الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا
(32)
، ومثل آية سورة فصلت هذه: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (26)، ومثل آية سورة الحشر هذه: لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (21)، وآية سورة إبراهيم هذه: الر كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1) .
وواضح من آيات يونس/ 15- 16، والفرقان/ 32 وفصلت/ 26 وأمثالها الكثيرة التي حكت أقوال الكفار عن القرآن أنهم كانوا يعنون بالقرآن ما فيه دعوة إلى الله وحده وحملة على شركهم وتسفيه لعقولهم ومخالفة لتقاليدهم وعقائدهم، وما فيه من المبادئ الإيمانية والاجتماعية والإنسانية والاقتصادية والأخلاقية التي رأوا فيها بدعة ورأوها تهدد مراكزهم ومصالحهم. وعلى أي حال لا يدخل فيما كانوا يعنونه من الكلمة حكاية أقوالهم والرد عليها، وهذا شغل جزءا كبيرا من القرآن المكي. كذلك فإن ذلك هو الذي عنته على ما هو المتبادر آيات الأنعام/ 19 والبقرة/ 185 والإسراء/ 82 والحشر/ 21 وإبراهيم/ 1 وأمثالها الكثيرة جدا.
تعليق على مدى تعبير وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا
وما روي في صدد أدب تلاوة القرآن لقد رويت أحاديث وقيلت أقوال عديدة في صدد أدب تلاوة القرآن في سياق تفسير جملة وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا من ذلك حديث رواه البخاري وأبو داود جاء فيه: «أن أنس سئل كيف كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: إنها كانت مدا ثم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم يمدّ ببسم الله ويمدّ بالرحمن ويمدّ بالرحيم» «1» . وحديث
(1) التاج، ج 4 ص 8- 9.
رواه الترمذي عن أم سلمة قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقطّع قراءته يقول الحمد لله ربّ العالمين ثم يقف، الرحمن الرحيم ثم يقف، وكان يقرأ ملك يوم الدين» «1» .
وحديث رواه البخاري والترمذي عن أبي موسى: «أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال له لو رأيتني وأنا أستمع لقراءتك البارحة لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود» «2» . وحديث رواه البخاري وأبو داود عن عبد الله بن مغفّل قال: «قرأ النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح في مسير له على راحلته سورة الفتح فرجّع في قراءته. قال معاوية لولا خوفي من اجتماع الناس عليّ لحكيت لكم قراءته» . وحديث رواه البخاري ومسلم والترمذي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما أذن الله لشيء ما أذن لنبيّ حسن الصوت يتغنّى بالقرآن يجهر به» «3» . وحديث رواه البخاري وأبو داود عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «زيّنوا القرآن بأصواتكم. ليس منّا من لم يتغنّ بالقرآن» «4» وقد علق مؤلف التاج على الحديث الأخير بقوله شارحا إن تحسين الصوت بالقرآن يزيد في بهائه وجلاله ويصل بمواعظه إلى أعماق القلوب مع مراعاة علم التجويد فإن زاد القارئ في المد والغن أو تركهما كان مكروها في قول وحراما في قول وأثم القارئ ووجب على السامع الإنكار.
ولقد روى الطبري في سياق شرح العبارة عن مجاهد أن معناها (ترسل فيه ترسلا) وعن قتادة (بينه بيانا) وقال النسفي: إن معناها وجوب القراءة بتأنّ وتثبت وإشباع الحركات. وروى البغوي عن ابن عباس أنها بمعنى: «اقرأه على هينتك ثلاث آيات أو أربعا أو خمسا» . وروي عن ابن مسعود أنه قال في شرحها: «لا تنثروه نثر الدقل- الرمل- ولا تهذوه هذّ الشعر. قفوا عند عجائبه وحركوا به القلوب ولا يكن هم أحدكم آخر السورة» . ويعني بالجملة الأخيرة عدم السرد السريع.
(1) المصدر السابق، ص 8- 9.
(2)
المصدر نفسه. [.....]
(3)
المصدر نفسه.
(4)
المصدر نفسه.