الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المملوك الذي لا يملك شيئا ولا يقدر على شيء وبين الشخص الحرّ الذي يتصرف في ماله تصرّفا حرا فينفق منه سرّا وجهرا حسبما يتراءى له دون مانع. وكمثل التسوية بين العبد الأبكم الذي ليس هو إلّا عبئا على مالكه لا يستطيع أن ينتفع به بأي شيء ولا يأتي له من ناحية بأية فائدة وخير، وبين الطلق اللسان الذكي الجنان، الذي يسير على هدى ويأمر بالعدل ويفعل الخير. فالتسوية بين هذا وذاك وبالتالي فالتسوية بين الله وبين الأنداد والشركاء الذين يشركهم المشركون مع الله إنما تصدر عن جهل وضلال.
3-
وتقرير بأن الله وحده هو المستحق للحمد على أفضاله ونعمه.
والصلة بين الآيات وسابقاتها مستمرة موضوعا وسياقا حينما يمعن النظر فيها، وفيها من القوة والتنديد اللاذع ما في الآيات السابقة.
وقد روى بعض المفسرين «1» أن المثلين مضروبان في صدد المفاضلة بين المؤمن الصالح والكافر الآثم وروى بعضهم أشخاصا بأعيانهم من المؤمنين والكفار وقالوا إنهم المعنيون بالمثلين، مثل أبي بكر وأبي جهل أو أمية بن خلف وعثمان وحمزة وعثمان بن مظعون. ومثل عثمان بن عفان ومملوك له حيث كان عثمان ينفق على الإسلام والمولى يكره الإسلام. والمتبادر لنا أن الآيات في صدد المشركين الكفار والتنديد بهم عامة على ما تدل عليه الآية [73] .
[سورة النحل (16) : الآيات 77 الى 81]
وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَاّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (77) وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (78) أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّراتٍ فِي جَوِّ السَّماءِ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَاّ اللَّهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (79) وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَها يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها أَثاثاً وَمَتاعاً إِلى حِينٍ (80) وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ (81) .
(1) انظر تفسير الآيات في الطبري والبغوي وابن كثير والخازن.
(1)
من جلود الأنعام بيوتا: تعني خياما من الجلد.
(2)
يوم ظعنكم: يوم ارتحالكم.
(3)
أصوافها وأوبارها وأشعارها: الصوف للضأن والأوبار للإبل والشعر للماعز.
(4)
أثاثا: هناك من قال إنه المال عامة وهناك من قال إنه أثاث البيت ومتاعه. والعبارة هنا تعني لوازم اللباس والبيت معا.
(5)
أكنانا: جمع كن، وهو ما يستكن فيه ويلجأ إليه من شدة الحر.
(6)
سرابيل: الأولى تعني الثياب التي يكتسي ويتسربل بها الإنسان، والظاهر أن الكلمة تطلق على عامة أنواع اللباس. والثانية كناية عن الدروع ومعدات الدفاع.
في الآيات عود على بدء في صدد التنويه بقدرة الله وتعداد آياته وفضائله لعل الناس يعقلون ويسلمون ويشكرون. والخطاب فيها معه للسامعين إطلاقا:
1-
فعند الله علم كل ما خفي عن الناس من شؤون السماوات والأرض.
2-
والساعة قريبة آتية وليس ذلك عند الله إلّا كلمح البصر أو أقرب فهو القادر على كل شيء.
3-
وهو الذي أخرج الناس من بطون أمهاتهم لا يعرفون شيئا وجهزهم بالسمع والأبصار والعقول ليتعلموا ويتفكروا ويسمعوا ويبصروا مما يوجب له عليهم الشكر والعرفان.