الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذه وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ [282] ونهي للشهداء عن عدم الشهادة كما هو في آية البقرة هذه وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا [282] حيث يبدو من هذا مدى عناية حكمة التنزيل بهذا الأمر الذي فيه إحقاق للحقّ وتوطيد للعدل وضمان لطمأنينة الناس على حقوقهم المتنوعة.
وهناك أحاديث نبويّة عديدة متساوقة مع التلقين القرآني وفي بعضها تحذير من شهادة الزور وتعظيم لإثمها. منها حديث رواه الخمسة إلّا البخاري عن زيد بن خالد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ألا أخبركم بخير الشهداء الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها» «1» وحديث رواه الترمذي وأبو داود عن خريم بن فاتك قال: «صلّى النبيّ صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح فلمّا انصرف قام قائما فقال: عدلت شهادة الزور بالإشراك بالله ثلاث مرات ثم قرأ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ
…
[الحج: 30- 31] » «2» . وحديث رواه الشيخان والترمذي عن أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ألا أخبركم بأكبر الكبائر قالوا بلى يا رسول الله قال الإشراك بالله وعقوق الوالدين وشهادة الزور أو قول الزور. قال فما زال يقولها حتى قلنا ليته سكت» «3» وحديث رواه ابن ماجه عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لن تزول قدم شاهد الزور حتى يوجب الله له النار» «4» .
[سورة المعارج (70) : الآيات 36 الى 44]
فَمالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ (36) عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ (37) أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ (38) كَلَاّ إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ (39) فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ إِنَّا لَقادِرُونَ (40)
عَلى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (41) فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (42) يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ (43) خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ (44) .
(1) التاج ج 3 ص 56- 58.
(2)
المصدر نفسه.
(3)
المصدر نفسه.
(4)
المصدر نفسه. [.....]
(1)
مهطعين: مسرعين ومقبلين.
(2)
عزين: جماعات جماعات.
(3)
ربّ المشارق والمغارب: جمهور المفسرين على أن العبارة تعني مطالع الشمس والقمر ومغاربهما. وبعضهم قال إن الجمع بسبب تغير هذه المطالع والمغارب يوميا بالنسبة للقمر في كل شهر وبالنسبة للشمس في كل سنة.
(4)
مسبوقين: هنا بمعنى عاجزين أو مقصرين عن اللحاق بهم. والكلمة في صدد تعبير السبق. فالمسبوق في المباراة يكون عاجزا أو مقصرا.
(5)
نصب: مفرد الأنصاب. وهو ما ينصب للعبادة. ويمكن أن تعني الأصنام.
(6)
يوفضون: يسرعون.
في الآيات:
1-
سؤال فيه معنى الإنكار والتنديد عما يريده الكفار من إسراعهم نحو النبي ووقوفهم جماعات جماعات عن يمينه وشماله وعمّا إذا كانوا يطمعون أن يدخلوا الجنة.
2-
ونفي جازم لذلك.
3-
وتقرير وقسم يتضمنان معنى الإنذار بأن الله الذي خلقهم مما يعرفون قادر على إهلاكهم متى شاء واستبدالهم بخير منهم وليس هو عاجزا عنه ولن يستطيعوا الإفلات منه.
4-
وأمر للنبي صلى الله عليه وسلم بأن لا يعبأ بهم وأن يدعهم في خوضهم ولهوهم إلى أن يلقوا اليوم الذي يوعدون وينالهم العذاب المعدّ لهم فيه، ففي ذلك اليوم يخرجون
من قبورهم مسرعين كأنهم متجهون نحو نصب لهم وتكون أبصارهم خاشعة ويكون الذلّ والهوان قد استحوذا عليهم.
والآيات متصلة بالآيات التي سبقت فصل المصلين كأنما جاء هذا الفصل للاستدراك ثم عاد الكلام فاتصل في صدد الكفار.
وروح الآيات عامة والآية [42] بخاصة تلهم أن ما حكته الآيتان [36 و 37] من التفاف الكفار حول النبي يمينا وشمالا كان من قبيل إقبال الساخر المستخفّ.
ولذلك انطوت الآيات على التنديد والإنذار والوعيد والتذكير بقدرة الله على تنفيذ وعيده من جهة وانطوت على تسليته للنبي وتطمين له من جهة أخرى.
وهكذا تكون الآيتان [36 و 37] احتوتا صورة من صور الخبث والمكر والاستخفاف التي كانت تصدر عن الكفار نحو النبي صلى الله عليه وسلم في بعض مواقف وعظه وإرشاده وتلاوته للقرآن حيث كانوا ينظرون إليه نظر الهازئ المنكر ويقفون حوله جماعات جماعات مادّين بأعناقهم إليه وقوف الساخر الجاحد. والتنديد والإنذار اللذان تضمنتهما الآيات قويان لاذعان ومتناسبان مع الصورة الخبيثة التي انطوت فيهما.
وقد جاءت الآيات خاتمة للسورة. والآية الأخيرة مما ختم بما يماثله بعض السور الأخرى أيضا.