الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ضرب في الأرض يقصدهم فاز ونجا ومن كان بغيته لغيرهم خاب وخسر» «1» .
والصوفية وأهل الطرق يقصدون بالأوتاد أقطابهم وزعماءهم. وفي التفسير كما هو ظاهر شطح يبتعد به المفسر عن معنى العبارة القرآنية الواضحة الصريحة الدلالة التي تكرر مثلها كثيرا في القرآن للتدليل على قدرة الله ومشاهد وحدانيته وعظمته في كونه ليستخرج من الآية تكأة للألقاب الصوفية وليجعل أوتاد الصوفيين وأقطابهم مرجعا للبشر وأملا في كشف الضرّ والفوز والنجاة وفي هذا ما فيه من شرك يخرج به المؤمن من ربقة إيمانه والعياذ بالله.
[سورة الرعد (13) : الآيات 5 الى 7]
وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولئِكَ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (5) وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقابِ (6) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ (7)
. (1) المثلات: الأمثال. والمراد منها عقوبات الله في الأمم السابقة.
وفي هذه الآيات تنديد بالكفار الذين يأخذ المرء أشد العجب من مواقفهم وأقوالهم بالرغم عما في كون الله العظيم من آيات باهرة مقنعة على النحو التالي:
أولا: يتساءلون تساؤل المنكر عمّا إذا كانوا حقيقة سيخلقون من جديد بعد أن يصبحوا ترابا، مما لا يصدر من الكفّار بالله ولقائه. وسيجزون على ذلك بالأغلال في أعناقهم وبالنار التي يخلدون فيها.
ثانيا: لا يفتأون يستعجلون السيء دون الحسن مما يوعدون وهو عذاب الله استعجال المستخفّ مع ما يعرفون من عقوبات الله السابقة في أمثالهم. ولقد جرى
(1) التفسير والمفسرون ج 3 ص 54.
الله على التسامح مع الناس فيما يصدر منهم من ظلم وبغي. ولكنه إذا عاقب فإن عقابه يكون شديدا قاصما.
ثالثا: وهم لا يزالون يتحدّون النبي صلى الله عليه وسلم بآية تنزل عليه من ربّه ومعجزة تقع على يده حتى يؤمنوا ويستجيبوا مع أن النبي صلى الله عليه وسلم ليس إلا داعيا إلى الله منذرا بعذابه مبشرا بثوابه. وليس في دعوته شذوذ يحتاج إلى البرهنة عليه بالآيات، كما أنه ليس في رسالته بدعا فقد جرت سنة الله على إرسال الرسل الهداة المنذرين إلى أقوامهم من قبله.
وفي الآيات صور مما كان يقع من الكفار من مشاقة وعناد وتحدّ كما هو واضح. وأسلوبها مطلق الحكاية والتنديد. وقد تكررت حكاية أمثالها مرات عديدة لأنها كانت تتكرر وقوعا. وفيها ردود تنديدية وإنذارية كأمثالها السابقة.
وقد احتوت الفقرة الأخيرة من الآية الأخيرة بالإضافة إلى الردّ تطمينا وتسرية عن النبي صلى الله عليه وسلم أيضا مما تكرر ذلك في المواقف المماثلة.
ولا يروي المفسرون رواية خاصة في نزول الآيات. ويجوز أن تكون من باب حكاية حال الكفار كما يجوز أن تكون حكاية لمشهد من مشاهد المواقف الجدلية الوجاهية التي كانت تقع بين النبي صلى الله عليه وسلم والكفار. ولعلّ في الآيات التالية بعض القرائن على ذلك.
وقد أوّلنا تعبير وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ بما أوّلناه به آنفا لأن هذا هو المتّسق مع روح الآيات القرآنية بوجه عام. وهو ما عليه الجمهور أيضا.
ولقد أورد الطبرسي وهو من مفسري الشيعة في سياق الآية الأخيرة حديثا عن ابن عباس جاء فيه: «أنه لما نزلت الآية قال رسول الله: أنا المنذر وعليّ الهادي من بعدي يا عليّ بك يهتدي المهتدون» وحديثا آخر قال إنه رواه الحاكم أبو القاسم الحسكاني في كتاب «شواهد التنزيل» عن أبي بردة الأسلمي جاء فيه: «إنّ رسول الله دعا بالطهور وعنده عليّ بن أبي طالب فأخذ بيد عليّ بعد ما تطهّر فألزمها بصدره ثم قال: إنما أنت منذر ثم ردّها إلى صدر عليّ ثم قال: ولكلّ قوم هاد ثم