الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليه وإنما تسلطه وتأثيره على الذين يتولونه- أي يتخذونه وليّا من دون الله- وينقادون لوساوسه ويشركونه مع الله.
3-
وإشارة إلى ما كان يقوله الكفار إذا ما سمعوا النبي يقرأ آية بدلا من آية أو رأوه يبدل أمرا أو حكما قرآنيا أو خبرا قرآنيا بآخر حيث كانوا يقولون: إنه هو الذي يخترع القرآن ويفتريه قاصدين بذلك- على ما هو المتبادر- أن يقولوا: إنه لو كان وحيا من الله لما وقع تبديل وتغيير.
4-
ورد عليهم بأن الله هو أعلم بما يوحى به إلى النبي وحكمته وأن القائلين لا يستطيعون أن يدركوا ماهية وحي الله ولا حكمته.
5-
وأمر للنبي بأن يؤكد بأن ما يتلوه من القرآن هو وحي ربانى ينزل به روح القدس من الله بالحق ليثبت المؤمنين وليكون هدى وبشرى للمسلمين سواء أكان الأصل أو المبدل.
6-
وإشارة أخرى إلى ما كان يقوله الكفار أيضا من أن شخصا معينا هو الذي يعلم النبي وردّ عليهم بأن لسان هذا الشخص أعجمي ولغة القرآن عربية مبينة فصحى فلا يصحّ في العقل أن يكون هذا القرآن العربي الفصيح تعليما من ذلك الشخص الأعجمي اللسان.
8-
وتنديد بالكفار وإنذار لهم: فالذين لا يؤمنون بآيات الله لن ينالوا توفيقه وتسديده ولهم عنده العذاب الأليم وهم الكاذبون المفترون.
تعليق على آيات فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ وما بعدها إلى آخر الآية [105]
ولم نر فيما اطلعنا عليه رواية تذكر سبب نزول هذه الآيات. مع أن روحها بمجموعها تلهم أنها نزلت في صدد حادث له صلة بالقرآن، وأن الأمر للنبي صلى الله عليه وسلم بالاستعاذة بالله من الشيطان حينما يقرأ القرآن، وتوكيد كون الشيطان ليس له
سلطان على المؤمنين، وتوكيد نزول القرآن على قلب النبي بواسطة الروح القدس من عند الله متصل بهذا الحادث.
وقد تلهم الآيات أن الله أوحى إليه ببعض الآيات لتكون مكان آيات أخرى فلما تلا الجديدة وأهمل الأولى المنسوخة استغل الكفار ذلك فأخذوا يدللون به على كذب دعوى النبي بأن القرآن وحي رباني وينعتونه بالمفتري على الله ويقولون إن هناك شخصا يعلّمه. ولعلّهم قالوا فيما قالوه إن الشيطان هو الذي يوسوس له أو يلقي عليه لا وحي الله وإن هذا التبديل دليل على ذلك. ولعل بعض الذين بايعوا النبي على الإسلام والذين لم يكن الإيمان قد رسخ في قلوبهم تأثروا بهذا الحادث وبدعاية الكفار فارتدوا أيضا، وهذا ما تدل عليه الآيات التي تأتي بعد هذه الآيات.
فاقتضت حكمة التنزيل بالرد عليهم بما جاء في هذه الآيات، ونفي تعلّم النبي من الشخص المزعوم ونفي تأثير الشيطان على النبي وأمره بالاستعاذة إلى الله منه.
والآيات في جملتها تقصد إلى تطمين النبي والمؤمنين وتثبيتهم والردّ على الكفار والتنديد بهم.
وإلى هذا فقد احتوت تلقينات مستمرة المدى سواء أفي تطمين المؤمنين المخلصين من أنه لا سلطان للشيطان عليهم أم في وجوب الاستعاذة بالله منه حينما يتلو المسلم القرآن أم في توكيد كون الذين لا يوفقهم الله ولا يسعدهم ولا يهديهم هم الذين فقدوا الرغبة في الحق والهدى والإيمان وكون هؤلاء هم وحدهم الذين يجرؤون على الافتراء على الله.
والمتبادر أن رمي الكفار بالشرك بالشيطان وتوليه وحصر تأثيره فيهم هو من قبيل الردّ والتشنيع. وقد تكرر هذا في مناسبات عديدة بهذا القصد مرّت بعض أمثلة منها ولقد كانوا يفهمون مفهوم كلمة الشيطان ويعرفون أنها بغيضة على ما شرحناه في تفسير سورة التكوير فلزمتهم الحجة والتنديد.
والآية [105] جديرة بالتنويه بما انطوى فيها من تقرير كون الافتراء والكذب لا يمكن أن يقعا إلّا من غير المؤمنين. ولقد روى البغوي في سياقها حديثا رواه