شراء المناقصة) في كتب الفقه بعد التتبع، ولكن يسري عليه ما يسري على المزايدة، مع مراعاة التقابل". (3)

"ويقابله (بيع المزايدة) الشراء بالمناقصة ". (4)

2 -

2- المباحث ذات الصلة:

1-

المزايدة: وسأعرض لها ملخصاً، في مبحث لاحق.

2-

المسابقة: فالمناقصة نوع من المسابقة بين الباعة (مسابقة مهارات إدارية) للفوز بعقد البيع. ومن أحكام المسابقة التي يستفاد منها في المناقصة:

1-

المساواة بين الباعة في الفرص والمعلومات والشروط.

2-

إذا كان الثمن الأدنى قدمه بائعان قسم العقد بينهما إذا كانت القسمة ممكنة.

قال ابن رشد: "إلا أن يكونا جميعاً قد أعطياه ديناراً معاً هما فيه شريكان". (5)

أما إذا كانت القسمة غير ممكنة، أو ضارة، فيلجأ إلى القرعة. (6)

2 -

3- ملخص للمزايدة في السنة والفقه

1-

ولم يرد ذكر للمناقصة في قرآن أو سنة أو فقه، أما المزايدة فقد ورد الكلام عنها في كتب السنة والفقه، وهي أخت المناقصة. لذلك فإننا سنستعين بالمزايدة في حكمنا على المناقصة.

(1) الموسوعة الفقهية الكويتية: 9/9.

(2)

الموسوعة الفقهية الكويتية: 9/9.

(3)

الموسوعة الفقهية الكويتية: 9/9.

(4)

الموسوعة الفقهية الكويتية: 9/9.

(5)

البيان والتحصيل 8/475.

(6)

كتابي الميسر والمسابقة ص 22 و37؛ والأسس العامة للعقود الإدارية ص 223. وقد يقوم العقد (كعقد المقاولة مثلاً) كله على أساس المسابقة، كمسابقة تصميم مبنى مصرف (بنك) أو مسرح أو مشفى أو مدرسة

إلخ. وتكون الجائزة إما مبلغاً نقديًّا معلوماً، أو التعاقد مع صاحب التصميم الفائز. ويعتبر إعلان المسابقة دعوة إلى التعاقد، وليس إيجاباً، والإيجاب هو التقدم إلى المسابقة، ولا يكون باتًّا إلا بالفوز بها، والقبول هو قرار إعلان الفائز. الوسيط 7/40.

ص: 829

1-

قال عطاء: أدركت الناس لا يرون بأساً ببيع المغانم فيمن يزيد. (1)

قال ابن حجر: "وصله ابن أبي شيبة (2) ونحوه عن عطاء ومجاهد. وروى هو وسعيد بن منصور عن ابن عيينة عن أبي نجيح عن مجاهد قال: لا بأس ببيع من يزيد، وكذلك كانت تباع الأخماس". (3) والأخماس جمع خمس، والمراد: خمس الغنيمة.

2-

عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم باع حلساً (4) وقدحاً، وقال:((من يشتري هذا الحلس والقدح؟)) فقال رجل: أخذتهما بدرهم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من يزيد على درهم؟ من يزيد على درهم؟)) فأعطاه رجل درهمين، فباعهما منه.

رواه أحمد وأصحاب السنن مطولاً ومختصراً. (5)

3-

قال الترمذي: "والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، لم يروا بأساً ببيع من يزيد، في الغنائم والمواريث". (6)

قال ابن العربي: "وقد ذكر أبو عيسى (الترمذي) عن بعضهم أنه يجوز في الغنائم والمواريث، والباب واحد، والمعنى مشترك، لا تختص به غنيمة ولا ميراث". (7)

قال الشوكاني: "فالظاهر الجواز مطلقاً؛ إما لذلك لم ينقل أن الرجل الذي باع عنه صلى الله عليه وسلم القدح والحلس كانا معه من ميراث أو غنيمة، وإما لإلحاق غيرهما بهما، ويكون ذكرهما خارجاً مخرج الغالب؛ لأنهما الغالب على ما كانوا يعتادون البيع فيه مزايدة". (8)

4-

قال ابن جزي: "أما المزايدة فهي أن ينادي على السلعة، ويزيد الناس فيها بعضهم على بعض، حتى تقف (= ترسو) (9) على آخر زائد فيها، فيأخذها". (10) . (11)

5-

وقد يكون المنادي (= الدلال) في المزايدة شخصاً آخر غير صاحب السلعة، كما قد يكون صاحب السلعة حاضراً مجلس المزايدة، أو غائباً عنه. (12)

(1) صحيح البخاري (بيع المزايدة) 3/91.

(2)

مصنف ابن أبي شيبة 6/58.

(3)

فتح الباري 4/354. وانظر نيل الأوطار 5/191.

(4)

الحلس: كساء لظهر البعير.

(5)

سنن الترمذي 3/513، واللفظ له، وقال: حديث حسن (باب ما جاء في بيع من يزيد) ؛ وسنن النسائي 7/259، وسنن أبي داود (الزكاة) 2/120؛ وسنن ابن ماجه (التجارات) 2/740؛ والفتح الرباني 15/51.

(6)

سنن الترمذي 3/513.

(7)

عارضه الأحوذي 5/224.

(8)

نيل الأوطار 5/191.

(9)

كان يستخدم لفظ الوقوف بمعنى الرسو، والإيقاف بمعنى الإرساء. انظر أيضاً المعيار المعرب 8/359 و362.

(10)

قوانين الأحكام الشرعية ص 290.

(11)

فالمزايدة تكون في البيع (والإيجار) ، والمناقصة في الشراء (والاستئجار) ، وترتيباتهما الحديثة متشابهة، وقد يجمعهما نظام واحد، ويمكن أن يقال: إن كلًّا منهما جائز، من حيث المبدأ لأن حقيقتهما واحدة.

(12)

الفتاوى الهندية 3/210. وهذه التفصيلات الفقهية مفيدة. ففي يومنا هذا يفرق في المزايدات الحكومية بين لجان المزايدة وصاحب الصلاحية (الوزير، أو المدير) ، فهذه اللجان دورها أشبه بدور المنادي، وصاحب الصلاحية دوره أشبه بدور مالك أو صاحب السلعة.

ص: 830

6-

أطلق بعض الفقهاء على بيع المزايدة بيع الفقراء، أو بيع من كسدت بضاعته. (1) ولعلهم أطلقوا عليه هذا الاسم بالاستناد إلى بعض الأحاديث والآثار الواردة فيه، ولا أرى داعياً لتخصيص هذا البيع بالفقراء، أو بأصحاب البضاعة الكاسدة، أو بغير ذلك لا سيما وأن الحكومات تلجأ إليه في عصرنا هذا. فالعبرة بعموم المعنى لا بخصوص السبب. (2)

7-

وقد ميز العلماء بيع المزايدة من بيع المسلم على بيع أخيه، أو سومه على سومه، فبيع المزايدة مباح، والآخر مكروه. (3)

8-

ومنع الإسلام النجش في المزايدة، وهو أن يزيد مزايد، لا يريد الشراء، بقصد خديعة المزايدين ليزيدوا فوق ثمن السلعة. (4) وأدخل العلماء في النجش أن يتواطأ أحد المزايدين مع الجميع أو الأكثرين ليكفوا عن المزايدة، لقاء جعل. (5)

9-

والإيجاب في بيع من يزيد هو تقدم المزايد بعرض، والقبول هو إرساء البائع المزاد على المزايد الأعلى. (6)

والإيجاب في بيع المزايدة ملزم لصاحبه إلى حين صدور القبول من البائع، بخلاف بيع المساومة، فإن الموجب له هو الرجوع عن إيجابه قبل صدور القبول.

قال الحطاب: "أما بيع المزايدة (

) فالحكم فيه أن كل من زاد في السلعة لزمته بما زاد فيها إن أراد صاحبها أن يمضيها له". (7)

وقد يمتد الالتزام بالإيجاب حتى بعد انقضاء مجلس المزايدة (المناداة) ، لمدة يحددها العرف أو الشرط، ما لم تطل. (8)

10-

إن بقاء الموجب ملتزماً بإيجابه، ولو زاد غيره عليه (العطاء اللاحق لا يسقط العطاء السابق) يسمح للبائع بأن يعقد البيع مع غير المزايد الأعلى.

قال ابن رشد: "وهو (أي البائع) مخير في أن يمضيها (أي السلعة، أو الصفقة) لمن شاء ممن أعطى فيها ثمناً، وإن كان غيره قد زاد عليه (

) ، لأن (من) حق صاحب السلعة أن يقول للذي أراد أن يلزمها إياه إن أبى من التزامها، وقال له: بع سلعتك من الذي زاد علي فيها؛ لأنك إنما طلبت الزيادة وقد وجدتها: أنا لا أحب معاملة الذي زاد في السلعة عليك". (9)

(1) بدائع الصنائع 5/232؛ وشرح فتح القدير 6/477؛ والفتاوى الهندية 3/210.

(2)

انظر نيل الأوطار 5/191؛ ومصادر الحق 2/65.

(3)

الفتاوى الهندية 3/210؛ ومصادر الحق 2/70.

(4)

أجاز بعض العلماء (الحنفية) النجش في السلعة إلى أن تبلغ ثمنها فقط، لا أكثر. بدائع الصنائع 5/233؛ وشرح فتح القدير 6/477؛ والبحر الرائق 6/107؛ وحاشية ابن عابدين 5/101؛ ومصادر الحق 2/71.

(5)

الخرشي على خليل وحاشية العدوي 5/83؛ ومصادر الحق 2/73. ويمكن تصور ذلك في المناقصة، كأن يتفق أحد المناقصين مع الجميع أو الأكثرين لكيفوا عن المناقصة، لقاء جعل.

(6)

قال السنهوري: "ويعنينا في العقود التي تتم بالمزايدة أن نعرف متى يتم الإيجاب، ومتى يتم القبول؟ فقد يظن أن طرح الصفقة في المزاد هو الإيجاب، والتقدم بالعطاء هو القبول. وليس هذا صحيحاً، فإن طرح الصفقة في المزاد لا يعدو أن يكون دعوة إلى التعاقد عن طريق التقدم بعطاء، والتقدم بعطاء هو الإيجاب. أما القبول فلا يتم إلا برسو المزاد". الوسيط 1/226؛ ومصادر الحق 2/61؛ ومواهب الجليل 4/237.

(7)

مواهب الجليل 4/237. وانظر البيان والتحصيل 8/475.

(8)

مواهب الجليل 4/237.

(9)

البيان والتحصيل 8/476. وانظر مواهب الجليل 7/237؛ ومصادر الحق 2/66-68.

ص: 831

2 -

4- ملخص قرار المجمع في المزايدة:

1-

"إن الإجراءات المتبعة في عقود المزايدات، من تحرير كتابي وتنظيم وضوابط وشروط إدارية أو قانونية، يجب أن لا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية". (1)

2-

طلب الضمان ممن يزيد الدخول في المزايدة جائز شرعاً، ويجب أن يرد لكل مشارك لم يرس عليه العطاء. (2) ويحتسب الضمان المالي من الثمن لمن فاز بالصفقة. (3)

3-

لا مانع شرعاً من استيفاء رسم الدخول (قيمة دفتر الشروط بما لا يزيد عن القيمة الفعلية) لكونه ثمناً له" (4) . (5)

2-

5- التكييف الشرعي للمناقصة:

1-

المناقصة لم تعرف سابقاً في الفقه، إنما عرفت أختها: المزايدة. وهما متشابهتان في كثير من الإجراءات، حتى إن معظم أحكامهما تنظمهما لائحة واحدة مشتركة.

2-

المناقصة عملية مركبة، فهي عقد بين الجهة الإدارية والمناقصين، ويتخللها عقد مرتبط بها هو عقد الضمان، وعقد مستقل عنها، وإن كان له صلة بها، وهو عقد بيع أوراق المناقصة (دفتر بالشروط) . وقلنا: إنه عقد مستقل؛ لأن من يشتري الدفتر من التجار لا يشترط بالضرورة أن يدخل في المناقصة. ثم تنتهي العملية إلى عقد، هو العقد المستهدف: عقد توريد، أوعقد مقاولة.

فالمناقصة منظومة عقود، وليست عقداً واحداً.

(1) ربما كان من الأنسب بيان الإجراءات التي تتعارض، إذا وجدت، وترك سائر الإجراءات على أصل الجواز. والمرجو أن تكون الدراسات المقدمة تعرضت لهذا التفصيل، وإلا فإنه من الممكن اتخاذ مثل هذه الفتوى بدون أي دراسة مسبقة، وكأن المفتي هنا يرد المسألة إلى المستفتي، ويتخلص من الفتوى.

(2)

توحي هذه العبارة بأن الضمان لا يرد للمشارك الذي لم يرس عليه العطاء، مع أن قوانين المزايدة ولوائحها كلها تنص، في حدود ما اطلعت عليه، على رد الضمان، بل وبدون طلب من المشارك. فصارت العبارة تحصيل حاصل.

(3)

المراد من هذه العبارة قياس الضمان على العربون. لكن ربما كان من المناسب أن يضاف: ويصادر الضمان إذا أبى من رسا عليه المزاد إبرام العقد. فهذه العبرة تبرز أخص خصائص الضمان (والعربون) ، وإلا فإن العبارة الحالية توحي بأن الضمان لا قيمة له، فإذا رسا العطاء حسب الضمان من الثمن، وإذا لم يرس العطاء رد الضمان إلى صاحبه، فأي فائدة لهذا الضمان؟

(4)

الدورة الثامنة للمجمع، بروناي، 1-7 محرم 1414 هـ = 21-27 حزيران 1993م.

(5)

كان من الأحسن حذف ما بين القوسين، لسببين: الأول أن من العسير عمليًّا التقيد بالقيمة الفعلية (إذا كان المراد بها التكلفة، وهو الظاهر) ؛ لأن لجهة الإدارية تطبع في العادة دفاتر شروط يزيد عددها على الدفاتر المحتمل تصريفها، فيبقى باق منها، يتم إتلافه؛ والسبب الثاني أن لفظ "ثمن" الوارد في العبارة لا يتناسب مع لفظ "القيمة الفعلية"(بمعنى التكلفة) ، فالثمن يعني البيع بربح، والتكلفة تعني مجرد استرداد المصاريف. هذا على رأي القائل بجواز استيفاء مقابل لدفتر الشروط. أما رأيي فهو عدم جواز ذلك (انظر المبحث 2-12 في هذه الورقة) .

ص: 832

3-

المناقصة فيها شبه بعقد المسابقة، من حيث الاسم، فكلاهما مفاعلة، ومن حيث المضمون، فالمناقصة مسابقة بين المناقصين على الفوز بعقد التوريد، أو بعقد المقاولة، ومن حيث الشروط، فالمناقصة كالمسابقة يشترط فيها المساواة بين المشتركين في كل شيء، في المعلومات وفي الفرص وفي الآجال، وفي سائر الشروط والمواصفات المطلوبة. ويمكن في المناقصة، كالمسابقة، تجزئة العقد بين المناقصين إذا تساووا في الأسعار، إذا كانت التجزئة ممكنة وغير ضارة بمصلحة الإدارة، وإلا تم اللجوء إلى القرعة.

4-

سبق أن قلنا: إن المناقصة عقد طرفاه الجهة الإدارية والمورد (أو المقاول) ، والإيجاب فيه هو اشتراط المورد (أو المقاول) في المناقصة، والقبول فيه هو إرساء الجهة الإدارية المناقصة على المناقص الأقل سعراً.

5-

وعلى هذا فإن المناقصة إذا كانت في توريد فهي تشبه عقد البيع، وإذا كانت في مقاولة فهي تشبه عقد الإدارة، إذا كان المقاول يقدم عملاً فقط، وهي تشبه عقد الاستصناع، إذا كان المقاول يقدم العمل والمواد معاً.

6-

ومناقصة التوريد تشبه بيع السلم، من حيث ضرورة تحديد أوصاف المبيع، وآجال التسليم، وشرط عموم وجود المبيع، والقدرة على التسليم.

7-

في مناقصة التوريد يتأجل البلدان: المبيع، والثمن، إلى آجال معلومة، فتشبه في ذلك الاستصناع بمفهومه عند الحنفية، وبالتحديد عند صاحبي أبي حنيفة اللذين لم يجيزا فقط عدم ذكر الأجل، بل أجازا أيضاً تحديده. (1)

2 -

6- ماذا لو تغيرت الأسعار؟:

1-

في المناقصة يلتزم المورد أو المقاول بعرضه، من تاريخ تقديم هذا العرض إلى تاريخ إرساء المناقصة، إذا لم ترس عليه، وإلى تاريخ الانتهاء من تنفيذ التوريد أو المقاولة، إذا رست عليه المناقصة. وهذه المدة قد تبلغ سنة أو أكثر.

2-

في خلال هذه المدة تقع مخاطرة تغير الأسعار كلها على عاتق المورد أو المقاول. وعلى هذا يجب على المورد أو المقاول أن يكون عارفاً بالأسعار وتوقعاتها، فيتحسب من أي تغيرات، ويراعي ذلك في حساب أسعار عرضه الذي يتقدم به.

3-

العادة أن الجهة الإدارية تحرص على التعاقد بأسعار ثابتة لجميع بنود العقد، ولا تعترف بأي تغير في السعر، زيادة أو نقصاناً.

(1) المبسوط 12/139ح وعقد الاستصناع ص 172.

ص: 833

4-

اللهم إلا إذا كان التغير ناشئاً عن تغير في التعرفة الجمركية، وهو تغير سببه الدولة نفسها، فعندئذ يسوى الفرق سواء أكان بالزيادة أم بالنقص. فإذا زادت أعطي المورد الفرق، وإذا نقصت أخذ منه الفرق.

5-

لكن في بعض الحالات يتعذر على الجهة الإدارية التعاقد مع المورد أو المقاول على أساس أسعار ثابتة لجميع مفردات العقد، نظراً لأن جزءاً من الالتزامات كأجور النقل والتأمين وأسعار المواد الخام يكون مرتبطاً بتقلبات الأسعار العالمية. في هذه الحالة يتعين على الجهة الإدارية أخذ موافقة سلطة أعلى (مجلس الوزراء مثلاً) لإمضاء عقد على هذا الشكل. وعندئذ يجوز التعديل بالزيادة في مقابل حق الجهة الإدارية بالانخفاض. وعادة ما يتم الحرص على تحديد نسبة قصوى لهذه الزيارة، في حدود 20? مثلاً، يخصص لها مبلغ احتياطي من الاعتماد لمواجهتها.

2 -

7 تأجيل البدلين في المناقصة: الكالئ بالكالئ (= الدين بالدين)

1-

قدمنا أن المتعهد أو المقاول يقدم إيجابه عندما يشترط في المناقصة، ويلتزم بهذا الإيجاب إلى حين رسو المناقصة وإبرام العقد (صدور القبول من الجهة صاحبة المناقصة) .

وبعد إبرام العقد لا يعجل البدلان معاً، ولا أحدهما، بل يؤجلان كلاهما. وفي عقود الأشغال العامة قد لا يكون هناك مشكلة كبيرة؛ لأن من طبيعة عقود الإجارة (الشبيهة بعقود الأشغال) أن البدل المتمثل بالمنفعة لا يستوفى دفعة واحدة معجلة ولا مؤجلة، إنما يستوفى شيئاً فشيئاً مع تعاقب الوحدات الزمنية. (1) أما البدل المتمثل بالأجر فيمكن تعجيله أو تأجيله.

وفي عقود التوريد قد تبدو المشكلة أكبر؛ لأن البدلين (المبيع، والثمن) مؤجلان، فهل هذا غير جائز، ويدخل في بيع الكالئ بالكالئ؟

2-

ذكر بعض العلماء أن كل معاملة وجدت بين اثنين، وكانت نسيئة من الطرفين، فلا تجوز بإجماع؛ لأنها من الدين بالدين المنهي عنه؛ (2) ولأنها من أبواب الربا؛ (3) ولأنها شغل لذمتين: ذمة البائع، وذمة المشتري، من غير لفائدة. (4)

3-

غير أن حديث الكالئ بالكالئ ليس حديثاً ثابتاً، (5) وإن تلقته الأمة بالقبول. والصور التي تدخل فيه ليست موضع اتفاق العلماء، (6) والصورة التي نحن بصددها لا يدخلها الربا؛ لأنها مبادلة سلعة بنقد، أو خدمة بنقد، فالبدلان فيها مختلفان، لا يدخلهما الربا المحرم. وليس مسلماً أنها شغل لذمتين من غير فائدة، فلو لم تكن هناك فائدة لما عقد عليها أحد. (7) ودعوى الإجماع غير سهلة، وغالباً ما يعتريها التسامح والتساهل. (8) ثم إن الإجماع هنا غير وارد على معنى واحد، فبعض العلماء (ابن تيمية) يقولون: إن المجمع على تحريمه هو البيع المؤجل البدلين (كلاهما دين)، وبعضهم (السبكي) يقولون: إن المجمع على تحريمه هو البيع المؤجل البدل الواحد (السلم، النسيئة) إذا زيد في أجله لقاء الزيادة في بدله. (9)

(1) المحلى لابن حزم 8/183؛ ونظرية العقد لابن تيمية ص 230

(2)

أحكام القرآن للجصاص 1/483؛ وبداية المجتهد 2/94 و110 و117؛ ونظرية العقد ص 235.

(3)

أحكام القرآن 1/466؛ وتكملة المجموع للسبكي 10/ 25؛وحاشية الشرقاوي 2/30.

(4)

الفروق للقرافي 3/290، ونظرية العقد ص 235، وإعلام الموقعين لابن القيم 1/400.

(5)

قال الإمام أحمد: ليس في هذا حديث يصح. نيل الأوطار 5/177.

(6)

الكالئ بالكالئ لحماد ص 10.

(7)

الغرر للضرير ص 316، وقارن الكالئ بالكالئ لحماد ص 17.

(8)

التمهيد في أصول الفقه 3/247.

(9)

الجامع في أصول الربا ص 342، وانظر فيه الكلام عن حديث جابر، وتكملة المجموع للسبكي 10/106؛ وإعلام الموقعين 2/9 و11؛ وإغاثة اللهفان 1/364. ويبدو أن الدكتور الضرير يميل إلى رأي السبكي. قال:" لعل الصورة المجمع على منعها في بيع الدين بالدين هي ما كان فيه الدين من الأموال الربوية". لكن العبارة فيها شيء من الغموض، وهذا الغموض كثيراً ما يعتري مثل هذه البحوث الفقهية الدقيقة الشائكة.

ص: 834

4-

قال بعض العلماء إن عقد السلم إذا انعقد بلفظ السلم أو السلف وجب فيه قبض رأس المال في المجلس، وإذا انعقد بلفظ البيع فلا يشترط فيه قبض رأس المال في المجلس. (1)

وقال بعضهم: " السلم شرعاً بيع موصوف في الذمة (

) ، ومن زاد فيه:"ببدل يعطى عاجلاً" فيه نظر؛ لأنه ليس داخلاً في حقيقته". (2)

5-

سبق أن رأينا أن الحنفية أجازوا في الاستصناع عدم ضرورة تعجيل الثمن، بل أجازوا تأجيله إلى أجل معلوم.

6-

نخلص من هذا إلى أن حديث النهي عن بيع الكالئ بالكالئ لا يقف حائلاً دون جواز مناقصات التوريد والمقاولة، التي عمت بها البلوى في القوانين والأعراف، ولا بديل لها أفضل منها حتى الآن، وصارت الحاجة إليها عامة، الحاجة العامة تنزل منزلة الضرورة الخاصة. وإذا بدا أن فيها مخالفة لبعض القواعد، فإن فيها، والله أعلم، مصلحة يجب تحصيلها ولو خولفت فيها القواعد، أي استحساناً، كما ذكر بعض العلماء المحققين. (3)

2 -

8- هل في المناقصة غرر؟

1-

لا شك أن البيع الذي يعجل بدلاه يداً بيد هو من أبعد البيوع عن الغرر، (4) وأن البيع الذي يعجل فيه بدل ويؤجل الآخر لا يخلو من غرر؛ لأن أحد الطرفين يقبض بدله في الحال، والآخر يقبضه في الأجل المعلوم أو الآجال المعلومة، وقد يتغير سعر السلعة خلال هذه المدة مرة واحدة وأكثرن فإن زاد انزعج البائع، وإن نقص انزعج المشتري.

2-

ويذكر بعض العلماء أن البيع الذي يتأجل بدلاه يتعاظم فيه الغرر.

قال في نهاية المحتاج: " لأن في السلم غرراً، فلا يضم إليه غرر تأخير رأس المال ". (5)

وقال في أسنى المطالب: "لأن السلم عقد غرر، جوز للحاجة فلا يضم إليه غرر آخر". (6)

(1) المهذب للشيرازي 1/392.

(2)

فتح الباري 4/428.

(3)

قواعد الأحكام للعز بن عبد السلام 2/145.

(4)

قال الشافعي: "الأعجل أخرج من معنى الغرر"، الأم 3/83.

(5)

نهاية المحتاج 4/179.

(6)

أسنى المطالب شرح روض الطالب 2/122، بواسطة بيع الكالئ بالكالئ لحماد 19.

ص: 835

3-

يبدو أن هؤلاء العلماء نظروا إلى البدلين فرأوا زيادة في الغرر، لكنهم لو نظروا إلى المتعاقدين لما كان هناك زيادة في الغرر، ولَاستويا في تحمل المخاطرة.

فالغرر ينظر إليه لا من حيث ذاته، بل من حيث أثره على المتعاقد.

فلا فرق في الغرر إذن بين بيع يتأجل فيه أحد البدلين أو يتأجل فيه كلاهما، والله أعلم.

2 -

9- بيع ما ليس عنده (في المناقصة) :

1-

باعتبار أن المورد يلتزم بتوريد سلع في آجال معلومة، فإن هذه السلع قد تكون موجودة عنده أو غير موجودة. وإذا كانت غير موجودة الآن فإنه قد يغلب على الظن وجودها في الآجال المطلوبة، إذا كان البائع منتجاً لها، صانعاً أو زارعاً. وقد يكون تاجراً من شأنه التجارة بهذه السلع.

2-

فإذا كانت السلعة المبيعة موصوفة (غير معينة) ، وكان البائع منتجاً لها، أو تاجراً من شأنه التجارة بها، وقادراً على تسليمها، فإن هذا لا يدخل في بيع ما ليس عنده المنهي عنه.

3-

بيع السلم جائز بالنص والإجماع، وجمهور الفقهاء (خلافاً للحنفية) لا يشترطون أن تكون السلعة في السلم مملوكة للبائع في وقت البيع، ولا عامة الوجود في السوق من وقت البيع إلى وقت التسليم، بل يكتفون بأن يغلب على الظن أن تكون عامة الوجود في التسليم، وعندئذ يقال: إن البائع قد باع ما يملك القدرة على تسليمه في الميعاد المطلوب، ويملك الأهلية لذلك.

4-

يتحصل من هذا أن المناقصة لا تدخل في النهي عن بيع ما لا يملك، أو ما ليس عنده، والله أعلم.

2 -

10- قوانين حديثة في المقاولة مستمدة من الشريعة الإسلامية:

1-

اعتبرت مجلة الأحكام العدلية. (1) في المادة 388 الاستصناع والمقاولة شيئاً واحداً، واستخدمت عبارة:"تقاول مع نجار، أو مع صاحب عمل، أن يصنع له كذا".

2-

نص القانون المدني الأردني المستمد من الشريعة الإسلامية (2) في المادة 780 منه على عقد المقاولة، وعرفه بنفس التعريف الوارد في القوانين الوضعية الحديثة، والذي ذكرناه لدى الكلام عن عقد المقاولة. وذكروا في المذكرة الإيضاحية بأنه لا يناقض آية قرآنية ولا سنة نبوية.

3-

نص قانون المعاملات المدنية السوداني لعام 1984 م (3) في المادة 378 على عقد المقاولة، وعرفه بالتعريف نفسه أيضاً.

(1) مجلة الأحكام العدلية، شرح رستم باز.

(2)

كان من المساهمين في وضع مشروعه: عبد العزيز الخياط. ومن خبرائه: مصطفى الزرقا، ومحمد زكي عبد البر، وعلي الخفيف. انظر المذكرات الإيضاحية للقانون المدني الأردني 1/8 و9 و11 و12.

(3)

ملحق التشريع الخاص، ص 141.

ص: 836

2 -

11- علماء وباحثون أجازوا عقود المقاولة:

من العلماء والباحثين الذين أجازوا عقد المقاولة: مصطفى الزرقا، (1) وعبد الله بن زيد آل محمود، (2) وغريب الجمال، (3) والصديق الضرير، (4) والبدران، (5) وحماد. (6)

2 -

12- دفتر الشروط:

1-

تقوم الجهة صاحبة المناقصة بوضع شروط ومواصفات للأصناف (= السلع) التي ترغب في توريدها، أو الأعمال التي ترغب في تنفيذها.

وقد تحتاج إلى رسومات أو مخططات أو عينات تتكبد من أجلها نفقات، كما تتكبد نفقات الإعلان والدعوة إلى المناقصة، وسائر المصاريف اللازمة لأعمال اللجان المختلفة وإدارة أعمال المناقصة، من إعداد وإعلان وتلقي عروض وفض عروض

إلخ.

2-

وبنظر بعض الجهات المختصة فإن العناصر المؤثرة في تكاليف إجراء المناقصة هي العناصر التالية:

1-

المجهود الذهني المبذول في دراسة المشروع وإعداده؛

2-

تكاليف إعداد الخرائط والرسوم والمخططات اللازمة للمشروع؛

3-

تكاليف الخدمات والاستشارات الهندسية؛

4-

قيمة الأوراق المتعلقة بالمشروع؛

5-

حصة من المصاريف الإدارية، تقدر بنسبة 10? من مجموع العناصر السابقة.

3-

فمن يتحمل هذه التكاليف؟ هل تتحملها الجهة صاحبة المناقصة، أم يعاد تحميلها على المناقصين؟ وعندئذ هل يعاد تحميلها بتكلفتها، أم بثمن فيه ربح؟

فصار لدينا ثلاثة بدائل:

- بذل دفتر الشروط بالمجان؛

- تقديمه بقيمة لا تزيد على استرداد التكلفة؛

- بيعه بثمن (فيه ربح) .

1-

بذله بالمجان: ووجهه أن الجهة صاحبة المناقصة هي المستفيدة من اختيار طريقة الشراء بالمناقصة، بحيث يغلب على ظنها أن هذه الطريقة توصلها إلى مرادها بأدنى ثمن. فهذه مصاريف تختص بالجهة، ويجب أن تستقر عليها، لا سيما وأن المناقصين لو حملوا بالتكلفة أو بالثمن فإن واحدا منهم فقط هو الذي سيفوز بالعقد وترسو عليه المناقصة. فما وجه تحميل سائر المناقصين بالتكلفة أو بالثمن؟

2-

تحميل التكلفة للمناقصين: ووجهه:

أ- أن الدولة تتحمل تكاليف لا بد من تغطيتها بإيرادات مقابلة، وهذه مناسبة لتحميل المناقصين بهذه التكاليف.

ب- لا سيما وأن كلًّا من المناقصين يتوقع أن يستفيد من إبرام العقد مع الدولة، وهم من ذوي القدرة واليسار.

(1) المدخل الفقهي العام 2/710: أجاز المقاولة والتوريد والشرط الجزائي.

(2)

أحكام عقود التأمين ص 81: أجاز المقاولة، ولم يجز الغرامات المالية.

(3)

النشاط الاقتصادي ص 93.

(4)

الغرر ص 316.

(5)

عقد الاستصناع ص 216

(6)

الكالئ بالكالئ ص 29.

ص: 837

3-

بيعه للمناقصين بثمن: ووجهه:

أ- أن الدولة تبيع شيئاً للمناقص ذا قيمة ومنفعة له، بذلت في إعداده وقتاً وجهداً ومالاً، فيمكن بيعه كما يباع كتاب مؤلف.

ب- تحديد الثمن يجب أن يسبق معرفة عدد المناقصين، فلو حدد المبلغ المطلوب من المناقص بالتكلفة فقد يكون عدد المتقدمين، لا سيما في المناقصة العامة، أقل من المتوقع، فلا تسترد الدولة تكاليفها. فلا بأس أن تحتاط لذلك بالزيادة على التكلفة.

4-

الحكم:

لو كان دفتر الشروط فيه نفع للمناقص لم يكن بأس في أخذ قيمته منه بالتكلفة أو بالثمن، بشرط أن تكون هذه القيمة معتدلة، لا تستغل الدولة فيها مركزها، فتفرض على المتعاملين معها وضع المحتكر.

لكن الراجح أن نفع دفتر الشروط عائد على الجهة الإدارية، فإذا أخذت مقابلاً له كان هذا أشبه بالضريبة، ولكن لا وجه لاختصاصهم بها دون غيرهم من القادرين. فيجب لذلك أن تبذل دفتر الشروط بالمجان لمن يطلبه من المتعهدين أو الموردين المعتمدين (= المسجلين) .

وهذا لا يمنع أن تأخذ الجهة الإدارية من طالب الدفتر تأميناً نقديًّا، ترده إليه إذا رد الدفتر، لعدم اشتراكه في المناقصة، أو لعدم رسوها عليه، أو للفراغ من التوريد أو المقاولة إذا رست عليه بالمناقصة، أو لإلغاء المناقصة.

وهذا التأمين مفيد لحماية دفتر الشروط ممن يأخذه غير جاد، ليرميه بعد ذلك دون أن ينتفع به أو ينفع.

2 -

13- الضمان:

في المناقصات نوعان من الضمان (= التأمين) . (1)

1-

ضمان ابتدائي (= مؤقت) : 1 أو 2? مثلاً من قيمة العرض، ويقدم مع العرض، بغرض التأكد من جدية اشتراك المتعهد أو المقاول في المناقصة، والتأكد من التزامه بالتعاقد، في حال رُسُوِّ المناقصة عليه.

ويهمل كل عرض غير مصحوب بضمان، ويعتبر عرضاً غير جدي. ومن حق الجهة صاحبة المناقصة مصادرة هذا الضمان، وإدخاله في خزينة الدولة، إذا سحب العرض قبل ميعاد البتِّ في العروض، وذلك دون اللجوء إلى القضاء.

ويرد الضمان الابتدائي إلى أصحاب العروض غير المقبولة، أي الذين لم ترس عليهم المناقصة. أما الذي رست عليه المناقصة فيقدم ضماناً نهائيًّا، ويرد إليه الضمان الابتدائي، أو يستكمل الضمان الابتدائي، باعتبار أن نسبته أقل من النهائي.

(1) يعفى من الضمان (الابتدائي والانتهائي) المورد أو المقاول إذا كان من شركات القطاع العام.

ص: 838

2-

ضمان انتهائي: 5? مثلاً من قيمة العقد، يقدم في مدة لا تتجاوز عشرة أيام مثلاً من تاريخ إخطار المورد أو المتعهد بقبول عرضه. وكلما نقص الضمان وجب استكماله إلى حد النسبة المقررة.

ويعفى المورد من تقديم هذا الضمان الانتهائي إذا تم التوريد كله خلال المدة المحددة لدفع الضمان، أو كان ثمن الكمية الموردة كافياً لتغطية هذا الضمان، فصار الضمان هنا هو البضاعة نفسها، وما وجد الضمان إلا لضمان التوريد، وقد حصل.

ويرد الضمان إلى صاحبه بعد تنفيذ العقد بصفة نهائية، وذلك دون حاجة إلى تقديم أي طلب.

صور الضمان:

1-

ضمان نقدي: يدفع مبلغ نقدي إلى خزينة الجهة صاحبة المناقصة، مقابل إيصال رسمي. وهذه الصورة من الضمان تم استبعادها، إذ قد تؤدي إلى إفشاء مبلغ العرض، عندما يدفع الضمان إلى صندوق الوزارة أو الجهة صاحبة المناقصة؛ لأن الضمان نسبة محددة من مبلغ العرض. (1)

2-

ضمان بحوالة أو شيك مصرفي: ويشترط أن يؤشر عليه المصرف المسحوب عليه بالقبول. وقد استبعدت هذه الصورة أيضاً؛ لأن الشيك أداة وفاء، وليس أداة ائتمان. فإذا كان مسحوباً في الداخل فيجب تقديمه إلى المصرف المسحوب عليه خلال شهر، وإذا كان مسحوباً في الخارج فيجب تقديمه خلال ثلاثة أشهر. والتأشير عيه بالقبول لا يفيد أكثر من وجود الرصيد (= مقابل الوفاء) في تاريخ التأشير. (2)

3-

ضمان بالاقتطاع من مبالغ مستحقة: يقدم صاحب العرض طلباً إلى الجهة صاحبة المناقصة باقتطاع قيمة الضمان المطلوب من مبالغ مستحقة له لديها. ويشترط أن تكون هذه المبالغ (في حدود قيمة الضمان) قابلة للصرف فعلاً وقت تقديم العرض.

ويبدو أن النظام الجديد قد غض النظر أيضاً عن ذكر هذه الصورة، كالصورتين السابقتين؛ لأن مرد هذه الصورة (الثالثة) إلى الصورة الأولى.

4-

ضمان بخطاب ضمان مصرفي: ويدفع لدى طلب الجهة الإدارية، دون التفات لأي معارضة قد تصدر من صاحب العرض.

5-

ضمان بتعهد من شركة تأمين: واجب الدفع عند أول طلب من الجهة الإدارية صاحبة المناقصة، دون اعتبار لأي معارضة يمكن أن تصدر من صاحب العرض، ودون حاجة إلى استصدار حكم قضائي، أو إقرار من هيئة تحكيم.

في الصور الثلاثة الأولى لا توجد مشكلة شرعية، ولكنها مستبعدة. أما في الصورتين الأخيرتين فيجب أن يكون الضمان بلا أجر؛ لأن الأجر على الضمان لا يجوز شرعاً، كما سيأتي. كما يجب أن يكون الضمان في الصورة الخامسة مقدماً من شركة تأمين تعمل وفق قواعد التأمين الإسلامي.

فلو قدم المتعاقد ضماناً علمت الدولة أنه بأجر، أو أنه مقدم من شركة تأمين غير إسلامية، ما الحكم؟ الظاهر عدم الجواز.

(1) نظام تأمين مشتريات الحكومة ص 100.

(2)

نظام تأمين مشتريات الحكومة ص 100.

ص: 839

الحكم الشرعي للضمان في المناقصة:

1-

الغاية من الضمان الابتدائي هو إلزام المناقص بإبرام العقد إذا رست المناقصة عليه.

والغاية من الضمان الانتهائي هو إلزام المتعاقد بتنفيذ العقد دون تأخر ولا تخلف ولا مخالفة.

2-

فطلب الضمان هنا يعد مشروعاً لحث المشترك أو المتعاقد على القيام بالتزاماته، ومواجهة حالات التعدي والتقصير، وما ينشأ عنها من أضرار. فهذه من الأسباب أو الموجبات المشروعة للضمان.

3-

ويصادر الضمان الابتدائي كله إذا سحب العرض قبل ميعاد البت في العروض، أو إذا لم يقم المورد أو المتعهد بإبرام العقد حال رسوّ المناقصة عليه.

ومصادرة الضمان في هذه الحالة يشبه مصادرة العربون إذا نكل دافعه. وقد سبق بحث العربون، وقرر المجمع جوازه عام 1414 هـ (دورة بروناي) ، بشرط تقييده بمدة محددة. وتعتبر المدة هنا في حال المناقصة هي المدة المنقضية بين تاريخ الدخول في المناقصة وتاريخ رسوها.

4-

ويصادر الضمان الانتهائي كله إذا لم يقم المتعاقد بتنفيذ العقد، بل وينفذ العقد عندئذ على حسابه، ويحمل بفروق الأسعار، وبالتعويض عن الضرر.

وحكم مصادرة الضمان الانتهائي هنا كحكم مصادرة الضمان الابتدائي هناك. وتصادر أجزاء من الضمان الانتهائي إذا ترتبت على المورد غرامات تأخير. وسنرى حكم هذه الغرامات في مبحث مستقل.

5-

سبق للمجمع أن نظر في حكم الضمان الابتدائي والانتهائي، ومنع الأجر على الضمان وفقاً لمأثور الفقه، ولم يجز إلا استرداد المصاريف الفعلية. (1) وإني لا زلت أعتقد أن من الصعب في هذا العصر الحصول على ضمان بالمجان. (2)

6-

فليست هناك مشكلة في طلب الضمان لضمان حالات التخلف أو التقصير. ولكن قد تكون هناك مشكلة في تقديم ضمان بصيغة مشروعة. فغالباً ما يكون الضمان المقدم في صورة خطاب ضمان، وغالباً ما يكون هذا الخطاب مقدماً من المصارف بأجر.

(1) الدورة الثانية للمجمع بجدة 10-16 ربيع الثاني = 22-28 كانون الأول (ديسمبر) 1985م.

(2)

انظر ورقتي في مجلة المجمع، العدد 2، الجزء 2، 1407 هـ.

ص: 840

2 -

14- غرامات التأخير (الشرط الجزائي) :

1-

يخضع المتعاقد مع الدولة لغرامة تأخير، لا تزيد في مجموعها على 4? من قيمة عقد التوريد، و10? من قيمة عقد الأشغال العامة والصيانة.

ولا تقع عليه هذه الغرامة إذا كان التأخير بسبب الجهة الإدارية (إيقاف العمل) ، أو نتيجة حادث طارئ (= قوة قاهرة) . (1) وعلى المتعاقد أن يقدم كافة الأدلة والمستندات التي تثبت أن التأخير خارج عن إرادته، ولم يكن بإمكانه توقعه وقت التعاقد.

وقد تكون هذه الغرامة تصاعدية كالتالي:

1? عن الأسبوع الأول، أو جزء الأسبوع؛

1.

5? عن الأسبوع الثاني؛

2? عن الأسبوع الثالث؛

2.

5 ? عن الأسبوع الرابع؛

3? عن الأسبوع الخامس، أو أكثر. (2)

وذلك من قيمة التوريدات أو الأعمال المتأخرة، أو من القيمة الكلية للعقد، إذا كان من شأن التأخير عدم انتفاع الإدارة بالتوريدات أو الأعمال التي تمت.

وتختلف الغرامة عن التعويض بأن الضرر فيها مفترض ولا يلزم إثباته على الجهة الإدارية، ولا يستطيع المتعاقد الاحتجاج بعدم وقوعه، بخلاف التعويض، يجب فيه إثبات أصل الضرر ومقداره، ويستطيع المتعاقد إثبات عدم وقوعه.

وتؤخذ هذه الغرامات من مبلغ الضمان الانتهائي، أو من مستحقات المتعاقد (لدى الجهة الإدارية نفسها، أو لدى أي جهة إدارية أخرى في البلد نفسه) .

وحكم هذه الغرامات، عند بعض العلماء المعاصرين، حكم الشرط الجزائي الذي سبق بحثه، وأجاز المجمع بعض صوره.

2-

من صور الشرط الجزائي التي أجازها المجمع:

1-

اتفاق المتداينين على حلول سائر الأقساط، عند امتناع المدين عن وفاء أي قسط من الأقساط المستحقة عليه، ما لم يكن معسراً. (3)

2-

العربون، فإذا عدل أحد الطرفين عن العقد (البيع، الإجارة) ، أو مضت الفترة المحددة لانتظار إمضاء العقد، كان مبلغ العربون من حق الطرف الآخر. (4)

3-

فغرامات التأخير في مناقصات التوريد والمقاولة ليست، بنظر البعض، إلا صورة من صور الشرط الجزائي. (5) الذي أجازه عدد من العلماء منهم مصطفى الزرقا. (6) وهيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية. (7)

عن ابن سيرين قال: قال رجل لكريِّه: أرحِل ركابك، فإن لم أرحل معكم يوم كذا وكذا فلك مائة درهم، فلم يخرج. فقال شريح: من شرط على نفسه طائعاً غير مكره، فهو عليه (8)

(1) هذا يشبه مبدأ وضع الجوائح في الفقه الإسلامي، وسنفرد له مبحثاً في هذه الورقة.

(2)

أنظمة الإدارة العامة ص 379.

(3)

قرار مجمع الفقه الإسلامي، في الدورة السابعة، جدة، رقم 65/2/7 بشأن البيع بالتقسيط، الفقرة (5) . ومما يؤيد قرار المجمع، ولم يذكر حينها في الأوراق العلمية المقدمة، ما جاء في حاشية ابن عابدين 4/533: " عليه ألف ثمن، جعله ربه نجوماً (= أقساط) ، إن أخل بنجم حل الباقي، فالأمر كما شرط (

) ، وهي كثيرة الوقوع". وفي أحكام المعاملات الشرعية لعلي الخفيف ص 464:"إذا اشترط مع ذلك أن تأخير أي قسط تتعجل به بقية الأقساط صح الاشتراط". لكن هل تحل بقيمتها الاسمية أم الحالية؟ هذه المسألة لم تبحث، ولها علاقة بالحطيطة (= الوضيعة) للتعجيل.

(4)

قرار مجمع الفقه الإسلامي، في الدورة الثامنة، بروناي، 1414 هـ (= 1993 م) . وانظر بحثي:" بيع العربون وبعض المسائل المستحدثة فيه " ص 19-22.

(5)

الموجز في النظرية العامة للالتزامات للسنهوري ص 442؛ والوسيط 1/263؛ ومصادر الحق 2/89.

(6)

المدخل الفقهي العام، ص 711 و718.

(7)

مجلة البحوث الإسلامية، شوال 1395 هـ – 1396 هـ، ص 59-139.

(8)

صحيح البخاري، باب ما يجوز من الاشتراط 3/259؛ ومصنف عبد الرزاق، باب الشرط في الكراء 8/59؛ وفتح الباري 5/354؛ وإعلام الموقعين 3/400. الكري: المكاري، المؤجر. أرحل ركابك: شد رحلك على ظهر دابتك.

ص: 841

2-

15- غرامات التأخير هل تشبه فوائد التأخير؟

1-

الفوائد الربوية نوعان: فوائد تعويضية 10? مثلاً، وفوائد تأخيرية 15? مثلاً. فالفوائد التأخيرية تكون في العادة وفي القانون أعلى من الفوائد التعويضية، وفيها معنى الجزاء على التأخير في وفاء القرض.

2-

فهي تشبه غرامات التأخير إذن، بجامع معنى الجزاء في التأخير، ومن حيث إن كلًّا منهما يأخذ صورة معدل مرتبط بالمبلغ والزمن.

3-

لكن فوائد التأخير تتعلق بتأخير وفاء القرض عن موعد استحقاقه، أي هي متعلقة بالقروض، فهي من الربا.

4-

أما غرامات التأخير في مناقصات التوريد والمقاولة فتتعلق بتأخير تسليم السلع أو الأعمال عن موعدها المحدد، أي هي متعلقة بالبيوع والإجارات، لا بالقروض.

5-

لكن إذا اعتبرنا أن المبيع المستحق التسليم في أجل محدد ضرب من الالتزام (= الدين) فإن في غرامة التأخير شبهة ربا نسيئة: تقضي أم تربي؟

6-

في البيوع المؤجلة (النسيئة، السلم) أجاز جمهور الفقهاء نقصان البدل المعجل لقاء التأجيل في البدل المؤجل، ولكن لا أعلم أن أحداً منهم أجاز، بعد أن يترتب البدل المؤجل في الذمة، أن يؤجل هذا البدل المؤجل تأجيلاً آخر مقابل مبلغ من المال؛ لأن هذا يصير ربا نسيئة، كقول المدين لدائنه: أنظرني أزدك، أو الدائن لمدينة: تقضي أم تربي؟ كما يصير هذا داخلاً في بيع الكالئ بالكالئ، في صورة منه مجمع عليها، ويسميها المالكية: فسخ الدين في الدين، ويعتبرونها بحق من أشد الصور. (1)

7-

نستدل مما تقدم أن من الشرط الجزائي صوراً جائزة، وأخرى غير جائزة، فليست الصور الداخلة تحته قانوناً مطابقة للصور الداخلة تحته شرعاً.

8-

إن العلماء الذين أجازوا الشرط الجزائي (غرامات التأخير) : مصطفى الزرقا، وهيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، لم أجدهم ناقشوا مثل هذا في البحث الذي استندوا إليه في إصدار فتواهم.

2 -

16- إن خطت هذا الثوب اليوم فلك درهم، وإن خطته غداً فلك نصف درهم

1-

أجازه بعض العلماء. قال في المغني: "وإن قال: إن خطت هذا الثوب اليوم فلك درهم، وإن خطته غداً فلك نصف درهم، فعن أحمد روايتان: إحداهما لا يصح، وله أجر المثل، نقلها أبو الحارث عن أحمد، وهذا مذهب مالك والثوري والشافعي وإسحق وأبي ثور؛ لأنه عقد واحد اختلف فيه العوض بالتقديم والتأخير، فلم يصح، كما لو قال: بعتك نقداً بدرهم، أو بدرهمين نسيئة، والثانية يصح، وهو قول الحارث العكلي وأبي يوسف ومحمد؛ لأنه سمى لكل عمل عوضاً معلوماً، فصح، كما لو قال: كل دلوٍ بتمرة"(2)

وقال في البناية: "لأن التعجيل والتأخير مقصودان، فنزل منزلة اختلاف النوعين"، (3) أي اختلاف الزمن كاختلاف النوع، كلاهما مقصود، ومن ثم فإن له أثراً في القيمة (الأجر) .

(1) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 3/61.

(2)

المغني 6/87؛ وانظر إعلام الموقعين 3/401؛ والإنصاف 6/18؛ والبيان والتحصيل 8/438؛ والمدونة 3/389؛ والموسوعة الفقهية الكويتية 1/256.

(3)

البناية 7/993.

ص: 842

2-

الصيغة المذكورة أعلاه جائزة إذا انعقدت الإجارة على أحد الموعدين (في هذا تستوي مع البيع، فهي جائزة في الإجارة والبيع) . وغير جائزة إذا ترك الخيار للأجير: إن خاط الثوب اليوم أعطي درهماً، وإن خاطه غداً أعطي نصف درهم.

3-

ومثل هذا لا يجوز في البيع أيضاً فلو قال له: إن سلمت المبيع (سلماً) بعد ستة أشهر فلك 100، وإن سلمته بعد سنة فلك 90. أو قال: إن دفعت ثمن المبيع بعد ثلاثة أشهر فعليك 1000، وإن دفعته بعد ستة أشهر فعليك 1010. هذا غير جائز.

4-

هذه الصيغة أعلاه تؤكد قيمة الزمن في الإسلام. فالأجرة تتأثر بزمن العمل، أي إن للزمن حصة من الأجر، كما أن للزمن حصة من الثمن. وقد بينا هذا في مواضع أخرى.

2 -

17- هل من فرق في الحكم بين (بيع ثوب بردهم نقداً ودرهمين نسيئة) و (خياطة ثوب بدرهمين ليوم، ودرهم ليومين) ؟

1-

لا يبدو أن هناك فرقاً بين الصورتين، فإجارتان في إجارة كبيعتين في بيعة.

2-

وقد أجاز بعض العلماء الصورة الأولى، إذا انعقد البيع على أحد الثمنين. (1) وإني أرى رأي هؤلاء العلماء.

3-

وعليه أرى أن خياطة الثوب بدرهمين اليوم، وبدرهم غداً، جائزة أيضاً، إذا انعقدت الخياطة (الإجارة) على إحدى الأجرتين (أو أحد الموعدين) .

4-

ولا تجوز إذ لم تنعقد كذلك. فإذا خاطه اليوم أعطي درهمين، وإذا خاطه غداً أعطي درهما واحداً.

وهذا كما في البيع، فلا يجوز إذا سدد نقداً سدد درهماً، وإذا سدد غداً سدد درهمين. (2)

5-

ومما يؤكد رأينا في الصورتين (البيع، والإجارة) أنهما من باب بيعتين في بيعة، ما جاء في المدونة. (3)

قلت: أرأيت إن دفعت إلى خياط ثوباً يخيطه لي، فقلت له: إن خطته اليوم فبدرهم، وإن خطته غداً فبنصف درهم. أتجوز هذه الإجارة في قول مالك أم لا؟

قال: لا تجوز هذه الإجارة عند مالك.

قلت: لم؟

قال: لأنه يخيطه على أجر لا يعرفه. فهذا لا يعرف أجره. فإن خاطه فله أجرة مثله.

وقال غيره: إلا أن يكون أجر مثله أقل من نصف درهم، فلا ينقص عن نصف درهم، أو يكون أكثر من درهم فلا يزاد على درهم. (4)

(

) وقال عبد الرحمن: وهذا من باب بيعتين في بيعة.

قال سحنون: وقول عبد الرحمن حسن.

(

) قال: وأخبرني مخرمة بن بكير عن أبيه قال: ينهى أن يقول الرجل للعامل: اعمل لي متاعي هذا، فإن قضيتنيه غداً فإجارتك كذا وكذا، وإن قضيتنيه في بعد غدٍ فإجارتك كذا وكذا. قال: من بيعتين في بيعة.

(1) سنن الترمذي 3/524؛ ومصنف عبد الرزاق 8/138؛ والمهذب للشيرازي 1/355؛ وبداية المجتهد 2/115؛ وبحثي: "بيع التقسيط" ص 60.

(2)

بيع التقسيط ص 57.

(3)

المدونة 3/389، في الرجل يقول للخياط: إن خطت لي ثوبي اليوم فبدرهم، وإن خطته غداً فأجرك نصف درهم.

(4)

إني أرى جوازه إذا انعقدت الخياطة على إحدى الأجرتين، وقد أوردت نص المدونة لأجل بيان أن هذه الإجارة تدخل أيضاً في بيعتين في بيعة، وحكمهما واحد.

ص: 843

2 -

18- رأينا في الشرط الجزائي: التمييز بين التخلف والتأخير:

1-

وعلى هذا فإن الرأي في الشرط الجزائي إن كان لعدم التنفيذ فهو جائز، ويأخذ حكم العربون.

2-

وإذا كان الشرط الجزائي لأجل التأخير في التنفيذ فإنه غير جائز؛ لأنه يكون عندئذ في حكم ربا النسيئة، والله أعلم.

- وبهذا نكون قد ميزنا في الشرط الجزائي بين التخلف (عدم التنفيذ) والتأخير. وبهذا تمتنع غرامة التأخير في عقود التوريد وعقود الأشغال. ويخطئ من يظن جوازها في عقود الأشغال، على أساس أن هذه العقود من باب الإجارة، والإجارة لا يدخلها الربا، وقد أجاز بعض العلماء هذا الشرط": إن خطت هذا الثوب اليوم فلك درهم، وإن خطته غداً فلك نصف درهم.

4-

فلا يجوز للدولة في عقود التوريد والأشغال أن تفرض غرامات تأخير، إلا إذا كان يجوز لها في باب الربا (أخذاً وعطاءً) ما لا يجوز للأفراد. وقد سبق أن طرحت مثل هذا في مجال الكلام عن سندات الدين العام، لكنه لم يناقش، ولم تثبت صحته حتى الآن. (1)

ولعل هذا الموضوع من الموضوعات التي يسميها الفرنسيون Tabou، أي الموضوعات التي تكاد تمتنع على الطرح والنقاش، لحساسيتها الدينية والسياسية المفرطة.

2 -

19- التعزير المالي:

1-

التعزير المالي (= العقوبة المالية) ثلاثة أنواع:

1-

تعزير إتلاف (تعزير بإتلاف المال) ؛

2-

تعزير تغيير (تعزير بتغيير صورة المال) ؛

3-

تعزير امتلاك (تعزير بأخذ المال) . (2)

2-

جمهور العلماء على عدم جواز التعزير المالي، لا سيما التعزير بأخذ المال. بل جاء في بعض المراجع:"لا يجوز التعزير بأخذ المال إجماعاً"(3)

3-

ابن تيمية وابن القيم والشاطبي يرون جواز التعزير المالي. (4)

4-

فالغرامات المالية في مناقصات التوريد والأشغال العامة غير جائزة إذن، على رأي الجمهور.

(1) انظر إعلاء السنن 14/474، والجامع في أصول الربا ص 143و 201.

(2)

فتاوى ابن تيمية 28/113.

(3)

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 4/355.

(4)

فتاوى ابن تيمية 28/109 و113 و118؛ والطرق الحكمية ص 266؛ وإعلام الموقعين 2/98؛ وزاد المعاد 3/571؛ والاعتصام 2/123.

ص: 844

5-

وعندي أنها جائزة في بعض الأحوال، وغير جائزة في أحوال أخرى، كما سلف في المبحث (2-18) .

وبعض العلماء المعاصرين لم يجيزوها بإطلاق. (1)

2 -

20- وضع الجوائح (الظروف الطارئة) :

1-

"الجائحة كل آفة لا صنع للآدمي فيها، كالريح والبرد والعطش (

) والسيل". (2)

2-

عقود التوريد والأشغال العامة من العقود الزمنية (المتراخية التنفيذ) . وقد يقع في هذه المدة تغير جوهري في الأسعار، أو في انتظام ورود المواد، نتيجة قوة قاهرة غير متوقعة عند التعاقد (حادث طارئ) : حرب، زلزال، طوفان، جراد

إلخ، مما يؤدي إلى الإخلال بميزان المعاوضة الذي قام عليه العقد.

3-

يجوز اللجوء إلى القضاء لإعادة التوازن إلى طرفي العقد، والخروج من النزاع، بالاستناد إلى مبدأ وضع الجوائح، ورعاية الأعذار الطارئة، بناء على بعض الآراء الفقهية (المالكية والحنابلة) . (3)

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو بعت من أخيك ثمراً، فأصابته جائحة، فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئاً، بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟)) رواه مسلم. (4)

إن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بوضع الجوائح. رواه مسلم. (5)

4-

نظر المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة في "الظروف الطارئة وتأثيرها في الحقوق والالتزامات العقدية "، في الدورة الخامسة 1402 هـ، وقرر الأخذ بالظروف الطارئة، وجواز اللجوء إلى القضاء لإعادة تعديل الحقوق والالتزامات، بالنسبة لطرفي العقد، أو فسخ العقد والتعويض، بناء على رأي أهل الخبرة. (6)

(1) أحكام عقود التأمين لعبد الله بن زيد آل محمود ص 85.

(2)

المغني 4/216.

(3)

المدونة 4/15؛ وبداية المجتهد 2/141 (الجوائح) و2/173 (أحكام الطوارئ من كتاب الإجارات) ؛ وإعلام الموقعين 2/337؛ والمغني 4/216؛ ومصادر الحق 6/20 (نظرية الحوادث الطارئة) ؛ و6/103 (الجوائح) ؛ و6/177 (القوة القاهرة، الآفة السماوية) ؛ ونظرية الظروف الطارئة للترمانيني ص 60.

(4)

صحيح مسلم بشرح النووي 10/216.

(5)

صحيح مسلم بشرح النووي 10/216.

(6)

قرارات مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، مكة المكرمة، ص 99.

ص: 845

2 -

21- هل يجوز أن يدخل في المناقصة على توريد سلعة لا يملكها؟

نعم يجوز، وتعليل هذا الجواز في المباحث:(2-9) ، (2-7) ، (2-8) .

وهذا من باب المعاقدة، لا من باب المواعدة، فالمواعدة عندنا غير ملزمة، والدخول في المناقصة فيه التزام على الطرفين، فعلى الجهة الإدارية، وعلى المناقصة إذا رست عليه المناقصة، إبرام العقد.

2 -

22- هل الجهة الإدارية ملزمة بإرساء المناقصة على أنقص عطاء؟ (1)

1-

الأصل في الجواب عن هذا السؤال هو الإيجاب. ذلك لأن المناقصة من شأنها اختيار الأنقص، وهذا هو الغرض منها. ولو اختير غير الأنقص لكان ذلك مدعاة للتلاعب أو اتهام الجهة الإدارية بأمانتها، لنفوذ أو رشوة أو غير ذلك.

2-

غير أن الذي يحدث في المناقصات عادة ليس مثل هذه الدرجة من الوضوح والسهولة. فالمناقصة ليست كالمسابقة تماماً، بحيث يمكن التسوية بين المتسابقين في كل شيء، (2) فإذا سبق غيره في الزمن، أو في الإصابة، كان هو السابق بلا خلاف.

في المناقصة توضع مواصفات، ويتقدم المناقصون بعروض تحقق في نظرهم هذه المواصفات. وقد يحدث أن لا تكون مواصفات كل عرض مساوية تماماً لمواصفات العروض الأخرى، وإن كانت جميع العروض تعتبر مستوفية للمواصفات المطلوبة.

فعند البت في العروض قد يكون العرض الأقل سعراً ينقص بمزاياه الفنية قليلاً عن العرض الذي بعده. ولدى الموازنة بين الأسعار والمزايا قد يكون من مصلحة الإدارة اختيار العرض الذي بعده.

3-

وقد يستبعد العرض الأقل؛ لأنه عرض غير مدروس، إذ ينخفض سعره إلى حد غير معقول، بما يشعر بعدم إمكانية تنفيذ التوريد أو العمل. (3)

4-

قد يستبعد العرض الأقل إذا اقترن بتخفيضات وتمت المفاوضة مع صاحبه من أجل سحب تحفظاته دون جدوى.

5-

قد يستبعد العرض الأقل لوجود عرض قريب منه من حيث السعر، فيقدم عليه؛ لأنه صادر من منشأة وطنية أو مشتركة أو إسلامية أو عربية، كل ذلك بشرط أن يكون الفرق في السعر ضمن حدود المعقول، وذلك للتوفيق بين المصلحة المالية ومصلحة تشجيع المنتجات الوطنية.

ولا تعتبر المنتجات ذات منشأ وطني إلا بناء على شهادة من الوزارة المختصة بأن المواد الأولية المحلية، واليد العاملة المحلية، قد ساهمت بنسبة معقولة في إنتاج هذه المنتجات. (4)

6-

قد يكون لصاحب العرض الأقل سابق تعامل مع الإدارة، والذي يليه أحسن منه تعاملاً وكفاءة، أو أفضل منه في الجودة والكمية والخدمة والسمعة والمركز المالي.

(1) قد لا يتحتم إرساء المناقصة على أقل عرض، ولا على غيره، وذلك بسبب إلغاء المناقصة للأسباب المبينة في موضع سابق. من هذه الأسباب عدم ملاءمة السعر بالنسبة للأسعار السابقة ولأسعار السوق الحالية. وفي المبحث أعلاه لا نتعرض لهذا، وإنما نتعرض لغرض إرساء المناقصة، ولكن على عرض آخر، غير العرض الأنقص.

(2)

انظر كتابي المسابقات ص 22.

(3)

نظام تأمين مشتريات الحكومة ص 25

(4)

نظام تأمين مشتريات الحكومة ص 21.

ص: 846

أما إذا كان صاحب العرض الأقل سيئ التعامل، ولا تريد الإدارة التعامل معه أبداً، فهذا يجب استبعاده منذ البداية، أي عند الفحص الشكلي للعروض، فلا يدخل في المفاضلة النهائية، هذا إذا لم يستبعد بشطب اسمه أصلاً من سجل الموردين أو المتعهدين.

7-

قد تشترط الجهة الإدارية صاحبة المناقصة إرساء المناقصة على أي مناقص، ولو كان عرضه ليس هو الأقل سعراً، وذلك مع إبداء السبب أو دون إبدائه. (1)

وعندي أنه يجب أن يفهم من هذا أن السبب قد لا تبديه الإدارة للمناقص، لكن لا بد من أن تبديه للجهة المسؤولة بقرار معلل، وإلا أدى هذا الأمر إلى الإخلال بمبدأ آلية (= موضوعية) المناقصة، (2) والتلاعب والتحايل، وتضييع الهدف من إجراء المناقصة. فإذا كان الأمر تخيراً بالتشهي والهوى والتحكم ففيم العناء والوقت والكلفة في إجراء المناقصة؟

كثيراً ما يلجأ البعض، بادئ ذي بدء، إلى التظاهر بالانضباط والانتظام، ثم يفتح بطرق مختلفة ذرائع وحيلاً للالتفاف على هذا النظام.

8-

في المبحث الذي لخصنا فيه أحكام المزايدة (المبحث 2-3) ، نقلنا نصوصاً فقهية عن بعض علماء المالكية، فيها جواز إلزام كل مزايد بعطائه، ولو زاد غيره عليه، مما يسمح للبائع بأن يعقد البيع مع من يختار من المزايدين، سواء أوقع اختياره على المزايد الأعلى أم على غيره، إذ قد لا يحب معاملة الأول.

9-

وعندي أن استبعاد العرض الأقل يجب أن يكون مستنداً في نهاية المطاف إلى اعتباره مخالفاً للشروط والمواصفات، ويدخل فيها سمعة صاحب العرض، وحسن تعامله

إلخ، ولكن هذا الاستبعاد يؤخر إلى المرحلة الأخيرة، مرحلة البت في المناقصة.

فبعد التساوي في الشروط والمواصفات، يؤخذ العرض الأقل. أي لا يؤخذ العرض الأقل إلا إذا كانت سائر الشروط والمواصفات مستوية. وأي اعتبار آخر غير هذا لا بد وأن يفسح مجالاً للتلاعب والتحايل، ومن ثم فوات الغرض الأساسي للمناقصة، ألا وهو المنافسة (الشريفة) ، وضياع كل ما بذل فيها من أوقات وجهود وأموال.

(1) مصادر الحق للسنهوري 2/62.

(2)

أسس الشراء الحكومية ص 121 و124.

ص: 847

الخاتمة

1-

عقد التوريد هو عقد بين جهة إدارية عامة ومنشأة خاصة (أو عامة) ، على توريد أصناف (= سلع، مواد) محددة الأوصاف، في تواريخ معينة، لقاء ثمن معين، يدفع على نجوم (= أقساط) .

وعقد التوريد عقد جائز شرعاً، لا يدخل في النهي النبوي عن الكالئ بالكالئ، ولا عن بيع ما ليس عنده، والغرر فيه مغتفر، والحاجة إليه عامة، وهو قريب من عقد الاستصناع عند الحنفية.

2-

عقد المقاولة هو عقد بين طرفين، يصنع فيه أحدهما (وهو المقاول) شيئاً لآخر، أو يقدم له عملاً، في مقابل مبلغ معلوم.

وعقد المقاولة عقد جائز شرعاً؛ لأنه في معنى عقد الإجارة إذا كان موضوعه أداء عمل أو صنع شيء مادته مقدمة من المستصنع، وهو في معنى عقد الاستصناع (عند الحنفية) إذا كان موضوعه صنع شيء مادته مقدمة من الصانع.

3-

المناقصة طريقة في الشراء أو الاستئجار أو الاستصناع، تخضع لنظام محدد، تلتزم فيه الإدارة (الجهة الإدارية) بدعوة المناقصين إلى تقديم عطاءاتهم (= عروضهم) ، وفق شروط ومواصفات محددة، لأجل الوصول للتعاقد مع صاحب أرخص عطاء.

والمناقصة كالمزايدة جائزة شرعاً، سواء أكانت مناقصة عامة أو محدودة، داخلية أم خارجية، علنية أم سرية.

4-

دفتر الشروط لا يجوز أن يطلب فيه من المناقصين كلفة ولا ثمن؛ لأن منفعته عائدة للإدارة، لا للمناقص. فيجب بذلك بالمجان، وهذا لا يمنع أن تطلب الإدارة من المناقص تأميناً نقديًّا قابلاً للرد إذا أعيد الدفتر إلى الإدارة، إما لعدم الرغبة في الدخول في المناقصة، أو بعد رسوِّ المناقصة، أو إلغائها. ويجوز اشتراط مصادرة هذا التأمين النقدي إذا لم تتم إعادة الدفتر إلى الإدارة.

وطلب التأمين النقدي مفيد لوقاية دفتر الشروط من أن يكون مصيره، عند بعض من يطلبه، إلى سلة المهملات.

5-

يجوز طلب ضمان ابتدائي من المشتركين في المناقصة، عند تقديم العطاءات. ويجوز اشتراط مصادرة هذا الضمان إذا انسحب المناقص من المناقصة قبل الإرساء، أو تخلف عن إبرام العقد إذا رست المناقصة عليه.

6-

يجوز طلب ضمان انتهائي من المتعاقد مع الإدارة، بعد رسو المناقصة عليه. ويجوز اشتراط مصادرة هذا الضمان إذا تخلف المتعاقد عن تنفيذ التزامه، بدون عذر مقبول: قوة قاهرة (= ظرف طارئ) .

ص: 848

7-

يجب أن تكون صيغة الضمان الابتدائي والانتهائي من الصيغة المقبولة شرعاً، وقد كانت هذه الصيغ موضع اهتمام المجمع في دورات سابقة.

8-

يجوز للإدارة فرض غرامات تخلف على المقاولين والموردين إذا تخلفوا عن تنفيذ التزاماتهم بدون عذر مقبول.

9-

لا يجوز للإدارة فرض غرامات تأخير على الموردين والمقاولين إذا تأخروا في تنفيذ التزاماتهم؛ لأن غرامات التأخير في التوريد والمقاولة تشبه فوائد التأخير في القروض الربوية. وقد أوضحنا ذلك في موضوعه من هذه الورقة.

10-

يجوز الدخول في المناقصة لمن لا يمتلك السلعة، بشرط أن تكون السلعة عامة الوجود في السوق، في مواعيد التسليم، حتى يتحقق شرط القدرة على التسليم، وينتفي الغرر.

11-

لا يجوز للإدارة أن تختار غير العطاء الأرخص، إلا بقرار مسبب، ويجب أن يكون فيه السبب عائداً إلى نوع مخالفة في الشروط والمواصفات، التي يدخل فيها سمعة المناقص وحسن تعامله وإعطاء أولوية (مقيدة) للمنشآت الوطنية أو الإسلامية أو العربية.

12-

يجب أن تحرص الإدارة على رعاية حقوق الموردين والمتعهدين، في عقودها الإدارية المبرمة معهم، وكذلك على رعاية الظروف الطارئة، وأن تحرص على مبدأ المساواة في تعاملهم معها، بدون محاباة ولا تحيز، وألا تتجاوز في امتيازاتها الإدارية الحد المطلوب لسير المرافق العامة، بانتظام واطراد وتطور. وكل تجاوز في ذلك يعد من قبيل التعسف أو سوء استخدام الحق أو السلطة أو الامتياز.

13-

والخلاصة فإني أرى جواز المناقصة والتوريد والمقاولة، في حدود ما كتبته واطلعت عليه (انظر المراجع الفنية آخر هذه الورقة)، بتحفظين اثنين:

1-

الأول بشأن بيع دفتر الشروط.

2-

الثاني بشأن غرامات التأخير.

14-

حاولت ألا أتأثر بما كتبه غيري من الباحثين في المزايدة، لا سيما وأن لها علاقة بالمناقصة، ولا حرج بعد ذلك أخذ المجمع برأيي أو لم يأخذ. ذلك لأن الأوراق والآراء العلمية يجب أن تكون مستقلة بعضها عن بعض، فلا قيمة لتعددية مع التبعية. فلو أن هناك عشرين عالماً، سبق أحدهم إلى رأي، وتبعه الآخرون تقليداً، دون اجتهاد ولا تمحيص ولا تحقق، لكانت آراء العشرين لا تزن أكثر من رأي العالم الواحد، أما لو كان لكل منهم رأي مستقل، دون رغبة مسبقة بالتأييد أو بالمعارضة، فإن آراءهم تزن آراء عشرين عالماً بالفعل.

هذا ما وفق الله تعالى في الوصول إليه، فإن كان صواباً فالحمد لله، وإن ثبت خطؤه فإلى الحق المصير المرجع، وأعوذ بالله من التمادي في الخطأ والباطل، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

الدكتور رفيق يونس المصري

ص: 849

أهم مراجع البحث

أولاً- المراجع الفقهية:

أحكام عقود التأمين لعبد الله بن زيد آل محمود، دار الشروق، بيروت، القاهرة، ط3، 1402 هـ = 1982 م.

أحكام القرآن للجصاص (370هـ) ، دار الفكر، بيروت، د. ت.

أحكام المعاملات الشرعية لعلي الخفيف، بنك البركة الإسلامي للاستثمار، البحرين د. ت.

أصول الاقتصادي الإسلامي لرفيق يونس المصري، دار القلم دمشق، الدار الشامية بيروت، دار البشير جدة، ط2، 1413هـ = 1993 م.

الاعتصام للشاطبي (-790هـ) ، دار المعرفة، بيروت، د. ت.

إعلاء السنن لظفر أحمد العثماني التهانوي

(- 1394هـ) ،بتحقيق محمد تقي عثماني، إدارة القرآن والعلوم الإسلامية، كراتشي، د. ت.

إعلام الموقعين لابن القيم (- 751هـ) ، بتحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، دار الفكر، بيروت، ط2، 1397هـ = 1977 م.

إغاثة اللهفان لابن القيم (- 751هـ) ، بتحقيق محمد حامد الفقي، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة، 1357هـ = 1939 م.

الأم للشافعي (-204هـ) ، طبعة الشعب، القاهرة، د. ت.

الإنصاف للمرداوي (- 855هـ) ، بتحقيق محمد حامد الفقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1400 هـ = 1980 م.

البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم (- 969هـ) ، دار المعرفة، بيروت، د. ت.

بدائع الصنائع للكاساني (- 587هـ) ، شركة المطبوعات العلمية، القاهرة، د. ت.

بداية المجتهد لابن رشد (- 595هـ) ، دار الفكر، بيروت، د. ت.

البناية في شرح الهداية للعيني، دار الفكر، بيروت، 1400هـ = 1980 م.

البيان والتحصيل لابن رشد (- 520هـ) ، بتحقيق أحمد الشرقاوي إقبال ومحمد حجي، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1404 هـ = 1984 م.

بيع التقسيط لرفيق يونس المصري، دار القلم بدمشق، الدار الشامية بيروت، دار البشير جدة، 1410 هـ =1990 م.

تكملة المجموع للسبكي، بتحقيق محمد نجيب المطيعي، مكتبة الإرشاد، جدة، د. ت.

التمهيد في أصول الفقه للكلوذاني (- 510هـ) ، بتحقيق مفيد محمد أبو عمشة، مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي، كلية الشريعة، جامعة أم القرى، مكة المكرمة، 1406 هـ = 1985 م.

الجامع في أصول الربا لرفيق يونس المصري، دار القلم دمشق، الدار الشامية بيروت، دار البشير جدة، 1412هـ = 1991 م.

حاشية ابن عابدين (1252هـ) ، دار الفكر، بيروت، 1399هـ= 1979 م.

حاشية الدسوقي (- 1230هـ) ، على الشرح الكبير للدردير، دار الفكر، بيروت د. ت.

حاشية الشرقاوي (- 1226هـ) ، دار المعرفة، بيروت، د. ت.

الخرشي (-1101هـ) علي خليل وحاشية العدوي، دار صادر، بيروت، د. ت.

خطاب الضمان لرفيق يونس المصري، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد 2، الجزء 2، 1407هـ =1986 م.

ص: 850

زاد المعاد في هدي خير العباد لابن القيم (- 751هـ) ، بتحقيق شعيب الأرناؤوط، بيروت، ط3، 1402 هـ=1982 م.

سنن ابن ماجه (-275هـ) ، بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة، د. ت.

سنن أبي داود (- 275هـ) ، بتحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، دار إحياء السنة النبوية، القاهرة، د. ت.

سنن الترمذي (- 279هـ) ، بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة، ط3، 1398هـ =1986 م.

سنن النسائي (- 203هـ) ، بتحقيق عبد الفتاح أبو غدة، مكتب المطبوعات الإسلامية، حلب، ط2، 1406هـ = 1986م.

شرح فتح القدير لابن الهمام (-681هـ) ، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة، 1389هـ=1970 م.

الشرط الجزائي، هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، مجلة البحوث الإسلامية، رئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، الرياض، شوال 1395هـ – 1396هـ.

صحيح البخاري (-256هـ) ، دار الحديث، القاهرة، د. ت.

صحيح مسلم (- 261هـ) بشرح النووي (- 671هـ) ، دار الفكر، بيروت، د. ت.

الطرق الحكمية في السياسة الشرعية لابن القيم (- 751هـ) ، بتحقيق محمد حامد الفقي، دار الكتب العلمية، بيروت، د. ت.

عارضة الأحوذي بشرح صحيح الترمذي لابن العربي (-543هـ) ، دار الكتب العلمية، بيروت د. ت.

عقد الاستصناع في الفقه الإسلامي لكاسب عبد الكريم البدران، دار الدعوة، الإسكندرية، د. ت.

الغرر وأثره في العقود للصديق محمد الأمين الضرير، دون ناشر، 1386هـ =1967م.

الفتاوى الهندية العالمكيرية، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط3، 1400هـ = 1980م.

فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني (-852هـ) ، دار المعرفة، بيروت د. ت.

الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد (-241هـ) ، لأحمد البنا، دار إحياء التراث العربي، بيروت، د. ت.

الفروق للقرافي (-684هـ) ، عالم الكتب، بيروت، د. ت.

قرارات مجلس المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي، مكة المكرمة، 1405 هـ = 1985 م.

قرارات مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، جدة، الدورة الثامنة، بروناي، 1-7 محرم 1414هـ = 21-27 حزيران (= يونيو)1993.

قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي، جدة، 1406هـ- 1409هـ (=1985م-1988م) .

قواعد الأحكام في مصالح الأنام للعز بن عبد السلام (-660هـ) ، بتحقيق طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط2، 1400هـ = 1980م.

قوانين الأحكام الشرعية لابن جزي (-741هـ) ، دار العلم للملايين، بيروت، 1979م.

الكالئ بالكالئ لنزيه حماد، مركز أبحاث الاقتصاد الإسلامي، جامعة الملك عبد العزيز، جدة، 1406هـ=1986م.

المبسوط للسرخسي (-490هـ) ، دار المعرفة، بيروت، ط3، 1398هـ= 1978م.

مجلة الأحكام العدلية شرح سليم رستم باز، دار إحياء التراث العربي، ط 3، د. ت.

المحلى لابن حزم (456هـ) ، بتحقيق أحمد شاكر، دار الآفاق الجديد، بيروت د. ت.

المدخل الفقهي العام لمصطفى الزرقا، مطابع ألف باء الأديب، دمشق، ط 9، 1967-1968م.

المدونة الكبرى للإمام مالك (-179هـ) ، دار الفكر، بيروت، 1398هـ= 1978م.

المذكرات الإيضاحية للقانون المدني الأردني، نقابة المحامين، عمان، ط 2، 1985م.

مسائل السماسرة للأبياني (-352هـ) ، عرض وتعليق محمد أبو الأجفان، مجلة أبحاث الاقتصاد الإسلامي، جامعة الملك عبد العزيز، العدد 2، المجلد1، شتاء 1404هـ= 1984م.

ص: 851

مصادر الحق في الفقه الإسلامي لعبد الرزاق السنهوري، دار إحياء التراث العربي، بيروت، د. ت.

مصنف ابن أبي شيبة (-235هـ) ، بتحقيق عبد الخالق الأفغاني، الدار السلفية، بومباي، ط2، 1399هـ= 1979م.

مصنف عبد الرزاق (-211هـ) ، بتحقيق حبيب الرحمن الأعظمي، المكتب الإسلامي، بيروت، ط2، 1403هـ = 1983م.

المعيار المعرب لأحمد بن يحيى الونشريسي (-914هـ) بإشراف محمد حجي، دار الغرب الإسلامي، 1401هـ = 1981م.

المغني مع الشرح الكبير لابن قدامة (-620هـ) ، دار الكتاب العربي، بيروت، 1392هـ = 1972م.

مقدمة ابن خلدون (-808هـ) ، بتحقيق علي عبد الواحد وافي، دار نهضة مصر، القاهرة، ط3، د. ت.

ملحق التشريع الخاص للجريدة الرسمية لجمهورية السودان الديمقراطية رقم 1340 (قانون المعاملات المدنية لسنة 1984م) ، الخرطوم، د. ت.

المهذب للشيرازي (-456هـ) ، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة، ط3، 1396هـ= 1979م.

مواهب الجليل لشرح مختصر خليل للحطاب (-954هـ) ، دار الفكر، بيروت، ط2، 1398هـ =1978م.

الموجز في النظرية العامة للالتزامات لعبد الرزاق السنهوري، دار إحياء التراث العربي، بيروت، د. ت.

الموسوعة الفقهية الكويتية، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الكويت، التاريخ مختلف باختلاف الجزء والطبعة.

الميسر والمسابقة لرفيق يونس المصري، دار القلم دمشق، الدار الشامية بيروت، دار البشير جدة، 1413هـ = 1993م.

النشاط الاقتصادي في ضوء الشريعة الإسلامية لغريب الجمال، دار الشروق، جدة، 1397هـ=1977م.

نظرية الظروف الطارئة لعبد السلام الترمانيني، دار الفكر، دمشق، 1391 هـ= 1971م.

نظرية العقد (= قاعدة العقود) لابن تيمية (-728هـ) ، دار المعرفة، بيروت، د. ت.

نهاية المحتاج للرملي (-1004هـ) ، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة، 1357 هـ =1938م.

نيل الأوطار للشوكاني (-1250هـ) ، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة، د. ت.

ثانياً- المراجع الفنية:

أسس الشراء الحكومي لأحمد صبري حمود، معهد الإدارة العامة، الرياض، 1395هـ =1975م.

الأسس العامة للعقود الإدارية لسليمان محمد الطماوي، دار الفكر العربي، القاهرة، ط4، 1984م.

أنظمة الإدارة العامة في المملكة العربية السعودية لمحمود مسعد، مطبعة المدني، القاهرة، 1401هـ = 1981م.

العقود الإدارية لمحمود عاطف البنا، دار العلوم، الرياض، 1405 هـ =1984م.

القانون الإداري لماجد راغب الحلو، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، 1983م.

قانون تنظيم المناقصات والمزايدات، ضمن "الأسس العامة للعقود الإدارية" ص 775-783.

لائحة المناقصات والمزايدات، ضمن "الأسس العامة للعقود الإدارية"، ص 789-843.

نظام تأمين مشتريات الحكومة، وزارة المالية والاقتصاد الوطني، الرياض، 1400هـ.

الوسيط في شرح القانون المدني لعبد الرزاق السنهوري، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1964م.

ص: 852