الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2-
وتوكيد بأن كل ما فيه حق وصدق لا يأتيه تبديل ولا تناقض.
3-
وتقرير بأن النبي لن يجد من دونه من هو جدير باللجوء إليه قدير على حمايته.
وقد ابتدأت الآية بحرف العطف مما يمكن أن يكون قرينة على أنها جاءت معقبة على الآيات السابقة وداعمة لما فيها من مواضع العظة والعبرة كما يمكن أن يكون قرينة على أن الآيات السابقة إنما أوردت لتدعم الرسالة النبوية.
[سورة الكهف (18) : آية 28]
وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً (28)
. (1) لا تعد عيناك عنهم: لا تنصرف عنهم ولا تهملهم.
(2)
تريد زينة الحياة الدنيا: تفضل عليهم أصحاب المال والجاه.
(3)
فرطا: باطلا أو ضلالا وخسرانا وسرفا.
في الآية أمر للنبي صلى الله عليه وسلم بوجوب التضامن التام مع الذين آمنوا برسالته ودأبوا على الاتجاه إلى الله وعبادته في جميع أوقاتهم لا يبتغون إلّا رضاه. وجعل كل اهتمامه لهم وعدم تحويل نظره واهتمامه إلى غيرهم رغبة في زينة الحياة الدنيا ومظاهرها الخلاقة المتمثلة في أصحاب المال والجاه، وعدم إطاعة من غفل عن ذكر الله تعالى واتبع هواه وكان ضالا خاسرا أو الإصغاء إليه.
تعليق على الآية وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ
…
إلخ وما فيها من تلقين رائع
ولقد روى المفسرون روايات عديدة متفقة في مداها كسبب لنزول الآية.
منها أن بعض القوم قالوا للنبي إنا نستحي أن نجالس فلانا وفلانا وفلانا فجانبهم يا محمد وجالس أشراف قومك. ومنها أن عيينة الفزاري قال للنبي صلى الله عليه وسلم وعنده جماعة من الفقراء فيهم سلمان وعليه شملة قد عرق فيها وبيده خوصة يشقها ثم ينسجها:
«أما يؤذيك ريح هؤلاء ونحن سادات مضر وأشرافها فإن أسلمنا أسلم الناس ولا يمنعنا من اتباعك إلّا هؤلاء فنحّهم حتى نتبعك أو اجعل لنا مجلسا ولهم مجلسا» فأنزل الله الآية. ومنها أن المشركين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: اطرد هؤلاء لا يجترئون علينا فوقع في نفس رسول الله ما شاء الله أن يقع فحدث نفسه فأنزل الله عز وجل: وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ الأنعام: [52] وكان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما قالوا له ذلك ابن مسعود ورجل من هذيل وبلال ورجلان آخران.
ولقد روى المصحف الذي اعتمدناه أن هذه الآية مدنية وهذه الرواية تتوافق مع الرواية التي ذكر فيها كلام عيينة الفزاري الذي كان من أهل العهد المدني.
والرواية الأولى يرويها الطبري عن مشركي مكة، والرواية الثالثة يرويها ابن كثير عن مشركي مكة كذلك ويعزوها إلى مسلم كحديث صحيح. وإيراد آية مدنية في سياق مكي متصل بكفار مكة لا حكمة ظاهرة له. والآية إلى ذلك معطوفة على ما قبلها متساوقة معه في النظم حيث يسوّغ كل هذا الشك في رواية مدنية الآية ورواية عيينة الفزاري وترجيح مكية الآية وكونها في صدد موقف الزعماء المشركين من فقراء المسلمين وموقف النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك.
ولقد ورد آيات فيها شيء مما ورد في هذه الآية في سورة الأنعام التي مرّ تفسيرها وهي الآيات [51- 54] وروي في صددها بعض ما روي هنا على ما ذكرناه في سياق تفسيرها حيث ينطوي في هذا أيضا تأييد لمكية الصورة. ولقد علقنا على ما انطوى في آيات سورة الأنعام من صور وتلقين وهو وارد بطبيعة الحال بالنسبة لهذه الآية فلا محل لإعادته. ويظهر من تكرر الإشارة إلى هذا الموقف أنه كان يتكرر فكانت حكمة التنزيل تقتضي تكرار التعليم تثبيتا للنبي صلى الله عليه وسلم الذي كان شديد الحرص على جلب الزعماء إليه، والذي كان حرصه يجعله يفكر على ما تلهمه الآيات، ورواية ابن كثير التي يرويها عن مسلم بحديث صحيح في