الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مفحمة ملزمة حقا لأنها تقرر واقع اعتقادهم الذي حكته آيات عديدة مرّت أمثلة عديدة منها بأن الله تعالى هو خالق السموات والأرض وما فيهما وما بينهما وربّهما ومدبّرهما والذي بيده ملكوت كل شيء والقادر على كل شيء.
والآيات كما هو ظاهر متصلة بسابقاتها كذلك سياقا وموضوعا. ولعلها بسبيل استمرار لحكاية موقف المناظرة والجدل الذي تلهمه الآيات السابقة لها مباشرة.
[سورة المؤمنون (23) : الآيات 90 الى 92]
بَلْ أَتَيْناهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (90) مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (91) عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (92)
. في الآيات استدراك تقريري بمثابة ردّ آخر على الكفار:
1-
فالقرآن إنما جاء بالحقّ وهو تقرير الربوبية لله وحده.
2-
وهم كاذبون في نسبة الولد والشريك له لأنه ليس في حاجة إلى ولد أولا، ولو كان معه شريك لتنازع معه الملك والخلق ولعلا أحدهما على الآخر وهو محال في العقل والمنطق ثانيا. فتقدّس الله وتنزّه عمّا يصفونه به وينسبونه إليه وهو المحيط علمه بكل شيء ما ظهر وما خفي، وما مضى وما حضر، وما هو في المستقبل الغائب، وتعالى عن كل ما يشركه معه المشركون.
والآيات متصلة بالسياق اتصالا وثيقا كما هو واضح. والردّ الذي احتوته على ما يفترض أن المشركين يقولونه من أنهم يعترفون بالله وقدرته وربوبيته ومن أنهم إذا أشركوا معه غيره فإنما يشركونه للشفاعة. وفي الردّ أسلوب برهاني منطقي من شأنه إفحام المكابر المجادل كما هو المتبادر.
[سورة المؤمنون (23) : الآيات 93 الى 98]
قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي ما يُوعَدُونَ (93) رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (94) وَإِنَّا عَلى أَنْ نُرِيَكَ ما نَعِدُهُمْ لَقادِرُونَ (95) ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَصِفُونَ (96) وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ (97)
وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (98)
.
في الآيات:
1-
أمر للنبي صلى الله عليه وسلم بأن يدعو الله أن يرزقه السلامة والنجاة وأن لا يجعله في القوم الظالمين إذا أبقاه حيّا حتى يريه تحقيق ما يوعد الله به الكفار.
2-
وتقرير رباني بأن الله قادر أن يريه تحقيق ذلك.
3-
وأمر ثان للنبي بأن لا يغتمّ لموقفهم وأن يقابله بالصبر والغضّ والدفع بالتي هي أحسن انتظارا لتحقيق وعد الله. فالله عليم كل العلم بحقيقة حالهم ومعتقداتهم.
4-
وأمر ثالث بأن يستعيذ بالله من وساوس الشياطين ونفثاتهم ومخالطتهم في أموره وأفكاره.
والمتبادر أن الآيات وبخاصة الأربع الأولى منها متصلة بالسياق وبخاصة بالآيات [75- 77] التي احتوت تنديدا بموقف الكفار بعد ما كشف الله عنهم البلاء وإنذارا لهم بالعذاب الأشدّ وأن الآيات التي جاءت بعدها جاءت في معرض الاستطراد مما جرى عليه أسلوب النظم القرآني.
والآيتان الأخيرتان غير منقطعتين عن الموضوع والموقف. وقد استهدفتا بثّ الطمأنينة والسكينة في قلب النبي صلى الله عليه وسلم وحثّه على الالتجاء إليه كما ألمّت به الأزمات النفسية وساورته الهواجس والوساوس من جرّاء موقف قومه العنيد.
ولقد تكرر في القرآن الأمر بالاستعاذة من الشيطان ونزغاته مما هو متصل بالحقيقة الإيمانية المغيبة عن الشيطان ووساوسه على ما شرحناه في مناسبات سابقة. ونرى أنه يجب الوقوف في هذا الأمر عند ما وقف القرآن دون تزيد مع ملاحظة أن الشيطان ودوره مما كان مفهوما مسلما به عند السامعين ومع ملاحظة ذلك الهدف الذي استهدفته وهو بثّ السكينة والطمأنينة في قلب النبي والمؤمنين