الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بيت المقدس الشرقي باطنه فيه المسجد وظاهره من قبله العذاب وادي جهنم.
وهذا قليل جدا من كثير جدا مما ورد من هذا الباب معزوا مثل ما تقدم إلى صحابة وتابعين عن الخلق والتكوين والقصص وتأويل الآيات والأحداث المتصلة بالسيرة النبوية وظروف الدعوة.
وهذا غير ما روي من روايات تأويلية وتفسيرية كثيرة جدا في كتب السنة والشيعة معزوة إلى صحابة أو تابعين ممن عرفوا بالعلم والدراية والورع وسلامة المنطق متناقضة من جهة ويبرز فيها أثر الخلافات الحزبية والمذهبية والسياسية بروزا واضحا من جهة أخرى. وفي كل هذا ما هو ظاهر من الإغراب والتخمين بل والتخريف وعدم الاتساق مع مرامي الآيات ومضمونها وظروفها، ودلائل الجهل بحقائق الكتب المنزلة ومحتوياتها وبما هو معروف إذ ذاك من الحقائق العلمية والتاريخية والجغرافية مما يشوش على الراغب في تفهم القرآن ويجعل القرآن عرضة للحجاج والجدل والأخذ والرد، ويشوه أسماء كثير من أصحاب رسول الله وتابعيهم، ويجعل المسلم يقف موقف الحيرة والبلبلة مما نقل عنهم.
-
3- تعليقات المفسرين على القصص:
ثالثا: إن كثيرا من المفسرين قد ولعوا بالتعليق على ما ورد في القرآن من قصص ولعا كبيرا تجاوزوا فيه حدود الروايات المنسوبة إلى الصحابة والتابعين على علّات كثير من هذه الروايات، وجالوا في ساحات التخمين والتخرص والتكلف والتزيد والمبالغة جولات مسهبة حينا وموجزة حينا آخر، ومنسوبة إلى رواة من غير تلك الطبقة بالأسماء حينا وبدون أسماء حينا وصادرة عنهم أو موهمة أنها كذلك حينا آخر، حتى ليقع في نفس القارئ من فحوى عباراتهم وأساليب إيرادهم أحيانا أنهم يعنون أن القصص القرآنية أو بعضها على الأقل قد وردت في القرآن لذاتها، وبقصد الإخبار والماهيات والحقائق أكثر من قصد العظة والتذكير، وكثير مما أورده لا يتفق مع دلالات الآيات ولا تتحمله أهدافها ولا تقتضيه عباراتها كما فيه
مفارقات كثيرة وما هو أدخل في باب الخرافة منها في باب الحقائق. وإليك بعض الأمثلة من ذلك للتمثيل والإيضاح:
(1)
فهذه سلسلة مما ورد عن ذي القرنين ويأجوج ومأجوج منقولة عن الخازن وأبي السعود والبيضاوي والكشاف، وأكثرها بتعبير روي وقيل وأحيانا بدون ذلك وقليل منها معزو لقائل معين:
1-
إن الله إنما ذكر ذا القرنين لأن حكمته شاءت تخليد اسمه في القرآن على مرّ الدهور لما بلغه من عظمة السلطان وسعة الملك.
2-
إن ذا القرنين دخل الظلمة في طلب عين الحياة، وإن الخضر كان من رجال جيشه فوقع على العين فاغتسل وشرب منها.
3-
إن عمر ذي القرنين ألف وثلاثون سنة.
4-
وقال ابن جريج كان عند العين الحمئة مدينة يقال لها الجاسوس لها اثنا عشر ألف باب وسكانها من نسل ثمود الذين آمنوا بصالح ولولا ضجيج أهلها لسمع الناس وجيب الشمس حين تغيب.
5-
إن يأجوج أمة ومأجوج أمة، وكل أمة أربعة آلاف أمة، ولا يموت الرجل منهم حتى يرى من صلبه ألف رجل قد حمل السلاح، وهم ثلاثة أصناف صنف منهم أمثال الأرز شجر بالشام طوله عشرون ومئة ذراع، وصنف منهم عرضه وطوله سواء عشرون ومئة ذراع وهؤلاء لا يقوم لهم جبل ولا حديد، وصنف منهم يفترش أحدهم أذنه ويلتحف بالأخرى، ولا يمرون بفيل ولا وحش ولا خنزير إلا أكلوه، ومنهم من طوله شبر. وقال كعب إن آدم احتلم ذات يوم وامتزجت نطفته بالتراب فخلق الله من ذلك الماء يأجوج ومأجوج، فهم متصلون بنا من جهة الأب دون الأم.
6-
كان لذي القرنين قرنان فأمر قومه بتقوى الله فضربوه على قرنه الأيمن فمات فأحياه الله ثم بعثه فأمرهم بتقوى الله فضربوه على قرنه الأيسر فمات فأحياه الله.
7-
سخر الله لذي القرنين السحاب فحمل عليه، ومدّ له الأسباب وبسط له النور فكان الليل والنهار عليه سواء. وخاطبه قائلا إني باعثك إلى أمم مختلفة ألسنتهم، منهم أمتان بينهما طول الأرض إحداهما عند مغرب الشمس يقال لها ناسك والأخرى عند مطلعها يقال لها منسك، ومنهم أمتان بينهما عرض الأرض إحداهما في القطر الأيمن يقال لها هاويل والأخرى في قطر الأرض الأيسر يقال لها تاويل، ومنهم أمم في وسط الأرض منهم الجن والإنس ويأجوج ومأجوج! فقال بأي قوة أكابدهم وبأي جمع أكاثرهم وبأي لسان أناطقهم، فقال الله إني سأقويك وأبسط لسانك وأشد عضدك فلا يهولنك شيء، وألبسك الهيبة فلا يرو عنك شيء وأسخر لك النور والظلمة وأجعلهما من جنودك. فالنور يهديك من أمامك والظلمة تحوطك من ورائك.
8-
إنه الإسكندر الذي ملك الدنيا. وقيل ملكها مؤمنان وهما ذو القرنين وسليمان وكافران وهما نمرود وبختنصر.
9-
قيل إنه كان عبدا صالحا ملكه الله الأرض وأعطاه العلم والحكمة وسخر له النور والظلمة، فإذا سرى يهديه النور من أمامه وتحوطه الظلمة من ورائه. وقيل كان نبيا وقيل كان ملكا من الملائكة. وعن علي أنه ليس بملك ولا نبي ولكنه عبد صالح ضرب على قرنه الأيمن في طاعة الله فمات ثم بعثه الله فضرب على قرنه الأيسر فمات فبعثه الله فسمي ذا القرنين، وإن فيكم لمثله. وعلق المفسر قائلا إن عليا أراد نفسه.
10-
إن معاوية قرأ جملة عَيْنٍ حَمِئَةٍ [الكهف: 86]«عين حامية» فقرأها ابن عباس «عين حمئة» فقال معاوية لعبد الله بن عمر كيف تقرأها فقال كما يقرأ أمير المؤمنين، ثم إن معاوية وجّه إلى كعب الأحبار كيف تجد الشمس تغرب في التوراة قال في ماء وطين فوافق قول ابن عباس.
(2)
وهذه سلسلة أخرى في سياق قصص موسى وفرعون وبني إسرائيل وسليمان منقولة عن «الكشاف» . وقد وردت في كتب تفسير أخرى مقاربة أو نصا
كما جاءت في «الكشاف» :
1-
قيل إن بني إسرائيل لما قتلوا أنبياءهم وكفروا وكانوا اثني عشر سبطا تبرأ سبط منهم مما صنعوا واعتذروا وسألوا الله أن يفرق بينهم وبين إخوانهم ففتح الله لهم نفقا في الأرض فساروا فيه سنة ونصفا حتى خرجوا من وراء الصين، وهم هناك حنفاء مسلمون يستقبلون قبلتنا. وذكر عن النبي أن جبريل ذهب به ليلة الإسراء نحوهم فكلمهم فقال لهم جبريل هل تعرفون من تكلمون قالوا لا قال هذا محمد النبي الأمي فآمنوا به ثم قالوا يا رسول الله إن موسى أوصانا من أدرك منكم أحمد فليقرئه مني السلام فردّ محمد على موسى السلام، ثم أقرأهم عشر سور من القرآن نزلت بمكة ولم تكن نزلت فريضة غير الصلاة والزكاة وأمرهم أن يقيموا مكانهم، وكانوا يسبتون فأمرهم أن يجمعوا ويتركوا السبت.
2-
روي أن معسكر سليمان كان مئة فرسخ في مئة. خمسة وعشرون للجن وخمسة وعشرون للإنس. وخمسة وعشرون للطير وخمسة وعشرون للوحش، وكان له ألف بيت من قوارير على الخشب فيها ثلاثمائة زوجة وسبعمائة سرية، وقد نسج له الجنّ بساطا من ذهب وإبريسم فرسخا في فرسخ، وكان له منبر يوضع في وسطه، وهو من ذهب فيقعد عليه وحوله ستمائة ألف كرسي من ذهب وفضة فيقعد الأنبياء على كراسي الذهب والعلماء على كراسي الفضة، وحولهم الإنس وحول الإنس الجنّ والشياطين، وتظللهم الطير بأجنحتها حتى لا تقع عليهم الشمس، وترفع الريح البساط فتسير به مسيرة شهر في يوم وأن الله أوحى إليه مرة وهو يسير بين الأرض والسماء أني قد زدت في ملكك فلا يتكلم أحد بشيء إلا ألقته الريح في سمعك، فيحكى أنه مرّ بحراث فقال لقد أوتي آل داود ملكا عظيما فألقته الريح في أذنه فنزل ومشى إلى الحراث وقال: إنما مشيت إليك لئلا تتمنى ما لا تقدر عليه. وكان من أمره أن سمع كلام النملة من ثلاثة أميال. وقد ذكر بعض المفسرين في سياق هدهد سليمان أنه كان مكلفا بالتنقيب عن مواضع المياه للجيوش اللجبة التي تسير مع سليمان لأن الأرض في عيني الهدهد ككرة من زجاج شفاف يرى ظاهرها وباطنها.
3-
كانت عند شعيب عصي الأنبياء، فأمر موسى أن يدخل ويأخذ له عصا، فوقعت يده على عصاه وكان آدم هبط بها من الجنة ولم يزل الأنبياء يتوارثونها، فضنّ بها على موسى وألقاها بين العصي أولا وثانيا وثالثا إلى السابعة وكانت في كل مرة تقع في يده فوقع في نفس شعيب أن له شأنا فأعطاها له.
4-
أرسل فرعون خلف بني إسرائيل ألف ألف وخمسمائة ألف ملك، ومع كل ملك ألف، وخرج فرعون في جمع عظيم، وكانت مقدمته سبعمائة ألف كل رجل على حصان وعلى رأسه بيضة. وعن ابن عباس أن فرعون خرج في ألف ألف حصان سوى الإناث، وهذا سبب استقلاله قوم موسى وقوله عنهم إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ.. [الشعراء: 54] ، مع أن عددهم ستمائة ألف وسبعون ألفا.
5-
إن بلقيس كانت من الجن، وإن الجن خشوا أن يتزوجها سليمان فيجتمع في ابنه منها فطنة الإنس والجن فدسوا له عنها وشنعوا له سيقانها فامتحنها بالصرح الممرد، ولما ظهر له كذبهم استنكحها وكان يزورها في الشهر مرة.
6-
حينما كانت العصا تنقلب ثعبانا في يد موسى كان يبدو أنه ثعبان ذكر أشعر فاغرا فاه بين لحييه ثمانون ذراعا وقد وضع حينما ألقاه بين يدي فرعون لأول مرة لحيه الأسفل في الأرض ولحيه الأعلى على سور القصر ثم توجه نحو فرعون ليأخذه فوثب من سريره وهرب وأحدث ولم يكن أحدث قبل ذلك، وهرب الناس وصاحوا، وحمل على الناس فانهزموا فمات منهم خمسة وعشرون ألفا قتل بعضهم بعضا.
7-
كان عدد السحرة سبعين ألفا وقيل ثمانين ألفا وقيل بضعة وثلاثين ألفا.
8-
في الجزء الخامس عشر من تفسير القرطبي المعروف ب «جامع أحكام القرآن» اثنتان وثلاثون صحيفة في تفسير الآيات الواردة في سورة ص عن داود محشوة حشوا عجيبا بالقصص عن داود وسليمان والأقوال التي تدور حول هذه القصص، وفيها من الإغراب ما يثير الدهشة. منها ما جاء في صدد توبة داود معزوا
إلى عطاء الخراساني أن داود سجد أربعين يوما حتى نبت المرعى حول وجهه وغمر رأسه فنودي أجائع فتطعم وعار فتكسى فنحب نحبة هاج المرعى من حرّ جوفه فغفر له وستر بها ذنبه فقال يا ربّ هذا ذنبي فيما بيني وبينك قد غفرته فكيف بفلان وكيف بفلان وكذا وكذا رجلا من بني إسرائيل تركت أولادهم أيتاما ونساءهم أرامل، قال يا داود لا يجاوزني يوم القيامة ظلم أمكنه منك ثم أستوهبك منه بثواب الجنة.. ثم قيل يا داود ارفع رأسك فذهب ليرفع رأسه فإذا به قد نشب في الأرض فأتاه جبريل فاقتلعه عن وجه الأرض كما يقتلع من الشجرة صمغها.
رواه الوليد بن مسلم عن ابن جابر عن عطاء.. قال الوليد وأخبرني منير بن الزبير قال فلزق مواضع مساجده على الأرض من فروة وجهه ما شاء الله.. وقال وهب إن داود نودي إني قد غفرت لك فلم يرفع رأسه حتى جاءه جبريل فقال لم لا ترفع رأسك وربك قد غفر لك. قال يا ربّ كيف وأنت لا تظلم أحدا فقال الله لجبريل اذهب إلى داود فقل له يذهب إلى قبر أوريا فيتحلل منه فسأسمعه نداءه. فلبس داود المسوح وجلس عند قبر أوريا ونادى يا أوريا فقال لبيك من هذا الذي قطع عليّ لذتي وأيقظني فقال أنا أخوك داود أسألك أن تجعلني في حلّ، فإني عرضتك للقتل قال عرضتني للجنة فأنت في حلّ. وفي الخبر وكان داود يقعد على سبعة أفرشة من الليف محشوة بالرماد فكانت تستنقع دموعه تحت رجليه حتى تنفذ من الأفرشة كلها، وكان إذا جاء يوم نواحه نادى مناديه في الطرق والأسواق والأودية والشعاب وعلى رؤوس الجبال وأفواه الغيران ألا إن هذا يوم نواح داود فمن أراد أن يبكي على ذنبه فليأت داود فيسعده فيهبط الناس من الغيران والأودية وترتج الأصوات حول منبره والوحوش والسباع والطير عكّف وبنو إسرائيل حوله فإذا أخذ في العويل والنواح وأثارت الحرقات منابع دموعه صارت الجماعة ضجة واحدة نوحا وبكاء حتى يموت حول منبره بشر كثير في مثل ذلك اليوم.. وفي هذا الجزء من تفسير القرطبي أربع عشرة صحيفة أخرى محشوة بمثل هذه الأقوال في سياق الآيات الواردة في سورة ص. كذلك عن سليمان تثير الدهشة في إغرابها وتفصيلاتها وخاصة في وصف كرسي سليمان وانتقال موكبه بواسطة الريح
وشياطينه المسخرة والمصفدة والبنائين والغواصين وخاتم سليمان والجسد الذي ألقي على كرسيه ونسائه، منها ما هو معزوّ إلى رواة ومصادر معينة ومنها ما هو مروي بصيغة المجهول مما يطول الأمر بنقله.
وهذا الذي نقلناه غيض من فيض وقطرة من بحر مما أورده المفسرون في سياق القصص القرآنية. ولقد كان أمرهم أن استغرقوا فيها حتى صاروا يحاولون التوفيق بين مختلف الروايات الواردة فيها والجدل في ذلك بالإضافة إلى محاولات التوفيق والتلفيق والتأليف بين ما جاء فيها وبين ما يبدو من مناقضة العبارات القرآنية لبعض ما فيها، أو لما يجب من حق الله والأنبياء والملائكة ويضاف إلى هذا محاولتهم أخذ بعض الأحداث القصصية كحجة لأحكام فقهية في الإسلام مثل ما فعلوا في قصة أيوب واستنباط جواز الحيلة في التحلل من اليمين لأن القصة احتوت أمرا لأيوب يضرب زوجته بضغث من حشيش بدلا من جلدها بالسوط مئة مرة كما أقسم، ومثل تجويز أن تكون أجرة الراعي صداقا وعدم تعيين البنت التي آجر موسى نفسه مقابل نكاحها في قصة موسى وشعيب.. وهكذا كاد القرآن يخرج من نطاق قدسيته من الموعظة والدعوة والتذكير إلى نطاق بحوث في التاريخ والوقائع المروية وفي نطاق هذه الروايات العجيبة التي أوردت على هامش القصص القرآنية والتي لا يتفق كثير منها مع ما ورد في القرآن منها، ويتعرض بذلك إلى الأخذ والرد والنفي والإثبات والجدل والتصويب والتخطئة، بل ويدخل محتويات بعض قصصه مثل قصص آدم وإبليس ويوسف مع امرأة العزيز ويونس في مغاضبته وإبراهيم في طلبه من الله إراءته كيف يحيي الموتى وموسى في طلبه رؤية الله وفي قتله القبطي، والملائكة في مراجعتهم الله في شأن خلقه آدم في نطاق الجدل بين أصحاب المذاهب الكلامية من نواح متعددة تخطئة وتصويبا وتخريجا وتأويلا، كما يدخل محتويات بعض قصصه مثل حقيقة واسم مؤمن آل فرعون وإيمان امرأة فرعون، وحقيقة الذبيح، والدراهم التي بيع بها يوسف والأذى الذي أوذي به موسى وأسماء أهل الكهف وكلبهم، وأسماء امرأة فرعون ومؤمن آل فرعون والذي أماته الله هو وحماره ثم بعثه وعفريت سليمان والذي عنده علم الكتاب والذي