الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مرتين، مرة في مكة ومرة في المدينة «1» .
وأسلوبها ثم التواتر اليقيني بأنها مفتتح التلاوة في كل صلاة والتواتر اليقيني المؤيد بمضامين قرآنية بأن الصلاة كانت تمارس منذ بدء الدعوة حيث احتوت هذه المضامين آيات سورة العلق هذه: أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى (9) عَبْداً إِذا صَلَّى (10) يسوغ القول بشيء من الجزم أن السورة مكية وهو ما عليه الجمهور. حيث ذكرت كذلك في جميع تراتيب السور المروية، أما رواية نزولها مرتين مرة في مكة وأخرى في المدينة، فنحن نتوقف فيها لأننا لم نر حكمة ظاهرة لذلك.
حكم البسملة في مفتتح هذه السورة ومفتتح السور الأخرى
لقد اختلفت الأقوال التي يرويها المفسرون عن أهل التأويل في هذه المسألة. فهناك من قال إن البسملة في هذه السورة آية أصلية خلافها للسور الأخرى وهناك من قال إن البسملة آية أصلية في كل سورة. وهناك من قال إنها ليست آية أصلية لا في هذه السورة ولا في السور الأخرى.
وهناك أحاديث يوردها المفسرون في صدد هذه المسألة «2» منها حديث يرويه الدارقطني عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قرأتم الحمد فاقرأوا بسم الله الرحمن الرحيم فإنها أم القرآن والسبع المثاني وبسم الله الرحمن الرحيم إحدى آياتها» . وحديث يرويه مسلم عن أنس جاء فيه: «كان إذا نزل على رسول الله سورة قال أنزلت عليّ آنفا سورة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم» . وحديث يرويه أبو داود في «سننه» والحاكم في «مستدركه» عن ابن عباس جاء فيه: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعرف فصل السورة حتى ينزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم» . وحديث عن ابن مسعود جاء فيه: «كنا لا نعلم فصلا بين سورتين حتى تنزل بسم الله الرحمن
(1)«الإتقان» أيضا ج 1، ص 24- 25.
(2)
انظر تفسير السورة في تفسير ابن كثير والخازن ورشيد رضا مثلا.
الرحيم» ، وحديث رواه الترمذي والحاكم عن ابن عباس قال:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر بقراءة بسم الله الرحمن الرحيم قبل سائر آيات السورة» . وحديث رواه أبو داود والحاكم عن أم سلمة: «أنه كان يقرأ البسملة مع سائر آيات السورة» .
وليس شيء حاسم في الصدد الذي نحن فيه إلّا في الحديث الأول ويظهر أنه لم يثبت عند أصحاب الأقوال الأخرى. وليس في الأحاديث الأخرى حسم بدليل اختلاف الأقوال في المسألة. ومما استدل عليه الذين قالوا إنها آية في كل سورة وضعها في مفتتح كل سورة باستثناء سورة التوبة لسبب خاص سوف نشرحه في مناسبتها. وقال غيرهم إن وضعها هو للتبرك وحسب. والذين قالوا إنها آية أصلية في الفاتحة اعتبروا جملة صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ آية والذين قالوا إنها ليست أصلية قطعوا هذه الجملة إلى آيتين.
والجمهور على أن البسملة آية أصلية في هذه السورة دون غيرها. والله تعالى أعلم. وننبه على أن هذا الخلاف لا يمسّ كون جملة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ جزءا من آية أصلية في الآية [30] من سورة النمل.
ولقد أورد ابن كثير حديثا في سياق البسملة عن النبي صلى الله عليه وسلم جاء فيه: «كلّ أمر لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أجذم» «1» . ولقد درج المسلمون منذ النبي صلى الله عليه وسلم على أن يبدأوا رسائلهم وكتبهم وعزماتهم وأكلهم وشربهم بالبسملة حتى غدت طابعا مميزا لهم. وهناك من يختصره ويكتفي بجملة باسم الله. حيث رويت أحاديث نبوية يأمر النبي فيها بعض المسلمين بقولها إذا أكلوا أو باشروا عملا أو عثروا «2» .
(1) ذكر ابن حجر في فصل تخريج أحاديث تفسير «الكشاف» في الجزء الرابع من هذا التفسير هذا الحديث بفرق يسير وهو بدل (أجذم)(أقطع) مرويا عن أبي هريرة من طريق بشر بن إسماعيل عن الزهري.
(2)
روى الأربعة عن عمر بن أبي سلمة قال: «كنت غلاما في حجر رسول الله وكانت يدي تطيش في الصّحفة فقال لي يا غلام سمّ الله وكل بيمينك» «التاج» ج 3، ص 106. وروى ابن حجر في الفصل المذكور حديثا رواه أحمد جاء فيه:«كلّ أمر لا يفتتح بذكر الله فهو أبتر أو أقطع» . وقد يكون من هذا الباب حديث آخر رواه أبو داود والترمذي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه» التاج ج 1 ص 88.
الجزء الأول من التفسير الحديث 19