الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مدنيات «1» . وأسلوب هذه الآيات جميعها ومضامينها وانسجامها في سياقها نظما وموضوعا يسوغ الشك في هذه الروايات أيضا.
بسم الله الرحمن الرحيم
[سورة الرعد (13) : الآيات 1 الى 4]
بسم الله الرحمن الرحيم
المر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ (1) اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (2) وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ وَأَنْهاراً وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ جَعَلَ فِيها زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (3) وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (4)
. (1) صنوان: جمع صنو وهو المثيل والمعادل. وقال المفسرون في معنى الكلمة النخلات العديدة أو الشجرات العديدة التي هي من أصل واحد. وما لم يكن كذلك فهو غير صنوان.
بدأت السورة بحروف الألف واللام والميم والراء وقد روى المفسرون أنها ترمز إلى جملة (أنا الله أعلم وأرى) وزادوا (أعلم) لأن في الحروف قيما زائدة على ما في مطالع السور السابقة. ونحن نرجّح كما رجّحنا في أمثالها أنها للتنبيه والاسترعاء. وقد أعقبت الحروف إشارة تنويهية إلى آيات الله التي أنزلها الله على نبيه بالحق. وتنديد بأكثر الناس الذين لا يؤمنون بها وهذا مماثل لأكثر المطالع المماثلة.
ثم أخذت الآيات تلفت أنظار السامعين إلى كون الله العجيب في سمائه
(1) انظر كتب تفسير البغوي والخازن والطبرسي والقاسمي.
وأرضه، وشمسه وقمره، وليله ونهاره، وجباله وأنهاره، وجنّات الأعناب والنخيل والزرع التي تكون في أراض متجاورة والتي يكون من شجرها ما يمتّ إلى أصل واحد ويسقي الجميع بماء واحد ويتفاضل مع ذلك في الأكل والطعم. وتقرر أن الله إنما يفضل هذا لقوم رزقوا العقل السليم والفكر اليقظ والنيّة الحسنة ليروا آيات الله الباهرة الدّالة على وجوده وقدرته وحكمته واستحقاقه للعبودية وصدق الدعوة إليه ووجوب الإيمان بأن الله لم يخلق هذا عبثا وأنه لا بدّ للناس من رجعة إليه والوقوف بين يديه.
وقد جاءت الآيات مقدمة وتمهيدا لما يأتي بعدها مما هو مألوف في النظم القرآني وجاءت مطلعا جامعا ورائعا من شأنه أن يسترعي الأسماع والأذهان وأن ينفذ إلى العقول والقلوب.
وهي ليست الأولى من بابها فقد سبق مثلها في سور أخرى. ومردّ التكرار هو تكرر المناسبات والمواقف ولقد سبق التعليق على ما احتوته من تقريرات وبخاصة موضوع اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها وموضوع ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ بما يغني عن تعليق جديد.
وجمل إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ وإِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ قد تكررت أو تكرر معناها في أمثال هذه الآيات التي وردت في السور السابقة ومن ذلك سورتا النحل الآيات [11- 13] والروم الآيات [21- 24] . وينطوي فيها كما هو المتبادر تنويه بالعقلاء والمتفكرين الذين تؤهلهم عقولهم ومداركهم وتفكيرهم لتدبر نواميس الله في كونه وتفهمها تنويها ينطوي في ما يتبادر لنا على تحميلهم مسؤولية ذلك. ثم حثّ للسامعين والناس عامّة في كل وقت ومكان على تدبّر هذه النواميس وتفهمها بكل وسيلة وطريقة. وينطوي في ذلك وجوب دراستها للانتفاع بها على ما نبهنا عليه في المناسبات السابقة.
هذا وللصوفيين تفسير عجيب للآية الثالثة جاء فيه: «هو الذي بسط الأرض وجعل فيها أوتادا من أوليائه وسادة من عبيده. فإليهم الملجأ وبهم النجاة. فمن