الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في القرآن على عهد عثمان حتى اقتتل الغلمان والمعلمون فبلغ ذلك عثمان فقال عندي تكذبون وتلحنون به فمن نأى عني كان أشد تكذيبا ولحنا. يا أصحاب محمد اجتمعوا فاكتبوا للناس إماما فاجتمعوا فكتبوا فكانوا إذا اختلفوا وتدارأوا في آية قالوا هذه أقرأها رسول الله فلانا فيرسل إليه وهو على رأس ثلاث من المدينة فيقال له كيف أقرأ لرسول الله آية كذا فيقول كذا وقد تركوا لها مكانا.
3-
وقد أخرج أبو داود حديثا وصف بأنه بسند صحيح عن سويد بن غفلة قال: قال لي علي لا تقولوا في عثمان إلا خيرا فو الله ما فعل الذي فعل في المصاحف إلا على ملأ منا. قال ما تقولون في هذه القراءة فقد بلغني أن بعضهم يقول إن قراءتي خير من قراءتك وهذا يكاد يكون كفرا. قلنا ما ترى. قال أرى أن يجمع الناس على مصحف واحد فلا تكون فرقة ولا اختلاف. قلنا فنعم ما رأيت.
4-
وأخرج أبو داود حديثا جاء فيه لما أراد عثمان أن يكتب المصاحف جمع له اثني عشر رجلا من قريش والأنصار فبعثوا إلى الربعة التي في بيت عمر فجيء بها.
-
3-[تابع إلى روايات وأقوال في تدوين القرآن]
وثالثا: إلى جانب تلك الأحاديث والأقوال والروايات يوجد أحاديث وروايات وأقوال يستفاد منها أن القرآن كان يدون وترتب آياته وسوره في حياة النبي عليه السلام وبأمره، وأن ترتيب المصحف العثماني متصل بعهد النبي وتوقيفه:
1-
فقد أخرج الحاكم عن زيد بن ثابت حديثا وصف بأنه بسند صحيح على شرط الشيخين جاء فيه «كنا عند رسول الله نؤلف القرآن من الرقاع» ، وقد علق البيهقي على ذلك كما جاء في «الإتقان» بقوله يشبه أن يكون المراد به تأليف ما نزل من الآيات المفرقة في سورها وجمعها فيها بإشارة النبي. ويصح أن يستفاد من الحديث أنه كان يكتب ما ينزل به الوحي في رقاع منفردة ثم تنقل هذه الرقاع إلى صحف معدة كالسجل فتلحق فصولها ببعضها وفق ما كان يشير به النبي.
2-
وقد أخرج الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن حبان والحاكم حديثا عن ابن عباس جاء فيه قلت لعثمان ما حملكم أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني وإلى براءة وهي من المئين «1» فقرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم ووضعتموهما في السبع الطوال فقال عثمان كان رسول الله تنزل عليه السور ذات العدد «2» فكان إذا نزل عليه شيء دعا بعض من كان يكتب له فيقول ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا «3» ، وكانت الأنفال من أوائل ما نزل بالمدينة وكانت براءة من آخر القرآن نزولا وكانت قضيتها شبيهة بقضيتها فظننت أنها منها وقبض رسول الله ولم يبين لنا أنها منها فمن أجل ذلك قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر بسم الله ووضعتهما في السبع الطوال.
وهذا يفيد أن الأنفال في زمن النبي كانت تدون قبل براءة مباشرة ولم يكن بينهما فاصل أو بسملة فتركنا على ذلك وهو الترتيب المتداول.
3-
وأخرج الإمام مسلم حديثا عن عمر قال ما سألت النبي عن شيء أكثر مما سألته عن الكلالة حتى طعن في صدري بأصبعه وقال تكفيك آية الصيف التي في آخر سورة النساء. وهذا يفيد أن سورة النساء كانت مرتبة على ما هو عليه في المصحف المتداول في حياة النبي ولو لم يكن ترتيبها بتوقيف النبي وإشارته لوضعت الآية المذكورة في مكان أكثر مناسبة من السورة.
4-
وأخرج الإمام البخاري حديثا عن عبد الله بن الزبير جاء فيه قلت لعثمان وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً [البقرة: 234] قد نسختها الآية الأخرى فلم نكتبها أو ندعها. قال يا ابن أخي لا أغير شيئا من مكانه. الآية الناسخة في سورة البقرة وهي الآية (234) متقدمة في الترتيب على الآية المنسوخة في نفس السورة
(1) المثاني هي السور المتوسطة التي تكون آياتها أقل من مئة والمئين هي السور التي كانت آياتها مئة آية أو أكثر قليلا.
(2)
السور الطويلة أو المتوسطة التي كانت تنزل فصولا متفرقة.
(3)
هذا تعبير كان يستعمل في عهد النبي للدلالة على شخصية السورة أو اسمها.
وهي [240] . وجواب عثمان يفيد أن الترتيب إنما كان بإشارة النبي فلم ير تغيير شيء من مكانه.
5-
وأخرج الإمام أحمد حديثا بإسناد وصف أنه حسن عن عثمان بن أبي العاص قال كنت جالسا عند رسول الله إذ شخص ببصره ثم صوبه ثم قال أتاني جبريل فأمرني أن أضع هذه الآية في هذا الموضع من هذه السورة إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى [النحل: 90] إلى آخرها وهذا يفيد أن النبي كان يأمر بوحي الله بترتيب آيات السور وأن الترتيب المتداول هو مستند إلى ذلك.
6-
وروى البخاري حديثا عن زيد بن ثابت أن رسول الله أملى عليه لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ [النساء: 95] . فجاء ابن أم كلثوم وهو يمليها عليه فقال يا رسول الله والله لو أستطيع الجهاد لجاهدت وكان أعمى فأنزل الله على رسوله وفخذه على فخذه فثقلت عليه حتى خاف أن ترضّ فخذه ثم سرّي عنه فأملى عليه غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وهذا يفيد أن النبي كان يستدعي أحد كتاب الوحي حين نزول القرآن عليه فيملي عليه ما ينزل عليه فورا.
7-
وروى البخاري أيضا حديثا قريبا من هذا عن البراء لما نزلت آية لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ قال النبي ادعوا زيدا فجاء ومعه الدواة واللوح أو الكتف فقال اكتب لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وخلف النبي ابن أم كلثوم الأعمى فقال يا رسول الله أنا ضرير فنزلت غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ.
8-
وحديث زيد بن ثابت الذي رواه عن جمع القرآن في عهد أبي بكر والذي نقلناه في المجموعة الأولى يفيد أن آيات السور كانت معروفة الترتيب في حياة النبي حيث ذكر افتقاد آخر آيتين في سورة براءة ووضعهما في مكانهما حين وجودهما. وترتيبهما هو وفاق ترتيب المصحف المتداول. وحديث البخاري عن نسخ المصاحف في عهد عثمان والذي نقلناه في المجموعة الثانية يفيد نفس الشيء
حيث يذكر افتقاد آية الأحزاب ووضعها في مكانها المعروف في حياة النبي والذي هو وفاق المصحف المتداول أيضا.
9-
وروى البخاري عن ابن عباس أن آخر آية نزلت آية الربا وروى النسائي عن ابن عباس أيضا أن آخر آية نزلت وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ [البقرة:
381] ، وأخرج ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن أحدث القرآن عهدا بالعرش آية الدين. وقد لا يكون تناقض بين الروايات لأن هذه الآيات في سلسلة واحدة.
وجميعها موضوعة في سورة البقرة بأمر النبي وترتيبه وجاء في «مجمع التبيان» للطوسي أن أبي بن كعب وسعيد بن جبير والحسن بن قتادة رووا أن الآيتين الأخريين من سورة التوبة هما آخر ما نزل من القرآن. وهذا يفيد أن آيات السور كانت معروفة الترتيب في حياة النبي وبأمره كذلك.
10-
وروى علي بن إبراهيم عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد الله جعفر بن محمد «الإمام جعفر الصادق» أن رسول الله قال لعلي يا علي إن القرآن خلف فراشي في المصحف والحرير والقراطيس فاجمعوه ولا تضيعوه كما ضيعت اليهود التوراة، فانطلق علي فجمعه في ثوب أصفر ثم ختم عليه. وهذا يفيد أن القرآن كان يدون على وسائل الكتابة المعروفة وكان مدونا كذلك في حياة النبي وكان النبي يعنى بحفظه في بيته.
11-
وقد روى علماء الحديث حديثا ورد في أكثر من كتاب من كتب الحديث المشهورة جاء فيه «لا تكتبوا عني غير القرآن» حيث يفيد أن الصحابة كانوا يدونون في حياة النبي ما يسمعونه من النبي من القرآن.
12-
وقد أخرج أبو داود حديثا جاء فيه أن عمر أعلن الناس من كان تلقى عن رسول الله شيئا من القرآن فليأت به وكانوا يكتبون ذلك في الصحف والألواح والعسب. وهذا يفيد ما أفاده الحديث السابق.
13-
وروى واثلة عن النبي قال أعطيت مكان التوراة السبع الطوال ومكان
الزبور المئين ومكان الإنجيل المثاني وفضلت بالمفصل «1» وهذا يفيد أن ترتيب سور القرآن حسب المصحف المتداول الطوال أولا فالمئون ثانيا فالمثاني ثالثا فالمفصل رابعا من ترتيب النبي وعهده.
14-
وروى البخاري حديثا عن ابن مسعود أن النبي قال إن بني إسرائيل «2» والكهف ومريم وطه والأنبياء هنّ من العتاق الأول وهنّ من تلادي. وهذه السور متسلسلة الترتيب في المصحف المتداول وفاق الترتيب الوارد في الحديث.
15-
وأخرج الإمام أحمد وأبو داود حديثا عن أبي أوس وكان قدم على النبي في وفد جاء فيه: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليّ حزب من القرآن فأردت أن لا أخرج حتى أقضيه. فسألنا أصحاب رسول الله كيف تحزبون القرآن؟ قالوا نحزبه ثلاث سور وخمس سور وسبع سور وتسع سور وإحدى عشرة سورة وثلاث عشرة سورة. وحزب المفصل من سورة ق حتى نختم. وعدد السور من البقرة إلى الحجرات تسع وأربعون ومجموع عدد السور المحزبة هو تسعة وأربعون.
والحديث يفيد أن سور القرآن كانت مرتبة وفاق ترتيب سور المصحف المتداول منذ حياة النبي.
16-
وروى حذيفة عن النبي حديثا جاء فيه أنه قرأ سور البقرة وآل عمران والنساء واحدة بعد أخرى. وهذا يفيد أن السور الثلاث كانت مرتبة في حياة النبي وفاق ترتيبها في المصحف المتداول.
(1) المفصل هي السور القصيرة وسميت كذلك لكثرتها وكثرة الفصل بينها. وهناك أحاديث فيها بعض الخلاف في تعيين سور كل مجموعة من مجموعات السور الأربع. فهناك حديث عن ابن عباس أن السبع الطوال هي البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف. قال الراوي وذكر السابقة فنسيتها. وعن مجاهد وسعيد أنها يوسف. وعن الحاكم أنها الكهف.
والمفصل يبدأ في رواية للبخاري بالجاثية. وهناك قول إنه يبدأ بالصافات وقول إنه يبدأ بسورة ق وقول إنه يبدأ بالحجرات وقول إنه يبدأ بتبارك وقول إنه يبدأ بالفتح وقول إنه يبدأ بالضحى
…
(2)
اسم آخر لسورة الإسراء.
الجزء الأول من التفسير الحديث 6
17-
وروى البخاري حديثا عن فاطمة أن النبي أسرّ إليها بأن جبريل يعارضه بالقرآن كل سنة وأنه عارضه في العام الذي توفي فيه مرتين وقال لها ولا أراه إلا حضر أجلي. وروى البخاري حديثا آخر عن أبي هريرة جاء فيه: كان القرآن يعرض على النبي كل عام مرة فعرض عليه مرتين في العام الذي قبض فيه. وقال البغوي في «شرح السنة» «1» إن زيد بن ثابت شهد العرضة الأخيرة التي بين فيها ما نسخ وما بقي وكتبها لرسول الله وقرأها عليه وكان يقرىء الناس بها حتى مات. ولذلك اعتمده أبو بكر وعمر في جمعه وولاه عثمان كتب المصاحف. وهذا يفيد أنّ النبي كان يستعرض القرآن جميعه في رمضان وإنه استعرضه مرتين في رمضان الأخير وإن المصحف الذي كتبه زيد في عهد أبي بكر إنما كان وفاقا لذلك نصّا وترتيبا.
18-
وروى النسائي عن عبد الله بن عمر حديثا جاء فيه: جمعت القرآن فقرأت به كل ليلة فبلغ النبي فقال اقرأه في شهر. وقد روي عن ابن عمر أنه قال:
قال لي رسول الله اقرأ القرآن في شهر قلت إني أجد قوة. قال اقرأه في عشر. قلت إني أجد قوة. قال اقرأه في سبع ولا تزد. وقد روي عن ابن مسعود حديث جاء فيه «لا تقرءوا القرآن في أقل من ثلاث» وروي عن سعيد بن المنذر حديث جاء فيه قلت يا رسول الله أأقرأ القرآن في ثلاث قال نعم إن استطعت. وروي عن قيس بن صعصعة حديث جاء فيه: قلت يا رسول الله في كم أقرأ القرآن قال في خمسة عشر قلت إني أجدني أقوى من ذلك قال اقرأه في جمعة. وهناك روايات تذكر أسماء صحابة عديدين كانوا يحفظون القرآن جميعه مثل أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعبد الله بن مسعود ومعاذ وسالم وأبيّ وأبي الدرداء وزيد بن ثابت وطلحة وسعد وحذيفة وأبي هريرة وعائشة وحفصة وأم سلمة وعبادة بن الصامت ومسلمة بن مخلد وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وسعيد بن المنذر وقيس بن صعصعة.
ولا شك في أن هذه الأسماء ليست كل الأسماء وإنما هي التي نقلتها الروايات.
وقد جاء في البخاري في حديث شهداء بئر معونة أن بعض العرب جاؤوا يطلبون
(1) رسالة الكلمات الحسان للشيخ بخيت.
مددا من النبي فأرسل معهم سبعين من الأنصار ممن كانوا يسمون القراء في زمنهم. وفي حديث جمع القرآن في عهد أبي بكر إشارة إلى القتل الذي استحر بالقراء والخشية من موتهم في المواطن الأخرى. فهذه الأحاديث والروايات تفيد أولا أن القرآن كان محفوظا في الصدور ومدونا في الصحف في ترتيب ثابت آيات في سور وسور في تسلسل لأن حفظ القرآن لا يمكن أن يتيسر إلا بذلك، وتفيد ثانيا أنه كان من الصحابة من يواظب عل تلاوته تعبدا وتفقها، وتفيد ثالثا أن طبقة القراء والحفاظ كانت كثيرة العدد في حياة النبي.
19-
وأخرج الحاكم عن عبد الله بن قسطنطين أنه قرأ ختمة على عبد الله بن كثير وهذا إمام من أئمة القراء وهو تابعي فلما بلغ الضحى قال كبّر حتى تختم وأخبره أنه قرأ على مجاهد فأمره بذلك وأن مجاهدا أخبره أنه قرأ على ابن عباس فأمره بذلك وأن ابن عباس أخبره أنه قرأ على أبيّ فأمره بذلك، وأن أبيا أخبر ابن عباس أنه قرأ على النبي فأمره بذلك. وقد روي عن الإمام الشافعي أنه قال إذا تركت التكبير فقد تركت سنّة من سنن نبيك. وهذا وذاك يفيد أن القرآن كان مرتب السور في حياة النبي وفاق ترتيب المصحف المتداول.
20-
وروى أبو منصور الأرجاني في كتاب «فضائل القرآن» أن النبي كان يقول عند ختم القرآن اللهم ارحمني بالقرآن واجعله لي إماما ونورا وهدى ورحمة.
اللهم ذكرني منه ما نسيت وعلمني منه ما جهلت وارزقني تلاوته آناء الليل والنهار واجعله حجة لي يا ربّ العالمين. وهذا يفيد ما تفيده الأحاديث السابقة آنفا.
21-
وفي «مسند الإمام أحمد» حديث عن عبد الله بن مسعود جاء فيه أنه سمع من فم رسول الله بضعا وسبعين سورة. وهذا يفيد أن ما يقرب من ثلثي سور القرآن كان معروف الشخصية تام الترتيب في آياته منذ حياة النبي عليه السلام.
22-
وفي حديث البخاري أن ابن عباس قال إنه جمع المحكم في عهد رسول الله فسأله الراوي عن المحكم فقال المفصل وكان ابن عباس صبيا في حياة النبي كما هو معروف. وهذا يفيد أن السور كانت مرتبة وفاق ترتيبها المتداول
الطوال فالمئون فالمثاني فالمفصّل. وأن القرآن كان يحفظ على ما اعتيد حفظه إلى اليوم الأقصر أولا
…
23-
وأخرج الحاكم حديثا عن ابن عباس وصف بأنه صحيح أنه قال كان النبي إذا جاءه جبريل فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم علم أنها سورة وورد حديث آخر عن ابن عباس جاء فيه كان المسلمون لا يعلمون انقضاء السورة حتى تنزل بسم الله الرحمن الرحيم. وأخرج البيهقي عن ابن مسعود أنه قال كنا لا نعلم فصلا بين سورتين حتى تنزل بسم الله الرحمن الرحيم. وهذا يفيد أن شخصيات السور أو بالأحرى ترتيب الآيات سورا تامة كان معروفا في حياة النبي.
24-
وقد ذكر السيوطي أقوالا لبعض علماء القرآن تفيد أنهم كانوا يعتقدون بصحة ما احتوته الأحاديث والروايات في هذه المجموعة من تقريرات بوجه الإجمال. فقد أثر عن الحارث المحاسبي في كتاب «فهم السنن» قوله إن كتابة القرآن ليست محدثة فإن النبي كان يأمر بكتابته. وقال أبو بكر الأنباري إن اتساق السور كاتساق الآيات والحروف كلّه عن النبي فمن قدّم سورة أو أخّرها فقد أفسد نظم القرآن. وقال الإمام مالك برواية ابن وهب إنما ألّف القرآن على ما كانوا يسمعونه من النبي. وقال البيهقي كان القرآن على عهد رسول الله مرتبا سوره وآياته على هذا الترتيب وقال البغوي في «شرح السنّة» إن الصحابة قد جمعوا بين الدفتين القرآن الذي أنزله الله على رسوله من غير أن زادوا ونقصوا منه شيئا خوف ذهاب بعضه بذهاب حفاظه فكتبوه كما سمعوه من رسول الله من غير أن قدموا شيئا أو أخروه أو وضعوا ترتيبا لم يأخذوه عن رسول الله وكان رسول الله يلقن أصحابه ويعلمهم ما نزل عليه على الترتيب الذي هو الآن في مصاحفنا بتوقيف جبريل إيّاه على ذلك. وقال ابن الحصّار إن ترتيب السور في وضع الآيات مواضعها إنما كان بالوحي فكان رسول الله يقول ضعوا آية كذا في موضع كذا. وقد حصل اليقين من النقل المتواتر بهذا الترتيب من تلاوة رسول الله ومما أجمع الصحابة على وضعه هكذا في المصحف.