المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب المحرم يجتنب الصيد] - مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - جـ ٥

[الملا على القاري]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابُ جَامِعِ الدُّعَاءِ]

- ‌[كِتَابُ الْمَنَاسِكِ]

- ‌[بَابُ الْإِحْرَامِ وَالتَّلْبِيَةِ]

- ‌[بَابُ قِصَّةِ حَجَّةِ الْوَدَاعِ]

- ‌[بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ وَالطَّوَافِ]

- ‌[بَابُ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ]

- ‌[بَابٌ الدَّفْعُ مِنْ عَرَفَةَ وَالْمُزْدَلِفَةِ]

- ‌[بَابُ رَمْيِ الْجِمَارِ]

- ‌[بَابُ الْهَدْيِ]

- ‌[بَابُ الْحَلْقِ]

- ‌[بَابٌ فِي تَقْدِيمِ وَتَأْخِيرِ بَعْضِ الْمَنَاسِكِ]

- ‌[بَابٌ خُطْبَةُ يَوْمِ النَّحْرِ وَرَمْيُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَالتَّوْدِيعُ]

- ‌[بَابُ مَا يَجْتَنِبُهُ الْمُحْرِمُ]

- ‌[بَابُ الْمُحْرِمِ يَجْتَنِبُ الصَّيْدَ]

- ‌[بَابُ الْإِحْصَارِ وَفَوْتِ الْحَجِّ]

- ‌[بَابُ حَرَمِ مَكَّةَ]

- ‌[بَابُ حَرَمِ الْمَدِينَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْبُيُوعِ] [

- ‌بَابُ الْكَسْبِ وَطَلَبِ الْحَلَالِ]

- ‌[بَابُ الْمُسَاهَلَةِ فِي الْمُعَامَلَةِ]

- ‌[بَابُ الْخِيَارِ]

- ‌[بَابُ الرِّبَا]

- ‌[بَابُ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا مِنَ الْبُيُوعِ]

- ‌[بَابُ السَّلَمِ وَالرَّهْنِ]

- ‌[بَابُ الِاحْتِكَارِ]

- ‌[بَابُ الْإِفْلَاسِ وَالْإِنْظَارِ]

- ‌[بَابُ الشِّرْكَةِ وَالْوِكَالَةِ]

- ‌[بَابُ الْغَصْبِ وَالْعَارِيَّةِ]

- ‌[بَابُ الشُّفْعَةِ]

- ‌[بَابُ الْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ]

- ‌[بَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[بَابُ إِحْيَاءِ الْمَوَاتِ وَالشِّرْبِ]

- ‌[بَابُ الْعَطَايَا]

- ‌[بَابُ اللُّقَطَةِ]

- ‌[بَابُ الْفَرَائِضِ]

- ‌[بَابُ الْوَصَايَا]

- ‌[كِتَابُ النِّكَاحِ]

- ‌[بَابُ النَّظَرِ]

- ‌[بَابُ الْوَلِيِّ فِي النِّكَاحِ وَاسْتِئْذَانِ الْمَرْأَةِ]

- ‌[بَابُ إِعْلَانِ النِّكَاحِ وَالْخِطْبَةِ وَالشَّرْطِ]

- ‌[بَابُ الْمُحَرَّمَاتِ]

- ‌[بَابُ الْمُبَاشِرَةِ]

- ‌[بَابُ الصَّدَاقِ]

- ‌[بَابُ الْوَلِيمَةِ]

- ‌[بَابُ الْقَسْمِ]

- ‌[بَابُ عِشْرَةِ النِّسَاءِ وَمَا لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْحُقُوقِ]

- ‌[بَابُ الْخُلْعِ وَالطَّلَاقِ]

- ‌[بَابُ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا]

- ‌[بَابٌ فِي كَوْنِ الرَّقَبَةِ فِي كَفَّارَةٍ مُؤْمِنَةً]

- ‌[بَابُ اللِّعَانِ]

- ‌[بَابُ الْعِدَّةِ]

- ‌[بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ]

الفصل: ‌[باب المحرم يجتنب الصيد]

2693 -

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكِ ابْنِ بُحَيْنَةَ رضي الله عنه قَالَ: «احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُحْرِمٌ بِلَحْيِ جَمَلٍ مِنْ طَرِيقِ مَكَّةَ فِي وَسَطِ رَأْسِهِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

2693 -

(وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكِ ابْنِ بُحَيْنَةَ) : بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا يَاءٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ نُونٌ بَعْدَهَا هَاءٌ ; اسْمُ أُمِّهِ، وَلِذَا كُتِبَتْ أَلِفٌ فِي ابْنِ بُحَيْنَةَ (قَالَ: احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُحْرِمٌ بِلَحْيِ جَمَلٍ) : بِفَتْحِ اللَّامِ وَسُكُونِ الْحَاءِ، مَوْضِعٌ (مِنْ طَرِيقِ مَكَّةَ) : أَيْ: إِلَى الْمَدِينَةِ (فِي وَسَطِ رَأْسِهِ) : بِفَتْحِ السِّينِ وَيُسَكَّنُ، وَهَذَا الِاحْتِجَامُ لَا يُتَصَوَّرُ بِدُونِ إِزَالَةِ الشَّعْرِ، فَيُحْمَلُ عَلَى حَالِ الضَّرُورَةِ - وَاللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ. وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ وَمَالِكٍ: كَرَاهَةٌ الْحِجَامَةِ حَالَ الْإِحْرَامِ، وَإِنْ لَمْ يَتَضَمَّنْ قَطْعَ شَعْرٍ. وَعَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فِيهَا الْفِدْيَةُ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

ص: 1854

2694 -

وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: «احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُحْرِمٌ عَلَى ظَهْرِ الْقَدَمِ مِنْ وَجَعٍ كَانَ بِهِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ.

ــ

2694 -

(وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُحْرِمٌ عَلَى ظَهْرِ الْقَدَمِ مِنْ وَجَعٍ كَانَ بِهِ) : وَهَذَا يُتَصَوَّرُ بِدُونِ قَطْعِ الشَّعْرِ، فَلَا إِشْكَالَ مَعَ التَّصْرِيحِ بِالْعُذْرِ، ثُمَّ يُمْكِنُ تَعَدُّدُ الِاحْتِجَامِ فِي إِحْرَامٍ وَاحِدٍ، أَوْ فِي إِحْرَامَيْنِ، وَاللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ. وَهَذَا الْحَدِيثُ يَرُدُّ إِطْلَاقَ ابْنِ عُمَرَ وَمَالِكٍ كَرَاهَتَهَا، وَكَذَا إِطْلَاقُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّ فِيهَا الْفِدْيَةُ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ) .

ص: 1854

2695 -

«وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ رضي الله عنه قَالَ: تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَيْمُونَةَ وَهُوَ حَلَالٌ، وَبَنَى بِهَا وَهُوَ حَلَالٌ، وَكُنْتُ أَنَا الرَّسُولَ بَيْنَهُمَا» . رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ.

ــ

2695 -

(وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ) : مَوْلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (قَالَ: «تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَيْمُونَةَ وَهُوَ حَلَالٌ، وَبَنَى بِهَا» ) : أَيْ: دَخَلَ عَلَيْهَا، وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنِ الزِّفَافِ (وَهُوَ حَلَالٌ، وَكُنْتُ أَنَا الرَّسُولُ) : أَيْ: الْوَاسِطَةُ (بَيْنَهُمَا) : تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ مِنَ ابْنِ الْهُمَامِ. (رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ) .

ص: 1854

[بَابُ الْمُحْرِمِ يَجْتَنِبُ الصَّيْدَ]

الْفَصْلُ الْأَوَّلُ

2696 -

«عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِمَارًا وَحْشِيًّا. وَهُوَ بِالْأَبْوَاءِ أَوْ بِوَدَّانَ، فَرَدَّ عَلَيْهِ، فَلَمَّا رَأَى مَا فِيهِ وَجْهَهُ قَالَ: " إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلَّا أَنَّا حُرُمٌ» ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

[12]

بَابُ الْمُحْرِمِ يَجْتَنِبُ الصَّيْدَ

يَجُوزُ سُكُونُهُ عَلَى الْوَقْفِ وَرَفْعُهُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ هُوَ هَذَا، وَيُحْتَمَلُ الْإِضَافَةُ (الْمُحْرِمُ يَجْتَنِبُ الصَّيْدَ) : أَيِ: اصْطِيَادَهُ وَقَتْلَهُ وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْهُ، وَأَكْلُهُ وَإِنْ ذَكَّاهُ مُحْرِمٌ آخَرُ، وَالْمُرَادُ بِالصَّيْدِ حَيَوَانٌ مُتَوَحِّشٌ بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ بِأَنْ كَانَ تَوَالُدُهُ وَتَنَاسُلُهُ فِي الْبَرِّ، أَمَّا صَيْدُ الْبَحْرِ، فَيَحِلُّ اصْطِيَادُهُ لِلْحَلَالِ وَالْمُحْرِمِ جَمِيعًا مَأْكُولًا أَوْ غَيْرَ مَأْكُولٍ لِقَوْلِهِ - تَعَالَى:{أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ} [المائدة: 96] وَالْإِجْمَاعُ عَلَى هَذَا النَّصِّ وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ فِي الْحَرَمِ، وَاللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ، {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: 96] ، وَأَمَّا صَيْدُ الْحَرَمِ فَلَا خُصُوصِيَّةَ لَهُ بِالْحَرَمِ، فَإِدْرَاجُ ابْنِ حَجَرٍ إِيَّاهُ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ، ثُمَّ تَخَصُّصُهُ بِالْحَرَمِ الْمَكِّيِّ. وَقَوْلُهُ: وَقِيسَ لِمَكَّةَ بَاقِي الْحَرَمِ غَرِيبٌ جِدًّا - وَاللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ - ثُمَّ الْبَرِّيُّ الْمَأْكُولُ حَرَامٌ اصْطِيَادُهُ عَلَى الْمُحْرِمِ بِالِاتِّفَاقِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمَأْكُولِ فَقَسَمَهُ صَاحِبُ الْبَدَائِعِ عَلَى نَوْعَيْنِ: نَوْعٌ يَكُونُ مُؤْذِيًا طَبْعًا مُبْتَدِئًا بِالْأَذَى غَالِبًا، فَلِلْمُحْرِمِ أَنْ يَقْتُلَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ نَحْوُ: الْأَسَدِ، وَالذِّئْبِ، وَالنِّمِرِ، وَالْفَهْدِ. وَنَوْعٌ لَا يَبْتَدِئُ بِالْأَذَى غَالِبًا، كَالضَّبْعِ وَالثَّعْلَبِ وَغَيْرِهِمَا، فَلَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ إِنْ عَدَا عَلَيْهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ. وَقَالَ زُفَرُ: يَلْزَمُهُ الْجَزَاءُ وَإِنْ لَمْ يَعْدُ عَلَيْهِ لَا يُبَاحُ لَهُ أَنْ يَبْتَدِئَهُ بِالْقَتْلِ، وَإِنْ قَتَلَهُ ابْتِدَاءً فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ عِنْدَنَا.

الْفَصْلُ الْأَوَّلُ

2696 -

(عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ) : بِتَشْدِيدِ الْمُثَلَّثَةِ (أَنَّهُ أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِمَارًا وَحْشِيًّا) : أَيْ:

ص: 1854

حَيًّا، وَقِيلَ: أَيْ بَعْضُهُ كَمَا بَيَّنَتْهُ رِوَايَاتٌ أُخَرُ لِمُسْلِمٍ، إِذْ فِي بَعْضِهَا لَحْمَهُ، وَفِي بَعْضِهَا عَجُزُهُ، وَفِي بَعْضِهَا رِجْلُهُ، وَفِي بَعْضِهَا شِقُّهُ، وَفِي بَعْضِهَا " عُضْوًا " مِنْ لَحْمِ صَيْدٍ، فَرِوَايَةُ لَحْمِهِ أَيْ: بَعْضِهِ. وَرِجْلِهِ أَيْ مَعَ الْعَجُزِ، وَهُوَ الشِّقُّ الْمَذْكُورُ فِي الْأُخْرَى، وَرِوَايَةُ " عُضْوًا " هُوَ الرِّجْلُ وَمَا اتَّصَلَ بِهَا، فَاجْتَمَعَتِ الرِّوَايَاتُ. ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ أَهْدَاهُ حَيًّا أَوَّلًا ثُمَّ أَهْدَى بَعْضَهُ مَذْبُوحًا، (وَهُوَ) : أَيِ: النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (بِالْأَبْوَاءِ) : بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ ; قَرْيَةٌ مِنْ عَمَلِ الْفَرْعِ عَلَى عَشْرَةِ فَرَاسِخَ مِنَ الْمَدِينَةِ، يَمُرُّ بِهَا سَالِكُ الطَّرِيقِ الْقَدِيمَةِ الشَّرْقِيَّةِ الَّتِي كَانَ عليه الصلاة والسلام يَسْلُكُهَا، وَهِيَ غَيْرُ الْمَسْلُوكَةِ الْيَوْمَ، يَفْتَرِقَانِ قَرِيبَ الْجُحْفَةِ، وَيَجْتَمِعَانِ قُرْبَ الْمَدِينَةِ. (أَوْ بِوَدَّانَ) : بِتَشْدِيدِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ قَرِيبَةٍ جَامِعَةٍ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَمْيَالٍ مِنَ الْأَبْوَاءِ، وَهِيَ بَيْنَ الْأَبْوَاءِ وَالْجُحْفَةِ. قَالَ الطِّيبِيُّ رحمه الله: مَوْضِعَانِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، (فَرَدَّ) : أَيِ: النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (عَلَيْهِ) : أَيْ: عَلَى الصَّعْبِ صَيْدَهُ، (فَلَمَّا رَأَى) : أَيِ: النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (مَا فِي وَجْهِهِ) : أَيْ: فِي وَجْهِ الصَّعْبِ مِنَ التَّغَيُّرِ النَّاشِئِ مِنْ أَثَرِ التَّأَذِّي مِنْ رَدِّهِ عَلَيْهِ الصَّيْدَ. (قَالَ) : أَيِ: اعْتِذَارًا وَتَسْلِيَةً لَهُ (إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ) : بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُشَدَّدَةِ وَضَمِّهَا أَيِ: الصَّيْدَ (عَلَيْكَ) : أَيْ: لِشَيْءٍ (إِلَّا أَنَّا) : أَيْ: لِأَنَّا (حُرُمٌ) : بِضَمَّتَيْنِ أَيْ مُحْرِمُونَ، وَالْحُرُمُ جَمْعُ حَارِمٍ وَهُوَ مِنْ أَحْرَمَ بِنُسُكٍ.

قَالَ الطِّيبِيُّ رحمه الله: دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ الْمُحْرِمَ لَا يَجُوزُ لَهُ قَبُولُ الصَّيْدِ إِذَا كَانَ حَيًّا، وَإِنْ جَازَ لَهُ قَبُولُهُ لَحْمَةً، وَقِيلَ: الْمُهْدَى كَانَ لَحْمُ حِمَارٍ وَحْشِيٍّ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقْبَلْ لِأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّهُ صَيْدٌ لِأَجْلِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ، وَحَدِيثُ جَابِرٍ رحمه الله اهـ. وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِمَا (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: فِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ «أَهْدَى لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَحْمَ حِمَارٍ» وَفِي لَفْظٍ: رِجْلَ حِمَارٍ، وَفِي لَفْظٍ: عَجُزَ حِمَارٍ، وَفِي لَفْظٍ: شِقَّ حِمَارٍ، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي حُرْمَةَ أَكَلِ الْمُحْرِمِ لَحْمَ الصَّيْدِ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ صِيدَ لَهُ أَوْ بِأَمْرِهِ أَمْ لَا. وَهُوَ مَذْهَبٌ نُقِلَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ مِنْهُمْ عَلَيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه مَذْهَبُنَا مَذْهَبُ عُمَرَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَعَائِشَةَ رضي الله عنها أَخْرَجَ عَنْهُمْ ذَلِكَ الطَّحَاوِيُّ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَطَاوُسٌ، وَالثَّوْرِيُّ رحمهم الله، لَكِنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الشَّافِعِيَّةُ مِمَّا يَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّهُ إِنَّمَا يَحْرُمُ، وَيَكُونُ مَيْتَةً إِنْ صَادَهُ أَوْ صِيدَ لَهُ، أَوْ دَلَّ أَوْ أَعَانَ عَلَيْهِ، أَوْ أَشَارَ إِلَيْهِ. قَالُوا: وَزَعَمَ أَنَّ حَدِيثَ الصَّعْبِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَيَكُونُ نَاسِخًا لِحَدِيثِ أَنَّ قَتَادَةَ الْآتِي غَيْرُ صَحِيحٍ، لِأَنَّ شَرْطَ النَّسْخِ تَعَذُّرُ الْجَمْعِ، وَتَعْلِيلُ الرَّدِّ بِكَوْنِهِمْ حُرُمًا إِنَّمَا هُوَ لِكَوْنِهِ ظَنَّ أَنَّهُ صِيدَ لَهُ، وَيَأْتِي حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ حَيْثُ «أَكَلَ صلى الله عليه وسلم مِمَّا اصْطَادَهُ تَارَةً، وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ أُخْرَى» لَوْ صَحَّ ذَلِكَ، وَصَحَّ «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام أَتَى بِالْعَرَجِ وَهُوَ مُحْرِمٌ بِحِمَارٍ عَقِيرَةٍ فَأَبَاحَهُ لَهُ صَاحِبُهُ فَأَمَرَ صلى الله عليه وسلم أَبَا بَكْرٍ فَقَسَّمَهُ بَيْنَ الرِّفَاقِ» ، وَصَحَّ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه اسْتُفْتِيَ فِي أَكْلِ مُحْرِمٍ مِنْ لَحْمِ مَا صَادَهُ حَلَالٌ، فَأَفْتَى بِحِلِّهِ، ثُمَّ أَخْبَرَ عُمَرُ فَقَالَ: لَوْ أَفْتَيْتَهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ لَأَوْجَعْتُكَ.

ص: 1855

2697 -

«وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَخَلَّفَ مَعَ بَعْضِ أَصْحَابِهِ وَهُمْ مُحْرِمُونَ، وَهُوَ غَيْرُ مُحْرِمٍ، فَرَأَوْا حِمَارًا وَحْشِيًّا قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ، فَلَمَّا رَأَوْهُ تَرَكُوهُ حَتَّى رَآهُ أَبُو قَتَادَةَ فَرَكِبَ فَرَسًا لَهُ، فَسَأَلَهُمْ أَنْ يُنَاوِلُوهُ سَوْطَهُ، فَأَبَوْا، فَتَنَاوَلَهُ فَحَمَلَ عَلَيْهِ، فَعَقَرَهُ، ثُمَّ أَكَلَ فَأَكَلُوا، فَنَدِمُوا، فَلَمَّا أَدْرَكُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَأَلُوهُ قَالَ " هَلْ مَعَكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ؟ " قَالُوا: مَعَنَا رِجْلُهُ. فَأَخَذَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَأَكَلَهَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا: «فَلَمَّا أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " أَمِنْكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا؟ أَوْ أَشَارَ إِلَيْهَا؟ " قَالُوا: لَا قَالَ: " فَكُلُوا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهَا» ".

ــ

2697 -

(وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم) : سَنَةَ الْحُدَيْبِيَةِ (فَتَخَلَّفَ) : أَيْ: تَأَخَّرَ أَبُو قَتَادَةَ (مَعَ بَعْضِ أَصْحَابِهِ) : الضَّمِيرُ رَاجِعٌ إِلَى أَبِي قَتَادَةَ، أَوِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (وَهُمْ) : أَيِ: الْبَعْضُ (مُحْرِمُونَ، وَهُوَ) : أَيْ: أَبُو قَتَادَةَ (غَيْرُ مُحْرِمٍ) : وَفِي رِوَايَةِ الْمَالِكِيِّ: أَحْرَمُوا كُلُّهُمْ إِلَّا أَبُو قَتَادَةَ لَمْ يُحْرِمْ، وَأَبُو قَتَادَةَ مُبْتَدَأٌ وَلَمْ يُحْرِمْ خَبَرُهُ، وَإِلَّا بِمَعْنَى لَكِنَّ نَظِيرُهُ:{وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتُكَ} [هود: 81] بِالرَّفْعِ فِي قِرَاءَةِ أَبِي كَثِيرٍ وَأَبِي عَمْرٍو، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَجْعَلَ امْرَأَتَكَ بَدَلًا مِنْ أَحَدٍ لِأَنَّهَا تُسِرُّ مَعَهُ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ النَّصْبِ. (فَرَأَوْا حِمَارًا وَحْشِيًّا قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ أَبُو قَتَادَةَ، فَلَمَّا رَأَوْهُ تَرَكُوهُ) : أَيِ: الْحِمَارَ أَوْ أَبَا قَتَادَةَ بِأَنْ لَمْ يَقُولُوا: هَذَا حِمَارٌ بَلْ سَكَتُوا. (حَتَّى رَآهُ أَبُو قَتَادَةَ) : وَفِي الْمَصَابِيحِ: حَتَّى رَآهُ فَقَطْ، أَيْ: حَتَّى رَأَى أَبُو قَتَادَةَ الْحِمَارَ، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ الدَّلَالَةُ عَلَى الصَّيْدِ وَلَا الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ، (فَرَكِبَ) : أَيْ: أَبُو قَتَادَةَ بَعْدَ مَا رَأَى الْحِمَارَ (فَرَسًا لَهُ، فَسَأَلَهُمْ أَنْ يُنَاوِلُوهُ) : أَيْ: يُعْطُوهُ (سَوْطَهُ، فَأَبَوْا) : لِعَدَمِ جَوَازِ الْمُعَاوَنَةِ، (فَتَنَاوَلَهُ) : أَيْ: أَخْذَهُ بِيَدِهِ (فَحَمَلَ عَلَيْهِ) : أَيْ:

ص: 1855

وَجْهُ الْفَرَسِ نَحْوُهُ فَأَدْرَكَهُ (فَعَقَرَهُ) : أَيْ: قَتَلَهُ، وَأَصْلُ الْعَقْرِ الْجَرْحُ (ثُمَّ) : أَيْ: بَعْدَ طَبْخِهِ (أَكَلَ) : أَيْ: أَبُو قَتَادَةَ مِنْهُ (فَأَكَلُوا) : تَبَعًا لَهُ (فَنَدِمُوا) : لِظَنِّهِمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَكْلُ الصَّيْدِ مُطْلَقًا، (فَلَمَّا أَدْرَكُوا) : أَيْ: لَحِقُوا (رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَأَلُوهُ) : أَيْ: عَنْهُ هَلْ يَجُوزُ أَكْلُهُ أَمْ لَا؟ قَالَ: " هَلْ مَعَكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ؟ قَالُوا: مَعَنَا رِجْلُهُ، فَأَخَذَهَا) : أَيْ: رِجْلَهُ (النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَأَكَلَهَا) : إِشَارَةً إِلَى أَنَّ الْجَوَابَ بِالْفِعْلِ أَقْوَى مِنَ الْقَوْلِ، وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ: أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام لَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ، وَلَا تَنَافِي لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ جَرَى لِأَبِي قَتَادَةَ فِي ذَلِكَ السَّفَرِ قَضِيَّتَانِ، وَلِهَذَا يُرَدُّ قَوْلُ مَنْ حَرَّمَهُ مُطْلَقًا - ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ - وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ امْتَنَعَ أَوَّلًا خَشْيَةَ أَنَّ أَحَدًا أَمْرَهُ أَوْ أَعَانَهُ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ أَمْرُهُ أَكَلَ مِنْهُ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

(وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا) : أَيْ: لِلشَّيْخَيْنِ الْمَعْلُومُ مِنْ مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ (فَلَمَّا أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " أَمِنْكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ) : أَيْ: بِالصَّرِيحِ أَوِ الدَّلَالَةِ (أَنْ يَحْمِلَ) : أَيْ: بِالْقَصْدِ (وَعَلَيْهَا) : أَيْ: عَلَى الْحِمَارِ أَوِ الصَّيْدِ وَتَأْنِيثُهُ، بِاعْتِبَارِ الدَّابَّةِ (أَوْ أَشَارَ إِلَيْهَا) : عَطْفٌ عَلَى أَمْرِهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الدَّلَالَةِ وَالْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ الْأُولَى بِاللِّسَانِ وَالثَّانِيَةَ بِالْيَدِ، وَقِيلَ: الْأُولَى فِي الْغَائِبِ وَالثَّانِيَةُ فِي الْحُضُورِ، وَقِيلَ: كِلْتَاهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَهِيَ حَرَامٌ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ، وَعَلَى الْحَلَالِ فِي الْحَرَمِ، ثُمَّ فِي وُجُوبِ الْجَزَاءِ عَلَيْهِ شَرَائِطٌ مَحَلُّهَا كُتُبُ الْفِقْهِ.

قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: أَخْرَجَ السِّتَّةُ فِي كُتُبِهِمْ «عَنْ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي مَسِيرٍ لَهُمْ، بَعْضُهُمْ مُحْرِمٌ وَبَعْضُهُمْ لَيْسَ بِمُحْرِمٍ قَالَ أَبُو قَتَادَةَ: قَدْ رَأَيْتُ حِمَارَ وَحْشٍ، فَرَكِبْتُ فَرَسِي، وَأَخَذْتُ الرُّمْحَ فَاسْتَعَنْتُهُمْ، فَأَبَوْا أَنْ يُعِينُونِي فَاخْتَلَسْتُ سَوْطًا مِنْ بَعْضِهِمْ، وَشَدَدْتُ عَلَى الْحِمَارِ فَأَصَبْتُهُ، فَأَكَلُوا مِنْهُ، وَاسْتَبْقَوْا قَالُوا: فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " أَمِنْكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا أَوْ أَشَارَ إِلَيْهِ؟ " (قَالُوا: لَا قَالَ: فَكُلُوا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهَا» ) : وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: " «هَلْ أَشَرْتُمْ هَلْ أَعَنْتُمْ؟ قَالُوا: لَا قَالَ: " فَكُلُوا» ) اهـ.

وَفِي رِوَايَةٍ: «أَنَّهُمْ رَأَوْهَا ; فَضَحِكُوا، فَأَبْصَرَهَا، فَاسْتَعَانَهُمْ، فَأَبَوْا أَنْ يُعِينُوهُ» ، وَفِي أُخْرَى «رَآهُمْ يَتَرَاءَوْنَ شَيْئًا، فَنَظَرَ فَإِذَا هُوَ حِمَارٌ وَحْشِيٌّ، فَوَقَعَ السَّوْطُ، فَقَالُوا: لَا نُعِينُكَ بِشَيْءٍ إِنَّا مُحْرِمُونَ، وَفِي أُخْرَى: فَأَبْصَرُوا حِمَارًا وَحْشِيًّا، وَأَنَا مَشْغُولٌ أَخْصِفُ نَعْلِي، فَلَمْ يُؤْذِنُونِي بِهِ، وَأَحَبُّوا لَوْ أَنِّي أَبْصَرْتُهُ، فَالْتَفَتُّ فَأَبْصَرْتُهُ، فَقُلْتُ: نَاوِلُونِي السَّوْطَ وَالرُّمْحَ. فَقَالُوا: لَا وَاللَّهِ لَا نُعِينُكَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ» . وَكُلُّ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ صَحِيحَةٌ، وَيُسْتَفَادُ مِنْهَا أَنَّهُمْ لَمْ يَقْصِدُوا بِضَحِكِهِمْ، وَلَا بِتَرَائِيهِمْ إِلَيْهِ إِعْلَامَهُ، وَإِلَّا لِحَرُمَ، فَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: لَا فَرْقَ بَيْنَ الدَّلَالَةِ الظَّاهِرَةِ وَالْخَفِيَّةِ اتِّفَاقًا.

ص: 1856

2698 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«خَمْسٌ لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ قَتَلَهُنَّ فِي الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامِ: الْفَأْرَةُ، وَالْغُرَابُ، وَالْحِدَأَةُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

2698 -

(وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " خَمْسٌ) : أَيْ: مِنَ الدَّوَابِّ كَمَا فِي رِوَايَةِ (لَا جُنَاحَ) : أَيْ: لَا إِثْمَ وَلَا جَزَاءَ، وَالْمَعْنَى لَا حَرَجَ (عَلَى مَنْ قَتَلَهُنَّ فِي الْحَرَمِ) : أَيْ: فِي أَرْضِهِ (وَالْإِحْرَامِ) : أَيْ: فِي حَالِهِ (الْفَأْرَةُ) : بِالْهَمْزِ، وَيُبَدَّلُ أَيِ الْوَحْشِيَّةُ وَالْأَهْلِيَّةُ (وَالْغُرَابُ) : أَيِ: الْأَبْقَعُ الْأَبْلَقُ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ، وَخَرَجَ الزَّاغُ وَهُوَ أَسْوَدُ مُحْمَرُّ الْمِنْقَارِ وَالرِّجْلَيْنِ، وَيُسَمَّى غُرَابُ الزَّرْعَ لِأَنَّهُ يَأْكُلُهُ (وَالْحِدَأَةُ) : عَلَى وَزْنِ الْعِنَبَةِ. قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ: إِنَّ الْحِدَأَةَ فِعَلَةٍ بِالْكَسْرِ وَكَذَا الْحِدَا، وَقَدْ يُفْتَحُ، وَهُوَ طَائِرٌ مَعْرُوفٌ. وَالْحُدَيَّا تَصْغِيرُ حِدٍّ لُغَةٌ فِي الْحِدَأِ، أَوْ تَصْغِيرُ حِدَأَةٍ قُلِبَتِ الْهَمْزَةُ بَعْدَ يَاءِ التَّصْغِيرِ يَاءً، وَأُدْغِمَ يَاءُ التَّصْغِيرِ فِيهِ فَصَارَ حُدَيَّةً، ثُمَّ حُذِفَتِ التَّاءُ وَعُوِّضَ عَنْهَا الْأَلْفُ لِدَلَالَتِهِ عَلَى التَّأْنِيثِ أَيْضًا، (وَالْعَقْرَبُ) : وَفِي مَعْنَاهَا الْحَيَّةُ بَلْ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى. (وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ) : وَفِي حُكْمِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ السَّبْعُ الصَّائِلُ عِنْدَنَا، وَيُؤَيِّدُنَا رِوَايَةُ التِّرْمِذِيِّ الَّتِي حَسَّنَهَا، وَلَوْ ضَعَّفَهَا غَيْرَ زِيَادَةِ السَّبْعِ الْعَادِيِّ، وَأَمَّا زِيَادَةُ أَنَّ الْمُحْرِمَ يَرَى الْغُرَابَ وَلَا يَقْتُلُهُ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْغُرَابِ الْأَسْوَدِ، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ رحمه الله: أَيْ: لَا يَتَأَكَّدُ نَدْبُ قَتْلِهِ تَأَكُّدَهُ فِي الْحَيَّةِ وَنَحْوِهَا فَغَيْرُ مُوَجَّهٍ، وَيَحْرُمُ قَتْلُ كَلْبٍ فِيهِ مَنْفَعَةٌ اتِّفَاقًا، وَكَذَا مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ وَلَا مَضَرَّةَ، وَفَسَّرَ الطِّيبِيُّ رحمه الله الْكَلْبَ الْعَقُورَ بِالسَّبْعِ الَّذِي يُعْقَرُ وَيُقْتَلُ، كَالْأَسَدِ وَالذِّئْبِ وَالنَّمِرِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) : نَقْلُهُ ابْنُ الْهُمَامِ عَنِ الصَّحِيحَيْنِ، لَكِنْ بِلَفْظِ:" «خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ لَيْسَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِهِنَّ جُنَاحٌ: الْعَقْرَبُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ، وَالْغُرَابُ، وَالْحِدَأَةُ» " اهـ. وَصَحَّ: «أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقَتْلِ الْوَزَغِ وَسَمَّاهُ فُوَيْسِقًا» .

ص: 1856

2699 -

وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «خَمْسٌ فَوَاسِقُ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ: الْحَيَّةُ، وَالْغُرَابُ الْأَبْقَعُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ، وَالْحُدَيَّا» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

2699 -

(وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " خَمْسٌ) : بِالتَّنْوِينِ مُبْتَدَأٌ، وَقَوْلُهُ:(فَوَاسَقُ) أَيْ: مُؤْذِيَاتٌ صِفَتُهُ وَهُوَ غَيْرُ مُنْصَرِفٍ، فَقَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ بِتَنْوِينِهِمَا خَطَأٌ، وَكَذَا قَوْلُهُ بِنَصْبِ فَوَاسَقَ عَلَى الذَّمِّ. بِمُخَالَفَةِ الرِّوَايَةِ وَضَعْفِ الدِّرَايَةِ، وَالْخَبَرُ قَوْلُهُ:(يُقْتَلْنَ) : قَالَ الطِّيبِيُّ: وَرُوِيَ بِلَا تَنْوِينٍ مُضَافًا إِلَى فَوَاسِقَ قَالَ فِي الْمَفَاتِيحِ: الْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ جَمْعُ فَاسِقَةٍ، وَأَرَادَ بِفِسْقِهِنَّ خَبَثَهُنَّ وَكَثْرَةَ الضَّرَرِ مِنْهُنَّ (فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ) : أَيْ: حَلَالًا كَانَ أَوْ مُحْرِمًا (الْحَيَّةُ) : بِأَنْوَاعِهَا، وَفِي مَعْنَاهَا الْعَقْرَبُ (وَالْغُرَابُ الْأَبْقَعُ) : أَيِ: الَّذِي فِيهِ سَوَادٌ وَبَيَاضٌ، لَا مَا خَالَطَ بَيَاضُهُ لَوْنًا آخَرَ - كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ - فَتَدَبَّرْ. (وَالْفَأْرَةُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ، وَالْحُدَيَّا) : تَصْغِيرُ حِدَّا وَاحِدُهُ حِدَأَةٌ، تَصْغِيرُهَا حُدَيَّاةٌ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) : قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام " «خَمْسٌ مِنَ الْفَوَاسِقِ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ: الْغُرَابُ، وَالْحِدَأَةُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ» ". وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: الْحَيَّةُ عِوَضُ الْعَقْرَبِ، وَقَالَ، أَيْ فِي مُسْلِمٍ: الْغُرَابُ الْأَبْقَعُ.

ص: 1857

الْفَصْلُ الثَّانِي

2700 -

عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «لَحْمُ الصَّيْدِ لَكُمْ فِي الْإِحْرَامِ حَلَالٌ، مَا لَمْ تَصِيدُوهُ أَوْ يُصَادُ لَكُمْ» ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ.

ــ

الْفَصْلُ الثَّانِي

2700 -

(عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " لَحْمُ الصَّيْدِ لَكُمْ فِي الْإِحْرَامِ حَلَالٌ، مَا لَمْ تَصِيدُوهُ) : أَيْ: بِأَنْفُسِكُمْ مُبَاشَرَةً (أَوْ يُصَادُ لَكُمْ) : رُوِيَ بِالرَّفْعِ وَبِالنَّصْبِ. قَالَ الطِّيبِيُّ رحمه الله: الظَّاهِرُ الْجَزْمُ، وَغَايَةُ التَّوْجِيهِ أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى الْمَعْنَى، أَيْ: مَا لَمْ تَصِيدُوهُ أَوْ يُصَادُ لَكُمْ، اهـ. وَقَالَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا: بِالنَّصْبِ بِإِضْمَارِ أَنْ وَأَوْ بِمَعْنَى (إِلَّا) يَعْنِي لَحْمَ صَيْدٍ ذَبْحُهُ حَلَالٌ مِنْ غَيْرِ دَلَالَةِ الْمُحْرِمِ وَإِعَانَتِهِ حَلَالٌ لَكُمْ، إِلَّا أَنْ يُصَادَ لِأَجْلِكُمْ، وَبِهَذَا يَسْتَدِلُّ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ رحمه الله عَلَى حُرْمَةِ لَحْمِ مَا صَادَهُ لِأَجْلِ الْمُحْرِمِ، وَأَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله يَحْمِلُهُ عَلَى أَنْ يُهْدَى إِلَيْكُمُ الصَّيْدُ دُونَ اللَّحْمِ، أَوْ عَلَى أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنْ يُصَادَ بِأَمْرِكُمْ، فَلَا يَحْرُمُ لَحْمُ صَيْدٍ ذَبَحَهُ حَلَالٌ لِلْمُحْرِمِ مِنْ غَيْرِ أَمْرِهِ أَوْ دَلَالَتِهِ اهـ. وَتَحْقِيقُ النَّصْبِ مَا فِي الْمَفَاتِيحِ أَنْ " أَوْ " بِمَعْنَى إِلَّا أَنْ، وَمَا لَمْ تَصِيدُوهُ فِي مَعْنَى الِاسْتِثْنَاءِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَحْمُ الصَّيْدِ لَكُمْ فِي الْإِحْرَامِ حَلَالٌ إِلَّا أَنْ تَصِيدُوهُ إِلَّا أَنْ يُصَادَ لَكُمُ اهـ. فَيَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ الثَّانِي مِنْ مَفْهُومِ الِاسْتِثْنَاءِ الْأَوَّلِ فَتَأَمَّلْ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: الْأَظْهَرُ أَنَّهُ لُغَةٌ شَهِيرَةٌ، وَمِنْهَا قَوْلُهُ - تَعَالَى: إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِي وَيَصْبِرُ بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ وَرَفْعِ يَصْبِرُ، وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:

أَلَمْ يَأْتِيكَ وَالْأَخْبَارُ تُنَمَّى

اهـ.

وَهُوَ خَطَأٌ فَاحِشٌ مِنْ وَجْهَيْنِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّ اللُّغَةَ الْمَشْهُورَةَ إِنَّمَا هِيَ فِي حَرْفِ الْعِلَّةِ مَقَامَ لَامِ الْفِعْلِ وَمَا نَحْنُ فِيهِ خِلَافُهُ، وَثَانِيهُمَا: أَنَّ قَوْلَهُ: وَرَفْعِ (يَصْبِرُ) قِرَاءَةً شَاذَّةً، وَحِينَئِذٍ تَكُونُ مَنْ مَوْصُولَةً لَا جَازِمَةً، وَالْكَلَامُ فِي الْمَجْزُومِ فَذِكْرُهُ مُخِلٌّ بِالْمَرَامِ، أَمَّا الْقِرَاءَةُ الْمُتَوَاتِرَةُ بِرِوَايَةِ بَعْضِ السَّبْعَةِ بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ وَجَزْمِ يَصْبِرُ، فَحُمِلَ عَلَى تِلْكَ اللُّغَةِ، أَوْ عَلَى تَوَلُّدِ الْيَاءِ مِنْ إِشْبَاعِ الْكَسْرَةِ كَمَا فِي لُغَةِ: ضَرَبْتِيهِ خِطَابًا لِلْمُؤَنَّثِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ) : قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَلَوْ ذَبَحَ مُحْرِمٌ صَيْدًا أَوْ حَلَالٌ صَيْدَ الْحَرَمِ صَارَ مِيتَةً اتِّفَاقًا بَلْ إِجْمَاعًا.

ص: 1857

2701 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «الْجَرَادُ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ» ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ.

ــ

2701 -

(وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " الْجَرَادُ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ) : قَالَ الْعُلَمَاءُ: إِنَّمَا عَدَّهُ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ صَيْدَ الْبَحْرِ مِنْ حَيْثُ مِيتَتِهِ، وَلِمَا قِيلَ: مِنْ أَنَّ الْجَرَادَ يَتَوَلَّدُ مِنَ الْحِيتَانِ كَالدِّيدَانِ، وَلَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ قَتَلُ الْجَرَادِ، وَلَزِمَهُ بِقَتْلِهِ قِيمَتُهُ اهـ. وَلَا يَصِحُّ التَّفْرِيعُ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الثَّانِي.

ص: 1857

وَفِي الْهِدَايَةِ: أَنَّ الْجَرَادَ مِنْ صَيْدِ الْبَرِّ. قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: عَلَيْهِ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا فِي أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:«خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةٍ أَوْ غَزْوَةٍ، فَاسْتَقْبَلَنَا رِجْلٌ مِنْ جَرَادٍ، فَجَعَلْنَا نَضْرِبُهُ بِسِيَاطِنَا وَقِسِيِّنَا، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " كُلُوهُ، فَإِنَّهُ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ» ". وَعَلَى هَذَا لَا يَكُونُ فِيهِ شَيْءٌ أَصْلًا، لَكِنْ تَظَاهَرَ عَنْ عُمَرَ إِلْزَامُ الْجَزَاءِ فِيهَا. فِي الْمُوَطَّأِ، أَنْبَأَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ عُمَرَ عَنْ جَرَادَةٍ قَتَلَهَا وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَقَالَ عُمَرُ لِكَعْبٍ: - تَعَالَى - حَتَّى تَحْكُمَ، فَقَالَ كَعْبٌ: دِرْهَمٌ، فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّكَ لَتَجِدُ الدَّرَاهِمَ لَتَمْرَةٌ خَيْرٌ مِنْ جَرَادَةٍ. وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْهُ بِقِصَّتِهِ، وَتَبِعَ عُمَرُ أَصْحَابَ الْمَذَاهِبِ - وَاللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ اهـ.

أَقُولُ لَوْ صَحَّ حَدِيثُ أَبِي دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيِّ الْمَذْكُورُ سَابِقًا، كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ بِأَنَّ الْجَرَادَ عَلَى نَوْعَيْنِ: بِحْرِيٌّ وَبَرِّيٌّ، فَيُعْمَلُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا بِحُكْمِهِ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ) : وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ بِالِاتِّفَاقِ.

ص: 1858

2702 -

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ السَّبُعَ الْعَادِيَ» ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ.

ــ

2702 -

(وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ السَّبُعَ الْعَادِيَ» ) : بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ وَهُوَ الَّذِي يُقْصَدُ بِالْقَتْلِ وَالْجِرَاحَةِ، كَالْأَسَدِ وَالذِّئْبِ وَالنَّمِرِ وَغَيْرِهِمَا. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ) .

ص: 1858

2703 -

«وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِيِ عَمَّارٍ قَالَ: سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما عَنِ الضَّبُعِ أَصَيْدٌ هِيَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ. فَقُلْتُ: أَيُؤْكَلُ؟ فَقَالَ: نَعَمْ. فَقُلْتُ: سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

ــ

2703 -

(وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ) : بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ (قَالَ: سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ) : أَيِ: الْأَنْصَارِيَّ (عَنِ الضَّبُعِ أَصَيْدٌ هِيَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ. فَقُلْتُ: أَيُؤْكَلُ؟) : بِالتَّذْكِيرِ وَالتَّأْنِيثِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ (فَقَالَ: نَعَمْ. فَقُلْتُ: سَمِعْتَهُ) : أَيْ: أَسَمِعْتَهُ (مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ) : بِهَذَا أَخَذَ الشَّافِعِيُّ، وَيَأْتِي دَلِيلُ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله (رَوَاهُ، التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) .

ص: 1858

2704 -

«وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الضَّبُعِ قَالَ: " هُوَ صَيْدٌ، وَيُجْعَلُ فِيهِ كَبْشًا إِذَا أَصَابَهُ الْمُحْرِمُ» ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالدَّارِمِيُّ.

ــ

2704 -

(وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الضَّبُعِ قَالَ: هُوَ صَيْدٌ) : تَذْكِيرُهُ بِاعْتِبَارِ خَبَرِهِ أَوِ الْمُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ، فَيَجُوزُ تَذْكِيرُهُ وَتَأْنِيثُهُ وَفِي رِوَايَةٍ: هِيَ صَيْدٌ. (وَيَجْعَلُ) : أَيْ: قَاتِلُهُ، وَفِي نُسْخَةٍ عَلَى بِنَاءِ الْمَجْهُولِ (فِيهِ) : أَيْ: فِي جَزَاءِ قَتْلِهِ (كَبْشًا إِذَا أَصَابَهُ الْمُحْرِمُ) : بِالِاصْطِيَادِ أَوِ الِاشْتِرَاءِ، وَفِي رِوَايَةٍ: إِذَا صَادَهُ الْمُحْرِمُ، وَلَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ حُجَّةً عَلَيْنَا إِذْ لَا تَنَافِيَ بَيْنَ كَوْنِهِ حَرَامًا كُلَّهَ وَبَيْنَ كَوْنِهِ صَيْدًا، وَيَلْزَمُ الْكَبْشُ فِي قَتْلِهِ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ دَلِيلًا لِلْخَصْمِ حَيْثُ إِنَّهُ يَخُصُّ تَحْرِيمَ الصَّيْدِ. بِمَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) : قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: وَانْفَرَدَ بِزِيَادَةِ فِيهِ كَبْشٌ، وَالْبَاقُونَ رَوَوْهُ وَلَمْ يَذْكُرُوهَا فِيهِ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: " «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

ص: 1858