الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(1)
تزكّى: تتزكّى، أي تطهر من كفرك وبغيك.
في الآيات سؤال موجه إلى السامع يتضمن معنى التذكير بما كان من أمر رسالة موسى إلى فرعون حيث ناداه ربّه بالوادي المقدس طوى وأمره بالذهاب إلى فرعون الذي طغى ودعوته إلى التطهّر من بغيه وهدايته إلى سبيل ربه، وحيث أرى موسى فرعون آية الله الكبرى التي أظهرها على يده فكذّب وعصى وأخذ يسعى ليحشد الناس ويمنعهم عن الحق ويهتف بهم أنا ربّكم الأعلى، وحيث أخذه الله ونكّل به في الدنيا بالإضافة إلى نكال الآخرة. وانتهت الآيات بلفت النظر إلى ما في ذلك من عبرة وموعظة لمن يخشى العواقب.
والصلة قائمة بين هذه الآيات وسابقاتها حيث جاءت بعد إنذار الكفار والتنديد بهم جريا على الأسلوب القرآني. وهدف التذكير والإنذار فيها واضح كما هو شأن جميع القصص القرآنية.
وقصة رسالة موسى وموقف فرعون الاستكباري قد حكيت في سور سابقة بأساليب متنوعة، وعلقنا عليها بما يغني عن التكرار. ولقد تعددت روايات المفسرين عن أهل التأويل في تأويل جملة فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى فقيل إنها بمعنى عاقبه الله على تكذيبه بدءا وإصراره على التكذيب بعد ظهور معجزات الله ووقوع العذاب عليه. كما قيل إنها بمعنى عاقبه الله في الدنيا بالإضافة إلى ما سوف يكون من عقابه في الآخرة. وكلا القولين وجيه.
[سورة النازعات (79) : الآيات 27 الى 33]
أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها (27) رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها (28) وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها (29) وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها (30) أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها (31)
وَالْجِبالَ أَرْساها (32) مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ (33)
(1)
سمكها: سقفها.
(2)
فسوّاها: جعلها مستوية أو مضبوطة.
(3)
أغطش ليلها: جعله مظلما.
(4)
أخرج ضحاها: كناية عن ضوء النهار.
(5)
دحاها: بسطها.
وفي هذه الآيات التفات إلى السامعين وسؤالهم سؤال المستنكر المندد عما إذا كانوا يرون خلقهم أشدّ وأشقّ على الله من الأكوان التي خلقها: فهو الذي خلق السماء وأعلى سقفها وضبط نواميسها. وقدّر الظلام ليلا والضياء نهارا. وهو الذي مدّ الأرض وبسطها ويسّرها للسير والاستقرار وأرسى فوقها الجبال وأخرج منها الماء والنبات ليكون في ذلك قوام حياتهم وأنعامهم.
والمتبادر أن الجواب على السؤال منطو في الآيات نفسها. فالله الذي خلق السموات والأرض وأودع فيها النواميس اللازمة والتي تفوق في العظمة خلق الناس أهون عليه أن يخلق الناس ثانية بطبيعة الحال. والمتبادر كذلك أن السؤال موجّه إلى الكفار لأنهم هم الذين يجحدون البعث ويستعظمون وقوعه. وهكذا تكون الآيات قد جاءت في صدد توكيد البعث والتدليل على قدرة الله عليه، وهي والحالة هذه متصلة بالسياق السابق على قصة رسالة موسى عليه السلام إلى فرعون وتكون الإشارة التذكيرية إلى هذه القصة قد جاءت استطرادا مما هو مألوف في النظم القرآني.
ولقد احتوت آيات عديدة في سور سابقة ما احتوته هذه الآيات وعلقنا عليها بما يغني عن التكرار.
ولقد أورد ابن كثير حديثا رواه الإمام أحمد عن أنس بن مالك في سياق