المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

3182 - وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ - مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - جـ ٥

[الملا على القاري]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابُ جَامِعِ الدُّعَاءِ]

- ‌[كِتَابُ الْمَنَاسِكِ]

- ‌[بَابُ الْإِحْرَامِ وَالتَّلْبِيَةِ]

- ‌[بَابُ قِصَّةِ حَجَّةِ الْوَدَاعِ]

- ‌[بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ وَالطَّوَافِ]

- ‌[بَابُ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ]

- ‌[بَابٌ الدَّفْعُ مِنْ عَرَفَةَ وَالْمُزْدَلِفَةِ]

- ‌[بَابُ رَمْيِ الْجِمَارِ]

- ‌[بَابُ الْهَدْيِ]

- ‌[بَابُ الْحَلْقِ]

- ‌[بَابٌ فِي تَقْدِيمِ وَتَأْخِيرِ بَعْضِ الْمَنَاسِكِ]

- ‌[بَابٌ خُطْبَةُ يَوْمِ النَّحْرِ وَرَمْيُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَالتَّوْدِيعُ]

- ‌[بَابُ مَا يَجْتَنِبُهُ الْمُحْرِمُ]

- ‌[بَابُ الْمُحْرِمِ يَجْتَنِبُ الصَّيْدَ]

- ‌[بَابُ الْإِحْصَارِ وَفَوْتِ الْحَجِّ]

- ‌[بَابُ حَرَمِ مَكَّةَ]

- ‌[بَابُ حَرَمِ الْمَدِينَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْبُيُوعِ] [

- ‌بَابُ الْكَسْبِ وَطَلَبِ الْحَلَالِ]

- ‌[بَابُ الْمُسَاهَلَةِ فِي الْمُعَامَلَةِ]

- ‌[بَابُ الْخِيَارِ]

- ‌[بَابُ الرِّبَا]

- ‌[بَابُ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا مِنَ الْبُيُوعِ]

- ‌[بَابُ السَّلَمِ وَالرَّهْنِ]

- ‌[بَابُ الِاحْتِكَارِ]

- ‌[بَابُ الْإِفْلَاسِ وَالْإِنْظَارِ]

- ‌[بَابُ الشِّرْكَةِ وَالْوِكَالَةِ]

- ‌[بَابُ الْغَصْبِ وَالْعَارِيَّةِ]

- ‌[بَابُ الشُّفْعَةِ]

- ‌[بَابُ الْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ]

- ‌[بَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[بَابُ إِحْيَاءِ الْمَوَاتِ وَالشِّرْبِ]

- ‌[بَابُ الْعَطَايَا]

- ‌[بَابُ اللُّقَطَةِ]

- ‌[بَابُ الْفَرَائِضِ]

- ‌[بَابُ الْوَصَايَا]

- ‌[كِتَابُ النِّكَاحِ]

- ‌[بَابُ النَّظَرِ]

- ‌[بَابُ الْوَلِيِّ فِي النِّكَاحِ وَاسْتِئْذَانِ الْمَرْأَةِ]

- ‌[بَابُ إِعْلَانِ النِّكَاحِ وَالْخِطْبَةِ وَالشَّرْطِ]

- ‌[بَابُ الْمُحَرَّمَاتِ]

- ‌[بَابُ الْمُبَاشِرَةِ]

- ‌[بَابُ الصَّدَاقِ]

- ‌[بَابُ الْوَلِيمَةِ]

- ‌[بَابُ الْقَسْمِ]

- ‌[بَابُ عِشْرَةِ النِّسَاءِ وَمَا لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْحُقُوقِ]

- ‌[بَابُ الْخُلْعِ وَالطَّلَاقِ]

- ‌[بَابُ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا]

- ‌[بَابٌ فِي كَوْنِ الرَّقَبَةِ فِي كَفَّارَةٍ مُؤْمِنَةً]

- ‌[بَابُ اللِّعَانِ]

- ‌[بَابُ الْعِدَّةِ]

- ‌[بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ]

الفصل: 3182 - وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ

3182 -

وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَيُّمَا رَجُلٍ نَكَحَ امْرَأَةً فَدَخَلَ بِهَا لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ ابْنَتِهَا وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَلْيَنْكِحِ ابْنَتَهَا، وَأَيُّمَا رَجُلٍ نَكَحَ امْرَأَةً فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ أُمَّهَا دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ لَا يَصِحُّ مِنْ قِبَلِ إِسْنَادِهِ، إِنَّمَا رَوَاهُ ابْنُ لَهِيعَةَ وَالْمُثَنَّى بْنُ الصَّبَّاحِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَهُمَا يُضَعَّفَانِ فِي الْحَدِيثِ.

ــ

3182 -

(وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ) أَيْ: ابْنِ عَمْرٍو (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَيُّمَا رَجُلٍ نَكَحَ امْرَأَةً فَدَخَلَ بِهَا) أَيْ: جَامَعَهَا ( «فَلَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ ابْنَتِهَا» ) قَالَ تَعَالَى {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: 23] وَأَسْقَطَ قَيْدَ كَوْنِهَا فِي حِجْرِهِ لِأَنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ غَالِبِ الْعَادَةِ ( «فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا» ) أَيْ: الرَّجُلُ بِامْرَأَتِهِ وَفِي رِوَايَةٍ " فَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا "( «فَلْيَنْكِحِ ابْنَتَهَا» ) أَيْ: بَعْدَ طَلَاقِ أُمِّهَا قَالَ تَعَالَى {فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [النساء: 23] وَهَذَا تَصْرِيحٌ فِي الْحُكْمِ بِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِالْمَفْهُومِ فِي الدَّلِيلِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُنَا أَوْ تَأْكِيدٌ بِمَا عُلِمَ مَفْهُومًا عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ ( «وَأَيُّمَا رَجُلٍ نَكَحَ امْرَأَةً فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ أُمَّهَا دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ» ) لِإِطْلَاقِ قَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: 23] وَفِي رِوَايَةٍ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ مُقَدَّمٌ عَلَى الْجَزَاءِ (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ هَذَا حَدِيثٌ لَا يَصِحُّ مِنْ قِبَلِ إِسْنَادِهِ) أَيْ: مِنْ جِهَةِ رِجَالِهِ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا بِاعْتِبَارِ مَعْنَاهُ لِمُطَابَقَتِهِ مَعْنَى الْآيَةِ (إِنَّمَا رَوَاهُ ابْنُ لَهِيعَةَ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِ الْهَاءِ قِيلَ: وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَأَثْنَى عَلَيْهِ (وَالْمُثَنَّى بْنُ الصَّبَّاحِ) بِتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ (عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَهُمَا يُضَعَّفَانِ) بِتَشْدِيدِ الْعَيْنِ أَيْ يُنْسَبَانِ إِلَى الضَّعْفِ (فِي الْحَدِيثِ) أَيْ: فِي التَّحْدِيثِ أَوْ فِي فَهْمِ الْحَدِيثِ عِنْدَ بَعْضِ أَرْبَابِ الْحَدِيثِ يَكُونُ الْحَدِيثُ ضَعِيفًا عِنْدَهُمْ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

ص: 2089

[بَابُ الْمُبَاشِرَةِ]

(الْفَصْلُ الْأَوَّلُ)

3183 -

عَنْ جَابِرٍ قَالَ «كَانَتِ الْيَهُودُ تَقُولُ: إِذَا أَتَى الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ مِنْ دُبُرِهَا فِي قُبُلِهَا كَانَ الْوَلَدُ أَحْوَلَ فَنَزَلَتْ {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] » مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ

ــ

(بَابُ الْمُبَاشِرَةِ)

أَيِ الْمُجَامَعَةِ قَالَ الرَّاغِبُ: الْبَشَرَةُ ظَاهِرُ الْجِلْدِ وَجَمْعُهَا بَشَرٌ وَأَبْشَارٌ وَيُعَبَّرُ عَنِ الْإِنْسَانِ بِالْبَشَرِ اعْتِبَارًا لِظُهُورِ جِلْدِهِ مِنَ الشَّعْرِ بِخِلَافِ الْحَيَوَانَاتِ، وَالْمُبَاشَرَةُ الْإِفْضَاءُ بِالْبَشَرَتَيْنِ وَكُنَّى بِهَا عَنِ الْجِمَاعِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187] .

(الْفَصْلُ الْأَوَّلُ)

3183 -

(عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَانَتِ الْيَهُودُ تَقُولُ: إِذَا أَتَى الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ مِنْ دُبُرِهَا فِي قُبُلِهَا) قَالَ ابْنُ مَالِكٍ: كَأَنْ يَقِفُ خَلْفَهَا وَيُولِجُ فِي قُبُلِهَا فَإِنَّ الْوَطْءَ فِي الدُّبُرِ مُحَرَّمٌ فِي جَمِيعِ الْأَدْيَانِ (كَانَ الْوَلَدُ) أَيْ: الْحَاصِلُ بِذَلِكَ الْجِمَاعِ (أَحْوَلَ) لِتَحَوُّلِ الْوَاطِئِ عَنْ حَالِ الْجِمَاعِ الْمُتَعَارَفِ، وَهُوَ الْإِقْبَالُ مِنَ الْقُدَّامِ إِلَى الْقَبْلِ، وَبِهَذَا سُمِّيَ قُبُلًا إِلَى حَالِ خِلَافِ ذَلِكَ مِنَ الدُّبُرِ، فَكَأَنَّهُ رَاعَى الْجَانِبَيْنِ وَرَأَى الْجِهَتَيْنِ فَأُنْتِجَ إِنْ جَاءَ الْوَلَدُ أَحْوَلَ (فَنَزَلَتْ) أَيْ: رَدَّا عَلَيْهِمْ فِيمَا تَخَاذَلَ لَهُمْ (نِسَاؤُكُمْ) أَيْ مَنْكُوحَاتُكُمْ وَمَمْلُوكَاتُكُمْ {حَرْثٌ لَكُمْ} [البقرة: 223] أَيْ: مَوَاضِعُ زِرَاعَةِ أَوْلَادِكُمْ يَعْنِي هُنَّ لَكُمْ بِمَنْزِلَةِ الْأَرْضِ الْمُعَدَّةِ لِلزِّرَاعَةِ وَمَحَلُّهُ الْقُبُلُ فَإِنَّ الدُّبُرَ مَوْضِعُ الرَّفَثِ لَا مَحَلَّ الْحَرْثِ وَلَكِنَّ الْأَنْجَاسَ بِمُوجِبٍ عَلَيْهِ الْإِخْبَاسُ يَمِيلُونَ إِلَيْهِ وَيُقْبِلُونَ عَلَيْهِ {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] أَيْ كَيْفَ شِئْتُمْ مِنْ قِيَامٍ أَوْ قُعُودٍ أَوِ اضْطِجَاعٍ أَوْ مِنَ الدُّبُرِ فِي فَرْجِهَا، وَالْمَعْنَى عَلَى أَيْ هَيْئَةٍ كَانَتْ فَهِيَ مُبَاحَةٌ لَكُمْ مُفَوَّضَةٌ إِلَيْكُمْ وَلَا يَتَرَتَّبُ مِنْهَا ضَرَرٌ عَلَيْكُمْ، فِي شَرْحِ السُّنَّةِ: اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ إِتْيَانُ الزَّوْجَةِ فِي قُبُلِهَا مِنْ جَانِبِ دُبُرِهَا وَعَلَى أَيْ صِفَةٍ كَانَتْ وَعَلَيْهِ دَلَّ قَوْلُهُ تَعَالَى {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] أَيْ

ص: 2089

هُنَّ لَكُمْ بِمَنْزِلَةِ أَرْضٍ تُزْرَعُ وَمَحَلُّ الْحَرْثِ هُوَ الْقُبُلُ (الْكَشَّافُ) حَرَثَ لَكُمْ مَوَاضِعَ حَرْثٍ لَكُمْ شُبِّهْنَ بِالْمَحَارِثِ لِمَا يُلْقَى فِي أَرْحَامِهِنَّ مِنَ النُّطَفِ الَّتِي مِنْهَا النَّسْلُ بِالْبُذُورِ وَقَوْلُهُ {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ} [البقرة: 223] مَعْنَاهُ فَأَتَوْهُنَّ كَمَا تَأْتُونَ أَرَاضِيكُمُ الَّتِي تُرِيدُونَ أَنْ تَحْرِثُوهَا مِنْ أَيْ جِهَةٍ شِئْتُمْ لَا يَجِبُ عَلَيْكُمْ جِهَةٌ دُونِ جِهَةٍ وَهُوَ مِنَ الْكِنَايَاتِ اللَّطِيفَةِ وَالتَّعْرِيضَاتِ الْمُسْتَحْسَنَةِ قَالَ الطِّيبِيُّ رحمه الله: وَذَلِكَ أَنَّهُ أُبِيحَ لَهُمْ أَنْ يَأْتُوهَا مِنْ أَيْ جِهَةٍ شَاءُوا كَالْأَرَاضِي الْمَمْلُوكَةِ وَقَيَّدَ بِالْحَرْثِ لِيُشِيرَ أَنْ لَا يَتَجَاوَزَ الْبَتَّةَ مَوْضِعَ الْبَذْرِ وَيَتَجَانَبَ عَنْ مُجَرَّدِ الشَّهْوَةِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

ص: 2090

3184 -

وَعَنْهُ قَالَ: «كُنَّا نَعْزِلُ وَالْقُرْآنُ يَنْزِلُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَزَادَ مُسْلِمٌ: «فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَنْهَنَا» .

ــ

3184 -

(وَعَنْهُ) أَيْ: عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه (قَالَ: كُنَّا نَعْزِلُ) الْعَزْلُ هُوَ إِخْرَاجُ الرَّجُلِ ذَكَرَهُ مِنَ الْفَرْجِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ (وَالْقُرْآنُ يَنْزِلُ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ يَعْنِي وَلَمْ يَمْنَعْنَا وَاللَّهُ تَعَالَى عَالِمٌ بِأَحْوَالِنَا فَيَكُونُ كَالتَّقْدِيرِ لِأَفْعَالِنَا (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَزَادَ مُسْلِمٌ فَبَلَغَ ذَلِكَ) أَيْ: الْعَزْلُ (النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَنْهَنَا) أَيْ: النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ الطِّيبِيُّ رحمه الله: فَلَمْ يَنْهَنَا عَنْ ذَلِكَ الْوَحْيُ وَلَا السُّنَّةُ. قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: الْعَزْلُ جَائِزٌ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ، وَكَرِهَهُ قَوْمٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ. قَالَ النَّوَوِيُّ: الْعَزْلُ هُوَ أَنْ يُجَامِعَ فَإِذَا قَارَبَ الْإِنْزَالَ نَزَعَ، وَأَنْزَلَ خَارِجَ الْفَرْجِ، وَهُوَ مَكْرُوهٌ عِنْدَنَا لِأَنَّهُ طَرِيقٌ إِلَى قَطْعِ النَّسْلِ وَلِهَذَا وَرَدَ " الْعَزْلُ الْوَأْدُ الْخَفِيُّ " قَالَ أَصْحَابُنَا: لَا يَحْرُمُ فِي الْمَمْلُوكَةِ وَلَا فِي زَوْجَتِهِ الْأَمَةِ سَوَاءٌ رَضِيَا أَمْ لَا؟ لِأَنَّ عَلَيْهِ ضَرَرًا فِي مَمْلُوكَتِهِ بِأَنْ يُصَيِّرَهَا أَمَّ وَلَدٍ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا، وَفِي زَوْجَتِهِ الرَّقِيقَةِ بِمَصِيرِ وَلَدِهِ رَقِيقًا تَبَعًا لِأُمِّهِ، أَمَّا زَوْجَتُهُ الْحُرَّةُ فَإِنْ أَذِنَتْ فِيهِ فَلَا يَحْرُمُ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ أَصَحَّهُمَا لَا يَحْرُمُ.

ص: 2090

3185 -

وَعَنْهُ، قَالَ:«إِنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّ لِي جَارِيَةً هِيَ خَادِمَتُنَا وَأَنَا أَطُوفُ عَلَيْهَا وَأَكْرَهُ أَنْ تَحْمِلَ فَقَالَ: " اعْزِلْ عَنْهَا إِنْ شِئْتَ فَإِنَّهُ سَيَأْتِيهَا مَا قُدِّرَ لَهَا " فَلَبِثَ الرَّجُلُ ثُمَّ أَتَاهُ قَالَ: إِنَّ الْجَارِيَةَ قَدْ حَبِلَتْ. قَالَ: " قَدْ أَخْبَرْتُكَ أَنَّهُ سَيَأْتِيهَا مَا قُدِّرَ لَهَا» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

ــ

3185 -

(وَعَنْهُ) أَيْ: عَنْ جَابِرٍ ( «قَالَ: إِنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنَّ لِي جَارِيَةً هِيَ خَادِمَتُنَا» ) احْتِرَازٌ مِنْ أَنْ تَكُونَ الْجَارِيَةُ بِمَعْنَى الْبِنْتِ ( «وَأَنَا أَطُوفُ عَلَيْهَا» ) أَيْ: أُجَامِعُهَا ( «وَأَكْرَهُ أَنْ تَحْمِلَ» ) أَيْ: تَحْبَلُ مِنِّي ( «قَالَ: اعْزِلْ عَنْهَا إِنْ شِئْتَ» ) قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: " فِيهِ جَوَازُ الْعَزْلِ وَإِنَّهُ فِي الْأَمَةِ بِمَشِيئَةِ الْوَاطِئِ " اه، وَإِطْلَاقُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ، قَالَ ابْنُ هُمَامٍ:" فِي بَعْضِ أَجْوِبَةِ الْمَشَايِخِ الْكَرَاهَةُ وَفِي بَعْضِهَا عَدَمُهُ، ثُمَّ عَلَى الْجَوَازِ فِي أَمَتِهِ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى إِذْنِهَا، وَفِي زَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ يَفْتَقِرُ إِلَى رِضَاهَا، وَفِي مَنْكُوحَتِهِ الْأَمَةِ يَفْتَقِرُ إِلَى الْإِذْنِ وَالْخِلَافُ فِي أَنَّهُ لِلسَّيِّدِ كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، أَوَّلُهَا كَقَوْلِهَا أَوْ كَرِوَايَةٍ عَنْهُمَا، وَقَالَ الطِّيبِيُّ رحمه الله: إِنْ شِئْتَ أَنْ لَا تَحْبَلُ وَذَلِكَ لَا يَنْفَعُكَ ثُمَّ عَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ (فَإِنَّهُ) أَيْ: الشَّأْنَ ( «سَيَأْتِيهَا مَا قُدِّرَ لَهَا» ) أَيْ: مِنَ الْحَمْلِ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ عَزَلْتَ أَوْ لَا، وَفِيهِ مُؤَكِّدَاتٌ أَنَّ وَضَمِيرُ الشَّأْنِ وَسِينُ الِاسْتِقْبَالِ ( «فَلَبِثَ الرَّجُلُ ثُمَّ أَتَاهُ» ) أَيْ: النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ( «قَالَ: إِنَّ الْجَارِيَةَ قَدْ حَبِلَتْ» ) كَفَرِحَ عَلَى مَا فِي الْقَامُوسِ وَغَيْرِهِ ( «قَالَ: قَدْ أَخْبَرْتُكَ أَنَّهُ سَيَأْتِيهَا مَا قُدِّرَ لَهَا» ) قَالَ النَّوَوِيُّ: " فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى إِلْحَاقِ النَّسَبِ مَعَ الْعَزْلِ " اه ; لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُ. قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: ثُمَّ إِذَا عَزَلَ بِإِذْنٍ وَظَهَرَ بِهَا حَبْلٌ، هَلْ يَحِلُّ نَفْيُهُ؟ قَالُوا: إِنْ لَمْ يَعُدْ إِلَيْهَا أَوْ عَادَ وَلَكِنْ بَالَ قَبْلَ الْعَوْدِ حَلَّ نَفْيُهُ، وَإِنْ لَمْ يَبُلْ لَا يَحِلُّ كَذَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه ; لِأَنَّ بَقِيَّةَ الْمَنِيِّ فِي ذَكَرِهِ يَسْقُطُ فِيهَا، وَكَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِيمَا إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ قَبْلَ الْبَوْلِ ثُمَّ بَالَ فَخَرَجَ الْمَنِيُّ وَجَبَ إِعَادَةُ الْغُسْلِ، وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ: رَجُلٌ لَهُ جَارِيَةٌ غَيْرُ مُحْصَنَةٍ وَتَخْرُجُ وَتَدْخُلُ وَيَعْزِلُ عَنْهَا الْمَوْلَى فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ، وَأَكْبَرُ ظَنِّهِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ كَانَ فِي سِعَةٍ مِنْ نَفْيِهِ، وَإِنْ كَانَتْ مُحْصَنَةً لَا يَسَعُهُ نَفْيُهُ، لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَعْزِلُ فَيَقَعُ الْمَاءُ فِي الْفَرْجِ الْخَارِجِ ثُمَّ يَدْخُلُ فَلَا يَعْتَمِدُ عَلَى الْعَزْلِ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) وَلَفَظَهُ عِنْدَ ابْنِ الْهُمَامِ: عَنْ جَابِرٍ قَالَ: سَأَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «إِنَّ عِنْدِي جَارِيَةً وَأَنَا أَعْزِلُ عَنْهَا فَقَالَ عليه الصلاة والسلام: " إِنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ شَيْئًا أَرَادَهُ اللَّهُ تَعَالَى ". فَجَاءَ الرَّجُلُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْجَارِيَةَ الَّتِي كُنْتُ ذَكَرْتُهَا لَكَ قَدْ حَمَلَتْ. فَقَالَ عليه الصلاة والسلام: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ» قَالَ فَهَذِهِ الْأَحَادِيثَ ظَاهِرَةٌ فِي جَوَازِ الْعَزْلِ.

ص: 2090

3186 -

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ فَأَصَبْنَا سَبْيًا مِنْ سَبْيِ الْعَرَبِ، فَاشْتَهَيْنَا النِّسَاءَ وَاشْتَدَّ عَلَيْنَا الْعُزْبَةُ، وَأَحْبَبْنَا الْعَزْلَ فَأَرَدْنَا أَنْ نَعْزِلَ وَقُلْنَا: نَعْزِلُ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَظْهُرِنَا قَبْلَ أَنْ نَسْأَلَهُ؟ فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ قَالَ: مَا عَلَيْكُمْ أَلَّا تَفْعَلُوا ; مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَّا وَهِيَ كَائِنَةٌ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

3186 -

(وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةٍ بَنِيَ الْمُصْطَلِقِ) بِكَسْرِ اللَّامِ قَبِيلَةٌ مَنْ بَنِيَ خُزَاعَةَ مِنَ الْعَرَبِ وَفِي الْقَامُوسِ صَلَقَ صَاتَ صَوْتًا شَدِيدًا، وَالْمُصْطَلِقُ لَقَبُ خُزَيْمَةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ عَمْرٍو وَسُمِّيَ لِحُسْنِ صَوْتِهِ وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ غَنَّى مِنْ خُزَاعَةَ (فَأَصَبْنَا سَبْيًا مِنْ سَبْيِ الْعَرَبِ) قَالَ النَّوَوِيُّ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعَرَبَ يَجْرِي عَلَيْهِمُ الرِّقُّ إِذَا كَانُوا مُشْرِكِينَ لِأَنَّ بَنِي الْمُصْطَلِقِ قَبِيلَةٌ مِنْ خُزَاعَةَ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ لَا يُجْرَى عَلَيْهِمُ الرِّقُّ لِشَرَفِهِمْ (فَاشْتَهَيْنَا النِّسَاءَ) أَيْ: مُجَامَعَتَهُنَّ (وَاشْتَدَّتْ عَلَيْنَا الْعُزْبَةُ) بِضَمِّ الْعَيْنِ أَيْ قِلَّةُ الْجِمَاعِ (وَأَحْبَبْنَا الْعَزْلَ) أَيْ: مِنَ السَّبَايَا مَخَافَةَ الْحَبَلِ (فَأَرَدْنَا أَنْ نَعْزِلَ) أَيْ: بِالْفِعْلِ (وَقُلْنَا) وَفِي نُسْخَةٍ فَقُلْنَا أَيْ فِي أَنْفُسِنَا أَوْ بَعْضِنَا لِبَعْضٍ (نَعْزِلُ) أَيْ: بِحَذْفِ الِاسْتِفْهَامِ ( «وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَظْهُرِنَا» ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ مُعْتَرِضَةٌ (قَبْلَ أَنْ نَسْأَلَهُ) أَيْ: عَنِ الْعَزْلِ هَلْ يَجُوزُ أَمْ لَا (فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ) أَيْ: الْعَزْلُ أَوْ جَوَازُهُ (فَقَالَ مَا عَلَيْكُمْ) أَيْ: بَأْسٌ (أَنْ لَا تَفْعَلُوا) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا وَقِيلَ الرِّوَايَةُ بِالْكَسْرِ أَيْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ ضَرَرٌ أَنْ لَا تَفْعَلُوا الْعَزْلَ، وَقِيلَ: بِزِيَادَةِ لَا وَمَعْنَاهُ لَا بَأْسَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَفْعَلُوا وَمِنْ ثَمَّ يَجُوزُ الْعَزْلُ، وَرُوِيَ: لَا عَلَيْكُمْ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ لَا نَفْيَ لَمَّا سَأَلُوهُ وَعَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا، كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ مُؤَكِّدٌ لَهُ وَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ إِنْ مَفْتُوحَةً، قَالَ الْقَاضِي: رُوِيَ بِمَا وَرُوِيَ بِلَا، وَالْمَعْنَى لَا بَأْسَ عَلَيْكُمْ فِي أَنْ تَفْعَلُوا وَلَا مَزِيدَةٌ وَمَنْ مَنَعَ الْعَزْلَ قَالَ لَا نَفْيَ لِمَا سَأَلُوهُ وَعَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ مُؤَكِّدٌ لَهُ وَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ أَنَّ مَفْتُوحَةً. وَلِلْعُلَمَاءِ فِيهِ خِلَافٌ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: يَجُوزُ الْعَزْلُ عَنِ الْأَمَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ مَنْكُوحَةً أَوْ مِلْكَ يَمِينٍ وَعَنِ الْحُرَّةِ بِإِذْنِهَا ( «مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ» ) صِفَةُ نَسَمَةٍ ( «إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَّا وَهِيَ كَائِنَةٌ» ) أَيْ: لَيْسَتْ نَسَمَةً كَائِنَةً فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ حُدُوثِ الْمُحْدَثَاتِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فِي حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ إِلَّا كَائِنَةً نَابِتَةً فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ لَا يَمْنَعُهَا عَزْلٌ وَلَا غَيْرُهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ إِنْسَانٍ قَدَّرَهُ اللَّهُ أَنْ سَيُوجَدَ وَلَا يَمْنَعُهُ الْعَزْلُ. قَالَ النَّوَوِيُّ رحمه الله: مَعْنَاهُ مَا عَلَيْكُمْ ضَرَرٌ فِي تَرْكِ الْعَزْلِ، لِأَنَّ كُلَّ نَفْسٍ قَدَّرِ اللَّهُ خَلْقَهَا لَا بُدَّ أَنْ يَخْلُقَهَا سَوَاءٌ عَزَلْتُمْ أَمْ لَا، فَلَا فَائِدَةَ فِي عَزْلِكُمْ ; فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ اللَّهُ قَدَّرَ خَلْقَهَا سَبَقَكُمُ الْمَاءُ فَلَا يَنْفَعُ حِرْصُكُمْ فِي مَنْعِ الْخَلْقِ، وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْعَزْلَ لَا يَمْنَعُ الْإِيلَادَ فَلَوِ اسْتَفْرَشَ أَمَةً وَعَزَلَ عَنْهَا فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لَحِقَهُ إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ عَدَمَ الِاسْتِبْرَاءِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

ص: 2091

3187 -

وَعَنْهُ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْعَزْلِ فَقَالَ: " «مَا مِنْ كُلِّ الْمَاءِ يَكُونُ الْوَلَدُ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ خَلْقَ شَيْءٍ لَمْ يَمْنَعْهُ شَيْءٌ» ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

ــ

3187 -

(وَعَنْهُ) أَيْ: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ (قَالَ: «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْعَزْلِ» ) قَالَ الطِّيبِيُّ رحمه الله: إِنَّمَا اسْتَأْذَنُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي الْعَزْلِ مَخَافَةَ الْوَلَدِ ; زَعْمًا مِنْهُمْ بِأَنَّ صَبَّ الْمَاءِ سَبَبُ الْوَلَدِ وَالْعَزْلَ لِعَدَمِهِ ( «فَقَالَ: مَا مِنْ كُلِّ الْمَاءِ يَكُونُ الْوَلَدُ» ) أَيْ: يَحْصُلُ مِنْكُمْ فِي صَبٍّ لَا يَحْدُثُ مِنْهُ الْوَلَدُ وَمِنْ عَزْلِ مُحْدَثٍ لَهُ، فَقَدَّمَ خَبَرَ كَانَ لِيَدُلَّ عَلَى الِاخْتِصَاصِ، وَأَنَّ تَكْوِينَ الْوَلَدِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَا بِالْمَاءِ وَكَذَا عَدَمُهُ بِمَا لَا بِالْعَزْلِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ ( «وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ خَلْقَ شَيْءٍ لَمْ يَمْنَعْهُ شَيْءٌ» ) أَيْ: مِنَ الْعَزْلِ وَغَيْرِهِ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .

ص: 2091

3188 -

وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، «أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنِّي أَعْزِلُ عَنِ امْرَأَتِي. قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " لِمَ تَفْعَلُ فِي ذَلِكَ؟ قَالَ الرَّجُلُ أَشْفِقُ عَلَى وَلَدِهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ ضَارًّا ضَرَّ فَارِسَ وَالرُّومَ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

ــ

3188 -

(وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، «أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنِّي أَعْزِلُ» ) أَيْ: الْمَنِيُّ (عَنِ امْرَأَتِي) أَيْ: بِرِضَاهَا أَوْ نَفْسِي عَنْهَا بِأَنْ لَا أُجَامِعَهَا ( «قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِمَ تَفْعَلُ ذَلِكَ» ) أَيْ: لِأَيِّ شَيْءٍ وَبِأَيِّ سَبَبٍ تَفْعَلُ ذَلِكَ الْعَزْلَ أَوْ ذَلِكَ الْفِعْلَ وَهُوَ الْكَفُّ ( «قَالَ الرَّجُلُ أُشْفِقُ» ) أَيْ: أَخَافُ (عَلَى وَلَدِهَا) أَيْ: الَّذِي فِي الْبَطْنِ لِئَلَّا يَصِيرُ تَوْأَمَيْنِ فَيَضْعُفُ كُلٌّ مِنْهُمَا، أَوْ عَلَى وَلَدِهَا الَّذِي تُرْضِعُهُ ; لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ الْجِمَاعَ يَضُرُّهُ، وَقِيلَ: أَيْ أَخَافُ إِنْ لَمْ أَعْزِلْ عَنْهَا لَحَمَلَتْ وَحِينَئِذٍ يَضُرُّ الْوَلَدَ الْإِرْضَاعُ فِي حَالِ الْحَمْلِ (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَوْ كَانَ ذَلِكَ) أَيْ: الْجِمَاعُ حَالَ الْإِرْضَاعِ أَوِ الْحَبَلِ (ضَارًّا ضَرَّ فَارِسَ وَالرُّومِ) أَيْ: أَوْلَادَهُمَا يَعْنِي تُرْضِعُ نِسَاءُ الْفُرْسِ وَالرُّومِ أَوْلَادَهُنَّ فِي حَالِ الْحَمْلِ، فَلَوْ كَانَ الْإِرْضَاعُ فِي حَالِ الْحَمْلِ مُضِرًّا لِأَضَرَّ أَوْلَادَهُنَّ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .

ص: 2091

3189 -

وَعَنْ جُدَامَةَ بِنْتِ وَهْبٍ قَالَتْ: «حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أُنَاسٍ وَهُوَ يَقُولُ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْهَى عَنِ الْغِيلَةِ، فَنَظَرْتُ فِي الرُّومِ وَفَارِسَ فَإِذَا هُمْ يُغِيلُونَ أَوْلَادَهُمْ فَلَا يَضُرُّ أَوْلَادَهُمْ ذَلِكَ شَيْئًا، ثُمَّ سَأَلُوهُ عَنِ الْعَزْلِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ذَلِكَ الْوَأْدُ الْخَفِيُّ وَهِيَ {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ} [التكوير: 8] .» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

ــ

3189 -

(عَنْ جُدَامَةَ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَيُرْوَى بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَهُوَ تَصْحِيفٌ ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ (بِنْتِ وَهْبٍ) أَيْ: أُخْتُ عُكَاشَةَ (قَالَتْ حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أُنَاسٍ) أَيْ: مَعَ جَمَاعَةٍ مِنَ النَّاسِ (وَهُوَ يَقُولُ لَقَدْ هَمَمْتُ) أَيْ: قَصَدْتُ (أَنْ أَنْهَى عَنِ الْغِيلَةِ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيِ الْإِرْضَاعِ حَالَ الْحَمْلِ. وَالْغَيْلُ: بِالْفَتْحِ اسْمُ ذَلِكَ اللَّبَنِ كَذَا قِيلَ، وَفِي النِّهَايَةِ: الْغِيلَةُ بِالْكَسْرِ الِاسْمُ مِنَ الْغَيْلِ، وَبِالْفَتْحِ: هُوَ أَنْ يُجَامِعَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ وَهِيَ مُرْضِعَةٌ وَكَذَلِكَ إِذَا حَمَلَتْ وَهِيَ مُرْضِعٌ، وَقِيلَ: كِلَاهُمَا بِمَعْنًى، وَقِيلَ: الْكَسْرُ لِلِاسْمِ وَالْفَتْحُ لِلْمَرَّةِ، وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ الْفَتْحُ إِلَّا مَعَ حَذْفِ التَّاءِ اه. قَالَ يَحْيَى قَالَ مَالِكٌ: الْغِيلَةُ أَنْ يَمَسَّ الرَّجَلُ امْرَأَتَهُ وَهِيَ تُرْضِعُ اه، تَابَعَهُ الْأَصْمَعِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ، وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: أَنْ تُرْضِعَ وَهِيَ حَامِلٌ (فَنَظَرْتُ فِي الرُّومِ وَفَارِسَ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَعَدَمِ الصَّرْفِ (فَإِذَا هُمْ يُغِيلُونَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ (أَوْلَادَهُمْ فَلَا يَضُرُّ أَوْلَادَهُمْ ذَلِكَ) أَيْ: الْغَيْلُ (شَيْئًا) مِنَ الضَّرَرِ، قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَسَبَبُ هَمِّهِ عليه الصلاة والسلام بِالنَّهْيِ أَنَّهُ خَافَ مَعَهُ ضَرَرُ الْوَلَدِ الرَّضِيعِ لِأَنَّ الْأَطِبَّاءَ يَقُولُونَ إِنَّ ذَلِكَ اللَّبَنَ دَاءٌ وَالْعَرَبُ تَكْرَهُهُ وَتَتَّقِيهِ ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ، قَالَ الْقَاضِيَ: كَانَ الْعَرَبُ يَحْتَرِزُونَ عَنِ الْغِيلَةِ وَيَزْعُمُونَ أَنَّهَا تَضُرُّ الْوَلَدَ وَكَانَ ذَلِكَ مِنَ الْمَشْهُورَاتِ الذَّائِعَةِ عِنْدَهُ فَأَرَادَ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، أَنْ يَنْهَى عَنْهَا لِذَلِكَ فَرَأَى أَنَّ فَارِسَ وَالرُّومَ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ وَلَا يُبَالُونَ بِهِ ثُمَّ إِنَّهُ لَا يَعُودُ عَلَى أَوْلَادِهِمْ بِضَرَرٍ فَلَا يَنْهَ (ثُمَّ سَأَلُوهُ عَنِ الْعَزْلِ) أَيْ: عَنْ جَوَازِهِ مُطْلَقًا أَوْ حِينَ الْإِرْضَاعِ أَوْ حَالَ الْحَبَلِ (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ) أَيْ: الْعَزْلُ (الْوَأْدُ الْخَفِيُّ) قَالَ النَّوَوِيُّ: الْوَأْدُ دَفْنُ الْبِنْتِ حَيَّةً وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَفْعَلُ ذَلِكَ خَشْيَةَ الْإِمْلَاقِ وَالْعَارِ اه. شَبَّهَ، صلى الله عليه وسلم، إِضَاعَةَ النِّيَّةِ الَّتِي أَعَدَّهَا اللَّهُ تَعَالَى لِيَكُونَ الْوَلَدُ مِنْهَا بِالْوَأْدِ ; لِأَنَّهُ يَسْعَى فِي إِبْطَالِ ذَلِكَ الِاسْتِعْدَادِ بِعَزْلِ الْمَاءِ عَنْ مَحَلِّهِ وَهَذَا دَلِيلٌ لِمَنْ لَمْ يُجَوِّزِ الْعَزْلَ. وَمَنْ جَوَّزَهُ يَقُولُ هَذَا مَنْسُوخٌ أَوْ تَهْدِيدٌ أَوْ بَيَانُ الْأُولَى وَهُوَ الْأَوْلَى (وَهِيَ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ إِلَى مُقَدَّرٍ أَيْ هَذِهِ الْفِعْلَةِ الْقَبِيحَةِ مُنْدَرِجَةٌ فِي الْوَعِيدِ تَحْتَ قَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ} [التكوير: 8] أَيِ الْبِنْتُ الْمَدْفُونَةُ حَيَّةً (سُئِلَتْ) أَيْ: يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَيْ ذَنْبٍ قُتِلَتْ، قِيلَ ذَلِكَ لَا يَدُلُّ عَلَى حُرْمَةِ الْعَزْلِ بَلْ عَلَى كَرَاهَتِهِ ; إِذْ لَيْسَ فِي مَعْنَى الْوَأْدِ الْخَفِيِّ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إِزْهَاقُ الرُّوحِ بَلْ يُشْبِهُهُ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) . قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: وَصَحَّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: هِيَ الْمَوْءُودَةُ الصُّغْرَى وَصَحَّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْهُ، فَقَالَ: مَا كُنْتُ أَرَى مُسْلِمًا يَفْعَلُهُ، وَقَالَ نَافِعٌ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ ضَرَبَ عُمَرُ عَلَى الْعَزْلِ بَعْضَ بَنِيهِ، وَعَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ أَنَّهُمَا كَانَا يَنْهَيَانِ عَنِ الْعَزْلِ اه. وَالظَّاهِرُ أَنَّ النَّهْيَ مَحْمُولٌ عَلَى التَّنْزِيهِ، قَالَ الْقَاضِي: وَإِنَّمَا جُعِلَ الْعَزْلُ وَأْدًا خَفِيًّا لِأَنَّهُ فِي إِضَاعَةِ النُّطْفَةِ الَّتِي هَيَّأَهَا اللَّهُ لِأَنْ تَكُونَ وَلَدًا، شِبْهُ إِهْلَاكِ الْوَلَدِ وَدَفْنِهِ حَيًّا، لَكِنْ لَا شَكَّ فِي أَنَّهُ دُونَهُ ; فَلِذَلِكَ جَعَلَهُ خَفِيًّا وَاسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ حَرَّمَ الْعَزْلَ وَهُوَ ضَعِيفٌ ; إِذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ حُرْمَةِ الْوَأْدِ الْحَقِيقِيِّ حُرْمَةُ مَا يُضَاهِيهِ بِوَجْهٍ وَلَا يُشَارِكُهُ فِيمَا هُوَ عِلَّةُ الْحُرْمَةِ وَهِيَ إِزْهَاقُ الرَّوْحِ وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْكَرَاهَةِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْهُمَامِ أَنَّ عُمَرَ وَعَلِيًّا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهَا لَا تَكُونُ مَوْءُودَةً حَتَّى تَمُرَّ عَلَيْهِ التَّاءَاتُ السَّبْعُ، أَسْنَدَ أَبُو يَعْلَى وَغَيْرُهُ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ رَفَاعَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَلَسَ إِلَى عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَالزُّبَيْرِ وَسَعْدٍ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَذَاكَرُوا الْعَزْلَ، فَقَالُوا: لَا بَأْسَ بِهِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ إِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهَا الْمَوْءُودَةُ الصُّغْرَى، فَقَالَ عَلِيٌّ لَا تَكُونُ مَوْءُودَةً حَتَّى تَمُرَّ عَلَيْهَا التَّاءَاتُ السَّبْعُ حَتَّى تَكُونَ سُلَالَةً مِنْ طِينٍ ثُمَّ تَكُونُ نُطْفَةً ثُمَّ تَكُونُ عَلَقَةً ثُمَّ تَكُونُ مُضْغَةً ثُمَّ تَكُونُ عَظْمًا ثُمَّ تَكُونُ لَحْمًا ثُمَّ تَكُونُ خَلْقًا آخَرَ فَقَالَ عُمَرُ: صَدَقْتَ أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَكَ، قَالَ وَهَلْ يُبَاحُ الْإِسْقَاطُ بَعْدَ الْحَبَلِ؟ قَالَ يُبَاحُ مَا لَمْ يَتَخَلَّقْ شَيْءٌ مِنْهُ، ثُمَّ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ قَالُوا: وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا بَعْدَ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُمْ أَرَادُوا بِالتَّخْلِيقِ نَفْخَ الرُّوحِ وَإِلَّا فَهُوَ غَلَطٌ لِأَنَّ التَّخْلِيقَ يَتَحَقَّقُ بِالْمُشَاهَدَةِ قَبْلَ هَذِهِ الْمُدَّةِ.

ص: 2092

3190 -

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ أَعْظَمَ الْأَمَانَةِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَفِي رِوَايَةٍ: " «إِنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلُ يُفْضِي إِلَى امْرَأَتِهِ وَتُفْضِي إِلَيْهِ ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

ــ

3190 -

(وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّ أَعْظَمَ الْأَمَانَةِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَفِي رِوَايَةٍ إِنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمُصَحَّحَةِ " إِنَّ مِنْ شَرِّ النَّاسِ " بِدُونِ الْأَلِفِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَشَرُّ لَا يُقَالُ إِلَّا فِي لُغَةٍ رَدِيَّةٍ. قَالَ الْقَاضِي: الرِّوَايَةُ وَقَعَتْ بِالْأَلِفِ وَهِيَ تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ رَدَاءَتِهِ ; لِأَنَّ مَنْ حَفِظَ حُجَّةً عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ سِيَّمَا حُفَّاظُ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ فَإِنَّهُمْ مُقَدَّمُونَ عَلَى حَفَظَةِ اللُّغَةِ (الرَّجُلُ) هُوَ مَرْفُوعٌ عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى وَمَنْصُوبٌ عَلَى الثَّانِيَةِ قَالَ الطِّيبِيُّ: فِي مَعْنَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَيْ أَعْظَمُ أَمَانَةٍ عِنْدَ اللَّهِ خَانَ فِيهَا الرَّجُلُ أَمَانَةَ الرَّجُلِ. وَقَالَ الْأَشْرَفُ: أَيْ أَعْظَمُ خِيَانَةِ الْأَمَانَةِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِيَانَةُ الرَّجُلِ (يُفْضِي) أَيْ: يَصِلُ (إِلَى امْرَأَتِهِ) وَيُبَاشِرُهَا (وَتُفْضِي) أَيْ: تَصِلُ هِيَ أَيْضًا (إِلَيْهِ) قَالَ تَعَالَى {وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} [النساء: 21](ثُمَّ يَنْشُرُ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّ الشِّينِ أَيْ يُظْهِرُ (سِرَّهَا) بِأَنْ يَتَكَلَّمَ لِلنَّاسِ مَا جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا قَوْلًا وَفِعْلًا أَوْ يُفْشِي عَيْبًا مِنْ عُيُوبِهَا أَوْ يَذْكُرُ مِنْ مَحَاسِنِهَا مَا يَجِبُ شَرْعًا أَوْ عُرْفًا سَتْرُهَا. قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: أَيْ أَفْعَالُ كُلٍّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ وَأَقْوَالِهِمَا أَمَانَةٌ مُودَعَةٌ عِنْدَ الْآخَرِ فَمَنْ أَفْشَى مِنْهُمَا مَا كَرِهَهُ الْآخَرُ وَأَشَاعَهُ فَقَدْ خَانَهُ، قَالَ بَعْضُ الْأُدَبَاءِ: أُرِيدُ طَلَاقَ امْرَأَتِي فَقِيلَ لَهُ لِمَ؟ فَقَالَ: كَيْفَ أَذْكُرُ عَيْبَ زَوْجَتِي؟ ! فَلَمَّا طَلَّقَهَا قِيلَ لَهُ: لِمَ طَلَّقْتَهَا؟ قَالَ كَيْفَ أَذْكُرُ عَيْبَ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ. ثُمَّ قِيلَ: يُكْرَهُ هَذَا إِذْ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ فَائِدَةٌ، أَمَّا إِذَا تَرَتَّبَ بِأَنْ تَدَّعِيَ عَلَيْهِ الْعَجْزَ عَنِ الْجِمَاعِ أَوْ إِعْرَاضَهُ عَنْهَا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَلَا كَرَاهَةَ فِي ذِكْرِهِ قَالَ تَعَالَى {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} [النساء: 148] . (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .

ص: 2093

الْفَصْلُ الثَّانِي

3191 -

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «أُوحِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ} [البقرة: 223] الْآيَةَ أَقْبِلْ وَأَدْبِرْ وَاتَّقِ الدُّبُرَ وَالْحَيْضَةَ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ.

ــ

(الْفَصْلُ الثَّانِي)

3191 -

(عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أُوحِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] الْآيَةَ أَقْبِلْ: أَيْ: جَامِعْ مِنْ جَانِبِ الْقُبُلِ (وَأَدْبِرْ) أَيْ: أَوْلِجْ فِي الْقُبُلِ مِنْ جَانِبِ الدُّبُرِ (وَاتَّقِ الدُّبُرَ) أَيْ: إِيلَاجَهُ فِيهِ قَالَ الطِّيبِيُّ رحمه الله: تَفْسِيرًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى جل جلاله {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] فَإِنَّ الْحَرْثَ يَدُلُّ عَلَى اتِّقَاءِ الدُّبُرِ (أَنَّى شِئْتُمْ) عَلَى إِبَاحَةِ الْإِقْبَالِ وَالْإِدْبَارِ وَالْخِطَابُ فِي التَّفْسِيرِ خِطَابٌ عَامٌّ وَإِنَّ كُلَّ مَنْ يَتَأَتَّى مِنَ الْإِقْبَالِ وَالْإِدْبَارِ فَهُوَ مَأْمُورٌ بِهِمَا (وَالْحَيْضَةَ) بِكَسْرِ الْحَاءِ اسْمٌ مِنَ الْحَيْضِ وَالْحَالُ الَّتِي يَلْزَمُهَا الْحَائِضُ مِنَ التَّجَنُّبِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ، وَالْمَعْنَى اتَّقِ الْمُجَامَعَةَ فِي زَمَانِهَا، ذَكَرَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ فِي كِتَابِ الْحَيْضِ أَنَّهُ لَوِ اسْتَحَلَّ وَطْءَ امْرَأَتِهِ الْحَائِضِ يَكْفُرُ، وَفِي النَّوَادِرِ: عَنْ مُحَمَّدٍ لَا يَكْفُرُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي شَرْحِ الْعَقَائِدِ لِلتَّفْتَازَانِيِّ، قِيلَ: لِأَنَّ النَّصَّ الدَّالَّ عَلَى حُرْمَتِهِ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى جل جلاله {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] ظَنِّي الدَّلَالَةُ مَعَ أَنَّ حُرْمَتَهُ لِغَيْرِهِ، قَالَ الْفَاضِلُ: لَعَلَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَنِ اسْتَحَلَّ حَرَامًا لِغَيْرِهِ هَلْ يَكْفُرُ أَمْ لَا؟ فَإِنَّ حُرْمَةَ وَطْءِ الْحَائِضِ لِمُجَاوِرَةِ الْأَذَى اه. وَفِيهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ يَحْرُمُ وَطْءُ الْمُسْتَحَاضَةِ وَيَحِلُّ وَطْءُ الْحَائِضِ فِي الطُّهْرِ الْمُتَخَلِّلِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) أَيْ: مَوْقُوفًا وَفِي نُسْخَةٍ وَابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارِمِيُّ.

ص: 2093

3192 -

وَعَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحِي مِنَ الْحَقِّ لَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَدْبَارِهِنَّ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالدَّارِمِيُّ.

ــ

3192 -

(وَعَنْ خُزَيْمَةَ) مُصَغَّرًا (بْنِ ثَابِتٍ) يُكَنَّى أَبَا عُمَارَةَ الْأَنْصَارِيَّ الْأَوْسِيَّ يُعْرَفُ بِذِي الشَّهَادَتَيْنِ وَشَهِدَ بَدْرًا وَمَا بَعْدَهَا كَانَ عَلَى يَوْمِ صِفِّينَ فَلَمَّا قُتِلَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ جَرَّدَ سَيْفَهُ وَظَلَّ حَتَّى قُتِلَ ( «إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحِي مِنَ الْحَقِّ» ) وَالْحَيَاءُ تَغَيُّرٌ يَعْتَرِي الْإِنْسَانَ مِنْ لُحُوقِ مَا يُعَابُ بِهِ وَيُذَمُّ وَالتَّغَيُّرُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مُحَالٌ فَهُوَ مَجَازٌ عَنِ التَّرْكِ الَّذِي هُوَ غَايَةُ الْحَيَاءِ أَيْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَتْرُكُ مِنْ قَوْلِ الْحَقِّ أَوْ إِظْهَارِهِ وَفِي جَعْلِ هَذَا مُقَدِّمَةٌ لِلنَّهْيِ الْوَارِدِ بَعْدَهُ إِشْعَارٌ بِشَنَاعَةِ هَذَا الْفِعْلِ وَاسْتِهْجَانِهِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: وَكَانَ مِنَ الظَّاهِرِ أَنْ يَقُولَ إِنِّي لَا أَسْتَحِي فَأُسْنِدَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مَزِيدًا لِلْمُبَالَغَةِ (لَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَدْبَارِهِنَّ) وَهَذَا فِي شَأْنِ النِّسَاءِ فَكَيْفَ بِالرِّجَالِ: قَالَ فِي شَرْحِ الْعَقَائِدِ وَفِي اسْتِحْلَالِ الْلُواطَةِ بِامْرَأَتِهِ لَا يَكْفُرُ عَلَى الْأَصَحِّ، قِيلَ: لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِيهِ، وَفِي تَفْسِيرِ الْمَدَارِكِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى {وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ} [الشعراء: 166] مِنْ تَبْيِينٍ لِمَا خَلَقَ أَوْ تَبْعِيضٍ وَالْمُرَادُ بِمَا خَلَقَ الْعُضْوُ الْمُبَاحُ وَكَانُوا يَقُولُونَ ذَلِكَ بِنِسَائِهِمْ وَفِيهِ دَلِيلُ تَحْرِيمِ أَدْبَارِ الزَّوْجَاتِ وَالْمَمْلُوكَاتِ وَمَنْ أَجَازَهُ فَقَدْ أَخْطَأَ خَطَأً عَظِيمًا، قَالَ الطِّيبِيُّ: هَذَا إِنْ فَعَلَهُ بِأَجْنَبِيَّةٍ حُكْمُهُ حُكْمُ الزِّنَا، وَإِنْ فَعَلَهُ بِامْرَأَتِهِ أَوْ بِأَمَتِهِ فَهُوَ مُحَرَّمٌ لَكِنْ لَا يُرْجَمُ وَلَا يُحَدُّ لَكِنْ يُعَزَّرُ، قَالَ النَّوَوِيُّ رحمه الله: وَلَوْ لَاطَ بِعَبْدِهِ فَهُوَ كَلِوَاطِهِ بِأَجْنَبِيَّةٍ وَأَمَّا الْمَفْعُولُ بِهِ فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مُكْرَهًا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ (رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارِمِيُّ) .

ص: 2094

3193 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَلْعُونٌ مَنْ أَتَى امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا» . رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ.

ــ

3193 -

(وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَلْعُونٌ مَنْ أَتَى امْرَأَتَهُ» ) وَفِي نُسْخَةٍ امْرَأَةً وَالْأَوَّلُ أَبْلَغُ (إِلَى دُبُرِهَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ) .

ص: 2094

3194 -

وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الَّذِي يَأْتِي امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِ» . رَوَاهُ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ.

ــ

3194 -

(وَعَنْهُ) أَيْ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إِنَّ الَّذِي يَأْتِي امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِ» ) أَيْ: نَظَرَ رَحْمَةٍ (رَوَاهُ) أَيْ: الْبَغَوِيُّ (فِي شَرْحِ السُّنَّةِ) أَيْ: بِإِسْنَادِهِ.

ص: 2094

3195 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى رَجُلٍ أَتَى رَجُلًا أَوِ امْرَأَةً فِي الدُّبُرِ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

ــ

3195 -

(وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى رَجُلٍ أَتَى رَجُلًا أَوِ امْرَأَةً فِي الدُّبُرِ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

ص: 2094

3196 -

وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ سِرًّا فَإِنَّ الْغَيْلَ يُدْرِكُ الْفَارِسَ فَيُدَعْثِرُهُ عَنْ فَرَسِهِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

ــ

3196 -

(وَعَنْ أَسْمَاءَ) أَصْلُهُ وَسَمَاءُ عَلَى وَزْنِ فَعْلَاءَ وَلِذَا لَمْ يُصْرَفُ كَذَا قِيلَ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ أَسْمَاءُ جَمْعَ اسْمٍ أُطْلِقَ عَلَيْهَا وَعَدَمُ صَرْفِهِ الْعَلْمِيَّةُ وَالتَّأْنِيثُ (بِنْتِ يَزِيدَ) احْتِرَازٌ مِنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ (قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ سِرًّا» ) أَيْ: إِغَالَةً وَالنَّهْيُ لِلتَّنْزِيهِ وَيَحْمِلُ قَوْلُهُ السَّابِقُ: " لَقَدْ هَمَمْتُ " أَنَّ النَّهْيَ عَلَى التَّحْرِيمِ فَلَا مُنَافَاةَ (فَإِنَّ الْغَيْلَ) وَهُوَ لَبَنٌ يَحْصُلُ عِنْدَ الْإِغَالَةِ أَيْ ضَرَرُهُ وَأَثَرُهُ (يُدْرِكُ الْفَارِسَ) أَيْ: رَاكِبَ الْفَرَسِ الَّذِي تَرَبَّى بِلَبَنِ الْغَيْلِ (فَيُدَعْثِرُهُ) أَيْ: يَصْرَعُهُ وَيُسْقِطُهُ (عَنْ فَرَسِهِ) فَيَمُوتُ فَيَكُونُ مَوْتُهُ هَذَا مُسَبَّبًا عَنْ تِلْكَ الْغِيلَةِ وَهِيَ كَالْمُغِيلِ لَهُ أَيِ الْمُهْلِكِ غَيْرَ

ص: 2094

أَنَّهُ سِرٌّ لَا يَظْهَرُ، وَتَوْضِيحُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا جُومِعَتْ وَحَمَلَتْ فَسَدَ لِبَنُهَا وَإِذَا اغْتَذَى بِهِ الطِّفْلُ بَقِيَ سُوءُ أَثَرِهِ فِي بَدَنِهِ وَأَفْسَدَ مِزَاجَهُ فَإِذَا صَارَ رَجُلًا وَرَكِبَ الْفَرَسَ فَرَكْضَهَا رُبَّمَا أَدْرَكَهُ ضَعْفُ الْغَيْلِ فَيَسْقُطُ مِنْ مَتْنِ فَرَسِهِ وَكَانَ ذَلِكَ كَالْقَتْلِ فَنَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْإِرْضَاعِ حَالَ الْحَمْلِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ لِلرِّجَالِ أَيْ لَا تُجَامِعُوا فِي حَالِ الْإِرْضَاعِ ; كَيْلَا تَحْبَلَ نِسَاؤُكُمْ فَيُهْلِكُ الْإِرْضَاعُ فِي حَالِ الْحَمْلِ أَوْلَادَكُمْ، وَهَذَا نَهْيُ تَنْزِيهٍ لَا تَحْرِيمٍ، قَالَ الطِّيبِيُّ رحمه الله: نَفْيُهُ لِأَثَرِ الْغَيْلِ فِي الْحَدِيثَيْنِ السَّابِقَيْنِ كَانَ إِبْطَالًا لِاعْتِقَادِ الْجَاهِلِيَّةِ كَوْنَهُ مُؤَثِّرًا وَإِثْبَاتُهُ لَهُ هُنَا لِأَنَّهُ سَبَبٌ فِي الْجُمْلَةِ مَعَ كَوْنِ الْمُؤَثِّرِ الْحَقِيقِيِّ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) .

ص: 2095

(الْفَصْلُ الثَّالِثُ)

3197 -

عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَعْزِلَ عَنِ الْحُرَّةِ إِلَّا بِإِذْنِهَا.» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.

ــ

(الْفَصْلُ الثَّالِثُ)

3197 -

(عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ) رضي الله عنه ( «قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُعْزَلَ عَنِ الْحُرَّةِ إِلَّا بِإِذْنِهَا» ) أَيْ: لِتَعَلُّقِ حَقِّهَا إِمَّا بِلَذَّةِ الْجِمَاعِ وَإِمَّا بِحُصُولِ الْوَلَدِ وَالِاسْتِمْتَاعِ (رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ) .

ص: 2095

(بَابٌ)

(الْفَصْلُ الْأَوَّلُ)

3198 -

عَنْ عُرْوَةَ «عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهَا فِي بَرِيرَةَ: خُذِيهَا فَأَعْتِقِيهَا وَكَانَ زَوْجُهَا عَبْدًا فَخَيَّرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا وَلَوْ كَانَ حُرًّا لَمْ يُخَيِّرْهَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

(بَابٌ)

بِالتَّنْوِينِ أَوْ بِالسُّكُونِ أَيْ: نَوْعٌ آخَرُ مُتَعَلِّقٌ بِالْكِتَابِ مُنَاسِبٌ لِلْبَابِ.

3198 -

(عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهَا فِي بَرِيرَةَ) أَيْ: فِي شَأْنِهَا وَأَمْرِ شِرَائِهَا (خُذِيهَا) أَيْ: مِنْ مَوَالِيهَا بِاشْتِرَائِهَا (فَأَعْتِقِيهَا وَكَانَ زَوْجُهَا عَبْدًا فَخَيَّرَهَا) أَيْ: بَرِيرَةَ (رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم) أَيْ: بَيْنَ فَسْخِ النِّكَاحِ وَإِمْضَائِهِ ( «فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا وَلَوْ كَانَ حُرًّا لَمْ يُخَيِّرْهَا» ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ عُرْوَةَ إِذْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ حُرًّا حِينَ أُعْتِقَتْ وَأَنَّهَا خُيِّرَتْ فَقَالَتْ مَا أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ مَعَهُ فَإِنَّهُ قَالَ لِي كَذَا وَكَذَا اه. وَأَشَارَ إِلَى هَذَا الْمُصَنِّفُ حَيْثُ ذَكَرَ عَنْ عُرْوَةَ وَلَمْ يَقُلْ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَ الْمُظْهِرُ: إِذَا أَعْتَقْتَ أَمَةٌ فَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا مَمْلُوكًا فَلَهَا الْخِيَارُ بِالِاتِّفَاقِ، وَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا حُرًّا فَلَا خِيَارَ إِلَّا عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، وَلَهَا الْخِيَارُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله وَإِنْ أَعْتَقَ الزَّوْجَانِ مَعًا فَلَا خِيَارَ أَوِ الزَّوْجُ فَلَا خِيَارَ لَهُ سَوَاءٌ كَانَتْ زَوْجَتُهُ مَمْلُوكَةً أَوْ حُرَّةً وَسَيَأْتِي زِيَادَةُ تَحْقِيقٍ فِي كَلَامِ الْمُحَقِّقِ ابْنِ الْهُمَامِ آخِرَ الْبَابِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

ص: 2095

3199 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كَانَ زَوْجُ بَرِيرَةَ عَبْدًا أَسْوَدًا يُقَالُ لَهُ مُغِيثٌ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَطُوفُ خَلْفَهَا فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ وَدُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى لِحْيَتِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِلْعَبَّاسِ، يَا عَبَّاسُ، أَلَا تَعْجَبُ مِنْ حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيرَةَ، وَمِنْ بُغْضٍ بَرِيرَةَ مُغِيثًا فَقَالَ النَّبِيُّ: لَوْ رَاجَعْتِيهِ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَأْمُرُنِي، قَالَ: إِنَّمَا أَشْفَعُ، قَالَتْ: لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

ــ

3199 -

(وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ زَوْجُ بَرِيرَةَ عَبْدًا أَسْوَدَ) أَيْ: كَعَبْدٍ أَسْوَدَ فِي قُبْحِ الصُّورَةِ أَوْ كَانَ عَبْدًا فَأُعْتِقَ فَصَارَ حُرًّا فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ عَنْ أَبِي دَاوُدَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ كَانَ حُرًّا (يُقَالُ لَهُ مُغِيثٌ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَطُوفُ) أَيْ: يَدُورُ (خَلْفَهَا فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ) أَيْ: فِي طُرُقِهَا (يَبْكِي وَدُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى لِحْيَتِهِ) حَالَانِ (فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِلْعَبَّاسِ) قَالَ السُّيُوطِيُّ رحمه الله: الْمَفْهُومُ مِنَ الرِّوَايَاتِ أَنَّ قِصَّةَ بَرِيرَةَ فِي آخِرِ الْأَمْرِ سَنَةَ تِسْعٍ أَوْ عَشْرٍ لِأَنَّ الْعَبَّاسَ إِنَّمَا سَكَنَ الْمَدِينَةَ بَعْدَ رُجُوعِهِمْ مِنَ الطَّائِفِ وَابْنُهُ إِنَّمَا أَتَاهَا مَعَ أَبَوَيْهِ وَقَدْ أَخْبَرَ بِمُشَاهَدَةِ

ص: 2095

ذَلِكَ وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ مَعَ تَقَدُّمِهَا، فَوُجِّهَ بِأَنَّهَا كَانَتْ تَخْدِمُ عَائِشَةَ قَبْلَ شِرَائِهَا، ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ وَقَوَّاهُ الشَّيْخُ ابْنُ حَجَرٍ (يَا عَبَّاسُ أَلَا تَعْجَبَ مِنْ حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيرَةَ) أَيْ: مِنْ كَثْرَةِ مَحَبَّتِهِ إِيَّاهَا (وَمِنْ بُغْضِ بَرِيرَةَ مُغِيثًا) قِيلَ إِنَّمَا كَانَ التَّعَجُّبُ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْعَادَةِ أَنَّ الْمُحِبَّ لَا يَكُونُ إِلَّا مَحْبُوبًا وَبِالْعَكْسِ (فَقَالَ الْنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَوْ رَاجَعْتِيهِ) الرِّوَايَةُ بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ لِإِشْبَاعِ الْكَسْرَةِ وَلَوْ لِلتَّمَنِّي أَوِ الشَّرْطِ مَحْذُوفِ الْجَزَاءِ أَيْ لَكَانَ لَكِ ثَوَابٌ أَوْ لَكَانَ أَوْلَى وَفِيهِ مَعْنَى الْأَمْرِ (فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَأْمُرُنِي) بِحَذْفِ الِاسْتِفْهَامِ أَيْ أَتَأْمُرُنِي بِمُرَاجَعَتِهِ وُجُوبًا (قَالَ إِنَّمَا أَشْفَعُ) أَيْ: آمُرُكِ اسْتِحْبَابًا (قَالَتْ: لَا حَاجَةَ) أَيْ: لَا غَرَضَ وَلَا صَلَاحَ (لِي فِيهِ) أَيْ: فِي مُرَاجَعَتِهِ وَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى عُذْرِهَا فِي عَدَمِ قَبُولِ شَفَاعَتِهِ صلى الله عليه وسلم حَيْثُ قَالَ تَعَالَى {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا} [البقرة: 228] قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ بَرِيرَةَ فَرَّقَتْ بَيْنَ أَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَشَفَاعَتِهِ وَعَلِمَتْ أَنَّهُ لِلْوُجُوبِ دُونَهَا اه، وَفِي الْحَدِيثِ شَفَاعَةُ الْإِمَامِ إِلَى الرَّعِيَّةِ وَهِيَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ السَّنِيَّةِ، وَعَدَمُ وُجُوبِ قَبُولِهَا وَعَدَمُ مُؤَاخَذَةِ الْإِمَامِ عَلَى امْتِنَاعِهَا وَإِنَّ الْعَدَاوَةَ لِسُوءِ الْخُلُقِ وَخُبْثِ الْمُعَاشَرَةِ جَائِزَةٌ، وَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِالنَّظَرِ إِلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي يُرِيدُ خِطْبَتَهَا وَاتِّبَاعِهِ إِيَّاهَا (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) .

ص: 2096

(الْفَصْلُ الثَّانِي)

3200 -

«عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا أَرَادَتْ أَنْ تَعْتِقَ مَمْلُوكَيْنِ لَهَا زَوْجٌ فَسَأَلَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَهَا أَنْ تَبْدَأَ بِالرَّجُلِ قَبْلَ الْمَرْأَةِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ.

ــ

(الْفَصْلُ الثَّانِي)

3200 -

( «عَنْ عَائِشَةَ) أَنَّهَا أَرَادَتْ أَنْ تَعْتِقَ مَمْلُوكَيْنِ لَهَا» ) أَيْ: كَائِنَيْنِ ثَابِتَيْنِ لِعَائِشَةَ (زَوْجٌ) أَيْ: هُمَا زَوْجٌ أَيْ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ لِأَنَّ الزَّوْجَ فِي الْأَصْلِ يُطْلَقُ عَلَى شَيْئَيْنِ بَيْنَهُمَا ازْدِوَاجٌ وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى فَرْدٍ مِنْهُمَا وَفِي نُسْخَةِ زَوْجَيْنِ صِفَةٌ لِمَمْلُوكَيْنِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: قَوْلُهُ لَهَا زَوْجٌ كَذَا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَفِي إِعْرَابِهِ إِشْكَالٌ إِلَّا أَنْ يُقَدَّرَ أَحَدُهُمْ زَوْجٌ لِلْآخَرِ أَوْ بَيْنَهُمَا ازْدِوَاجٌ وَفِي كَثِيرِ النُّسَخِ لِلْمَصَابِيحِ وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ زَوْجَيْنِ عَلَى أَنَّهُ صِفَةُ مَمْلُوكَيْنِ وَالضَّمِيرُ فِي لَهَا لِعَائِشَةَ وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الْمَصَابِيحِ مَمْلُوكَةً لَهَا زَوْجٌ فَالضَّمِيرُ لِلْجَارِيَةِ (فَسَأَلَتْ) أَيْ: عَائِشَةُ ( «النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَهَا أَنْ تَبْدَأَ بِالرَّجُلِ» ) أَيْ: بِإِعْتَاقِ الرَّجُلِ (قَبْلَ الْمَرْأَةِ) لِأَنَّ إِعْتَاقَهُ لَا يُوجِبُ فَسْخَ النِّكَاحِ وَإِعْتَاقَ الْمَرْأَةِ يُوجِبُهُ، فَالْأَوَّلُ أَوْلَى بِالِابْتِدَاءِ لِئَلَّا يُفْسَخَ النِّكَاحُ إِنْ بُدِئَ بِهِ هَذَا حَاصِلٌ عَلَى كَلَامِ الْمُظْهِرِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ إِنَّمَا بُدِئَ بِهِ لِأَنَّهُ الْأَكْمَلُ وَالْأَفْضَلُ أَوْ لِأَنَّ الْغَالِبَ اسْتِنْكَافُ الْمَرْأَةِ عَنْ أَنْ يَكُونَ زَوْجُهَا عَبْدًا بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ) .

ص: 2096

3201 -

وَعَنْهَا «أَنْ بَرِيرَةَ عَتَقَتْ وَهِيَ عِنْدَ مُغِيثٍ فَخَيَّرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ لَهَا إِنْ قَرِبَكِ فَلَا خِيَارَ لَكِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

ــ

3201 -

(وَعَنْهَا) أَيْ: عَنْ عَائِشَةَ (أَنَّ بَرِيرَةَ عَتَقَتْ) بِفَتَحَاتٍ (وَهِيَ عِنْدَ مُغِيثٍ) أَيْ: زَوْجُهَا (فَخَيَّرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم) أَيْ: بَيْنَ اخْتِيَارِ الزَّوْجِ وَاخْتِيَارِ الْفَسْخِ (وَقَالَ لَهَا) أَيْ: لِبَرِيرَةَ (إِنْ قَرِبَكِ) بِكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ جَامَعَكِ (زَوْجُكِ) وَفِي نُسْخَةٍ بِالضَّمِّ أَيْ دَنَا مِنْكِ بِالْجِمَاعِ بَعْدَ الْعِتْقِ (فَلَا خِيَارَ لَكِ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) فِي شَرْحِ السُّنَّةِ: مَتَى صَحَّ هَذَا الْحَدِيثُ فَالْمَصِيرُ إِلَيْهِ هُوَ الْوَاجِبُ وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: كَانَ لَهَا الْخِيَارُ مَا لَمْ يُصِبْهَا بَعْدَ الْعِتْقِ وَلَا أَعْلَمُ فِي تَأْخِيرِ الْخِيَارِ شَيْئًا يُتَبَّعُ إِلَّا قَوْلَ حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ

ص: 2096