الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[سورة السجده (32) : الآيات 10 الى 11]
وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ (10) قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (11)
. (1) ضللنا: هنا بمعنى بليت أجسادنا وتناثرت ذراتها وتاهت في الأرض.
في الآيتين:
1-
حكاية لتساؤل الكفار تساؤل الجاحد عما إذا كانوا حقيقة سيخلقون خلقا جديدا بعد أن تبلى أجسادهم وتتناثر ذراتها.
2-
وبيان لحقيقة الدافع لهم على هذا القول وهو كفرهم بلقاء الله وإنه هو الذي خلقهم وخلق الأكوان جميعا.
3-
وأمر للنبي بأن يؤكد لهم ذلك وأن يقول لهم إن هناك ملكا للموت وكّله الله بقبض أرواحهم وأنهم راجعون إليه بعد ذلك.
والصلة بين هذه الآيات وسابقاتها قائمة. حيث استؤنف في هذه الآيات حكاية أقوال الكفار أيضا. والفقرة الأخيرة من الآية الأولى تلهم أن إنكارهم للبعث ليس منبعثا من إنكارهم لوجود الله ولكن من اعتقادهم باستحالة البعث بعد بلي الأجساد وهذا هو المتّسق مع ما قررته الآيات الكثيرة التي مرّت أمثلة عديدة منها في صدد اعترافهم بوجود الله وكونه هو الخالق المدبّر المحيي المميت.
تعليق على ملك الموت
ويلحظ أن الآية الثانية تقرر أن ملك الموت هو الذي يتوفّى الناس عند موتهم في حين أن آية الزمر [42] تذكر أنّ الله هو الذي يتوفّى الأنفس عند موتها.
وهناك آيات تذكر أن رسل الله (بصيغة الجمع) هم الذين يتوفّون الناس كما جاء في آية الأعراف [37] وفي آية سورة النحل [37] أن الملائكة هم الذين يتوفّون الناس. وهذا ما ورد في آية سورة الأنعام [93] أيضا ولسنا نرى في هذا تناقضا
جوهريّا حيث يمكن التوفيق بين مدى الآيات بيسر.
ولقد أورد المفسرون «1» روايات معزوّة إلى ابن عباس وبعض التابعين عن ملك الموت وأعوانه وأعمالهم منها أن اسم ملك الموت عزرائيل وهو من كبار ملائكة الله. ومنها أن له أعوانا ينزعون الأرواح من الأجساد حتى إذا بلغت الحلقوم تناولها ملك الموت. ومنها أن الأرض جعلت له كطست الماء أو راحة اليد يتناول منها من جاء أجله بدون مشقة. ومنها أن خطوته ما بين المشرق والمغرب وأن له حربة تبلغ ما بين المشرق والمغرب فيتصفح وجوه الناس فإذا رأى إنسانا انقضى أجله ضرب رأسه بتلك الحربة فتنزل به سكرات الموت. ومنها أنه ما على الأرض من بيت شعر أو مدر إلّا يطوف به ملك الموت في اليوم مرتين وفي رواية سبع مرّات لينظر هل فيه واحد أمر أن يتوفّاه! وقد أورد ابن كثير حديثا رواه ابن أبي حاتم عن جعفر بن أبي محمد قال: «سمعت أبي يقول نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ملك الموت عند رأس رجل من الأنصار فقال له ارفق بصاحبي فإنّه مؤمن فقال له طب نفسا وقرّ عينا يا محمّد فإني رفيق بكلّ مؤمن. واعلم أنه ما في الأرض بيت مدر ولا شعر في برّ ولا بحر إلّا وأنا أتصفّحهم في كلّ يوم خمس مرات حتى إني أعرف بصغيرهم وكبيرهم منهم بأنفسهم. والله يا محمد لو أني أردت أن أقبض روح بعوضة ما قدرت على ذلك حتى يكون الله هو الآمر بقبضها» . وقد روى ابن كثير الذي أورد هذا الحديث تعليقا عليه عن جعفر أنه إنّما يتصفحهم عند مواقيت الصلاة فإذا حضرهم عند الموت فإن كان ممن يحافظ على الصلاة دنا منه الملك ودفع عنه الشيطان ولقنه لا إله إلا الله محمد رسول الله في تلك الحالة العظيمة! وهكذا يكون ملك الموت بمقتضى هذا الحديث موكلا بقبض أرواح البعوض وغيرها من غير بني الإنسان! ولم يرد هذا الحديث في كتب الصحاح، والروايات الأخرى غير صحيحة الأسناد كذلك. وهذا من الأمور الغيبية التي لا يصحّ التزيّد فيها عمّا ورد في القرآن إلّا بحديث نبوي ثابت وواجب المسلم الإيمان بما جاء
(1) انظر تفسير الآيات في تفسير الطبري والبغوي وابن كثير والخازن وغيرهم.