الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(4)
المقسمات أمرا: المنفذون لأوامر الله وهم الملائكة أو السحب التي تقسم الأمطار على الأرض حسب تعدد الأقوال التي يرويها المفسرون.
(5)
الدين: الجزاء. والكلمة كناية عن البعث الذي يكون فيه جزاء كل نفس بما كسبت.
ابتدأت السورة بالأقسام الربانية جريا على الأسلوب القرآني في عدد غير قليل من السور المكية وبخاصة القصيرة. وقد قصد بها توكيد كون ما يوعد به الناس من البعث والجزاء هو وعد صادق وأمر واقع حتما.
وروح الآيات وإن كانت تلهم أنها في صدد إنذار السامعين المخاطبين عامة فإن أسلوبها والآيات التالية لها تدل على أن المقصود بالإنذار هم الكفار.
ويلحظ شيء من التساوق بين هذا المطلع وبين خاتمة سورة الأحقاف من حيث توكيد البعث والجزاء مما يمكن أن يكون فيه قرينة على صحة ترتيب نزول هذه السورة بعد تلك.
والمتبادر أن الإقسام بالمقسومات التي هي مشاهد كون الله ونواميسه وعظيم خلقه قد انطوت على قصد التذكير بعظمة خالق الكون وقدرته على تحقيق ما أوعد الناس به.
[سورة الذاريات (51) : الآيات 7 الى 14]
وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ (7) إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ (8) يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ (9) قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (10) الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ ساهُونَ (11)
يَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ (12) يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ (13) ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (14)
. (1) ذات الحبك: ذات الصنع الحسن المتقن أو ذات المسالك والطرائق أو ذات النجوم حسب تعدد الأقوال.
(2)
إنكم لفي قول مختلف: إنكم مختلفون في أقوالكم لستم على شيء
واحد أو بمعنى أنكم في أمر القرآن ونبوة النبي صلى الله عليه وسلم وما يبشّر وينذر به مختلفو المذاهب.
(3)
يؤفك عنه من أفك: المتبادر أن (عنه) تعني القول الحق ويكون معنى الجملة يصرف عن الحق في الأقوال من يصرف وهم الخراصون.
(4)
الخراصون: المتوهمون والظانون على غير أساس وعلم.
(5)
غمرة: جهالة غامرة أو شاملة.
(6)
يفتنون: يعرضون أو يحرقون. وقد تكون الكلمة قد استعملت مقابل فتنتكم التي قد تحتوي التذكير بما كان من زعماء الكفار من إعراض وحمل الناس على الانصراف والارتداد عن الدعوة.
(7)
ذوقوا فتنتكم: ذوقوا طعم حريق النار أو ذوقوا جزاء فتنتكم في الدنيا.
وهذه الآيات تبتدئ بقسم رباني أيضا بالسماء ذات الحبك بأن السامعين للقرآن واقعون في اختلاف وارتباك في شأن القرآن والدعوة والنذر الربانية والبعث الأخروي وفهم أهداف ذلك. وتقرر أنهم بسبب ذلك انصرف عنه الراغب عن الحق والهدى. ثم التفتت إلى الذين هم ضاربون في الظنّ والتخمين متعامون عن الحقيقة وتدبرها التفاتا فيه تنديد وتقريع يتمثلان في لفظ قُتِلَ فهم ساهون في غمرة الجهالة عن فهم الحق وإدراك الحقيقة ثم يظلون يسألون سؤال الشك والإنكار عن موعد يوم الجزاء الذي يوعدون به. ثم انتقلت إلى توكيد الأمر:
فلسوف يأتي ذلك اليوم ولسوف يلقون فيه في النار ولسوف يقال لهم حينئذ ذوقوا عذاب الحريق أو ذوقوا جزاء ما كنتم من حالة العناد والصدّ والانصراف في الدنيا فهذا الذي كنتم تستعجلون وتتحدّون الإتيان به.
والصلة واضحة بين هذه الآيات والآيات السابقة وفيها كما قلنا بيان بأن المخاطبين في الآيات هم الكفار، وقد استهدفت فيما استهدفته الإنذار لهم وإثارة الخوف في قلوبهم وحملهم على الارعواء.
ويلحظ أن السورة السابقة انتهت بأمر النبي صلى الله عليه وسلم بعدم استعجال العذاب لهم