الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يدعوهم المشركون من دون الله. وكان عليهم أن يدركوا ذلك لو كانوا عقلاء.
تعليق على آية وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ
وهذه الآية جديرة بالتعليق من حيث احتواؤها تنويها بالعلماء الذين يؤهلهم علمهم لفهم الأمور والأمثال والاتعاظ بها. وقد تكرر هذا المعنى في آيات كثيرة في سور سابقة حيث ينطوي في ذلك توكيد التنويه من جهة، وحثّ الناس على توسيع حدود معارفهم من جهة، وتبيين مسؤولية العلماء وواجبهم في تدبّر مختلف الشؤون وتبيينها للناس من جهة، والوقوف منها عند حدود ما يقتضيه الحقّ والعلم من غير تجاوز ولا تغافل من جهة.
وإطلاق الفصل يدل على أن كل ذلك شامل لمتنوع مراتب وصفات العلم والعلماء بحيث يشمل شؤون الدين والدنيا معا كما هو المتبادر.
ولقد جاء في سورة فاطر تنويه بالعلماء، وعلقنا عليه تعليقا وافيا فنكتفي هنا بما تقدم.
ولقد روى البغوي في سياق هذه الآية بطرقه حديثا عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية فقال: «العالم من عقل عن الله فعمل بطاعته واجتنب سخطه» . وهذا الحديث لم يرد في كتب الأحاديث الصحيحة. ولا نرى فيه إذا صحّ ما ينتقض مع ما قلناه من شمول الكلمة من حيث إن العالم الحق مهما كان العلم الذي يشتغل فيه لا بد من أن يدرك من آيات الله تعالى المتنوعة في كونه ومن آيات القرآن وجوب وجود الله والإيمان به وبرسالة خاتم رسله وبوجوب طاعته واجتناب ما يسخطه.
[سورة العنكبوت (29) : آية 45]
اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ (45)
.
احتوت الآية:
1-
أمرا للنبي عليه السلام بالاستمرار في تلاوة ما أوحاه الله إليه من كتاب وفي إقامة الصلاة له وذكره.
2-
وتثبيتا له بأن الله يعلم ما يصنع الناس وعليه حسابهم.
3-
واستطرادا تنبيهيا بما للصلاة من أثر في تجنيب الذين يقيمونها للفحشاء والمنكر وبكون ذكر الله عز وجل هو الأكبر.
والآية تحتوي على ما يتبادر لنا تعقيبا على الآيات السابقة حيث تضمنت تثبيتا للنبي وتلقينا بأن لا يبالي بالمشركين وما يدعون من دون الله وبأن يستمر في تلاوة كتاب الله على الناس والصلاة له ففيها الوسيلة الكبرى لاجتناب الفحشاء والمنكر ما هو من الكبائر التي نهى عنهما القرآن. ومن تحصيل الحاصل أن يكون ما احتوته من أمر وتلقين واستطراد موجهة بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلى المسلمين في كل زمن ومكان.
ولقد علقنا على الصلاة وأثرها في سياق سورة العلق بما فيه الكفاية، وأوردنا هناك بعض الأحاديث النبوية الواردة في الصلاة وأثرها في الصادقين وغير الصادقين في صلاتهم. وكون الصلاة التي لا تنهى عن الفحشاء والمنكر لا يمكن أن تكون صلاة صادقة فنكتفي بالتذكير دون الإعادة. غير أن البغوي روى في سياق تفسير الآية حديثين رأينا أن نوردهما بدورنا لما فيهما من تأييد وتلقين وصور حيث روى عن أنس قال:«كان فتى من الأنصار يصلّي الخمس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لا يدع شيئا من الفواحش إلّا ركبه فوصف لرسول الله صلى الله عليه وسلم حاله، فقال: إن صلاته تنهاه يوما. فلم يلبث أن تاب وحسن حاله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألم أقل لكم إن صلاته تنهاه يوما» . وحديث روي عن جابر قال: «قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم إن رجلا يقرأ القرآن الليل كلّه فإذا أصبح سرق قال ستنهاه قراءته، وفي رواية قيل يا رسول الله إن فلانا يقرأ بالنهار ويسرق بالليل فقال إن صلاته لتردعه» . والحديثان لم يردا في كتب الأحاديث الصحيحة. فالمتبادر إذا صحّا ولا مانع من صحتهما فيكون