الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويصلّون ويتصدّقون وهم يخافون ألا يقبل منهم أولئك يسارعون في الخيرات» .
حيث ينطوي في الحديث توضيح نبوي متساوق مع التلقين الجليل المنطوي في الآيات لما للخوف من الله والمصير الأخروي من أثر في نفس المؤمن بالله واليوم الآخر فيجعله يبذل كل جهده في عمل الخير والتقرّب إلى الله بصالح العمل واتقاء غضبه بالابتعاد عن كل منكر وإثم. ويبدو من خلال ذلك الحكمة الربانية في تكرار التنبيه في القرآن على أن الذين لا يؤمنون بالآخرة هم الذين لا يتورعون عن ارتكاب الآثام والفواحش في الدرجة الأولى وفي كون الإيمان بالله واليوم الآخر والترهيب من هوله والترغيب في النجاة فيه من أهم ما اهتمّ القرآن لتوكيده وتقريره.
[سورة المؤمنون (23) : الآيات 63 الى 67]
بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هذا وَلَهُمْ أَعْمالٌ مِنْ دُونِ ذلِكَ هُمْ لَها عامِلُونَ (63) حَتَّى إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذابِ إِذا هُمْ يَجْأَرُونَ (64) لا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لا تُنْصَرُونَ (65) قَدْ كانَتْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ تَنْكِصُونَ (66) مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِراً تَهْجُرُونَ (67)
. (1) أعمال من دون ذلك: أعمال غير تلك الأعمال التي ترضي الله وذكرت فيما سبق.
(2)
هم لها عاملون: قال الطبري والبغوي في معناها: لا بد من أنهم لها عاملون. وقال الزمخشري الجملة بمعنى هم عليها معتادون ونحن نرجّح هذا لأنه متّسق مع روح الآيات وفحواها.
(3)
يجأرون: يضجون ويصيحون من البلاء.
(4)
سامرا: السمر تبادل الأحاديث وتمضية السهرة بلهو وفكاهة، والسامر هو الذي يسمر ويلهو.
(5)
تهجرون: من المفسرين من قال إنها من الهجر بمعنى الترك والإهمال.
ومنهم من قال إنها من الهجر بمعنى الفحش في السبّ. والآية تتحمّل المعنيين.
في الآيات عودة إلى بيان حقيقة المنحرفين الكفار وأعمالهم وإنذار لهم:
1-
فقلوبهم غافلة عن الاستشعار بخوف الله وما يجب عليهم نحوه.
2-
وأعمالهم غير تلك التي ترضي الله والتي سبق وصفها وسيظلون مرتكسين فيها لا يدعونها لأنهم معتادون عليها إلى أن يحلّ فيهم عذاب الله وحينئذ فقط يدركون خطأهم فيأخذون بالعويل والاستغاثة. وسيقال لهم حينئذ لا تضجوا ولا تصخبوا ولا تعولوا فلن يفيدكم ذلك شيئا. ولن يكون لكم ناصر من الله.
لأنكم كنتم كل ما تليت عليكم آياته ولّيتموها ظهوركم ونكصتم على أعقابكم استكبارا عن سماعها وعنادا.
أما الآية الأخيرة فقد اختلف في تأويلها بسبب الاختلاف في ضمير (به) حيث أرجعه بعضهم «1» إلى القرآن فقالوا إنها بصدد التنديد بالكفار لاستكبارهم عن القرآن وهجرهم إياه وتمضية أوقات السمر بالسخرية به. وحيث أرجعه بعضهم «2» إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا إنها بصدد التنديد بهم لاستكبارهم وهجرهم دعوة النبوة وتأليبهم عليه في أسمارهم ونبزهم إياه بالقول الفاحش وحيث أرجعه بعضهم إلى الحرم واعتدادهم بأنهم أهله وهجرهم النبي فيه.
وقد تبادر لنا تأويل آخر وهو التنديد بالكفار لهجرهم النبي وما يتلوه من القرآن استكبارا كأنما يهجرون سامرا يتحدث باللهو والأفاكيه. ولعل في الآيات التالية قرينة على وجاهة هذا التأويل إن شاء الله.
والاتصال قائم سياقا وموضوعا بين الآيات وبين سابقاتها كما يظهر من التمعّن فيها.
وقد قال بعض المفسرين إن العذاب الذي يجأر منه الكفار هو ما حلّ بزعماء
(1) انظر تفسير الآيات في تفسير ابن كثير والبغوي والخازن والطبرسي والزمخشري والطبري.
(2)
المصدر نفسه.